يكشف القاص الجزائري هنا في مشاهد مكثفة ومتحاورة عن صور متباينة للمرأة، تعدد فيها أدوارها ودلالاتها في حياة الراوي، ويتباين معها تأثيرها في وجوده.

في مهب الجرح

جهاد الجزائري

حورية من السماء 
انحنت كل الرؤوس لما رأتها ودارت كل العيون باتجاهها
أصلحت من شعرها، تمايلت في مشيتها وأبطأت أكثر خطواتها، فاح شذى عطرها في المكان داعب القلوب قبل الأنوف...
علت الأصوات في صخب
ـ يا ارض احفظي ما عليكي
ـ ما كل هذ ا الجمال
ـ حورية من السماء والله
رفع صوته في مضض
ـ وهل نحن متزوجون من نساء لا أبدا... 
ضرب كفا بكف لعن قدره ولعن بهيجة الخاطبة، أين كان عقله يوم وافق وأين كانت عيناه
أين...

شمس
فتح عينيه حدق في الشمس كأنه يراها لأول مرة كم كان نورها مختلفا ساطعا يتغلغل في روحه
تألم كم تغير العالم بعده كثيرا كل شيء تغير الشوارع، الطرقات، المنازل والناس لاشيء كما كان أبدا
أبدا...
نظر في عينيها نسي كل الماضي كل مامر من سنوات الحزن والغربة...
نسي سنوات الإعتقال وليالي السجن الطويلة
أمسكت يديه تحسس يديها ضغط عليهما كأنه يريد أن يتأكد أنه لا يحلم... كان يحلم...

رسالة
تناولتها ويداها ترتجفان خوفا وفرحا
دستها بين دفاترها بخفة وهربت مسرعة، تلاشى ظلها بين صفوف الطالبات كالطيف
استأذنت المدرسة في الذهاب للحمام ويداها تحكمان عليها كالكنز
انسلت بخفة بين الطاولات كالحمامة، أغلقت الباب وراءها فتحتها قرأتها وأعادت قراءتها أكثر من مرة احمرت وجنتاها وخفق قلبها حلقت عاليا في السماء...
استفاقت فجأة على صفعة المشرفة فهوت إلى الأرض منكسرة...

دمعة
حملها بيد قوية وبالأخرى حمل روحه إليها
ألقى نظرة سريعة كانوا يغطون في النوم كالملائكة، قبل جبينها كما يفعل دائما انحنى بين يديها لتمنحه بركاتها
رافقته إلى الباب ولسانها يشدو بأعذب الدعوات شيعته بنظرتها إلى آخر...
أغلقت الباب وراءه ارتعشت يداها أرسلت نفسا طويلا وبالهدب سكنت دمعة ترفض النزول...