إلى محمد عفيفي مطر
تنامُ القرى..
وطنٌ آخرٌ يتهشمُ في خاطري
وطنٌ متعبٌ يتصفح أقمارَه
وطنٌ يترحّل في ضفةِ الأمسِ
او ينطوي صامتاً
في مرايا الشعاعِ الأخير
تمرُّ النبوءاتُ
يرتحلُ الشعر ..
تعبر في صمته الشاحناتُ
يمر خفيفا بسرو الصدى ..
جوقةِ المنشدين ...
حوافِ الكلام ...
سماسرةِ الصيف ..
حراسِ ممكلة هرمت
وجنودٍ تهاوت أساطيرهم ..
ترجمانٍ يبلل كفيه من غيمنا ...
وطنٍ يرتقي ألما عالياً
كانتظارِ النخيل
لفردوس في خاطري بلدٌ ساطعٌ *
بلدٌ غامض .. خالدٌ .. ناصعٌ
بلد تتهاوى الفراشاتُ من غيمهِ
ويجول بعزلته شاعرٌ حالمٌ ...
ليبعثرَ أقداحَ حيرته بين ماءِ النجوم
لفردوس أغنيةٌ تشبه الريحَ ..
أمنيةٌ تشبه الخيلَ في عَدوِها
صوتها يعبرُ الليلَ
ينأى كوجهٍ بنافذةٍ
أو يرق كتلويحةٍ لقطارِ
ويسقط فوق سياج الشتاءِ القديم
لفردوس دفءُ الغموضِ
وصمتُ المحبين و العارفاتِ
ووعدٌ يبللهُ الحزن ُ
تمضي كعمرٍ من النسماتِ ..
تمر لباب الوداع ..
رنينُ النداءِ يشردها
ثم يرجعها الصبحُ للقمح . .
تمضي وراء مشاغلها
وتظلّ لخطوتها ألفةٌ تشبهُ النازحين
تنام القرى .. يشحبُ العشبُ
تخبو الشموعُ .. القصائدُ
يربكنا وقعُ أقدامنا
تتذكرنا مدنٌ فتضيئ ملامحنا
ثم نعبر في وطنٍ متعبٍ
وننادي الغيوم
مر بالأمسِ شاعرنا ..
حاور الليلَ فوق الضفافِ
وألقى الوصايا
فقلنا سيمنحنا نجمةً
أو قرى في المدى
سوف يعبر من بيننا
ويهز غناءً نما من خطى الراحلين
تنام القرى كالأغاني
وتهوي الفؤوسُ بأشجارِ ليل
تضللنا اللافتاتُ
وتعبر من بيننا الحربُ
دوما نقولُ لأصحابنا : نلتقي لاحقا
كي نمررَ هذا المساءَ الطويل
نقول :هنا مر شاعرنا ..
مزجَ الجدبَ بالمطرِ المستحيل
تشرب (الرملةُ ) النور*
تصغي لهمهمة الدور
سوف نقول لها: تلك أعذارنا
تلك أغنيةٌ لمرورِ الفصول
وترنيمةٌ لملائكةٍ في طريقِ الرحيل
وهمهمة النهر في حصة الرسم ..
ترتيلة الوردِ في شالِ (فردوس) ..
أنشودة السيرِ نحو الضحى ..
تمتمات الندى فوق توتِ الشتاءِ ..
ارتجاف الصدى .. ربما
فالصدى هو مأوى المغني الحزين
* فردوس: إشارة لقصيدة (فردوس بائعة البرتقال) أولى قصائد ديوان (من مجمرة البدايات)
*الرملة: رملة الإنجب قرية الشاعر