التقى شعراء الجيل الجديد، من القصيدة المغربية الحديثة، في ضيافة دار الشعر بمراكش ضمن افتتاح الموسم الثقافي والشعري الجديد للموسم الثامن وفعاليات الدورة الخامسة ل "صالون الدار الشعري"، ليلة السبت 14 شتنبر بقاعة أحد الفنادق المصنفة بالمدينة. واحتفى الشعراء آمال الغريب وعبدالصمد الزوين ويوسف كوزاغار بقصيدتهم الحديثة وهي تتغنى بالكتابة الشعرية، وبالتباسات ومفارقات العالم وبذواتهم، وهي تشرئب الى اللانهائي بحثا عن الصفاء الإنساني وإنسانية الإنسان.
كما احتفت فعاليات الدورة الخامسة، للصالون الشعري بشعراء جدد التحقوا برواد الدار وأمسوا يرسخون من خلال حضورهم، وألقهم ضمن "الخميس الثقافي" إضافة نوعية للمشهد الثقافي المراكشي، الشاعر عبدالله المهلاوي والزجال حفيظ بوتكايوت، الى جانب مشاركة المبدع الشاب عثمان شليخ والذي وقع مؤخرا في مصر إصداره الروائي الجديد. وأحيت الفنانة سعيدة ضياف الحفل الفني لأصوات معاصرة بمعية عازف العود الفنان محمود العماني، هذا الصوت العربي الصادح بقوة الجمال الطربي وقدرة على عبور أصعب المقامات. كما وقع كل من الشاعر بدر هبول و الشاعر مبارك العباني إصدارهما الشعري الجديد، والصادر عن منشورات دائرة الثقافة في حكومة الشارقة.
افتتح الشاعر عبدالصمد الزوين، والقادم من مدينة الشعر والشعراء تارودانت، وأحد إشراقات مسابقة "أحسن قصيدة" لدار الشعر بمراكش، باب ديوان "أصوات معاصرة" بأن خصص قصائده للحب وللاحتفاء بالعمق الإنساني الباذخ لقيم الشعر، يقول في أحد قصائده: فَبِأَيِّ ذَنْبٍ تَهْدِمِينَ مَعَالِمِي// وَبِأَي ذَنْبٍ فِي سُجُونِكِ أُظْلَمُ/ ../ هَاقَدْ بَتَرْتُ القَلْبَ ثُمَّ جَعَلْتُهُ// قُرْبان عِشْقٍ فِي هَوَاكِ يُقَدَّمُ/ ../ فَأَنَا شَهِيدُكُ فِي المَحَبَّةِ والهَوَى// وَأَنَا المُعَذَّبُ فِي هَوَاكِ المُغْرَمُ/ ../ لَوْ كَانَ يُعْبَدُ كوْكَبٌ لِبَهَائِهِ// لَعَبْدْتُ ثَغْرَكِ عِنْدَمَا يَتَبَسَّمُ/ ../ وَلَبْتُّ فِي مِحْرَابِ عَيْنِكِ جَاهِدًا// وَلَقُمْتُ لَيْلاَت الهَوَى أَتَنَسَّمُ/ ../ لَكِنَّنِي أَيْقَنْتُ مُنْدُ جَرَى الهَوَى// أَنَّ الذِي سَوَى عُيُونَكِ أَعْظَمُ.
ومن مراكش، ومن مشتل دار الشعر والشعراء بمراكش، قرأت الشاعر آمال الغريب والتي سبق لها التتويج بالجائزة الأولى لمسابقة الشعراء الشباب، في دورتها الثانية، والتي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، هذا الصوت الشعري الذي حظي بتنويه شعراء ونقاد لجنة التحكيم بيت الشعر في المغرب حينها، تقول في قصيدة "أنا مبعثرة": مشاعري مرمية على كرسي مهمل/ نصفها على الأرض متسخة / ذكرياتي مركونة بشكل عشوائي/ فوق مكتبي/ وفي زوايا غرفتي/ الغبار الذي تبقى من الماضي/يعم المكان / كلماتي الموضوعة على المنضدة/ أصبحت منتهية الصلاحية / ومرآتي أصابها ورقٌ/ أحلامي جيفة على وسادتي/رائحتها تؤرقني/ أنا / حتما / مبعثرة.
ومن نفس النبع، قدم الشاعر يوسف كوزاغار قصيدته بروح متجددة طافحة باستعارات المفارقة. كوزاغار بروحه الأمازيغية المغربية، وقصيدته التي اختارت أبجدية عصره وأسئلة جيل مختلف ينأى بعيدا في الآقاصي باحثا عن "صخرة" يصعد بها الجبل، يقرأ لليل: والليل؟/ الليل في الميثولوجيا الخاصة بي ضِلعُ الكِتَابَةِ،/ مِنهُ بَنَيْنا جسرنا الأبدي إلى الخيال،/ عبرَهُ استعطفنا الشعرَ/ وفيه التقى ٱدم الحرف مع حواء الكلمة،/ وقالا في شِعَابِ جسدِي كلاماً كثيرا، /خبَّأناهُ، حتّى لا يسيلَ، /لكنَّ شقائقَ النّعْمانِ أشارَتْ: ""هذِهِ حَقِيقَتِي""/ في الرقصة ما قبل الأخيرة/ في الفجر ما قبل الأخير.
وشهدت فعاليات صالون الدار الشعري، تقديم قراءات شعرية لمجموعة من الشعراء، الى جانب تقديم مداخلات وشهادات لإعلاميين وفاعلين جمعويين، همت برمجة دار الشعر بمراكش وآفاق برنامجها المستقبلي. ويشكل الصالون، والذي تحول لتقليد ثقافي محوري في برامج دار الشعر بمراكش، فضاء للتلاقي والنقاش حول قضايا الشعر وأسئلته.
هي سنة ثامنة، وموسم ثقافي وشعري آخر لدار الشعر والشعراء بمراكش، ومعها تفتح الدار "نوافذها" و "أبوابها" لسلسلة من المبادرات والبرامج والفقرات الجديدة.. احتفاء بشجرة الشعر المغربي الوارفة، وبحساسياتها وتجاربها. سعي حثيث لأفق القصيدة المغربية الحديثة، وانفتاح بليغ على مختلف التجارب الشعرية في هذا الفضاء الرمزي، الذي جمع الشعراء المغاربة، من مختلف الحساسيات والتجارب وأمسى مشتلا لمستقبل الشعر المغربي.