في مزاوجة بين القصيدة والمسرحية المونودراما، في ستة مشاهد، يعرض لنا الشاعر صورة (حياة فاجرة)!! وإذ يبدأ المشهد الأول من مسرحية هاملت، حول علاقة الأم المريبة، ويصور المشهد الثاني حوارا ما، لكن المشهد الثالث، يمثل بؤرة القصيدة، إنها الحرب، والطائرات، هذه هي الحياة الفاجرة!!!

حياة فاجرة من ستة مشاهد

عبد الخالق كيطان

 

المشهد الأول

 

آه لو تعرفين،

أكرهك أكثر من كره هاملت لأمه الخائنة

طعنته بفجورها،

وكنت لوحدك أشدّ حدّة من نصل سكين عليه

أعترف بأنني مغفلّ مع المرأة.

هذا طبع ريفي

ونحن في المدينة

نتأنق في المساءات

وفي أوائل النهار نطلق الدموع

كان علينا أن نصبر

وأن ندع الرغائب السخيفة تزمجر لوحدها

ولكننا بدائيون جدآ

نسجد فورا في اللحظة التي تفتح المرأة فيها ساقيها

آه لو تعرفين

كم كنت ساحرا

ماكرا

جذلا في أزقة الجوع

ساعات تمضي والمعدة خاوية

المعدة هنا أبلغ تعبير عن الزمان

وتمضي الليالي وكنّا جياعا.

سقطنا من الشمس بغتة،

في لحظة عارية.

كان علينا أن نتجاوز عذريتنا، وأن نبدو بشكل لائق أمام حشد من الفضوليين.

هذا ليس ممكنا.

كما حمل السيوف،

وحدها المرأة قادرة على صنع الخناجر

تأتيك مرتدية جبّة سوداء

وتحت جبتّها عري كامل

أيّ شجاع يحتمل هذه القسوة؟

تخرّ ساجدا

فلقد غرست خنجرها اللامع النصل

وانتهى كل شيء.

اه لو تعرفين.

كانت حياتي ماضية باستقامة صوفي منبوذ.

ثم صارت

نكتة يرويها صبيان شبقون.

 

المشهد الثاني

جاري رجل أصلع وزوجته غانية

في ليل متأخر طرق بابي بحثا عن نبيذ

أدخلته خجِلا

ولكنه سرق القارورة كلها

واختفى

 

المشهد الثالث

كان سرب الطائرات المهاجمة مرئياّ

وكنت وصاحبي نمشي

عجيب هذا الإهمال

الطائرات ترمي قنابلها

ونحن نغذّ الخطى

بعد ساعات

كنا نسمع في المقهى المظلم نتائج القصف

ولكل روايته

أما روايتي،

والتي تشبه رواية صاحبي،

فكانت محاورة عن قصر أحلام كاداريه*.

 

المشهد الرابع

في سيدني عشت على الذكريات

شيء من قبيل زجاجة خمر في حانة قذرة

ثم قصص عن الحب المستحيل

أنا الآن شخص وحيد

متعب بلا سبب

وأمضي إلى ستيني بتؤدة

كنت أحفل بالموت

الآن صرت أنظر إليه بحنو

أليس الموت هو طفلنا المدلل الذي نخشى غضبه؟

ومع ذلك، نحيطه بالشموع والبخور والأدعية.

 

المشهد الخامس

المرارة الشهية

إذ ينبثق الصباح مثل روح مشنوق تفرّ

تفتح النافذة فلا تجد أمامك سوى غيم… ووحل

فلا أنت عائد إلى حلمك

ولا أنت غارز سكينك في هذا الصباح المرّ.

 

المشهد السادس

أنا المخطئ… والخاطئ

أعتدت على هذا ولم يعد بمقدوري تغييره

الحياة التي عشتها فاجرة

تشبه صخرة أدمنت الفؤوس

الحطّابون الصغار لم يتعلموا درسها جيدا

جلبوا عدتهم كلها

ولكنها لم تتحرك من مكانها.

هل يبدو لك عمق الهوّة؟

الهوّة التي في داخل الصخرة؟

هناك

حيث تسكن روح الخطّاء وحيدة

….

 

صمت.

…….

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

*رواية "قصر الأحلام" للروائي الألباني إسماعيل كاداريه.

 

سيدني ، في  ١٦/٥/٢٠٢٤

 

شاعر عراقي مقيم في سيدني.

صدر له:

  • نازحون، المجموعة الشعرية الفائزة بجائزة الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي لعام 1998، وصدرت عن دار الجندي في دمشق في العام ذاته.

- صعاليك بغداد. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت وعمان. 2000.

- الانتظار في ماريون. دار الفارابي. بيروت. 2005.

- واحد وثمانون. دار التنوير. بيروت. 2012.

- النوم في محطة الباص. دار الورشة. بغداد. 2019.

- شارع دجلة. سيرة مبكرة. دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد 2023.

- حديقة الوهم.. تأملات في الكتابة والحياة. دار الورشة. بغداد. 2024.