في زمن العنف والحروب الساخنة، يبقى الغزل بالأنثى أو الحبيبة نازعا مهيمنا على مشاعر الإنسان، وفي هذه المجموعة يصر الشاعر العراقي على الغزل بامرأة جميلة، وأستطيع أن أسميه الغزل العذري، فهو يتغزل كما كان العذريون يتغزلون، فلا شأن له بجسد المرأة، لكن مشاعر الحبّ تبقى بهيجة، طيبة.

آيَتُكِ أنّكِ أُنْثَى

مجموعة شعرية

عـيسى الدرويش

 

وأنَا أفْضِي إليكِ

سلامٌ على عينيكِ تَنثّانِ الضِّياءْ

 على جَسَدٍ بَليدٍ  بأطرافِ الهبَاءْ

على يَديكِ تَرفّانِ مِنْ أقصَى بُعْدِهِما

فَتشعَّانِ نَجماً بِقَلْبِ السّمَاءْ

سَلامًا لِوجْهِكِ

يَتبْعُ غَيمَةً  تنَامُ والهَــــةً

 بِحضْنِ رَغْبتِها

تنَتظِرُ مجيءَ الشّتاءْ

وأنَا أفْضِي إليكِ

بالقَلقِ العَمِيقِ

عَنْ لحظةٍ ما فيِها التَقيْنا

فِيها افتَرقنا

فأتْخَمَنا بهَذا العَناءْ

فَما بين شّوك وزهرٍ

يَا زَهرتي الحَمْراء,

يَعْدو شَغَفي إليكِ

يَرسِمُكِ خيالاً في تَفاصِيلِ الهواءَ.

لاهجاً بألفِ موالٍ

بعطركِ،

 أقول: إجلسي...

فقد اسْتهوتنيَ الظنون

فَلنا بَينَ عَينيكِ وعَينيّ رسولٌ عجولْ

وعَلى شَفَا الصَّبرِ،

 ـــ مرة أخرى ـــ يستهوينا لقاءْ

أقول: اجلسي قربي

سأُسمّيك عِطرَ نَفْسِي

نكهتي، وَسْمَ رُوحِي

فتَبْسمينَ باكيَةً

وتغضين الطرف حياء..!

 

 

أمنية

سألثم جرُحَ القصيدهْ

و أذيبُ فمي  في خَباياها العنيدهْ

وأعبُّ أنفاسَها حدَّ الذّهولِ  ..

كما يُعَبُّ الشّهْدُ من ثَغرِ الخريدةْ...

كصدى الحكاياتِ القديمة

كضحكتكِ وأنتِ باكيةٌ سعيدةْ..

كلحظةٍ فيها التقينا

ونحنُ عاشقان

تسمّرَ قلبانا في مكان ما

تحت ريح  الإنتظار

لا تُفتح الأبوابُ في وجهي

و لا تمتدّ نحو يدي يدان...

 

 

يَا لهذا الصّدَى

لِلمُلتَقَى،

إلَيْكِ،

لحُضْنِكِ الَّذي مِنْهُ الفُؤادُ ما ارتَوى

سَأبْقى أفتِلُ خَيطَ الظنُونِ

وأقرّ العَينَ بالـمُــنى

وأرنُو لِقلبي، فأُبْصِرُكِ خِلسَةً تأتِينَ

فيَرجِعُ الزَّمانُ وَئيداً...مَعسولَ اللمى

فلا الطَّريقُ تُؤدّي إلى مَوْتي... إليكِ..

ولا خُطايَ يُسْعِفُها المدَى...

وكلّما مَرّ ظِلُكِ في خَفَاءِ

أقُولُ: آهِ....

وحِينَ يَنْسَدِلُ الّليلُ

أراكِ، كَنجمٍ يَرنُو بمرآةِ مَوجِ،

 ولَهُ قلْبي اهتدى

فيَتثاءَبُ خِصْرُكِ الفتّانُ،

إذْ صِرتُ أهْصِرهُ

فيَفضَحُ الصَّدى عَبثي وارتبَاكي

فأشدُّ على يَديْكِ؛ لِتترُكَ ــ فَوقَ يَديَّ ـــ عَبيرَهُما

خَدراً...أو لَظى..!

فأضِيعُ مُسْتوحِداً ببِريقِ عْينَيكِ

فَيَا لهِذا السّراب الجمِيل

وَيَا لهذا الصّدَى...!

 

 

أمامَ النّافذَة

أمامَ النّافذةِ، يفكِّرُ بامرأةٍ مَا

يسّاقطُ ظِلُّها على النّافِذَةِ

قَطَراتِ دموع....

يُصْغِي لِوقْعِ هَوَاجِسِها، في الظّلِ،

في لَوْحةِ الأُفِقِ البعيدِ،

تَطْمِسُها المسافَاتُ..

فَيُطَرِزُ لَحَظاتِهِ، بسهْوِ الخرابْ،

وتَسُدُّ دونهُ يدان من ظلالٍ ألفَ بابْ!

إلى أيْنَ تَسعى يَا ظلَّهَا؟

ولِمَاذا أيْقَظْتَ فِي مُقْلَتَيَّ هذا السَّرَابْ؟

مَا لِلَوْنِكَ شَاحِبَاً يُطَالِعُنِي؟

أَيُقَاسِمُنِي فَجِيعَتِي؟... وهْيَ تَنْأى وتَنْأى

فَيَسْرِطُها الغِيابْ..!

ويمرُّ سِواها بشارعِ الذّكرياتِ

يَهمسُ في أذُنَيكَ حماقاتهِ

فَيُرجِع الصّدى ما تلاشَى وَفاتْ

وأنتِ أبعَدُ مَا يَكون،

وأنْتِ أقْرِبُ ما يكون،

في حِسابِ المسَافَاتْ...

فَيَرتَجِفُ القَلْبُ، يُرَتِّقُ في وَجَلٍ نَبْضَهُ

يَتَأمَّلُ فَوْضَاكِ، ضِحْكَتَكِ،

حَدِيثَكِ المستَطاب،

وَيجْمَعُ كُلَّ نِثَارِ الذِّكرَيَاتِ،

وَقَلْبَاً نَابِضاً، بِكِ اكْتَظَ، وَأَنْسَاني الأُخْرَياتْ..!

 

 

محطّات نازفة

(1)

قبلَ ألفِ ذكرى

قبلَ أنْ تهدأ الريحْ

غَرَستْ على شِفاهِنا الأيّامُ

حُروفاً بحجمِ اليأسِ

وألزمَتنا بأنْ لا نَبوُحْ..

(2)

أنا وأنتِ

نَغطِسُ في وهمِ الأمنياتِ

أنا وأنتِ  لهفةٌ

سَهَتْ بها الأيّامُ

وعلى أعتابِ زوبَعةٍ

رُزمنا على رَفِّ الأسى

في زحْمَةِ الصمتِ..!

(3)

صافناً أمامَ صمتكِ

ويلتظي في قلبه سعيرْ

وخيطُ آهٍ يصّاعدُ

ينْسَلُّ من أفقِ روحهِ

فتحْمِلهُ الرغبةُ إليكِ

وبجناحَينِ من لظىً إليكِ يَطيرْ

وربما عَانقكِ خِلسةً

فَسَهوتِ

وعلى مَرأى من عَينيكِ تركتِهِ

حيرانَ... صموتْ،

على شِفاهكِ الحوّاء،

على عُنقكِ البضِّ،

أو يطوّق خِصركِ؛

مُنتَشياً...!

لكنَّهُ سَوفَ يبَقى

يَشعِلُ شَمعَهُ

يَشْحذُ نَصْلَ رغبتهِ

وبينَ أحْضَانِكِ وَحِيداً يمُوتْ..!

 

 

مرّ عامان

هَي مَنْ زمَّتْ رِكابَ النَّوايا للرحيلْ

هي على نِيَّاتِها، تَقُول لِلْصبحِ:

ليلي طَويلْ...!

وهُو عنها ببنات أفكارهِ مُنْشَغِلُ

بألف فِكْرةٍ إليكِ بها يتوسّلُ

وأَكْبَر الظنّ أيْقّنَ أنَّ غيابَكِ حاصلُ

وهو الّذي تَدَحْرَجَتْ

فوق الدروب أمانيهُ

وأنت ترينَهُ

فِي هجعتهِ

كثيرا ما يتَسَاءل:

أن كَيْف غَدتْ

وعمرُ الزهرِ لا يبخلُ؟

مرَّ عامانِ وهو ما يزال

صامتا مثل السكون في جلال

يرشف الهمَّ بكأسِ الانتظار

ويسفُّ بعضَ أوقاتِ الملال

بحديثٍ عنك حلو فيه شيء

من بقايا هامسات وخيال...!

 

 

فراشة زرقاء

لا أحدَ يأخُذها منك

هنا ذكرياتُها

زهرةً في رياضِ الظُّنونِ،

ومَعنى....!

نَابضٌ فيكَ قَلبُها

فَصارتْ من رحيقِ الأقحوانِ

حَبيبةً ..!

والقلبُ لها مَغنى،

وغَداً...

أو في قابلِ الأزمانِ

هل تنسى - مرة أخرى -

فراشتُك الزرقاء ..

قَلباً في نبَضهِ تَسعَى ..!!

 

وأحسبُ أنَّكِ تذكرين

لأي سلالةٍ تنتمين؟!

فما تبقَّى في قلبِيَ من نَبضٍ

يَهذِي بهِ وجَلِي ...!

وما نسِيتُ.. وأحسَبُ أنَّكَ تتذكَّرين.

فمن ذا يخرجُني من مَللِ التمنّي؟

عابراً نزق التَّوددِ؛

إلى حُضْنِك،

فأنا ما زلتُ تجترني من معصراتِ السنينِ

انكساراتُ شوقٍ راقدٍ بداخلي

تستنهضُهُ عَيناكِ

وشريطُ نسيانٍ لعمْرٍ تلظَّى ببعدِكِ

كلّ تلكَ السِّنينْ

فاسلخي ما شِئتِ من وجَعِي

وأعِيدي لذاذاتٍ زرَعتها الدروبُ إليك ؛

أعيديها قرنفلاً وياسمينْ...

سأهديك حُلما

تَطالُني عَيناكِ....

وما علَّمنَني كيفَ ارتّقُ هَزائِمي

بِنَبوءةٍ كُحلهما..!

وقلتِ: سَتعودُ الى قارعةِ انتِمائِي

تَشُدّ خَيطَ الدّموع

تُبايِعُ فَجْري.. وبِلظَى أَدِيميَ الأخّاذِ

أهْدِيكِ عُمْراً....وحُلْماً تَلوذُ بِه

بأجفانِ لَيلٍ أمِينْ...

وما تَبقّى لَنا مِن وجَعٍ

سَنَنثُر تِــبرهُ في مَهبِّ الرِّيحِ

ونَدْحُو لَيْلَنا الآتي بأقْمارٍ

وآهِ ياليلُ... وآهِ يا عَينْ..!

 

 

أيّتها الحياة

سَتَفتَقِدُنا أسْمَاؤنَا..!

وَكَطِفْلٍ يَضِيْعُ فِي دَهالِيزِ الغُرُوبْ،

لا تَسْعَلُ بِهِ الُّدرُبْ،

سنسْتَكينْ؛

فليْسَ مِنْ شَيءٍ جديرٍ بالاهتِمَامِ

تفركُ عينَيْك، فلا تُبصِرُ سوى

ضَوءٍ دُسَّ في فمِ الظَّلامِ

ولَونَ دِماءٍ رُشَّ في أفقِ التّمني

لِتَبقى بِلا وَجْهٍ، تَعرِكُكَ

ـــ وكعادَتِكَ ـــ رَغبَةٌ تنْزِعُ عنكَ قشْورَ الانتظارِ...!

 

 

وهمٌ

انتظاري إليكِ..

يلتَهِمُني

يشكّلُني بحسب رغائبِهِ

 من أرقٍ يتحَدّرُ من جُدُرِ الأحلامْ

يَرسُمُ آخرَ أخطائِك

 في وَجهِ براءتها

فتفتحُ دُرجَ القلبِ..

لتعلّقَ في زاويةٍ منسيّةٍ

وهمكَ، فتنامُ قريرَ العينِ

تحلُمُ بغدٍ لنْ يجيء.......!

 

 

عليك السَّلام

مُلوّحِةٌ يداكِ، وأنْتِ عَليكِ السَّلامْ

وعَلى جَفنِكِ الوسْنانِ

 يَنحَلُّ حينَ الحُزنِ خَيطُ غَمَامُ

وعَلى شِفاهِك الحّواءِ

 يَنفَرطُ عِقْدُ الحَديثِ هَديل حَمامْ

 وأنت حلمي الهاربُ في أقصى دَمعةٍ

خلفَ جَفن يَحلمُ أنْ خالياً ينامْ

 يا هَاربَةً  مِنْ قلبي إليَّ

ومِن صَمتي إلى مَغاليقِ الكَلامْ ،

 يَا شُباكَ  رُوحي وعَيناك  عُرسٌ ،

توضَّأ ليلُ أغانيهِ بالبدرِ التّمامْ

 شَربت صَدّكِ حتّى

 نالتْ منّي ثُمالتُهُ، وقلتُ:

 أخافُ عليكِ من شَغفي،

 كما  يخافُ الزهرُ وبلَ الغمام..

وانتظرنا ألفَ غدِ

أتذكرين:

كيفَ احترفنا لذيذَ الوجلِ،

وأوقدْنا شُموعَ الصَّبرِ

فوقَ جَبينِ الموعِدِ

وانْتظرنَا ألفَ غَدِ

توقَّفَ نَزفُ صَمْتِنا

واحتَمَلْنا دُوارَ الأبدِ

واعْتَلَلْنا بالْأَسَى

ولاتَ حِينَ تَعَلُّلِ..!

أتَذكُرين؟

كمْ سَاوَرتْ لَيْلِي خُطايْ؟

كم مرةٍ تركنني ملقىً...

- عَلى بَابِكِ الموصَدِ - مُقْلَتَايْ

وصمتُكِ الابيضُ نديفٌ

تصاعَدَ في أُفقِ رِيحِ

وما زالَ إلى الآن يَسْتنْفِرُني

وهَجَاً فَتُكَفْكِفُهُ رُغْماً يَداي..

أتذكرين؟

الصبرُ كأسُ سرابْ

وجِنّةُ الخوْفِ والوِصَابْ

يا سرَّ هذي الآه.... فيالنا....

ويا لهُ مِن اغترابْ... !

أتذكرين؟

حُلْمُنا نَدىً

وابتسَامَةُ وردٍ

أَوْ ....صَدىً

لم ينأَ عنّا

سوى أنّه ...عَانق زَهراً في غير موسمه

يرتِّقُ الظما

وضحكةً عذراء

فوقَ سِنٍّ خَجُول..

طافت على شفاهك الحوّاء

يعمِّدُها الصدا...!

 

 

مساءٌ ناعسٌ

عيناكِ ..

وتنهيدةٌ في القلبِ تضطرِمُ

وما بيننا....

جيشٌ من الصمتِ

وطلاسمُ لا تُفَكُ مغاليقُها

فتنتشي من خبايا تلذذها

شِفاهٌ وتترجِمُ

وما علا ثغرَكِ من شهدٍ

يذوب على الثنايا فيبتسمُ

في خافقي ألفُ جرح مكممُ

وفي أثر ِكلّ حرفٍ أنتَ ناطقُهُ

غنّةٌ من وقعها لا ترحَمُ

لحنٌ خرافي التلذذ

يا بوحكِ الشافي ..

يا عينيك لو تنظر...

مساءٌ ناعسٌ في أحشائه قمرُ

فَهُزِّي بجذعِ القلبِ

علّها تسّاقطُ تلكَ الجراح فتندملُ

وتعصرُ رحيقَ توهُجِها..

شُعاعَ وصلٍ يتخلَّلُ

شَوقي إليكِ يا دافئةً

فيكونُ المبتَغى

آياً من المواساةِ بها عيناك تبتهل...!

 

 

خلتني أنْ كُنتُ أبكي

لَمْ يَعُدْ غير وجهك

شيئاً أتذكّرُهُ

مُذُ غَيرتْ قَلبي النوايا

والطَّريقْ

... إليكِ لمـّا زلْتُ أذْكرُهُ

لمْ يَعُدْ في ذاكرتِي إلّا إيّاكِ رفيقْ

كُلُّها الأشَياءُ اكتستْ

حُلةَ النسيانِ

حينما لم يَبقَ لي

سوى وَجهِ حُزني من صديقْ

حِينما تَمَّ الفِراقُ

أتْعبَ النَّايَ لحنُ الفِراقِ

واكتسى الوجهَ لونُ الأُفول...

ثُمَّ قيل إنّه لن يأتيكَ يوماً

يَومها كانَ قَلبي يَعْزفُ نَبْضَ الخشوعِ

خلتني أنْ كُنتُ أبكي

كُنتُ أسْتَفْهِمُ عَنْ لونِ الدّموعِ

عَن مَذاقِ الصّمتِ في وَجَّهَ الشموعِ

عَنْ الليلِ

عن مَنْ أَوصدَ البابِ بمزلاجِ الرجوعِ

أَستَفْهِمُ عنْ منْ غابَ عَنْ مَذاقِ الوالهينْ

ثُمَّ ادّعاني...

واسْتراحَ تْحتَ أفياءِ السِّنِينْ

ثمَّ قالَ :

إنّها محضُ أمانِ

أَنْ للمنبعِ النّهرُ يعود...!

 

 

هذا فمِي  يضجّ بك

ضَلالٌ أنتَ أيُّها الرجلُ الخريفي

بلا جوهرٍ تسيرُ أو عَرَضِ

وأنتَ ذاكَ الوحيدُ  بعينينِ ساهمتين

وحزنٍ يطالُ قصائِدَكَ المحشوَّةَ بالخوفِ

ولحنٍ جريحٍ يرفرفُ بجناحينِ

يَطأنَ سماواتِ الـمُنى

وقلبَ امرأةٍ تَكرهُ الانتِظارْ ..

. . .

لسْتِ لي بِلاداً...

أيتُها المعلَّقُةُ  على مَدى الانتظار

أيَّتها الحضريةُ المتَوسِدةُ كَفَّ الرَّغبةِ

هذا فَمِي  يَضِجُّ بِكِ

يرتَعشُ كنسمةٍ شَماليةِ التكوين

هذانِ كفايَ يَسودُهما اصفرارُ التَّسكُعِ

وهما تَرتعشانِ

أو تَنسجانِ حبالاً  نحوَ وهمٍ أزرقَ

في أعماقِ دفترٍ قَديم .

. . .

ليسَ أَمامِي سِوى كَلمةٍ شَريدةٍ هي حَقلي النَّضير .

كنتُ أودُّ أنْ تَسمعِيها

متسكعةً،

تَسألُ عَنكِ البلادْ

 وتَسيرُ كما الريحٍ نحو الوراء

ومِن عُيونِكِ المكتظةِ بالسَّوادْ

تتساقطُ الذكرياتُ

والأماني المتهيباتُ

ولكنَّني لا أستطيع

لا أستطيعُ الفِكاكَ ، وعيناكِ الشَّهيتانِ

تُلطخانِ سُطوري بِوهَجٍ كالحريق .

. . .

أيتها المرأةُ  التي تستظلُ لهيبَ المدنِ القصيّةِ

وأصداءَ حوافرِ التَّمني

كم أقبلَ الليلُ...وأنتِ تضطجعينَ على ناصيةِ الحرفِ 

كأنَّكِ تتأهبينَ لخوفٍ أبديٍّ

وأنا في عُزلةٍ تكادُ تجتثُّ رمقي الأخير

فأحلمُ بكِ ، ودم يوهوهُ

 فتبكينَ كما  يَبكِي قلبي

ويداكِ البضَّتانِ يتلمّسْنَ نبضي

بخِنْجَرِ الوداعِ

فأيُّ غوايةٍ فيك لكي تَستريحْ

 وأنا....

أنا كطائرٍ  في وكْرِهِ ذبيحْ....!

 

 

أهداب لا تبللها الدموع

على هذهِ الدُّروبِ الحزينةِ كوِجْهي

تبُعثرني قَدماي

فأدسُّ  بينَ شفتيَّ سِيجارتي النحيفةَ

أخيطُ من دُخانها

وجهَ نبوءةٍ وسماءً نقَّيةً كقلبِ أمِّي

أراوغُ شمسَها بالظلالِ

 فأرسُمُ غيمةً لأبوحَ لها بسِريَ العتيق

فأنا أعرفُ كيفَ أحدِّثُ الغيمَ

في الخريفِ... وفي الشِّتاء

 فيسقطُ الودْقُ

 على رأسي فيهتزُ ويَربو  وَطنٌ بِصَدري

وأصعدُ على سَفحِ الملالِ

لأبلُغَ  تاريخَ انتصاري

و أقذفُ ما تبقى من أسَفي

على ذُرى الغيم الفُسيفسائي

و كعاري الزهرِ في منابتِ اليباب

تشرئبُ عُنقي

 فمتى تنبتُ لنا

أهدابٌ لا تبلُّها الدُّموعُ،

ويضحك في وجهِ صُبحِنا ربيعُ الخلاص؟

 

 

توبة

أتوبُ،

وقلبي يأنفُ التَّوبا

فكيفَ الصَّبرُ عنكِ؟

وبعدُك عنِّي غدا أوْبا

وكأنَّ زهرَ الحقولِ تفتَّقَ

عن الطلّ الشقيّ عِشقاً

فأزهرَ الدربا

وتهيّجتْ نُطفُ الأشواقِ

واكتظّتْ لجاجاتُ السنينِ

وتحتَ خِباءِ الوجدِ ينقضُّ منكبَّا

من بؤبؤ  العينين شَغفي

فتتلجلجُ الأشواقُ مائيةً سكبا

وتارةً تموءُ من وجدِ صَبابتِنا

عذريةُ المسِّ

والأغصانُ  رطبا

لكنّما كنتِ أمنيةً

حبانيكِ  الزمانُ

فالتذَ زماني بكِ صّبا

مولاتي !إنه ليسَ فِسقاً

ما براني

 فمسائي ازدانَ  بكِ عُجبا

فاختلطتْ عليّ الجهاتُ

ورأت عينايّ نَصبا

وصارَ الزفيرُ  شَهيقاً

وصارتْ جنوبٌ لي غَربا

وصارتْ فراشاتُ الدُّنيا بأجمعها تقول

 للصبحِ: ها هُنا

زهرٌ فَلُذْ بالزهرِ يا صبحُ

واحتسِ كاسَاتِكَ العَذبا     ..

 

 

وحدةٌ

أغلقتُ بَابي، وقلتُ: لا رفيق...

 يَطرقُ البابَ الصموتْ

 لا شيء غَيرَ أناتٍ تموتْ

تحتَ أضراسِ الهدوءِ الأنيقْ

ولقدْ سمعتُ إذْ سَمعتُ

وأنا على شُرفاتِ الوسَنِ

وقعَ أقدامٍ وصوتاً رقيقْ

وإذا الطريقُ الساكنُ في عُتمتِهِ

على حَفيفِ عِطرِها يَستَفيقْ

وإذا النافذةُ والبابُ الصامتُ

وإذا بي أنا بانتظارٍ على قارعةِ الطريقْ

هي قد تعود ؟ربما .....ربما عادتْ

فانتعشتْ أغصَانٌ حفَّها وبْلُ السكونْ

وأسّاقطت أثمارها ، كاسَاتِ خَمرٍ

على طاولةِ الصَّمتِ العَميق...!

وقفة متأملة

قِفْ على ناصِيَةِ الحُلُمِ

وحَدِّقْ بأنحاءِ السَّماءْ

وتملّى نجمةً تُزهرُ

كوجهها....

لكنَّما هَباءْ

كلُّها الأمَاني هَبَاءْ

وذاكرةٌ يَسْتَنزفُها وَهَجُ الاشتياقِ

تقطر الأيام صديدها

وتسفُّ اللوْمَ

في حَومَةِ احتراقِ

ومن قبيل التمني

المضرجِ بالخوفِ

تعدك الليالي قلقا

وتسرقّ النوم..

وأنت في افتراق

عنها..

أيَّها المغفَّلُ شَغفاً

لماذا تّتَخَبَّطُ في جَوفِ ذاتِكَ

تَتَوكأ على ظلِّها الهُلامِي

تُغادِرُ نَفْسَكَ إليهَا

 وإليْهَا تَتَوَسَّلُ خُطَاك

لعلَّها.... سَتَكُونُ هُناك..!

أينْ....؟ وأنتَ لا تَدري أينَ هُناك!

 

 

ظنون

كَادَ يُرْدِيكَ اَلْغِيَابْ

 وَيُوصِدُ دُونهُمُ اَلْبُعْدُ أَلْفَ بَابْ

 وَأَنْتَ فِي انْتِظَارٍ وَأَنَاةٍ

 تَخِيطُ مِنْ وَهْمِ اَلظُّنُونِ

 إِلَيْهِمُ طَرِيقًا مِنْ سَرَابْ...

 

 

لا أستطيع

خُذْنِي فِي اَلْخَفَاءِ...

 إِلَى مَجْهلِكْ ،

 وَطُرُز لَيْلِيَّ اَلْحَالِكَ بِوَهَجِ مَلَاحَتِكْ

 أ فَمَا عُدْتَ . . . تَعْرِفُنِي ؟

وَأَنْتَ إِلَى اَلْآنَ تَحُزُّ بِمُدْيَتِكَ رِقَاب اَلْأُمْنِيَاتِ

بـ ( بِأَنَّ . . . لَا أَسْتَطِيعُ )

وَلَعْنَةُ اَلِانْتِظَارِ تَسَابِقَ خُطَاكَ . . .

 نَحْوُ مَوْعِدِ لَنْ يَكُونْ . . . !

 

 

نورسةٌ من نور

قَافِلَةٌ مِنْ نُجُومٍ لَا تَنَامْ

 يُدَنْدِنُ حَادِيهَا

 بِأَغَانٍ عَنْ لَجَاجَات اَلْغَرَامْ

 وَأَنْتَ فُؤَادٌ عَاشِقٌ فِي سَرِيرَتِهِ

 أَلْفُ ذِكْرَى وَذِكْرَى

 وَالْقلبُ دَلِيلَهُ ــ فِي لَيْلَهِ ــ إليك

 وَوَجْهُكَ قَارُورَةُ اَلْأَيَّامْ

 يَدُورُ عِطْرُهَا فِي مَدَارِكَ اللؤلؤي

 فِيسَاقَطُ فِي اَلشَّفَقِ اَلشَّهِيِّ

 نُورَّسَةً مِنْ نُورٍ …

 وَجَسَدُكَ رُوح يَحُومُ حَوْلَ آنِيَّةٍ اَلزَّهْرِ،

 يِغَّاوِي وَجْهِي كَهِلَالِ اَلْعِيدِ،

 كَوِسَادَةٍ قِرْمِزِيَّةِ اَللَّوْنِ؛

 عَلَى حَافَّاتِهَا تَتَدَلَّى هَمْسَةٌ تَقُولُ :

لَوْ أَنَّهُ يَجِيءُ.... لَوْ أَنَّهُ يَجِيءُ؛

 لَأَحَمَرّتْ شِفَاهُ اَلْفَجْرِ

 بِسَرِيرِهِ اَلتَّمَنِّي وَالِانْتِظَارِ . . .

 وَأَسْرَفْنَا فِي أَمَانِينَا بِلَا حَلَالٍ . . . أَوْ حَرَامٍ . . . !

 

 

على عَجَلٍ نأتي

عَلَى عَجَلٍ نَأْتِي وَنَغْدُو ،

 وَالْأُمْنِيَاتُ... سَرَابْ

 وَبَيْنَ يَدِي أَقْدَارِنَا نَدُورُ حَزَانَى

 وَأَشْرَفُنَا يَصِيرُ لِلتُّرَابْ

 وَكُلَّ مَا اِدَّخَرْنَاهُ نَهْبًا

 يَصِيرُ بِأَيْدِي اَلِانْتِهَابْ

 فَأَيِّ عُمرٍ مِنْ وَجَعِ اَلتَّمَنِّي؟!

 وَمَا مِنْ شَيْءٍ أُنَقِّيهِ إِلَّا...

 حَفَّتْ بِهِ مُزْنُ اَلْحِرْمَانِ

فَأَحَالَتْهُ لتَبَابْ

 وَرُوِّعَتْنَا اَللَّيَالِي بِحَاضِرِينَ فِي زِيِّ اَلْغِيَابْ

 وَأَرْهَقَتْنَا مَخَالِبُ اَلْخَوْفِ وَمَا اِنْثَنَيْنَا

– بِيَا لَيْتَ وَأَنَّ سَوْفَ نَكُون – إِنَّ ثَنَّتْنَا

فَضَجَّ اَلنَّدَى مَطَرًا

وَهَاجَرَ اَلْعَجْزُ وَانْقَشَعَ اَلسَّرَابْ . . .

وَصَارَ اَلْجَدْبُ خِصْبًا

وَالْهَوَى حُلْمٌ مُسْتَطَابٌ . . .

 

 

غربة

أنا الغريبٌ..

والكونُ منفاي

أهدرتُ سنيني

 في ملاذات التمني

وعلى جسرِ الأسى

ذرفت قلبي دما،

وبعثرتني خطاي...

ما أفدت من فهمِ الأمورِ

ولا انتفعتُ بطولِ صبري

وخرجتُ من كل شيء

خالي الوفاض

مكبلا بألف آه

ومع أحزاني أحزانُ سواي...!

 

 

الدرب صديقي

منذ وقت لا يحدُّ

وخطاي -من أمل-

 تُقلّاني على مهلٍ .....

لدربٍ أحدِّثهُ، ويحدثني

 صديقي الدربُ إليها

كم حدَّثتهُ عنكِ وعنها

عن إمرأة ملبدةٍ بالجفاءِ ،

عن سماواتٍ يرتقنَ غيميَ الأخضر

ببرقٍ ووجومِ

عن تلك التي لا تعرف أنَّ للدمِ

ضحكةً ، وحقلاّ يزدهي بالورود

وأن عينيها عصفورتان، لكنهما

ليستا كمثل العصافير

 ففي كلٍّ ليل تأتيان مع النور  حفيفاً رهيفاً

 أعذبَ من أغاني المساء

ومن شدوِ نايٍ

يُسكر  القمرَ البعيدَ ،  في دوّحَةِ السماء

وليس من أملٍ هناك

في لقاء ... سوى

أنَّ أملاً هناك..!

لكنّهما تخبوانِ....

عنوّة تخبوانِ....

وخلفها يظلُّ يعتّق الليلَ الطويلَ

لسهرةٍ ظمأى....

فؤادٌ  ناهد الخفقانِ..!

 

 

ولا أراك هناك

يتملَّكُني عشقٌ قديم

أغادره فأجده فيَّ مقيمْ

من جُرْحِه تبكي كلماتي

وصوتي  واهن وجسمي سقيم,

أتسوَّلُ الطُّرقاتِ إليهِ

فلا الطريق إليه يدلني

ولا المساءُ البهيمْ

كنت مع الريح ركضَتْ

 في ليلِ منفايَ العقيم

فارتعشتْ في حانيات  الضُّلُوعِ  نبضةٌ

وبينَ العيونِ الفاترات ومضة

ها هنا وأشارت نحو  (الشَّمالِ),

ها هنا تتدلَّى كعناقيدُ النجوم

فترتعشُ الكلماتُ

تحاصرُها شهوةُ التمنّي

ومن حولي أرى يديك ..

كقُضْبانِ سِجْنٍ تحاصران

اغترابي...

فيتوهَّجُ في قلبي ضياء

فأرى .. ما أرى!

ولا أراك هناك...!

 

 

وحيد

لماذا أنت وحدك؟

تعبر الخوف بالخوفِ

ونصلك معميّ

والدرب محض احتمالاتْ

وأنت وحدك تسألُ:

أن كيف نجوتُ

برغمِ ما كان وكنت ...و برغم هذا الشتاتْ؟

كم مرةً قلتها..

المرة الأخيرة

كدتَ تهوي في دهاليز خطيرة

أو قد تهاويتُ

لكنَّه قدر  حاباك به  بين جنبيَّك

فؤادٌ ظلًّ يسقيكَ اليقينَ

وظلت تُروى..

فطرت بأجنحةٍ كسيرة!

..........

ثمُ أدركْتَ

ومن فرطِ التأني....

أوشكتَ أن تغدو لا تبالي

إنها فكرة جوفاء

تهلهل نفسك...

 تودها أن  تستميتْ

تدافعُ عنك وعنها بضلال

وإذا ما عبرتَ أتون الانتظار

أدركت كم كان صعباً

ذاك القرار....

...................

على هذه الدنيا السلام

قالوا الحقيقة... لا حقيقة

وقد كان صعباً

على هذه الحقيقة

أن تسأل ...!

وقد كان صعباً أن يُجابَ السؤالْ

فممن  نحن نعاني ؟

فتجيب الليالي

 مكسورة هي الروحُ

متعبةً

وأنت كنت تحتاج كفَّاً

تهدهدُ أوجاعَك

وتنئيك عن  هذا المحال...!

 

 

كلّ مراتها لئام

مبتلّةً بالصمت فكرتي

وشمسي حاك ملاءة حولها الظلام

وقبل آخر سورة عانقتُها

فأومأت أن لا حلال في وصلها أو حرام

ورمتْ في جعبتي فكرة شمطاء

لمـّا قفوتُ ألملم أشلاء الكلام

كانت تتحدثُ  أنها قد أسفرت عن وجهها

وهرّت بجذع  نخلةٍ عاقرها الجدب

فتساقطت في شغبِ الجحيم؛

عذوقها حشفاً..!

وهباء...

وتلك أولُ مرّهْ،

وتلك آخر مرةٍ....

وكل مراتها لئام..

تمر يداها  فوق حقل الضلوع .....

فتخدشه ألسناً من لهيب غيها

فما ألفته مخضرّا

أنجبتُ  فيه  طيرين من وبل وحمام

فسال من كف  ضراعتها

كالقطران هسيس نزوتها

فتجتاحَ عُتمَ الوقت  .. 

فما أشقى عناقها .!

وأما ما أوحت به من هوى!

دنيا لا عليها السلام...!

 

 

هاربا منّي إلي

هاربا منّي إلي..!

تتبعني مثل ظلّي... 

في ظنوني ...في قسوتك عمدا عليّ...!

....

بالأمس

رأيتني يحملني ظلي ظلا

على الرصيف

أعزل.... بلا أسف

يمرغ ناصيتي بالتراب

وكان ظلّي ينحني

يتمتم بتعويذة الانتشاء

...

كنت كل الذين أحبهم

ألا تكتفي لتكف عن وجهي كلّ نوافذ النور؟!

...

لم يبق لي صديق

سوى الذين أكتبهم

على سيقان شجرة الحلم

فما اختاروا

لأشجارهم شمسي ولا هواي.

.....

كلما مر وجهك

ترتبك عيناي

وتعدل عن النظر إلى سواك

لم تحصد عيناي من سنا الحقول

إلا بيدرا من قمح الضلال

ووسادة تحتكر نواميس التمني

وفكرة شبه عرجاء..

عن امرأة تغيب في دجى السؤال!

 

 

عود على بدء

فلنعد نحو البداية

 إن جاز لنا الاختيار

وإذا ما اخْتَرْتُ

سأختار دربا أُسَافِرُ فيه إليك

وقدْ لا تُؤدِّي إليك ،لكنها  تُؤدِّي إِلَى عالم

سأُعلَّقُ ظِلِّي عَلَيه

شَرِيداً  علا كلّ غُصْنِ ظِليل

وأستمطر الضوء على زهرةٍ تموءُ

تتبع رَائِحَةَ البللِ، وَهْيَ جذلى تشرئب إلى غَيْمةٍ نائيةٍ

عنْدَ سّفحِ الظهيرةِ تقول لها:  تَعَالَي إِليَّ

اسْمعيني نبضك، وتنسمي مِنْ رَحيقي

اشْربُي نَبِيذَ خطاياي،

ولا تَتْرُكيني - وحيدة مُتْعبَهْ- ألوذ بي

فليس في العمر بقيةٌ

تسعف الانتظار....!

قارورة

قافلةُ من نجوم لا تنام

يدندن حاديها بأغانٍ عن  لجاجات الغرام

وأنتَ فؤادٌ  عاشقٌ في سريرته

 ألفُ ذكرى وذكرى

والهلالْ...دليله في لَيلهِ

 ووجهكِ قارورةُ الأيام

يدورُ عطرها في مدارك اللؤلؤي

فيسّاقط في الشفق الزئبقي

نورسةً من نور…

وجسدكٍ روح يحوم حول آنية الزهر

يغاوي شغفي

كهلال العيد

كوسادة قرمزية اللون

على حافاتها تتدلى همسة تقول:

لو أنه يجيءْ

لو أنه يجيءْ

لأحمرّت شفاه الفجر

بسريرَهْ التمني والانتظار....

وأسرفنا في أمانينا

بلا حلالٍ.... أو حرام..!

 

 

سَأَكُونُ مَعَكْ

 تَقُولِينَ لِي :

سَأَكُونُ مَعَكْ . . .

زَهْرَةً فِي كَفِّ رِيحٍ وَعَيْنَايَ مَرْتَعَكْ . . .

أَوْ نَدَبَةً مِنْ حَنِينٍ صَاغَهَا اَلشَّوْقُ خَاتَمًا فِي إِصْبَعِكْ . . .

سَأَكُونُ مَعَكَ

بِلَادًا تُنْجِبُ اَلْأَحْزَانَ زَهْرَةَ نَرْجِسٍ

 وَأَكُونَ لَكَ غَيْمًا يَتْبَعكْ

 ضَاعَ يَا أَنْتَ اَلدَّلِيلُ ...

وَكِلَانَا يَخْشَى . . .

وَهَذَا اَلْفِرَاقُ،

 وَعْدٌ يَقْضِ مَضْجَعكَ . . .

 

 

اقتراح

لَا تَدَعُنِي هُنَاكَ

إِذَا كَانَ لِي مُتَّسَعْ

 فِي سَرَابِ اَلْأَمَانِي

بَيْنَ أَجْدَاثِ اَلْوَجَعْ

 وَخُذْنِي إِلَى مَضَائِفِ اَلْمَلَالِ

 مَشُوقًا لِرَائِحَةٍ أَشُمّهَا عَلَى أَرَقِ اَللَّوْزِ

يَخْنُقُهَا اَلسُّؤَالُ

فَأَنَا وَإِنَّ تَعَذُّر وَقْتِي

فلِي مِنْكَ ذِكْرَى

نَوَافِذِهَا نَأيُكِ

 مَعَ جُلِّ اِعْتِذَارِي . . . للْمِطَالِ

 

 

مَنْ لي؟

مِنْ لِي يَدُلُّنِي بَيْتُكِ أَيْنْ ؟

 لِأَحْمِلَ كُلِّي عَلَى كُلِّيّ بِلَا قَدَمَيْنْ

 مِنْ لِي يَمْنَحُ عَيْنِي وَهَجاً

 كَيْ تَرَاكِ بَعْضَ طَيْفٍ

 أَوْ مَا بَينَ بَيْنَ..

مَنْ أَنْتَ ؟ ! .

 وَكَيْفَ لِي أَنْ أَشْرَحَ كَيْفًا لَا يُدَانِيهُ كَيْفٌ وَلَا أَيْنْ ؟

 أَنْتِ رُوحٌ تَجَرُّدٍ كَيَّفُهَا

وَاحْتَوَتْهَا صُورَةٌ أَلْقَتْ ضَلَالاً فِي اَلْمُقْلَتَيْنْ

 فِي فَرَاغِ اَلْأَشْيَاءِ شَيْءٌ لَوْ تَبْدّى

 كَانَ كُونَا قَدْ تَغْشَى اَلْخَافِقَيْنْ . . .

قل لها: عليك السلام

وَأَنْتَ كَتِلْكَ اَلسَّحَابَةِ اَلْمُقْبِلَةِ

 بِعَيْنَيْكَ اَلشَّرِيدَتَيْنِ ،

وَأَنْتَ كَالطِّفْلِ..

 مَهْوُوسٌ بَطَلَّتِهَا

وَعَيْنَاكَ تَكْتَنِزَانِ صُورَتَهَا بِرَغْمِ اَلسِّنِينَ

 وَأَنْتَ أَيُّهَا اَلْحُزْنُ اَلْمَاثِلُ سَوَادًا بِعَيْنَيْهِ

 قَلَّ لَهَا: عَلَيْكِ اَلسَّلَامُ

 وَأَنْتَ يُعَبِّر بِكَ اَلدَّرْبُ إِلَيْهَا

يَسْأَلُ عَنْهَا زُهْرَة اَلنِّسْيَانَ ،

 يَسْأَلَ عَنْهَا أَرَقَ اَلْكَلِمَاتِ

قَلَّ لَهَا : لَا اِمْرَأَةً إِلَّا أَنْتَ

 تُجَالِسنِي فِي مَقْهَى اَلْأُمْنِيَاتِ

 وَلَا شِتَاءٌ يَمُرُّ دُونكِ يَضُمُّنِي

 أَكْثَرَ مِنْ قَلَقِكِ

 أَكْثَرَ مِنْ صَمْتِكِ اَلْعَارِي

 وَأَنَا أَشْعِلُ لفَافَتِي بِغَوَايَةِ اَلْبَائِسِينَ

وَأَنَا أَمْسُّ تَجَاعِيدَ اَلدَّرْبِ

وَاللَّيْلِ مُرْتَبِكٍ اَلْخُطَا

 وَالْغُبَارِ اَلْحَزِينِ ، يُرْخِي رِحَالَهُ عَلَى وَجْهِي

 حَيْثُ لَا نَجْمٌ يُطَالِعُنِي؛

فأرسُوْ وَحِيدًا عَلَى مَقْعَدٍ اَللَّا اِنْتِظَارٍ . . .

 

 

هل نعودُ؟

سلاما...

عليكِ بينَ القصيدتينِ سلاماْ

كتبتُ في أحداهُما أنتِ أنا....

وانثنيتُ في الأخرى

أنْ أعكِسَ الكَلامَا

وما بَينَ عاشقٍ ماتَ عشقاً

وما بينَ مغرَمٍ ماتَ غراما!

هذيتُ بكِ وأنا هنا بينَ سُطورهِما...

وهذيتُ - بي - وأنا هناكَ مَنْفِيٌ

وفِي كِلا الحالتَيْنِ  أرَى  أنْتَ المُخاطَبُ

وأرَى أنَّ كَوْنِي بِلا أنْتِ اضطِرامَا

وأنَّ كونَك ليسَ لي فِيهِ مَنْفى

وأنَّ كَوْنِي أنا نَائِيَةٌ أنتِ عَنْهُ إلّا لُمَامَا

فيا أُمنِيةً في جَوفِ لَيلٍ

تَعُودُ بِي أدْراجَ حُلمٍ عَقيمٍ 

هَلْ نَعُودُ كَمَا عَادَتْ سَفينُ أوديسيوس,

وبِنلوبُ أ في ظلِّ انتظارِ

ها....هَلْ نَعودُ ... ؟

ولَوْ عُدْنَا ..

هَلْ نعودُ للفرارِ...؟!

 

 

لمي بقاياي

عَلَى وَهَجِ اَلسِّنِين

 لِمَيْ بَقَايَايَ

 وَانْثِرِينِي فَوْقَ جُنْحِ اَلِاحْتِمَالِ

 ثُمَّ نَامِي وَاُحْلُمِي أَنِّي نَجَوْتُ

مِنْكَ يَا أَغْلَى خَطَايَايَ ،

 وَاُهْرُبِي إِنَّ شِئْتَ عَنِّي

 وَامْسَحِي مِنْ ظِلٍّ تَغْشَاكَ رَغْبَتِي فِيكَ،

 وَمُقَامًا لِهَوَايِ

 فَيَا أَوَّل اَلسَّطْرِ وَيَا آخَرَ اَلسَّطْرَ

 أَكْتُبكُ لَأَعْرِف أَنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَحْبَبْتُكُ أَنِّي أُحِبُّكُ .

 ثَمَّ غَيْبِي؛

 لَأَدْخَلَ فِي جَسَدِ اَلتَّمَنِّي

 شَغَفًا مِنْ هَدِيلِ اَلْحَمَّامِ

 وَغَيْبِي لَأَعْرِف أَنِّي أَتقرِىْ فِيكَ مَوْتِي ،

 لَأَعْرِف أَنِّي مَازِلْتُ أَتَحَسَّسُ نَبْضُكَ فِي مَجْرَى دَمِي

 وَسَأَبْعَثُ حَيًّا لَوْ مُقْلَتَاكَ غِيبْنَنِي

 غَيْبِي لِأُحْصِيَ فِيكَ أَقْصَى ذُنُوبِي

 وَشَكَّلَ اَلْغِيَابِ

 غَيْبِيٌّ لِأَحْفِرَكِ مَجْرَى لِرُوحِي

 اَلَّتِي غَرَبَتْ فِي مَجْرَى أَسَايَ

 وَحَطَّتْ عَلَى كَتِفِكِ . بَعْدَمَا كَلَّتْ خُطَايَ . . .

 

 

على خطا جهلي

لا تتركيني

لمي بقاياي

وارجعيني مثلما كنت طفلاً...

وانفضي عني  خطاياي

وتمادي بالفراقِ

وكوني غيمة في سماي

 وإن شحّ منك قطرٌ،  سَيَدّاركُ ظلكِ بعضَ هوايْ

 ولومي إن شئت لومي

 فأنا السائر جهلا نحو منتهاي

 وعلى خطا جهلي عمداً أراها تسير خطاي

 فهل كانَ حظّي الرضوخَ تذللا؟

 وهل كان حظي هذا التوهجُ في دمايْ ؟

 وهل كان حظي

 أني أموتُ شوقا

وتصير أمانيي شدوَ ناي ؟

كبر الحزن يا رفيقتي

وأنا كبرتُ

وقَد كَبُرَ الحزن يا رفيقتي

خمسون عاما مضين

فصارَ اللظى بياضا

علا العارضين

وما مِن مواسٍ سوى

كلمةٍ تسقطها الأنامل على الورق

وذكريات نَساها الرفاق ......

تستيقظ آناء الليل .. وأطراف النهار

إذا أنت لست وحدك... والدليل

أنّ  صمتك  الدليل ...

وطريقاً في الليل يدلك

إلى حيث المنتأى ...

وأنت والغياب .!

 

من أنت بعدي؟!

من أنت بعدي وبعدك من أنا؟

ليل غريب

مقفلٌ بصبح ينهضُ وهِنا

 من غُموض الانتظار

عَلَى  عتبةِ الاندحارِ

مِنْ عتْمةٍ في النفس

 ألقاها الليل في عينِ  الْوَرْودِ،

مِنْ ماء عينين ما مسهما السنا

 من نديف علا شفتيك

منْ صمتك الراعش بين مقلتيك

من عطرك المخبوء

 في جذع صفْصافةِ حلم نأى

خائفاً منْ أن يُذاع

 على مسمع الزمان الْحسير

أيُّها الصمتُ كُنْ زاداُ للْغَريبِ

كن له خير أنيس

كن له في الليل جليس

دلّه أَيْنَ الطَّريقُ إليها؟

علّه فيك يراها

أيها الغيْبُ .. قل لها:

لَا قلْبَ للحُبّ تسْكُنُهُ

غير قلبي الذي أوصد دون الغير

واحتواها....

 

 

هذا عالمي

حين كنا لا نعرف الخطيئة

وكنا ننام إذا ما جنَّ الظلام

وكنّا نلتحف فطرتنا

ونحدق في نجمة بعيدة

ونفكر أن كيف يأتي الصباح

وأن كيف ينقشع الظلام

وكيف تختفي النجوم

كان السلام نعمة طويلة الأمد

وكيف كانت النساء

ومثلما  تُستظل نخلةٌ

نخيلا كلهن كانت النساء

لم نعرف الحلال  بعد والحرام

 ولم نكابد الحب والعناء !

وجدتي  والصغار كانت

تعدّ الحكايا كالرغيف

وكان للرغيف طعم شهي المذاق

وكيف كنا كما الفراش

نحوم حولها وأمي تدسُ قرص العجين

 في تنورنا الوهاج

ونبل بالبلالة الرغيف...

وحين كان السراب محض ماء

والتل في أرض جدي شامخا كما الجبال

والدرب نحوه كانت بعيدة

تحفها الأشباح والدغال

وبيته القديم مستودعا لعالم الجن والخيال

والنهر هذا العالم المخيف .... 

محض حياة كانت الحياة

كفكرة توحي للشعراء بالرؤى

حيث الطفولة السمراء

هذا عالمي : قبل أن أغدو أسيراً لمسرح الحياة

حاضنة الفتات !!

لقاؤنا محال..!

في الساعة الخامسة والعشرين نلتقي

حينما لا يكون هناك

صبح أو مساء

حينما لا تكون هناك

أرض أو سماء

سنلتقي تحت ظل من سراب

في زمان نصفه العمر

في مكان حله هذا الخراب

في هامش الارتباك

في متن نص

يتبع الغاوين

في ضواحي مدينتنا  التي تهرب من أي لقاء

بالأمس سنلتقي

 في يوم صائف

مثل اوراق متساقطة

نعانق وجه السماء

في ذكرى لقانا الماتع

في ظل جفن دامع

 نلتقي

 لنراكم بقلب خلي

 

 

هو انشغال

مَا زلتَ مَجهولاً ، أتقراك

وفيك أفكّرُ

وأجوبُ ليلي إليك

متسائلا أتحذّر

أسائلُ عينيّ عنك

أن كيف شغلتني

وأورثتني قلقا بحجم الكون

أو أكبرُ...

يا سارقاً نبضي ولستَ بسارقٍ

لكنّما... هو انشغال فوق ما أتصوّرُ

فبي منك إليك سؤالٌ

أخشى منك لو أجبتهُ

وهل من جواب لما فيه يفسّر

أدمنتُ محظور الهوى

ولقيا بلا لقاءٍ به أجاهرُ

فلو أن ليلي يعدُّ خطاي

إلى حيث .....لا أنت

لأضل العدّ وهو يعتذرّ

فلستَ تدلّني... ولستُ لحوحا

وبغير هذين لا الحال يتغيّرُ

فيا هامساً بالوصلِ

ما أبقى لي  الجفا

سوى أنّة بها أداوي الجوى

وأبررُ.....

 

 

قدّيسة.......

 على شفتيك ألف وردة تموء!

وموسم الأقحوان على البابِ

كأيِّ موسم...

وفي البالِ ما شئتِ من ندى مطير

فهل أغادر احتمال الانتظارِ

متسلقاً رغبة المواسم... إليكِ؟

إنها أمنية فحسب

و لَمسةٌ من ظهيرة التشهي؛

تطوّقُ الظلال..

فأي صلاةٍ حولَ كعبتك

تنحني فيها  خشوعا..

 ضلالتي فلا تمانعين..؟!

أيا سنديانة التمني  ...

هل من جديد؟

فتوصلينَ ظلَّكِ  بظلّي...

فشتاؤنا الطويل

لا يبسمُ عن ربيع الخلاص

وأنت مُخضرمةُ العرائشِ

يتكئُ على جذعك المسفوح عطرا

عاشقك الوحيد

مكورا يديه؛ وبإلحاحه العجيب يتساءلُ:

منْ ذا يعرف سرَّكِ ولا يعشق الانتظار......؟!

 

 

ربّما

قَدْ نَعُودُ مُثْقَلِينِ

 بِصَمْتٍ مَلَامِحُهُ كَالْقُنُوتْ

 قَدْ نَعُودُ عَاجِزِينِ نَقْطِفُ مِنْ نَبْعِ اَلْكَلَامِ

وَرُبَّمَا نَصْمُتُ حَتَّى يُقْنِعُنَا اَلسُّكُوتْ

 وَرُبَّمَا تَقْوَى مَلَامِحُ اِغْتِرَابِنا

وَرُبَّمَا مَا عَجْزُنَا عَنْهُ مَاثِلاً بِدَرْبِنَا يَموُتْ . . .

وَرُبَّمَا يُسْمَحُ لَنَا بِالْحُلْمِ أَنْ نَضْحَكَ

 أَنْ نَبْكِيَ أَنْ نَكْتُبَ اَلْأَفْرَاحَ

 عَلَى عَتَبَةِ بَابٍ

أَوْهَى مِنْ بَيْتِ اَلْعَنْكَبُوتْ

 رُبَّمَا اَلْحَيَاةُ لَيْسَت اَلْحَيَاةَ

إِنَّمَا هَلْوَسَةٌ تَشْتَكِينَا أَوْ نَشْتَكِيهَا

فِيهَا لِلدَّمْعِ ضَلَالٌ

وَمَا قَدْ تَبَقَّى مِنْ أَمَانٍ رُبَّمَا

زُهْرُها أدماهُ السّكوتْ . . . !

إلى أينَ؟

1.   

إِلَى أَيْنَ ؟ فَكُلُّ اَلدُّرُوبِ مُجْدِبَةْ

إِلَى أَيْنَ ؟ وَمِنْ ذُا تُصَاحِبهْ ؟

 إِلَى أَيْنَ ؟

كَانَ قَدْ أَضْنَاكَ اَلْمَسِيرُ

وَأَتْعَبَتْ لَيْلَكَ وَشُيِّعَتَ كَوَاكِبَهْ

 وَعَنْ كُلِّ اَلْوُجُوهِ

نَزَعَتْ اَلْقِنَاعَ وَكَشَفَتَ مَا كَانَتْ تُوَارِبهْ

 إِلَى أَيْنَ ؟

 سَوْفَ تَقُودُكَ يَا هَذَا اَلْخَطَا

 وَذِي أَقْدَامُكَ مُتْعَبَةْ . !

2 .

إِلَى أَيْنَ ؟

سُؤَالٌ يَلِحُّ وَتَفِرُّ عَنْكَ اَلْأَجْوِبَةْ

 وَتَأْتِي بِلَا رُوحٍ مُبْهَمَاتٍ

 تِلْكَ اَلْوُجُوهُ اَلْخَرِبَةْ

 فَتُعَرِّي نَفْسَكَ لِلرِّيحِ ،

وَتَقَاطِيعُ وَجْهِكَ مُغْضِبَةْ

 وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِ اَلْمَلَالِ

 وَتَعصِبُ يَدَيْكَ عَلَى جَبْهَةٍ مُقَطِّبَةْ. .

3.

وَيَغْدُو اَلسُّؤَالُ مَلُولاً

وَتَبْقَى ( إِلَى أَيْنَ ؟ ) فِكْرَةً هَارِبَةْ

وَتُتَمْتِمُ لِلرِّيحِ؛

 لَعَلَّ اَلرِّيحَ تَحْنُو،

 وَتَقُولُ لِلَّيْلِ : مُتْعَبٌ ؛ مِنْ يَا تُرَى أَتْعَبَهْ ؟

وَلِمَاذَا أَغْرَقَتْ تِلْكَ اَلْحَيَاة فِي يَمْ اَلْحَيَاةِ مَرْكَبَهْ ؟ !

 وَلِمَاذَا قَدْ أَحَالَتْهُ هَشِيمًا ؟

وَهُوَ يُصْغِي لِرِيَاحٍ أَتْلَفَتْ زَرْعَهُ

حِينَمَا آتَى أَكْلُهْ

 أَلَّا هَلْ تَمَّ مِقِيمَاتِ اَلْحِسَابِ،

 أَوْ أَنَّهُ عِقَابٌ لِذَنْبِ مَا اِرْتَكَبَهْ ؟

 

 

اشتياق

أشتاقُ إليكً... أو ما تدري..؟

ويَخذلُنِي في أنْ أصبِرَ صَبْري

وأحاولُ ترتِيقَ الأشواقِ

بأغنيةٍ أو ببيتٍ من شِعرِ

ما سِرُّكِ - قولي لي - يا امرأةً

أشهى من نَفَسٍ يتأجَّجُ في صَدرِي

يا نشوةَ خَمرٍ عتَّقهُ على مَهَلٍ

حانيٌّ لا يَصحُو من سُكْرِ

يا أعذبَ  من ماءٍ تَرقبُهُ

عَينُ الصَّادي لكنّه فِي أعْمَقِ بئرِ

يا شوقَ  فراشاتٍ أبرحَها الشوقُ

لحدائقَ تزدانُ بأبهى الزَّهْرِ

أأقربُ منكِ أم أبقى بَعيداً

أتُمانع أن تبقى بخياليَ تجري ؟

فأنا روحٌ محفوفٌ بالعطش

من ينصف روحي فما أدري

ما حاولتُ بأنْ تبقى فجوةُ

صدٍّ بيني وبينكَ يا ذائعَ سرِّي

فأنا يُغريني أن تبقى كشهيقٍ

وزفيرٍ هذا وِترُك وذا وتْري

فأحسُّك حاضرةً ما بينَ الأنفاسِ

هذا يعلو ويهبط هذا كالعطرِ

قَلقٌ من قبلُ ومن بعدُ فأنا

 ما كنتُ أعرفُ من سبَّب ضُري

أ طيبةُ قلبي يا سيّدتي كانت؟

أمْ جهلي سببٌ فيما يَجري؟

سأعودُ بلا جدوى أعاتبُ قَلبي

من حيثُ أتيتُ وسأدمن  صبري

وسَأصْفحُ عن قبحِ العالمِ

منتظراً أنْ ألقاك كما الفجْرِ..!

 

 

لي أرقُ الندى

1.

مِن دونكِ ذنبٌ أنا لا يُغتَفَرْ

ومن دونكِ يوميَ نحسٌ مُستمرْ

وفي عينيكِ لوْ صادفنَني

تفتَّحَ أفقُ الحياةِ وانثالَ نَدىً

ضِياءُ القمرْ...!

فأحصِيكِ نخلاً، وأحْسَبُ أنِّي أُحصي النُّجومَ

ونيفاً من الأعوامِ مرَّتْ بعدَ خمسين

تجشَّمْنَ القهرْ

وأحْسَبُ أنِّي أَحْصَيْتُ

شَغَفي وبَوْحَ اللَّيلِ وتهتُ أعواماً

في مَنافي الدُّربِ... إليكِ أأتزرهَا فلا تُؤتَزرْ 

فأحْصَيْتُ أنِّي صَدىً

ردَّدهُ صوتٌ مُنكَسِرْ

وتَهْدلتْ في أبَدِ الأيْنِ أجْفَاني

وهذا  الأيْنُ ابتداءٌ، وانتهاءٌ

كمسٍّ من سَقَرْ؛

بالأمْسِ داعَبَني طَيفُك، فمددتُ إليهِ يديَّ

مُسْتعذِباً زَلالهُ،

فـتلوّنَ وجْهيَ المصفرَّ مِن غيثه

وكنتُ كهشيمِ المحتضر

فليَ مِنْكِ ما تَرَكَ الليلُ منْ أرَقِ النَّدى

عَلى حَانياتِ الزَّهرْ

وبَعضُ ما حَمِلتْ مِنْ قَلَقِ الدُّروبِ

خُطايَ فَتاهَتْ ولاتَ حِين مُسْتَقَرْ؛

2.

ناجيتُك مِراراً

وعلى عَجَلٍ

ألقيتِ رواسِيك ناقِمَةً

وعَلى أَربعِ الجهاتِ غَنَّيْتُكِ مَوْالاً

 في نَشْوَةِ لَيْلٍ

شَذّ عنها من أعْوادِها وَتَرْ؛

و في تيهِ خَلاصِها ألفُ أمنيةٍ

وما ضمَّهُ القلبُ من وجِيفِ؛

وما مسَّدَتْ على شَعْرِها يَداي

فَفَاحتْ بعَذَابٍ أوْ نُذُرْ...!

 

 

لا إلاك جلّاسي

يَا سَاكِبَ اَلدَّمْعِ قَدْ أَفْسَدَتَ كُحْلَهُمَا

 عَيْنَيْنِ قَدْ أَغَرْقَنَنِي فِي لُجَّةِ الْيَاسِ

 حَتَّى مَتَّىْ ؟

خُذْ بِيَدِي مَا قلَّتُهَا إِلَّاكَ مِنَ اَلنَّاسِ

لَوْ قِيلَ : مِنْ جلَاسُ صُحْبَتِكَ ؟

 قُلَّتُ : لَا إِلَّاكَ جلَاسِي . .

يَا مَوْطِنَ اَلْوِدِّ مَا اَلْوِدُّ إِلَّا حَيْثُ إِينَاسِي

 حَيْثُ سِرُّ اَلنَّفْسِ فِيمَنْ هَوَتْ

 وَأَنْتُمْ مِنْ أَنْتُمْ ؟ !

كُلُّ اَلْوَرَى مِنْ جِنٍّ وَنَاسِ

مَا حَنَتِ اَلنَّفْسُ إِلَّا لَكَمُ،

 وَلَا أَرَى بِغَيْرِكُمْ صَبْرًا عَلَى الْبَاسِ . . . !

 

 

نفحةٌ

في آخرِ الأفُقِ

يداكِ البارِدتانِ

تلوحانِ للقادمِ البعيد

يداكِ خلفَ أُفقهما

سورانِ من حديد..

وفي متاهةِ الظنونِ

يُحدّقُ وجهُكَ المستعار

كأنّ مقلتيهِ تعُدّانِ النجوم

وأنتَ في وضحِ النهارِ

فتخيطُ من ملحِ الجفاءِ

رؤى تجمدنَ فوقَ المدى

حكايةً كالقتارِ

فهل تخنِقُ صوتَكَ عبرَةٌ

تتفجّرُ الأنفاسُ فيها

ويخبو في انكسارِ

صوتُك الذي يهذي بها بانبهارِ

و.... ألا ليتَ

وهلْ ليتٌ سوى أنّةٍ في قرار ....؟

وهل ليتٌ سوى

زبدٍ تزفرهُ شاسعاتُ البحارِ

من دجى... أو ردىً ينامّ في أصدافِ محّارِ

أتبلٌّ صداكَ ليتُ؟

وأنتَ في فُسحةٍ

أوسعُ ما فيها ليلٌ لا يطلُّ على نهارِ

فتوشكُ أنْ تنفضَ عنكَ المدى بوسعه

وتوشك أن تزهرَ كالنضارِ

وتوقظُ قلبكَ بانتشاءٍ

وبعد جدبك تزهو باخضرار...

فما هي إلا نفحةٌ

يأتي بها غدُ الانتظارِ...!

 

 

بنا شغفٌ

هو الحنينُ

يتشكَّلُ كغيمة لا تمطرُ

مَنْ ذكرى تبناها وهمٌ حاضرُ

من أسئلهٍ ليس من إجابةٍ لها تُستحضَرُ

مَنْ ريق لم يُبَلُ صداهُ

 وعرقُ التمنيّ ناطقٌ لا يجهَرُ....

من صديد الهواجسِ وهي تخبو

 بليت وعسى وأشياء... أخرى لا تُذكر

فيا إلهي الصبرَ ... وأنت الذي لا تُنكر

إنّ جنوننا لا يبررُ .....!

 ****

نتخطى المدى؟

ونحن بلا جنحين

وبنا شغف لو أنا نطير...!

وعوداً على بدءٍ أسائل نفسي:

متى – وعلى شغفٍ بي – أغازل توبةً

 من لظىً بهما أستجير....؟

فأنا في مغزل الأيام

 خيط نابض بخفوت توجسي

وفي معزوفةِ الحزن موال ضرير....

 

 

رغبة لا تنتهي

أُرَاوِغُ فِيكَ رَغْبَتِي

 وَأَهْمِسُ فِي سِرِّيّ لَذِيذَ اِشْتِيَاقِي

 وَأُنَاضِلُ بُعْدَكَ بِنَارِ لَهْفَتِي

 وَأُهَدْهِدُ اَلْقَلْبَ بِلُقْيَا أَوْ عِنَاقِ

 وَأَغْلَقَ بِالصَّمْتِ كُلَّ ضَجِيجٍ

 فَأَنَا فِيكَ مَرْهُونٌ بِصَبْرٍ أَتَجَرَّعُهُ

 وَقَلْبٍ لَا يَقْوَى عَلَى فِرَاقِ

 فَمَا زَلَّتُ طَارِقًا بَابَ وِصَالِكَ مُتَلَهِّفًا

وَقَدْ نَطَقَ اَلصَّمْتُ فِي أَعْمَاقِ أَعْمَاقِي

 أَيًّا غَائِبًا هَلَّا تَعَوَّدُ؟

 أَمَّا عَلِمَتْ أَنَّ اَلْبُعْدَ مَشْفُوعٌ بِالتَّلَاقِي . . .

 

 

صرخةُ حزنٍ

وحينَ رأيتُكَ فوقَ الرمالِ صريعاً

برأسٍ تخضّبهُ قانياتُ الدم

ذبيحٍ علا الرمحَ يُتمتِمُ بالصلواتِ

وكنتُ رأيتُ خيالاً لأمّي ...

وكنت رأيت بأنّ أبي قد أتاك

وجدّى يجوس خلال الظَّلامِ طريقاً إليك

صَرَخْتُ وقد ضجّ حولي ظلام الفلاة

بجفنٍ سخيٍّ يفورُ رمالاً وريحْ

ويجهش نهرُ الفرات

دموعاً فيبدو  كجفنٍ قريحْ

ولما دنوتُ....رأيتك جرحاً كبيراٌ

 تعمّد فيه هنا ألف سهمٍ..

وسيف ورمح هناك...

أرادتْ لها أَنْ تنال حظوظا

ومجدا فذاقت ذليل حياة

وأنت ارتقيت تنادي بقلب الحتوف:

إذا الأمر ــــ إلاّ بقتليَ  ـــ لم يستقم

أيا كُلَّ  تلك السيوفْ...

 

 

هذا أنا

1.

أبيتُ في مَنْفَى حُلُمِي

تقتاتني السيوفُ نَحْراً دَمي

وعَليَّ كُلمَا أشْفَقَتْ

إزْدَانُ مِن أَلمَي....

2.

راوَدَتْ دَرْبِي خُطايْ

عَنْ حُلُمٍ فِي ثَقْبِ نَايْ

كُلَّمَا نَفَخَتْ لِلْبَوحِ فِيهِ

ذَبُلتْ مِن هَوْلٍ شَفَتَايْ.

3.

هَاْ قَدْ نَأى الْفُرَاتُ

تَسْخَرُ  الرِّيحُ مِنْهُ

حَسْرَةً  أنِّي فِيْ قَلْبِهَا

- تَنْقَدُّ نيَاطُ الفُؤَادِ-

آهِ لَوْ بُلَّ ذَاكَ الصَّدَى.!

لامْتَلأ الكَوْنُ حُبّاً وَحَيَاةْ..

4.

أنْزِفُ الرَّمًقَ الأخِيرْ ..

وَبِيْ أَلْفُ جُرحٍ يَلُوذ

لَبْوَةٌ حَوْلِيْ والضَّمَادُ أَسَىً...

وفي عيْنِها بشرى مؤجلة

فِي كَفِّ رِيْحٍ جسُوُرْ....

5.

وكَما خلتني كَميًّا فَوقَ أَقتابِ القَنا

تَدلني رؤايَ والأحزانُ تُنشَدُ ..

وفي هَودجِ الأوجَاع

زُفت جِراحُ القلبِ بالعَنا

وأنا أبيتُ خلفَ جِسْمٍ

 بِهِ الجِراحُ تَحْتَشِدُ

6.

ما زاغَ البَصَرُ ومَا طَغى

طيفُ حبٍّ

على أعتابِهِ اسْتَعادُوا

سَمْعَ الخوافِي

والرقادُ ..

هجعةٌ فيها لظىً...

7.

أنا الأنينُ في قافلةِ البواكي

خرسٌ عَنادله

والسامِعُ الشًّاكي

لم يشعرْ بهِ من أحدٍ

قمرٌ دارَ بين أفلاكِ...!

8.

من يطفئ لفحَ الجراحِ

من يقدّ  من سحائبِ الآلامِ

صبحاً في وهجِ البطاحِ

فأنا مجازاتٌ  من الوجع

 زُرعَتْ في أحشاء الرياحِ

وسرت حلماً شفيفا

ولاذت في سّرى الأرواحِ....

9.

يا لرحْلتي الطويلة...

طوقتني - ما لَها عَددُ - شِفاهٌ وعُيون.....

تعاقِرُ الوجعَ المدسُوسَ في  عُنُقِي

وأنا جَسدٌ فَوقَ الفَلاةِ مُرمَّلُ

ورأسٌ يَدورُ في الطُّرقاتِ

على أقْتَابِ رُمْحٍ يُحمَلُ

خَارجيًّا صرتُ بزَعْمِ الطُّغاةِ

يا لَها مِن دَعوَى ضَلِيْلَةْ...!

10.

كلّما جاش في النفس شوقٌ للبكاء

كنتَ أنتَ المقصود  بأكنافِ الرجاءْ

كلَّما احمَرَّ أفقٌ في العيونِ

كانَ دليلاً أنْ دِماكَ لوَّنَتْ أفقَ السَّماءْ

أيَّها المقتولُ ظلماً

لم أُجِدْ  فِيكَ العزاءْ

إنّما هذا مَقالي قَدْ رَجوْتْ فيهِ وَصْلاً

أوْ  بَعضَ شَيءٍ مِنْ وَفَاءْ....!

علّي ألقاكَ شَفعياً إنْ أدبرتْ هذي الحياةُ

وعزّ  يومها لُقيا الشُّفعاءْ...!

 

 

سارَ القطار

سار القطار....

وأنت لم تزل في انتظار

تعانق عيناك أضواء المحطة

و أصوات  تجود بها القفار

متناهية إلى سمعك أصداؤها البعيدة

وأنت في رحلتك الجديدة

مسافر بلا رفيق

وحقيبتك الوحيدة ذاكرة ملئ

بما اختطه الزمان في دفتر العمر المرير

فهل تظل تخيط من الذكرياتِ شراعاً

للضفة النائيةِ؟

أيسعفك للوصول؟

 وريح ما عاتيةٌ تثير موجاً وسحاباً

أنا مثلك يا صاحبي

أزرع الحب في كل نواياي

في سديف الظلام شعاعا

في متاهات الدروبِ....

في النائيات من خطاي

فأعود مشرذما

يدبُ في دمي ضجيج

ونوحُ ناي

وفي سدى ظمئي

أبرر لهفتي بين راحتيك عاشقا

فتطفي ظماي

 فكيف لي أن أعبر خريفاً

أو أبرح نجما توضأت  بضوئه

لصلاة مقلتاي

والشتاء على بابي غامقٌ الخطا

 ينطق بالتشهدِ بلاوعي

فيتحشرج البوح، وأنا تخضِّبني الذنوب

تزجّ بي إلى حيث منتهاي

وكأنك  موعد لن يكون

في لا وعيّ ذاكرتي

في أسئلتي الخافرة في كينونتي وأنا

أخضِّبُ الحزنَ متكلف المعنى

فأشتاقُكِ شريدَ النوايا في منقلبي ومثواي

فكيف لي أن أستدلّ عليَّ

وأشحذُ هامَتي بوجهكِ

وأستوقفُ الدَّربَ منكفأً لكي أُبقي بقاياي

فلا أعرفُ أيني أنا ..

ولا قرأتُ لكِ وجهاً

ولا اختصرتْ أسئِلتي لهفتَهَا فأشتقُّ لي حُزناً يجايلني

كأنَّني غرّ من صِباي.

 

 

لا انتظر أحدا

1.

بكلتا يدي

سأوصد بابيَ خلفي

 فلا وقت  للذكريات

ولا لحلمي القديم حتى....

سأدخل وحدي بلا أنا القديم

وأشرب نخب نسيانك صرفا بلا نديم..

2.

أضعت نفسي

ويممت وجهيَ شطري

وقلتُ لي: إشرب نخب اليأس

ولا تنسَ أنك حلقت بعيدا

صوب الهاوية.

3.

هممت بي

ثم حلمت بك

وإلى الآن لم ينتهِ حلمي !

فروحي الحرة ما زالت

 تعاود السقوط كل ليلة

وفي رأسي حلم مبتور.

4.

ألبس وجهي كل صباح

اضع ابتسامة من نوع ما

 وأعصب رأسي بفكرة هوجاء

ولا أنتظر أحدا

5.

أنا من سلالة من طين

من سلالة غاوية

جذبتني – بلا توقف - نحو انفراج

ملطخ بشهوة رعناء

فمنذ الغواية الأولى

صرت أخصف

من حيائي عليّ  ورقا من شجرة زيتون

لا شرقية ولا غريبة

لأهتدي من ضلاليَ القديم...!

 

 

آهٍ يا... أنا

1.

في كل حرف أو كلمة

أستجمع أشتات طيف غاب في تعرجات الفراغ...

وكأسراب طيور لا تهاجر،

يسترخي ألمي

ومن ثقوب ماضٍ عتيق

تقضّ مضجعي ذكرى

لتقضمني إذ تستفيق..!

 2.

وأنتِ يشتهيك الصَّباح زهرة

وعلى أنغام أغنية تذكرك بنشوة ما

تحتسين نظراتي

فلماذا لم أعد أحتملُ رائحة  الغياب

وأنت تحتسين نخب الوداع  تباعاً..

3.

أنا كعود ثقاب مبتلّة  بفكرةِ الاشتعال ذاكرتي...

نبذتني ذاكرة الخوف

لتحليني فراغا منقوعاً بخيبة الانتظار

لا لون لي سوى وجه تعمّد باللامبالاةِ

تستنزفه عينُ الترقب على دروب لا تؤدي إليك...

4.

ما أحوجني  لعودةٍ ما

لأنزع عن ظلّي تشرذمه ..

فلا مطر....عطِش سنبلي 

وشمسي تحتضنها عتمة الاتقاد،

و ليلي مسكون بسهاد الأمنيات...

5.

 يا لهذا الرأس المحشو بكِ

بألف فكرةٍ صماء كالحجرْ

آه  لو أني أقدر على نسفه

لجعلته متسربلِاً بالشرود أو بنوافير الضجر ..

6.

آه يا أنا

لم أعد أصلحُ إلّا لي

ففوانيس السُهدِ 

تعانق قلقي العتيق في مساحة الضوء الضيقةِ...!

 

 

تساؤلات

مالونُ عينيكِ؟ أأنسانيهِ الغيابْ ؟

أم أن ظلا ألقاهُ عليهِما كثيفُ ضبابْ؟

أم أنَّهما بالفجرِ اكتحلا

فرانَ عليهما  النَّدى ظِلا مِن أُرجوانٍ

أتلكَ بَسمَتُكِ؟

 أم أنَّ فَجراً ألقى على الزهرِ النَّدى

فاكتحلتّ عيونُ الوردِ بِضاحكِ الألوانِ؟

أتلكَ التي عَلتْ اكتافَكِ نَافِرةّ خُصُلاتُ شعرٍ

أم أنها تمثلاتُ أفعُوانِ...

أنار ورد تلك التي على الشّفتينِ

يَطمسُها ضوءٌ بعينيكِ

يستدلُّ بهِ كلُّ حَيرانِ...

أم أنّها حرقةُ ظامئ

فاستحالت مثل نيران؟

 

 

محطات

1.

أبداً...

في دهاليز الذاكرة شيء لا يمكن أن نستحضره !

2.

على باب بيتك القديم..

تركت عيني معلقتين إلى الأبد !

3.

هنا  ...

كتبت اسمك بحروف من لغة لم تنطق بعد

ورفضت أن يقرأه غيري  !

4.

ظلك والليل توأمانِ

كلاهما يمحو كذبة النسيانِ !

5.

أحسُ بك الآن

ماثلة بين الآن والآن

تدفع بك إليّ موجة التمنّي

 وأنا أتأرجح ما بين كان وكان....

6.

تلك المرأة

فتشت بين طيات أحلامي

عن وجهها في حقيبة الانتظار

وحين تمكنت منّي

استعجلت المغادرة، وقالت :

لا تتعب نفسك !

ثم أشارت   برأسها:

إنك تضيعني ها هنا !

وتلاشت مع الغياب

7.

هناك

يا لعطركِ ....ينبئني

أن ذكرى هناك تحترق !

8.

قلت :

دعتني وتراخت

دموعها إذ ودعتني

ثم احتسانا الفراغ....

9.

في كل مساء .....أطالع الدرب إليك

ولكي أخاتل نفسي

أطالعك كل مساء....

10.

إليك وأنت تتأملين الصباح، في تفاصيل الورود

في فنجان قهوتك المرّة !

قبلات بلون البنفسج....

11.

القهوة خمرة من نوع آخر

فاشربها؛ كي تترنح بين أمواج السكر

في قعر الفنجان !