(أمى: لا تهدرى الوقتَ فى الدعاء لى بالشفاء. (أنا نفسى كنت أتصور ذلك فى البداية) توقفتْ تلك العملية بعد إجرائها بأسبوعين. وقبل أن تكون جاهزة للاستخدام. نصحتْنى داليا بالذهاب للدكتور خالد الهنداوى, الذى أجرى عمليةً ناجحةً لرفاعى, مازالت تعمل منذ سنوات. لقد استُنْفدتْ كل الأماكن الصالحة فى ذراعىّ. ولم يتبق سوى حل وحيد، وهو ذرع وريد صناعى فى فخذى. كانت الأوردة مسدودةً تماماً, بسبب الجلطات التى تكونتْ من جراء تركيب القساطر فى المرات السابقة. سأواظب على التربيت عليها بالكمادات الدافئة. وعلى دهنها بالهيموكلار. حتى يظلّ وريدها غضاً, ومكتظّاً بالدم والحياة. الجمعة 30/6/2006 أنا متوتر ودائم السرحان وأشعر برغبة قوية فى الكتابة. وإذ بالمواضيع التى راودتنى بالأمس تهجم على الآن وتطن فى رأسى كجيش من الدبابير. يجب أن أفرّق أولا بين حالات الكتابة التى تأتينى الآن، لقد ظللت طوال عمرى ومازلت أعد نفسى ويعدنى آخرون شاعراً. الشعر والنثر وطنان مختلفان ومتمايزان.
ادعى لى فقط.. بألاّ تتوقف عمليّتى)
الساعة 9 مساءً
وتلك التى كانت تأتينى أيام كنت أكتب الشعر.
كل له ناسه ولغته وطقسه وأشجاره وثماره.
كانت هذه النصوص الثلاثة هي آخر نصوص منشورة يراها اسامة الديناصوري قبل رحيله المبكر عن عالمنا يوم الخميس الماضي 4 يناير. وأسامة الديناصوري من أهم شعراء قصيدة النثر في جيل التسعينات في مصر ومن أكثرهم تميزا وكان الشاعر قد أكمل قبل رحيله كتابا جديدا عليه كلية من حيث الشكل واللغة والبنية معا بعنوان (كلبي الصغير كلبي الهرم) وهو الكتاب الذي نشرنا منه نصوص العدد الثلاثة والذي يروي فيه تجربة معاناته مع مرض الفشل الكلوي، وعلاقته بأسرته وبكل من شاركوه هذه التجربة أو وقفوا معه فيها. وكان الشاعر عضو حركة كفاية وحركة أدباء من أجل التغيير. ولد أسامة الديناصوري عام 1960 وصدر له (حراشف الجهم) عام 1991، و(مثل ذئب أعمى) عام 1996، و(على هيئة واحد شبهي) عام 2001، و(عين سارحة وعين مندهشة) عام 2003، وسيصدر كتابه الأخير (كلبي الصغير كلبي الهرم) عن دار ميريت للنشر بالقاهرة. أسرة (الكلمة) تعزي أسرتيه، أسرته الصغيرة، وأسرته الأدبية الأوسع في فقدان هذا الشاعر الموهوب قبل الآوان.
نصوص