كم يجعلنا الشاعر نتحسس غموض هذه (المجبولة)!! فنسير معه متمهلين حتى نهاية القصيدة، كي نجد السكينة والهدوء! لقد استطاع الشاعر عن طريق قصيدة الشطرين أن يكون معاصرا في تصوير المشاعر الإنسانية، بلغة موحية، قريبة المتناول لفظا، متعددة القراءة دلالة.

مجبولةً عَزمَتْ

عـمار محمد اغـضيـب

 

لا تحفِلُ النفسُ إن قالوا فلا سكتوا

لا اللومُ ينفعها لا النُّصحُ يقتدرُ

 

تمشي على الدربِ إذ مجبولةً عَزَمتْ

يسمو بها أثرٌ يعلو فَيَنتصرُ

 

فَعزمها بائنٌ لا يكتسي وهناً

وأمرُها نافذٌ لم يُثْنِهِ الشزرُ

 

قد بانَ في حكمها الأقلامُ تأتِمرُ

فالجزمُ أطوار هاو السعيُّ مقتدرُ

 

تأبى المحاذيرَ في رأيٍّ يُعضِّدُها

مُذ بانَ للرَّبِ رسمٌ فيهِ يزدهرُ

 

لا تألَفُ السيرَ في نهجٍ يخالفها

دوماً بدا نهجُها يهفو له الظَفرُ

 

تصبو إلى عزمها مأمورةً عُرِفَتْ

في سعيها مَدَدٌ ومِنْه نعتبرُ

 

فما لأنفُسِنا طوعٌ يهذبها

أو تحتذي سَفَرَاً يقوده الأثرُ

 

فكلما أسفرتْ الأيامُ مُظهِرةً

قرْعَ الطبولِ إلى نصرٍ هوَ القدرُ

 

أرختْ زِماماً وكانتْ فيهِ مُعلنةً

عن تركِها الحسم يدنو ثمَّ ينتظرُ

 

جُلُّ الخلائقِ في أسرٍ إذا استمعوا

لصوتِ أفئدةٍ يسمو فينتشرُ

 

إلَّا قليلاً همُ عن سيرها ابتعدوا

في كلِّ أمرٍ إذا ساقتهمُ العِبَرُ

 

إذ أستَقَتْ مِنْهمُ الأقدارُ مشربَها

عند الهجيرِ وفي أسفارها قمرُ

 

سارتْ وأحمالها أيَّامُنا أمَدَاً

في مَشيها وَهَجٌ لم يُقصِهِ السَّفَرُ

 

تهفو إلى نغمٍ يشدو ليُسمعَنا

عند السكوتِ بِلحنٍ فيهِ نفتخرُ

 

بَعثْتُ في طلبِ الآمالِ أنشدها

أرجو وِداداً وفيهِ الشَّوقُ يُختصرُ

 

هذي المصائرُ تدنو من خواتِمها

إنَّ الوصالَ وفيرٌ باتَ ينهمرُ

 

يانفسُ قد بَعُدَتْ حتْماً منازلُنا

تمشي بعيداً عن الرَّجوى وتندثرُ

 

نرى غيامَكِ هذا اليوم إذ جَزَمَتْ

في حجبِ وافرِها مُذْ أقبلَ المطرُ

 

لم يبقَ في صبرِنا عزمٌ فننتظرُ

هذا الرجاءُ الذي يغدو فيَستَتِرُ

 

نصبو إلى أملٍ أن تُظهِري كرماً

في عِتْقِ أبصارِنا إن جاءها البَصَر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمار محمد اغضيب التولد: العراق - محافظة ميسان -  مدينة العمارة ١٩٧٦ التحصيل العلمي : بكلوريوس لغة عربية

المهنة: مدرس في المدارس الثانوية

- شارك في العديد من المحافل والمهرجانات والمنتديات الأدبية داخل العراق

 ورد اسمه في موسوعة الشعر العراقي الفصيح (١٩٣٢ - ٢٠٢٢)   من إعداد فاطمة بوهراكة

-  نُشِرَتْ له العديد من الفعاليات الأدبية من شعر ومقالات وآراء أدبية وسياسية في الصحف والمجلات الورقية العراقية وكذلك خارج العراق في الكويت (صحيفة القبس لمرتين) ، لندن ، الجزائر ، أستراليا