بلى ، بلى
فالطائر الأزرق،
هذا الشعب المُجنّح،
ليس مستعدًّا للنسيان
يهرب من الحشود
يتحاشى الاحتفالات
ها هو يطير
ويبتعد في تحليقه
دائماً
بعيدًا بعيدًا
بينما تُوَجَّه له اتهامات
الارتفاع !
…
إنّه خروج حملة
ضدّ أحقادٍ تلوح في أفق
أدغالِ المتوحشين
…………………………..
فوق
الطيارين والأسلحة
فوق
الدخان والدموع
فوق
الخُطب والأبواق
فوق
الصخب الأولمبي
………………………..
إنّه بعثةُ استكشاف
في رؤوس أطفال
مفصولةٍ عن الأجساد
……………………….
بعثةٌ تقتفي آثار قلوبهم
النُّسْغُ فيها وطلقاتٌ
من أجنحةٍ وآفاقِ المستقبل
…
مهلًا، مهلًا
فالطائر الأزرق
كما هو نداء الأرض
ترجع أصداؤه
في جذور الحياة
ضدّ أنغام الموت الخادعة
واغراءات الرقص
في الخُطب السامّة
——
الطائر الأزرق
لا تعوّلوا على إغرائه
فهو غير مستعِدّ لاستعطاف
غمْز النظر المثقوب
في القمح المفتول
ولا خشونة أصوات موسيقى
تقذفها بعض الحبّات المسمومة
—-
فقد راوده استماعُه النافذ
لِقهقهات النار ودماء الذكرى
بهواجس الزمن
نحّاتِ العقاب
سيفٍ مسلول يتوعّد المستوطنين
وسُرّاق المعبد
………
فهاهي الشعلةُ
شراراتٍ وارتعاشات
وها هي ذاكرتها
تنكسر
وها هو إرثها
يحترق
*******
لكنّ الشعلة تقاوم
فواجبها النجاة
من أجل غزة
هذه الإنسانية الممزَّقة
غزة غزة غزة
مخنوقة تبكي
آمالُها
الخيانات
تسعى الشعلة
جاهدة
للتذكير بجذورها السماوية
فتوقِظ ذكرى غزة
علّةَ وجودها
بينما هم
يرغمونها على أن تكون قناعًا
لِما تعجز الكلمات عن تسميته
اُصمُتوا !
اُترُكوهم يَقتلون !
اُصمُتوا
مرحى مرحى بالابادة !
النصر لِلسُّقوط !
لم تشبع الهمجية بعدُ من وحشيتها …
وترفع الشعلة،
جمرةً مخنوقة،
صوتَها الحزين بنشيد
يردّد صداه نحيبُ الكون
اِستمعوا، اِستمعوا
إلى هذا البكاء،
من ينوح ؟
أليست أرواحنا
ممزقة بصمت
الأنظمة المجرمة ؟
*******
أنظروا ، أنظروا هناك
هل ترونه؟
إنه الطائر الأزرق
دائما في السماء
يترقب الأعماق البعيدة
حيث مرقد الشهداء
بحثًا عن غد
تطوّر منذ زمان سحيق
واعدٍ بفلسطين
قَدَر شعلة
لن ترتعد أبدًا
أمام ثقب الغرب السوداء
المتعطّش لدماء الأطفال والنساء
*حمّودان عبدالواحد، شاعر عربي من فرنسا