هو "الشاعر" الذي يستدعيه، شاعرنا السوري، كي يعيد من خلاله نقد حالات التيه المتجددة في تاريخنا العربي. مساحات الضياع ومساحات من عزلة الشاعر الذي يمضي وحيدا حاملا انكساراته ومختصرا حالات التيه والانكسار.

من سيرة ذاتية لامرئ اليأس

يوسف الحمود

 

فريداً في ضلالي عشت

إذ أسرفت في لذاتي الصغرى

ولم أسرج لثأر الوطن المسلوب

خيلاً من بلاغاتي

سأختصر افتضاح رؤاي

لست مهرجاً لبقاً

يبذر ضوء جمرته

ولست القائل المأجور

لست الشاعر الفاني

عرفت سوى مسيلمة

أهلت تراب مرثيتي عليهم

لا أشيخ رضى

ولا أعتد باطمئنان نيراني

 

أغامر في متاه العقل

أحدو ناقة الأزمان

من بيد إلى أخرى

رحى قيصر ترميني إلى كسرى

أجرد صوتي المفلول

أغمد كبرياء النفس

طي جراب نسيان

 

أخف كريشة في الريح

حين الشعر يعرو الروح

من آن إلى آن

 

غراب في فضاء الوقت

هذا المشهد الآلي

والشعراء كلهمو

"ذوو رمم"

من الشام لبيروت

ومن نجد إلى يمن

إلى مصر فجيبوتي

فتطوان

بلاد العرب أكفاني

غراب في فضاء الروح

هذا المشهد الآلي

هذا المشهد القاني

 

كأني سمك الصحراء أو أضغاث إنسان

 

شفاهي شرفات القلب

لكني وحيد مثل مئذنة

هزيل مثل إيماني

 

أقرتني على فلواتها لغتي

وحاصرني "وقوفان"

فمن بكاء أطلال

إلى بكاء أوطان

 

فهل منفاي ذاكرتي

وكم "هبل" خفي فيّ

كم "لات" مموهة بإتقان

 

هويت من ارتفاع اليأس

وانتثرت شظايا

من غراباتي وأشجاني

 

سأنتظر انتهاء الحرب

كي أقتص من حاضر أوهامي

فإني من بني "قحطين"

مصلوب على أخشاب حرماني

 

أتمّ فظاظتي

استفهامي الشعري:

هل أعولت بالفصحى بإحسان؟

وكم "ذي عار" في أيام شيبان؟

 

شاعر من سوريا