سحر طنجة/ المكان يحضر في نصوص كونية ويتلاقح في فضاء حواري حيث الثقافات المتعددة، هنا نص شعري جديد للشاعرة المغربية، تعيد من خلاله استنطاق تفاصيله ومجازاته واستعاراته حيث تتفتت الذات لتنصهر في اللغة لتمسي ذاتا مركبة متثاقفة.

Tangerina

نسيمة الرّاوي

.....

أَتَعَثَّرُ فِـي أَهْدَابِ حُلُمِي،

أَزْحَفُ سَدِيـمَةً،

طِيناً يَتَمَادَى فِـي الاغْتِرَابْ،

أُشَارِكُ صَوْتـِيَ الصُّعُـودَ،

أُغَنِّـي لِلْمَدِينَةِ..

 

(1)

أُهَدْهِدُ أَوْجَاعِيَ عَلَى سَرِيرِ الرُّوحِ

بِالْـحـُلُـمِ، لاَ بِالنِّسْيَـانْ؛

لأَنَّ طَنْجَةَ لاَ تَنْسَى وَضْعَ ذَاكِرَتِـي فِـي سَلَّتِهَا،

كُلَّمَا نَزَلَتْ إِلَـى الْـبَـحْـرْ..

 

(2)

فِـي طَنْجَةَ -بِخَرِيفٍ مَـا-

أَذْكُرُ أَنِّي ضَلَلْتُ طَرِيقِي إِلَـى الـنُّوطَاتْ؛

فَصَارَتْ تَعْـزِفُنِـي قِيثَـارَتِي عَلَى مَسَامِعِ الْمَدِينَةِ..

 

(3)

فِـي طَنْجَةَ،

تَطْرُقُ الرِّيحُ نَافِذَتِي:

أَدْخِلِينِي

 يَطِيـرُ فَرَاشٌ فِي الْـحُـلُـمِ..

 

(4)

هَلْ كَانَ عَلَى الرِّيحِ الْمُثْقَلَةِ بتَبَارِيحِ الشَّوْقِ،،

أَنْ تَجْرِفَ كُلَّ مَا يَدُورُ بِبَالِ الـسَّـتـَائـِرِ الْـحَـمْـرَاءِ؟

فِـي فُـنْدُقِ الْمَنْـزَهْ..

هَلْ كَانَ عَلَى الْقَصِيدَةِ أَنْ تَخْرُجَ لِلْبَلَكُونَةِ؟

تُدَخِّنَ صُوَّرَهَا..

أَوْ تُذِيبُهَا قِطْعَةً قِطْعَةً فِي الشَّايِ،

لِيَـرِانِي

وَيَرِى فَرِاشَاتِي..

 

(5)

فِي طَنْجَةَ نَمْشِي مُتَوَازِيَيْنِ

لِنَتَـقَاطَعَ فِي الْهَشَاشَةِ،

نُسْقِطُ السَّمَاءَ مُتَدَحْرِجَةً مِنْ جِسْرِهَا

لاَ لِشَيْءٍ،

سِوَى أَنَّهَا تَلْتَصِقُ بِالْـبَحْـرِ عِنْدَ اللاَّنِهَايَاتْ..

 

 (6)

رَأْسِي الْمَغْرُوسُ فِـي كَتِفِهِ سُؤَالٌ وُجُودِيٌ لِلْمَرَايَـا..

مَاذَا أَكُونُ لَوْلاَ انْصِهَارُ الشَّكْلِ فِي الشَّكْلْ؟

مَاذَا أَكُونُ لَوْلاَ هَشَاشَةً تَتَسَكَّعُ حَافِيَّةً

فِي شَوَارِعَ طَنْجَةَ؟

مَاذَا أَكُونُ ...؟

 

(7)

فِي طَنْجَةَ لاَ نَرَى الصُّوَّرَ الْمُتَعَدِّدَةَ الأَبْعَادِ فِي قَصَائِدِ لُورْكَا،

بَلْ نَشُمُّ مِلْحَهَا مَمْزُوجاً بِرَائِحَةِ الْـبَـحْـرْ..

 

(8)

فِي طَنْجَةَ يَخْرُجُ الْـبَـحْـرُ مِنْ قُـبَّعَةِ سَاحِرٍ

تَخُونُهُ خِفَّةُ يَدِهِ..

 

(9)

كُلَّمَا أَوَجَعَتْنِي الْحَيَاة،

أَذَبْتُ قُرْصَ شَمْسٍ

فِي كُوبِ بَـحْـرْ..

تَتَشَابَهُ الْـبِـحـَارُ عِنْدَ الْغُرُوبِ،

لِهَذَا تَحْضُرُنِي كُوپَـا كَابَانَا

في الْـپْـلاَيَـا..

وَرُبَّمَا لأَنَّ هُنَاكَ تَطَابُقٌ نِسْبِيٌّ

فِي تَأْوِيلِ الْغَرَقِ..

 

(10)

أَنْتَـزِعُ حَـوَاسِّي عَلَى دَرَجِ الْـبَـاخِرَةِ،

كَيْ لاَ أَتَبَعْثَرَ فِي الأَزْرَقْ..

أَنْتَـزِعُ بَعْضاً مِنْ شَرَايِينِي

كَيْ لاَ يَنْكَسِرَ زُجَاجُ قَلْبِي

مِنْ فَرْطِ الْحُبِّ

أَنَـا وَأَنْتَ، وَطَنْجَةَ ثَالِثُنَا

فِي الأَسْفَارْ

........................

 

طَنْجَةَ 2010

شاعرة من المغرب