نحتاج إلى أن نعتذر من خالد علوان ومن عائلته ورفاقه. نحتاج إلى أن نجعل من خالد علوان أسطورة في الممات، كما كان أسطورة في الحياة. خالد علوان يجهله تاريخ لبنان. لكن تجاهل علوان مفهوم، لا بل ضروري. تجول في شوارع بيروت ونواحي لبنان، وترى تماثيل ونصباً ولوحات تذكاريّة لرجال ـ النساء لا يُكرّمن في لبنان ـ من كل حدب وصوب. هذه تماثيل وأصنام عبادة أشبه بمخلّفات العهد الوثني، تذكّر بمنجزات مقاول من لبنان رهن بلاده وقضيّة فلسطين لعائلة مالكة. هذه تماثيل وصور ونصب لأسوأ لبناني على الإطلاق: ذلك الرجل الذي خدم في ذلّ الجيش الإسرائيلي في لبنان وكاد هذا الجيش أن ينصّبه رئيساً علينا عنوةً. الرجل الذي كانت زوجته تعدّ لذيذ الأطعمة لأرييل شارون. شاءت آنذاك ـ كما روى هو في مذكّراته ـ أن يكون هو ضيفها الأول في القصر الرئاسي. القصر الرئاسي؟ قصر العار تقطن فيه وحدها. وصول آل الجميّل إلى قصر الرئاسة أصعب من فرصة حصول سعد الحريري على جائزة نوبل للفيزياء. شوارع وجادات سُميَت بأسماء مُستعمرين وحكام أجانب متسلّطين (تخلّد شوارع بيروت الممتازة أسماء الرجل المستعمِر الأبيض، فيما تتجاهل المُستعمِر التركي لأنه ليس أوروبيّاً ليُكرَّم. حتى المُستعمرون درجات في بلد التراتبيّة العنصريّة والطبقيّة). وحلفاء الصهيونيّة من اللبنانيّين ـ من رؤساء للجمهوريّة ووزراء ونوّاب ومطارنة ـ يُخلّدون في أسماء شوارع وجادّات ونصب تذكاريّة ولوحات ومهرجانات يتمثّل فيها الرؤساء الثلاثة ـ لم نقل الآفات الثلاث. مَن ناصر الحركة الصهيونيّة، ومَن عقد اتفاقيّة رسميّة معها، يحظَ بتكريم طوابع وساحات، فيما يقف خالد علوان وحيداً أبيّاً. فليقف خالد علوان وحيداً وأبيّاً. مكانه ليس بينهم، وصورته يجب أن تكون بعيدة مسافة أميال عن هؤلاء. قف وحيداً وأبيّاً يا خالد علوان.
يقف خالد علوان الشهم على عمود كهرباء. لوحته صغيرة وتبدو كأنّها أعدّت على عجل في كومبيوتر من قبل من تعلّم تشغيل الآلة قبل أشهر فقط. تلك اللوحة الصغيرة استكثروها على خالد علوان. صبية من أتباع العائلة التي سيطرت على الدولة بمالها ونفوذ آل سعود احتشدوا قرب اللوحة لإزالتها. أرادوا أن ينزعوا عن شارع الحمراء فخره وزهوه وأحلى زينته. هؤلاء يزيّنون شارع الحمراء بصور أمراء النفط المُلوّثين. هؤلاء الصبية، أو رفاق لهم في البقاع، هتفوا تأييداً لزياد الحمصي عندما اعتقل. كان ذلك عندما اعتبرت شدا عمر على شاشة «إل.بي.سي» أن اعتقاله يساهم في تأجيج الصراع المذهبي. امتعضت شدا عمر لاعتقاله، وعلى الهواء. اللوحة الصغيرة لخالد علوان تعرّضت لأكثر من اعتداء. بعض من أوغاد (حلفاء إسرائيل أو حلفاء حلفاء إسرائيل، لا فرق) حاولوا أن يُتلفوا اللوحة الصغيرة بما توافر لهم من دهان في ظلام الليل. ثم هناك «كريستوفر هتشنز» (من أبشع نماذج التحوّل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين في أميركا، لكن لدينا من تلك النماذج في صف قريطم الكثيرين والكثيرات) الذي حاول ثملاً أن يُتلف هو أيضاً اللوحة. «هتشنز» لا يقرأ العربيّة لكنه أتى إلى لبنان لهدف سياسي. هذا الرجل الأبيض الذي أتى إلى لبنان بدعوة من مجموعة «كوانتم» (وما أدراكم ما «كوانتم» في لبنان) كي تتبيّض صفحة ثوّار (حرّاس) الأرز قبل الانتخابات النيابيّة الفضيحة التي رجّحها على مذاقه الأمير مقرن. لم يعلم هتشنز من هو خالد علوان هذا. لكن خالد علوان يعلم من هو. لا يحتاج لتفسيرات وبيانات ونشرات مدائح ـ بالأجر من الرجل الأبيض أو من مندوبيه في الصحافة السعوديّة في بلادنا. قدرة «هتشنز» على تلويث صورة علوان هي بقدرة «أبو مازن» على تشويه نضال غسان كنفاني، مثلاً.
يريدون من خالد علوان أن يذهب بعيداً. يريدون أن ينفوا خالد علوان. يذكّرهم بما يريدون أن ينسوا. يريدون أن يطمسوا حقبة من التاريخ، وطمس تلك الحقبة واجب وطني. واجب كي ينسى الناس العلاقة بين رفيق الحريري وأمين الجميّل في عهد 17 أيار. واجب كي ينسى الناس أن أمين الجميّل الذي يعظ اليوم في شأن المقاومة وشأن القضيّة الفلسطينيّة ووضع الفلسطينيّين في لبنان هو الذي أرسل أنطوان فتّال للتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقيّة 17 أيار مع ديفيد كمحي (خرّيج الموساد) الذي انتدبته إسرائيل للمفاوضة مع لبنان إمعاناً في إذلال عهد أمين الجميّل الذليل (من ناحية انصياعه للمشيئة الإسرائيليّة). واجب من أجل أن ينسى لبنان أن الطبقة السياسيّة السائدة، بشخص صائب سلام وكامل الأسعد وفيصل أرسلان وسليمان العلي وعليا الصلح ـ أي بقايا بقايا الإقطاع السياسي أو تشويهاته وتنويعاته ـ أسبغوا بدعم من سعود الفيصل «شرعيّة» ـ لم يكونوا يمتلكونها ـ على بشير الجميّل، أسوأ لبناني على الإطلاق. واجب نسيان تلك الحقبة كي ننسى أن جريدة «النهار» نظرت بشخص صاحبها، غسان تويني (مُنسِّق المفاوضات اللبنانيّة ـ الإسرائيليّة) من أجل وقف مقاومة إسرائيل ومن أجل الترويج لاتفاقيّة 17 أيّار، وساعد في ذلك الترويج، داود الصايغ نفسه، الذي انتقاه الحريري مستشاراً خاصاً تقديراً له على جهوده، كما انتقى جوني عبده مستشاراً، ربما تقديراً لاستضافته أرييل شارون في منزله أثناء العدوان على لبنان عام 1982.
لا أظن أن خالد علوان يكترث لتكريم الدولة أو لظهور رموز دولة مسخ الوطن الذين هرعوا من دون تثاقل لتكريم الشريك الأصغر للصهيوني اليميني، روبرت مردوخ، عندما أطلّ أميريّاً لافتتاح فندق سيكون مرتعاً لأثرياء النفط الذين يسقط بعضهم ضحيّة الإفراط في اللذّة في أجنحة رئاسيّة بالفنادق الفخمة في بيروت. خالد علوان لا يحتاج إلا لتكريم رفاقه والمقاومين. خالد علوان لا يحتاج إلا إلى مقاومين ومقاومات: يحتاج لمن يحرص على الحض ضد الصهيونيّة، في أرضنا وفي عقولنا وفي مخادعنا. تكريم خالد علوان الحقيقي يكون في طرد آخر جندي إسرائيلي من كل الأراضي العربيّة ومن فلسطين، طبعاً. تكريم خالد علوان يكون في معارضة تكريمه على أيدي رموز دولة 17 أيّار وبقاياها في لبنان.
خالد علوان في صورته الصغيرة على لوحته التكريميّة يختفي وراء نظارات، لكنه يرقب ما يدور حوله. يتفحّص المارّة ويقرأ ما يقع على الأرض من صحف. خالد علوان هو الذاكرة لوقائع مواجهة إسرائيل: يوم غيّر كامل الأسعد رأيه عن جواز عقد جلسة انتخاب رئاسيّة في ظلّ احتلال بعد جلسة إقناع مع ميشال المرّ (الذي ردّ بالقول إنه غيّر رأيه بعدما انتزع مواقف من رئيس لبنان المُعيّن من احتلال إسرائيل). خالد علوان اختزن من الوطنيّة والهمّة ما في كل المزاعم الرسميّة والميليشاويّة عنهما. هذا الذي لم تصدّق عيناه أن صفاقة المُحتلّ الإسرائيلي دفعت بجنوده وضبّاطه للتسكّع في مقاهي الحمراء. استطاع المُحتل النازي أن يتسكّع في مقاهي باريس أثناء الحرب العالميّة الثانيّة، وأن يتجاور مع كوكبة من المُثقّفين الفرنسيّين، لكن خالد علوان من طينة أخرى. خالد علوان خطّط ونفّذ وفكّر وقاوم وحرّر. خالد علوان مدرسة، لمن يريد أن يتعلّم، في الجيش والشعب (لا تحتاج المقاومة لدروس في المقاومة). خالد علوان رفض التسكّع في المقاهي إلى جانب المحتلّ الإسرائيلي.
خالد علوان مثله مثل «الرجل الخطير» لم يقبل بتغييرات المرحلة الإسرائيليّة المفروضة. رفض التقويم الصهيوني في تاريخ لبنان والمنطقة. ماذا حدث لقميص خالد علوان الذي ارتداه وهو ينفّذ القصاص ضد أوغاد الاحتلال الإسرائيلي في مقهى الويمبي؟ هذا القميص يمكن أن يكون في صدارة مقتنيات المتحف الوطني. تستطيع أن ترمي في سلّة المهملات كل ما يحوي المتحف الوطني من آثار فينيقيّة ترتبط بسياق السرديّة الانعزاليّة لتاريخ لبنان، وأن تُبقي قميص خالد علوان. قميص خالد علوان: لعلّه لا يزال يقطر دماً. من يأتي بقميص خالد علوان؟ لكن الياس الهراوي معروف أكثر من خالد علوان (وجائزة الياس الهراوي ذهبت للبطريرك الماروني، كأن يحوز سعد الحريري جائزة هاني حمّود). وصبية تيّار الحريري استكثروا أن يُقام تخليد في لوحة صغيرة لخالد علوان. هذا الذي أراد بنفسه وبيده أن يعكس التاريخ يومها. ماذا عساه يقول اليوم؟
ماذا عساه يقول وهو يلاحظ أن إسرائيل لم تخرج من لبنان بعد؟ ماذا عساه يقول وهو يشاهد زمرة 14 آذار تهبّ منتفضة في رفضها التغطية الإعلاميّة لقضيّة المُتهم بالعمالة لإسرائيل؟ وإلياس المرّ (الذي أسهم أكثر من غيره في جعل منصب الوزارة في لبنان أضحوكة للأجيال، وللأبد، والذي ينتظر كل شهر طائرات من بلد مختلف، واعداً لبنان بطائرات ورقيّة لدعم سلاحه الجوّي) يضيف أن بعض الإعلام أورد معلومات غير دقيقة عن مُتهم بالعمالة لإسرائيل. أرغت وأزبدت علية 14 آذار، وسامي الجميّل، الذي يحاول إعادة تقليد عمّه البائد، وجدها مناسبة لشدّ العصب الطائفي الذي تخصّص حزبه المُنقرض فيه، مع أن الحزب يتمتّع برعاية من الأمير مقرن، مثلما تمتّع إبّان الحرب برعاية سعوديّة رسميّة لمواجهة الملاحدة في الحركة الوطنيّة اللبنانيّة. لم ندر ما أزعج 14 آذار في تغطية قصّة العميل الإسرائيلي المُتهم، والمزروع في أكثر الأجهزة أهميّة بالنسبة للعدوّ. لماذا تضايق فارس سعيد ـ هذا المُستميت للعودة إلى الندوة النيابيّة دون مساعدة من صديقه رستم غزالة ـ من اعتقال عميل إسرائيلي زرع أذناً وآذاناً لإسرائيل في كل بيت في لبنان وفي كل مخدع؟ ولماذا أشار إلى «اسم»؟ هل كان يقصد أن القبض على عملاء إسرائيل يجب أن يخضع لكوتا طائفيّة؟ هل قصد أن اسم العميل ينعكس سلباً على معنويّات طائفته أو من يؤجّج باسمها؟ ماذا قصد فارس سعيد العائد للندوة النيابيّة متى عاد رستم غزالة إلى لبنان؟ ماذا يريد فارس سعيد من الدولة أن تفعل في تعاطيها مع عملاء إسرائيل الذين لم يُعدم منهم واحد، حرصاً على العلاقة مع أميركا؟
ماذا عسى خالد علوان يقول وهو يلاحظ أن أمين الجميّل هو نفسه، وأن بعض الشخصيّات هي نفسها من تلك الحقبة؟ سمير جعجع المتحالف جهاراً مع إسرائيل آنذاك، يحظى اليوم برعاية ودعم من النظاميْن المصري والسعودي. إنها العروبة، أو العروبة الحضاريّة كما يسمّيها فؤاد السنيورة الذي مثّل في تجربته في الحكم مناسبة لإعادة النظر في مسيرة سامي الصلح في عهد شمعون، لأن السنيورة تجاوزها بأشواط. فؤاد السنيورة بطل تدمير مخيّم نهر البارد، يخطب في موضوع الحق الفلسطيني في لبنان؟
من منكم يقف تحيّة إكبار وتقدير لخالد علوان عندما يسير في شارع الحمراء؟ هل منكم من يمشي في شارع الحمراء ولا يفكّر في خالد علوان؟ هل كان بإمكانكم (وإمكانكنّ) أن تسيروا في شارع الحمراء لو لم يقم خالد علوان بعمله البطولي؟ من منكم وقف وأخذ صورة مع صورة خالد علوان؟ كيف يمكنكم أن تمشوا في شارع الحمراء دون أن تربّتوا على كتف خالد علوان؟ أيها الوطنيّون اللبنانيّون اللاهجون بحمد مسخ الوطن والذاهبون في الشوفينيّة إلى حدّ الجنون، أنتم مدينون لخالد علوان أكثر من غيركم. خالد علوان لم يناضل من أجل طائفة أو من أجل عصابة. خالد علوان هو من ناضل من أجل شعبه وفي بقعة أرض أكبر من أن تُختصر في مسخ وطن الأرز. خالد علوان يستحقّ يوماً وطنيّاً وطابعاً بريديّاً وحديقة عامّة وجادات عريضة ومباني وقاعات ومدارس ثانويّة وخاصّة باسمه. لكن خالد علوان لن يحظى بأي من هذا لأن خالد علوان لم يكن صاحب مليارات، ولم يتآمر ضد وطنه مع تيري رود لارسن، ولم يحظ بعطف ديك تشيني ولم يخلّد نفسه (ويحسب أن ماله خلّده) في طيّارة خاصّة. لا، خالد علوان من طينة غير تلك الطينة. خالد علوان لم يبع ولم يشتر ولم يقتل بأمر من أحد.
قفوا أمام لوحة خالد علوان وأدّوا التحيّة. عانقوا العمود المتواضع الذي يحتضن اللوحة المتواضعة. اجعلوا من وجوهكم غطاءً لصورة خالد علوان. احموا صورته من أشعة الشمس في الأيام الحارّة. تذكّروا إرث خالد علوان وحافظوا عليه. لقد أدّى قسطه، فماذا أنتم فاعلون (وفاعلات)؟ إنزل من لوحتك يا خالد علوان. عملاق أنت لا تليق بك تلك اللوحة المتواضعة. لو ذوّبنا كل تماثيل الأثرياء والمتملّقين والصعاليك والمستعمرين الذين يملأون الساحات العامّة في مسخ الوطن، لما توافرت المادة المناسبة لصنع تمثال لك. تمثالك حدّه السماء واللانهاية. أنت يا خالد علوان منسي عن قصد: قصتك يا خالد عنوان فيها من العنفوان والشجاعة والهمّة والإقدام ما يتناقض مع قيم الذلّ والخنوع والطأطأة التي عليها أنشأ المُستعمِر مسخ الوطن هذا. كل تلك الصور والملصقات، ولا واحدة لك يا خالد علوان؟ أأسأت إليهم بعلمانيّتك وتواضعك؟ أكان عليك أن تقتني طائرة خاصة أو اثنتين قبل أن تطلق رصاصك في شارع الحمراء كي يتذكّرك الوطن؟
وصبية الحريري الذين اعترضوا على تكريمك، ماذا تقول لهم؟ أتسألهم عن سبب تبرّمهم؟ ألأنك لست من طينة البكّائين المُحترفين والمُصفّقين المتجوّلين والهتّافين المغفّلين؟ هل ضايق هؤلاء أنك يا خالد علوان رفضت الزمن الإسرائيلي مثلما رفضه أياد نور الدين المدوّر و«الرجل الخطير»؟ من حاول أن يطلي لوحتك بالدهان يا خالد علوان؟ لقد فرّ الإسرائيليّون مذعورين منك يا عملاق بيروت؟ هل خاف حلفاء حلفاء إسرائيل أن يفرّوا هم خوفاً منك في مماتك؟ لا تغفر لهم يا خالد علوان، هؤلاء يدرون ما هم فاعلون بأيديهم الملطّخة. ولماذا رفضت لوحة خالد علوان المتواضعة أن تتلوّث بالدهان فيما تلوّثت أيدي الفاعلين؟ ما يعني هذا يا خالد علوان غير أنك فوق الزمان والمكان؟ بلديّة بيروت كرّمت محتّلين ومتسلّطين وأعطت ـ بأمر من رفيق الحريري ـ مفتاح بيروت لغازي كنعان. لكن ماذا أعطتك بلديّة بيروت يا خالد علوان؟ شارل مالك الذي كان يتبادل قصاصات مزاح مع أبا إيبان عندما كان يُفترض أن الأول كان يمثّل الحق العربي في فلسطين في الأمم المتحدة حصل اسمه على جادة، كما أن فؤاد بطرس ـ نقيضك يا خالد عنوان ـ حصل هو أيضاً على تكريم في شارع فسيح. عندما كنت تطلق الرّصاص على المحتلّين كان فؤاد بطرس يحشر المقاومة الفلسطينيّة في لبنان ويساهم ـ من دون علم أو إرادة أو قصد طبعاً، لأن غير ذلك يعني مساعدة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وهو بعيد عن ذلك طبعاً ـ في تحقيق أهداف بشير الجميّل في لبنان.
إمش يا خالد علوان في شارع الحمراء. هل ستتبيّن معالم الشارع الجديد؟ صحيح أنك ساهمت في طرد الغزاة الصهاينة لكنهم تركوا وراءهم حلفاء ووكلاء في مؤسّسات رسميّة وخاصّة. قد تقع على شعارات حركة 14 آذار يا خالد علوان: إنها حركة تأسست لمقاومة مقاومة إسرائيل. تلك الحركة التي تحظى ببركة الأمير مقرن تقول ما يلي: إن إسرائيل عدوّ ولمواجهة تهديداتها المستمرّة للبنان يجب أن يُنزع سلاح مقاومي إسرائيل من لبنان كي يتسنّى لإسرائيل ـ وهي عدوّ كما تقول أدبيّات 14 آذار ـ أن تقتل وأن تجتاح متى تشاء من دون أي وازع أو رادع أو مواجهة. هؤلاء ورثة بشير الجميّل يا خالد علوان.
كيف مشيت في شارع الحمراء عندما أطلقت رصاصك على المحتلّ؟ كيف حدّقت إلى وجوه المارّة؟ هل أصابك الحنق وأنت ترى بعض اللبنانيّين يتسكّعون في المقاهي جنباً إلى جنب مع جنود المُحتلّ؟ هل خافوا منك يا خالد علوان؟ من يخاف منك إلا أعوان إسرائيل في لبنان؟ لم يعطوك مفتاح بلديّة بيروت، استكثروا عليك لوحة وضيعة تحتاج لحراسة «خاصّة» لأن هناك من يريد أن يقتصّ من لوحة تكرّم مُقاوماً شجاعاً. يَراكم خالد علوان عندما تتجوّلون وتتسوّقون في شارع الحمراء، فهل أنتم ترونه؟
صمتَ خالد علوان في الحياة ونطقَ في الممات. شارع الحمراء؟ لا، إنه شارع خالد علوان، منذ عام 1982.
أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا