يأبى الشاعر المصري محمود فرغلي إلا أن يجعل من لحظة العبور مشهدا تمتزج فيه السخرية المرة برغبة الشاعر في توصيف بليغ لمفارقات مجتمعية يراها من زاوية مختلفة وهي نفسها التفاصيل التي تحدث يوميا في كل الأزقة والشوارع و"كوبريهات" المدن الشاعر فرغلي صاحب مفتاح وحيد وحجراتٌ عدّة وسريرٌ لفردين، توج بالعديد من الجوائز التقديرية ولا زال يؤمن أن الأدب يقدم رؤية وجودية للإنسان.

مناجاة

محمود فرغلي

 

مولايَ

حَنانيكَ،

فمثْلي لا يَملِكُ إلا قَدمَيْهِ،

فلا سيارةَ لي تَتبخترُ فوقَ الأسفلتِ،

ولا مقْعدَ لي في البَاصِ المشحونِ المشلُوحِ

من الفجرِ إلى الفجرِ.

وأنا وحدي

هَرِمٌ

 تدفعُهُ الحَاجَةُ

للشارعِ

ما ثَمَّ حَبيبٌ أترفَّقُهُ،

لا نهرَ تمرَّ عليهِ لكي تُحييَ رُوحي نسمتُهُ،

لا شجرَ تبتَّلَ بين يديكَ أُحيّيهِ: صباحَ الخيرِ،

                                 (أُعيذُ صبَاحَك أنْ يأتي بلا خيرِ)

لكأنكَ

حينَ تَمدُّ ذِراعَيكَ الفَارعتينِ -برفْقٍ-

ترشقُ أسياخًا في ظهري

أو تحنو عليَّ حنوًّا لا أفهمهُ،

لا بأسَ

حنوّكَ هذا كم بلبلَ فكري!!!

مولايَ

وغايةَ سؤلي

أأناجيكَ

ولا أسمعُ إلا أصداءَ الباعةِ،

ورجالَ الشرطةِ يجرون، ويجرونَ ... فأجر ي

  أحسبني لصًا أو شحاذًا أو فأرً ا أو...

لا أدري ...

لكنك وحدَك من يدري

أأسيرُ إليكَ/ عليكَ

وتتركنُي 

لرجالِ مرورٍ   لا تعرفُ قَدرَكَ إذْ توقفُني،

وتُفتشُ كلَ جُيوبي

                             كي تكْشفَ عَورة َفَقْري

أو تتركنُي للشمسِ تُحمصُ ظَهرِي؟

مولايَ...

ولا حجةَ تحملنُي أن أَضْجرَ منكَ،

ولا أملكُ أن يُوغرَ صدري

فحنانيكَ

فمثلي

  لا يملكُ إلا السَّعي إليكَ،

أو السيرَ عليكَ

حنانيكَ  

حنانيكَ

أيا كلَّ رجائي،

 يا سيدَ أمري

           يا مولايَ

                             ...

                                          الكُوبري

 

 

- شاعر مصري