الشخوص: (الرجل يمسك بيد زوجته. يقومان ثم يجلسان على أريكة أمام المكتبة. الولد يحرك البيدق إلىd4) (المرأة تتنهد وتهز رأسها): سوف يأتي زمان تصير فيه أحلامنا مجرد أوهام كنا نتمنى.. (يمسك بكرسي خشبي ويجره بتمهل حتى يصير قبالة زوجته تماما ثم يجلس عليه) (الرجل): لم تعد الحياة ترضيني.. (المرأة): لم يعد الوجود يقنعني.. (الولد يهمس في أذن أخته): أبي يخون أمي.. (الولد): أبي يخون أمي مع امرأة أخرى تدعى الحياة.. (البنت): وأمي أيضا، تخون أبي مع رجل اسمه الوجود.. (الولد يعلق باستياء): الآباء يخونون بعضهم، والأبناء يلعبون الشطرنج. (البنت ترفع رأسها وتزم شفتيها بسخرية): آآآه.. (تحرك البيدق إلى a5) (البنت تميل باتجاه أخيها وتهمس في أذنه): ظهرت امرأة أخرى في حياة أبي.. (الولد يحرك الفيل الأبيض إلى e2) (الولد يهدد الحصان بحركة البيدق a3) (المرأة): أفكر في الوجود، حتى في نومي.. (الولد محتدا): لا.. أمي زادتها .. (الرجل): نحن نعاني من نفس المشكلة.. (الولد والبنت بدهشة واستغراب وبصوت واحد): أنهما يعرفان!!! (الرجل): لابد من بحث المشكلة بجدية أكثر.. (المرأة): أخشى أن تكمن مشكلتنا في عدم وجود مشكلة... (الرجل): كلا يا عزيزتي... أنتِ في مأزق... (المرأة تلوح بإصبع يدها الشاهد والوسطى معا): نحن في مأزق... (الرجل): سأجد مخرجا... (يؤكد) لابد أن أجد مخرجا... (المرأة تشيح بوجهها عنه... تسحب يديها بعنف وغضب وتصيح بصوت عالٍ وحاد): ماذا تقصد!!! (الرجل يهز رأسه ويلحق بزوجته): لا أقصد هذا النوع من القهر الإنساني.. (المرأة تدور حول زوجها وهي تهز يديها بحيرة): إذا ماذا تقصد؟.. (البنت): ولماذا لا يكون رجلا أخر. أكثر حزما وصلابة. (البنت): أبي دائما يشد الحوار إلى مناخاتة هو.. (الولد): ذلك أن أبي مشغول بالهاجس الإنساني الأكبر.. (البنت مبتهجة):لكن ذلك لا يخدم أمي.. (المرأة بيأس): مصير الأفراد محكوم بمصير أممهم.. (الرجل مستفـِّزاً): ماذا قدمتِ لأمتك؟.. ماذا قدمتِ للإنسانية؟.. (تشبك يديها على رأسها وتشده إلى الخلف): آآآآآآآآآآآآآآآآآه. أما من خلاص؟؟!!.. (البنت): ألا يستطيع أبي أن يقدم لها المساعدة؟. (الولد): حال أبي لا يختلف كثيرا عن حال أمي، ولكنه يتصنع الصمود.. (الرجل): يا عزيزتي الصوت مهزوز والصورة غير واضحة.. (الرجل): وأنتِ مرآة تعكس صوتي. (الولد): هل يمكن للصورة أن تعكس صدى الصوت؟. (البنت): أعتقد أن ذلك ممكن، حين يوضح الصوت شكل الصورة. (الرجل): صورة الوجود ليس بأكثر من صوت شكوانا. (الرجل): الحب، ضمير متحرك في كينونة الفعل الإنساني. (المرأة): إذن، نحن نستطيع أن نعبر عن وجودنا بالحب. (الرجل): أعتقد أن الحب ليس بأكثر من تابع للحنان. (البنت): أبي يحاول أن يكون مثاليا. (المرأة): لا تغالي في حكمك، لا صورة للحب بدون المادة. (الرجل): من يختار المادة، عليه أن يترك الحب جانبا. (المرأة): المادة تُملي علينا شروط الحب. الرجل إذن المادة تستطيع أن تلغي الحب. (المرأة تفكر وكأنها تشعر بالإحراج) (المرأة): لا وجود للحب بلا مادة. (المرأة): تبا لهذه الحياة.. كم هي عصية على الفهم. (الرجل): نحتاج لأكثر من حياة حتى نفهم الحياة. (المرأة): نعم. نحتاج لأكثر من حياة حتى نفهم الحياة. (يتجهم الولد والبنت. يهز الولد رأسه بأسف والبنت تغطي وجهها بيديها) (الرجل): نحن لم نختر حياتنا، فلم لا نختار طريقة موتنا؟. لم لا يكون موقفنا منها حادا؟!. (المرأة): اشعر بالعار حين تتحدث عن الموت. (المرأة): نحن مسئولون عما نفعله، فلم لا نفعل شيئا يستحق الحياة. (الرجل): إذن هناك ما يستق الحياة!. (المرأة ترتبك وتشعر بالحرج): دعنا نبحت سويا عما يستحق الحياة. (الرجل): أخشى يا عزيزتي أننا لا نستحق الحياة. (تضع رأسها على كتفيه وتشرع بالبكاء والنحيب. يضمها بعنف فتكف عن البكاء). (البنت تحرك الوزير باتبك وخوف إلى d6) (المرأة بصوت متحشرج): حنانك يعزيني. (الرجل بصوت هادئ وهو ما يزال يضمها): وأنا من يعزيني؟!!!!. (المرأة): أنت تشبع نهمي من هذه الحياة. حين تضمني بين أحضانك اشعر برغبة في المزيد من الحياة. (الرجل يتنهد): كل نساء الأرض لا تعزيني ولا تروي عطشي. (المرأة): تزول كل هواجسي عندما تشعرني أنني مرغوبة. (الرجل بصوت هادئ): امرأة واحدة لا تكفي. (المرأة): تضمحل همومي ويتلاشى قلقي عندما تلفني بين ذراعيك. (برهة) حنانك يكفيني.. يكفيني.. (تشرع بالبكاء. تشدّه بقوة. يحضنها ويضيع رأسها بين يديه)
الأب/ الأم/ الولد/ البنت
تنبني هذه المسرحبة للكاتب الأردني على إبراز المفارقة بين حوارات الآباء المهمومة بالواقع وإشكالياته، وكيف يتلقاها الأبناء بينما يلعبون الشطرنج الفعلي والاستعاري معا، وكيف تعكس تلك اللعبة الحالات المتناقضة لحوار الكبار، وتكشفها عبر مراياها الشطرنجية.
كش مات..!
مسرحية من فصل واحد