«مشاتل الأبجدية» ملتقى تنظمه دار الشعر بمراكش سنويا، هو مشتل إبداعي لتنمية المهارات الإبداعية والتحسيس بالفعل القرائي لدى الأطفال واليافعين والشباب، في مواصلة للرهان الكبير على مستقبل الشعر المغربي وأفقه، ومنذ تأسيسها اختصت الدار في تنظيم ورشات الكتابة الشعرية عبر تفيئ خاص للفئات العمرية المستهدفة، وانضافت فئة المكفوفين في الموسم السابع.

الدورة السابعة لملتقى «مشاتل الأبجدية»

 

مشاتل لتنمية المهارات الإبداعية والاحتفاء بالقراءة وبالشعر وبأصوات شعرية وإبداعية قادمة الى المستقبل

أزيد من مائة وخمسين مشاركا، من المرتفقين والمرتفقات، في فعاليات الدورة السابعة لملتقى "مشاتل الأبجدية"، والذي نظمته دار الشعر بمراكش صبيحة يوم السبت 11 ماي بالمركب الثقافي تامنصورت، وشهد حضورا لافتا واستثنائيا للعديد من المشاركين وأولياء أمورهم الى جانب رواد الدار. الدورة السابعة للملتقى، والتي تنوعت فقراتها، افتتحت بمعرض "وجوه" للفنانة الطفلة أميمة جناح كما شكل المنتدى القرائي للأطفال، ضمن الاحتفاء باليوم الوطني للقراءة والطفل، مشاتل مفتوحة للكشف عن إبداعات الأطفال في مجال الكتابة الشعرية والأداء المسرحي وتقنيات الإلقاء.

قراءات شعرية ومعرض تشكيلي ولوحات مسرحية شعرية ومنتدى حواري حول شعر الأطفال وفقرات موسيقية وتنشيطية، فقرات برنامج الملتقى والذي شكل لحظة إبداعية، ضمن تقليد سنوي تحتفي من خلاله، دار الشعر بمراكش، بإشراقاتها في اختتام الموسم السابع لورشات الكتابة الشعرية (للأطفال واليافعين والشباب والمهتمين). وافتتح الشعراء الشباب: هاجر أيت مولاي علي، مريم أتجو، خديجة السعدي، عثمان موكيبي، علال بنخياط، محمد أمنية، بسمة أمزيد، وبشرى لهديلي.. ديوان الملتقى بقراءاتهم الشعرية، والتي كانت موضوعا لإنتاجاتهم التطبيقية ضمن الموسم السابع للورشات، حرصا من الدار على مواصلة استنبات محبة الشعر والكتابة والقراءة.

تقول الشاعرة خديجة السعدي، في قصيدتها "ناي.. قليل الكلام" ضمن اشتغال على لوحة "هرم الجماجم" لبول سيزان: "اَلسُّكونُ هاهُنا رَهيبٌ، كاذِبٌ كَعَيْنِ عاصِفَةٍ/ أُغَطّي أُذُنَـيَّ ... فَتَنْفَجِرُ أَصابِعي/ تَتَطايَرُ الوُجوهُ الْيابِسَةُ تِباعاً/ على أَرْضٍ مِنْ غَمام/ فَتُمْطِرُ أَلْفَ صورةٍ كاذِبَةٍ .../ وَأَلْفَ لِثام !!". ويقتفي الشاعر علال ابن الخياط "لغة الصرخة" قائلا: "اُتْرُکْني یا بَريدَ الشِّعرِ/ الصرخَةُ مَرايا/ أُبْصِرُ من خُيوطها سواداً/ يتربَّصُ بفراشة/ وأُبْصِرُ من خُيوطِها بياضاً/ يعانقُ الدُّمياتِ/  أَجَلْ،/ الموجُ الآخَرُ نِدائي/  حينَ كَبُرَتْ طفلةُ الظِّلِّ خلفَ السَّماءِ..". وعن "شِبْه ُغَيمةٍ في الكأس" تقتفي الشاعرة هاجر آيت مولاي علي "أثر الكتابة": "هناك شبه غيمة في الكأس/ سأسترجع ذكرياتي مع الشرق/ وأعودُ". وفي مقام الصرخة ينشد الشاعر عثمان موكيبي: "حَـسِـــبــتُـهمْ أُذُنـي في الصَّــرخِ تَـسْــمعُـني/ لـكـــنْ بِــهِمْ صَــمَــمٌ صُـــمَّــــتْ بـه أُذُنــي// هُــــمُ الـمَـعـــارفُ لو حَــسَــبْــتُـــهُم كُــثُــرُ/ وجُـــلُّـــهمْ لـــيـسَ بالـــصَّــريخِ يُــسـعِـفُـني".

وتواصلت فعاليات الملتقى السابع، والذي يشكل فضاء للمنتدى القرائي للطفل ومشتلا ل"شعراء المستقبل"، بقراءات شعرية من منبع مشاتل ورشات الكتابة الشعرية للدار وتقديم لوحات شعرية ممسرحة بعنوان "أرصفة" سهر على إعدادها وإخراجها الفنان والشاعر السعيد أبو خالد ومن أداء مرتفقين ومرتفقات ينتمون لورشات الشعر الخاصة بالأطفال. كل لوحة تحمل عنوان رصيف محدد لشخصية شعرية، من أزمنة متعددة، النابغة الذبياني، أبو العلاء المعري، الخنساء، شاعر الحمراء، ومليكة العاصمي.. يتناوب الأطفال، ذكورا وإناثا، في فضاء سينوغرافي أقرب الى حديقة الأبجدية وبين مشاتل الحروف لقراءة بعض من إنتاجاتهم في حوار مع شعراء عبروا الأزمنة.

وشارك في ملتقى "مشاتل الأبجدية" لدار الشعر بمراكش أطفال المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة (نهى، المعالي، دنيا العرفان، المركز الثقافي تامنصورت..)، والذين استفادوا طيلة هذه السنة من ورشات الكتابة الشعرية، الى جانب أطفال يمثلون نقط القراءة العمومية (المكتبة العمومية تيدلي مسفيوة) والتي انفتحت من خلالها الدار، في موسمها السابع، على نقط بعيدة عن محور مراكش.

وأشرفت الفنانة نزهة الجعيدي على تقديم فقرات موسيقية وفنية وتنشيطية للأطفال واليافعين، كما تم تقديم مداخلات لمؤطري الورشات الأساتذة: د. مولاي رشيد العلوي، ذة. حليمة الاسماعيلي، د. عبداللطيف السخيري وذة. فاطمة الزهراء وراح، وذ. السعيد أبو خالد. وأشرف كل من الشاعر بدر هبول والأستاذة بشرى لهديلي على تنسيق فقرات وبرنامج الفعاليات، والتي أكدت على الأثر الإيجابي التي أحدثته الورشات، خصوصا مع انفتاحها على تقنيات الصوت والإلقاء والأداء الجسدي من أجل تنمية مهارات أدائية للمرتفقين، وثانيا الانفتاح على نقط القراءة العمومية ومن خلالها على فئات جديدة، ومن أهمها مرتفقي معهد "أبو العباس السبتي للمكفوفين" و"دار الثقافة تامنصورت" و"المكتبة العمومية تيدلي مسفيوة".

وقد كان لمرتفقي ومرتفقات معهد أبي العباس السبتي للمكفوفين، حضورا بارزا في فعاليات الملتقى، ضمن لحظة إبداعية وإنسانية "ستظل موشومة في ذاكرتهم"، بتعبير مدير المؤسسة. وتمثل المشاركون، كل برؤيته الخاصة، ورشات علم العروض والقافية، والتي أشرف عليها الدكتور مولاي رشيد العلوي، لينسجوا من مخيالهم الجماعي قطوفا وورودا أينعت ضمن مشاتل الأبجدية، في دورتها السابعة.

واختتمت لوحة مرتفقي "المكتبة العمومية تيدلي مسفيوة" ب34 مشاركا، فعاليات مشاتل الأبجدية، بلوحة المرآة والتي سهر على إعدادها أطفال الجبل تيدلي. فمجموعة (خديجة أبالي، سارة المرابط، عائشة ميمون، سهام وعلا، شيماء مسعودی، أسية أورحُّو)، ترى نفسها في "أنا في المرآة": "حینَ أَشْتاقُ لِنفْسی/ أَراني شَخْصاً آخرَ يتغيَّر بِمرُورِ الزَّمَنِ/  مِثْلَ زَهْرةِ النَّرجِسِ/ حینَ تُمیلُ وَجْهَها/ نحْوَ المياهِ/ أَحْیاناً تكونُ ظِلًّا/ وأَحْیاناً تكونُ عَیناً.. / وعِندَما أُحِسُّ بالوَحْدَةِ/  اَتَّـجِهُ نحْوَ المرايا/ بَحْثاً عنِ الأُنْسِ/ هَرباً من الخَوْف..". أما المجموعة الثانية (خديجة زروال، فرح فتاح، ياسمين بدوش، سهام امباركي، نعيمة امباركي، أميمة ضوماطي، نهيلة وعلا، وصال سکیرسات، سهام أمسعود، فاطمة الزهراء وركان) ف"تشتاق الى نفسها" من خلال المرآة: "أشْتاقُ إلى نَفسي: في كُلِّ مَرَّة/ أَشتاقُ إلى نَفْسي/ أَنْظُرُ إلى الْمِرآةِ/ أَرَى فيها شَخْصاً آخَرَ/ وكُلَّما عُدْتُ إليها/ أَرى شَيْئاً فِـيَّ قَدْ تَغَيَّر/ ..../ كَمْ أَكْرَهُ المرايا،/ أَرى فيها إنساناً تائهاً/ كُلَّما نَظَرْتُ إليها انْكَسَرَتْ/ لأَرى فيها وَجْهي مُبَعْثَراً  كَأَفْكارٍ تائٍهَةٍ..".

وعن "المرآة العجيبة"، تكتب المجموعة الثالثة (مصطفی أرجدال، هشام أبالي، عبد الحي السرطاطي): "كانَتِ الـمِياهُ تَعْكِسُ وَجْهي البَشوش/ كُنْتُ أَسْتَمْتِعُ معَ آخَري/ فَجأَةً!!!/ جاءَني خَبَرُ الفَقْدِ/ ...../ كُلَّما أَحْزَنُ يَحْزَنُ/ كُلَّما أَفْرَحُ يَفْرَحُ/ إِنَّها مِرآةُ الماء/ كُنْتُ خائفاً من أنْ يُسافرَ أبي نَحْوَ السَّماء/ لَكنّي / كُلَّما زادَ حُزني/ أَتذَكَّر ُزَهرةَ اللُّوتِس/ أَنَسى أَلمي/ في مِرْآتِها..". أما المجموعة الرابعة (سلمی فتاح، سلمی أورحو، حسناء أكرارام، إیمان مسودي) ترى المرآة أكثر اتساعا، "أَنْظُرُ إلى الْمِرآةِ / أَرى نَفسي آخَرَ / کَأنّي أُکَلِّمُ شَخْصاً غَریباً/ شَبيهٌ لي / وَعندَما أَذْهَبُ إلى مَكانٍ آخَرَ / يَسيرُ كُلٌّ مِنّا في طَريقِهِ/ ...../ فَتزيدُ الْمِرآةُ اتِّساعاً !".

وتختتم المجموعة الخامسة (بشری فاضلی، کوثر بوبغصان، إیمان أشطبی، خديجة حدي، نهیلة العلاوي، روعة میمون)، لوحة المرآة بتوصيف للحظة "اِنْكِسار": "عِنْدَ اسْتيقاظي / أَنْحَني لِلْمِرْآةِ/ كَما تَنْحَني زَهْرَةُ النَّرْجِسِ لِلْمِياهِ/ ..../ أنا عَکْسَ اَلْمِرآة/ إذا انْكَسَرَتْ لا تُبْدي مَشاعِري/ ولا تُبالي لأَحاسيسي/ وعِنْدَ انْكِسارِها تَنْكَسِرُ مَلامحي مَعَها..". اللوحة التي اختتم بها أطفال الجبل فعاليات "مشاتل الأبجدية"، ضمن دورة استثنائية شهدها المركب الثقافي تامنصورت، في أول لقاء ثقافي يحتضنه بعد افتتاحه.

الملتقى تقليد سنوي، ومشتل إبداعي لتنمية المهارات الإبداعية والتحسيس بالفعل القرائي لدى الأطفال والشباب، في مواصلة للرهان الكبير على مستقبل الشعر المغربي وأفقه، إبداعا ونقدا، وضمن استراتيجية دار الشعر بمراكش، لربط المنجز الإبداعي في الشعر المغربي بالخطاب النقدي. ومنذ تأسيسها في 16 شتنبر 2017، بموجب برتوكول تعاون بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، اختصت دار الشعر بمراكش في تنظيم ورشات الكتابة الشعرية عبر تفيئ خاص للفئات العمرية المستهدفة، ورشات موجهة للأطفال واليافعين وأخرى للشباب والمهتمين، في اختيار واعي يدرك أهمية ربط دور ووظيفة هذه المؤسسة الثقافية بنسيجها المجتمعي، والسعي الى استنبات والتحسيس بالكتابة الشعرية لدى المهتمين والشباب والأطفال، سواء داخل الأوساط التعليمية أو في المشهد الجمعوي والثقافي بالمدينة.