تبدأ القصيدة بجناس جميل بكلمة (الدرك) لكن هذا الجناس ليس مجرد حلية لفظية مكررة، بل صار يؤدي في (قصيدة الشعر) وظيفة إيقاعية وإيحائية في الوقت نفسه، تقدم القصيدة صورة للموت الغادر المسبق التصميم، موت الأرض، موت الإنسان، على يد كائن مرعب يلقاك مبتسما!! وقد صار صوت الكاف على القصيدة صوت بكاء الدماء التي تشربها البرك!!

إنّه الموت.. إنَّهم الدَرَك

حسن عبد راضي

 

أين يَمضي الدَرَكْ

بالحِبالِ التي في ضمائرِهم

والثقوبِ التي في بصائرِهم

والدماءِ التي شرِبَتها البِرَكْ؟

 

دَرَجٌ أم دَرَكْ؟

ذلك الموتُ لو حالَ بينكَ والماءَ

لو سلبَ الأرض أثوابَها الخضرَ

لو أنّه استلَّ روحَك كالخيطِ

ثم ادّعى أنّه حَرّركْ

 

هل تفكّرتَ في شكلِهِ

رعبِ عينيه

أو قُلْ حنوِّهما وهو يلقاكَ

مبتسما

بينما أنتَ تقطرُ خوفا

وتحسَبُ أنَّ المُنبّه قد رنّ

كي يُنذرَك

 

ربما تبحثُ الآن

عن زمنٍ كان وردُ لياليه

أشهى

لعلكَ فتشتَ في دفتر الحبِّ

عن لحظةٍ بالغت في العناق

وجاءتك ولهى

فلا تسألنّ العقاربَ

عمّا تركنَ من السُمِّ

في جَسَدِ الوقتِ

إنَّ التَّجاربَ تَقضي

بأنَّ انتباهَك قد حانَ

فاهدأ قليلا

ولا تلمسْ الزُّمبركْ

 

ثمّ يعلو صهيلٌ برأسِكَ

يعلو دوي السنابكِ فوق الحصى

وتدقّ الطبولْ

أأسئلةٌ هذه أم خيولْ

تسابقُ ريحَ الخماسينِ

تَمرُقُ مثلَ السكاكينِ

عابرةً مَنحرَكْ

 

إنَّهُ الموتُ في زيِّه الملكيّ؛

السوادِ المُطرَّزِ بالكُحلِ

رعبٌ أنيقٌ يُسافرُ

بين العروقْ

وتَبرقُ منه البروقْ

فيَنبُتُ –كالفطر-

فوقَ خُطاهُ شَرَك

 

إنَّه الموتُ

بئرُ النبيذِ المُعتّقِ

ذاك الذي في طريقِ القوافلِ

ينتظرُ الشاربين

ويهزأ بالهاربين

مصبُّ الحياةِ الوحيدُ إلى البحر

والقاسمُ المشتركْ

 

هو ذاك اليقينُ الأخير

اللظى والحرير

القليل الكثير

رمادُ الحياةِ إذا انطفأتْ

ومداها العسير

فإذا كان لا بدَّ من ثلجِهِ في الهجير

فمُتْ موتَكَ الفلسفيَّ وحيداً

ولا تتقلدْ لهُ خنجرَك

 

وسيَمضي الدَرَكْ

بالحِبالِ التي في ضَمائِرهم

والثقوبِ التي في بَصائرِهم

والدماءِ التي شرِبَتها البِرَكْ؟

 

14 أيلول 2023

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر وناقد عراقي

دكتوراه في اللغة العربية وآدابها (أدب ونقد)/ الجامعة المستنصرية2011.

عضو جمعية الخطاطين العراقيين

مؤسس بيت الشعر العراقي في نسخته الأولى وأمينه العام.

محرر في ملحق آفاق ستراتيجية / جريدة الصباح.

محرر وباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية / جريدة الصباح.

معد برامج ثقافية في القنوات الفضائية: العراقية وعشتار وبلادي.

سكرتير تحرير مجلة الأقلام.

مدير العلاقات والإعلام في هيأة أمناء شبكة الإعلام العراقي 2009.

مدير إذاعة راديو العراقية 2012 – 2013.

مدرب إعلامي في معهد التدريب الإعلامي/ شبكة الإعلام العراقي.

(الطاعون) ديوان شعر بطريقة الاستنساخ / بغداد / 1987

( حمامة عسقلان) ديوان شعر/ صدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق 2001.عين الدم / ديوان شعر / دار الشؤون الثقافية العامة / وزارة الثقافة/ بغداد/ 2009.

طقوس موت الأشياء / ديوان شعر / مؤسسة المسار للنشر/ دبي / 2009.

باسل ولوزة – رواية قصيرة للأطفال – دار ثقافة الأطفال – وزارة الثقافة – بغداد – 2010.

الزمن في شعر السياب – دراسة نقدية – مشروع بغداد عاصمة للثقافة – بغداد 2013.

المفارقة في شعر المعري - دراسة نقدية – مشروع بغداد عاصمة للثقافة – بغداد 2013.