"هو تقريبا متأكد" لأشرف عامر بالاسبانية

عن جامعة سان خوسي بكوستاريكا صدر للشاعر المصري أشرف عامر ترجمة لديوانه الشعري (هو تقريبًا متأكد) ترجمة ومراجعة د. محمد أبو العطا أستاذ الأدب الاسباني بكلية الألسن جامعة عين شمس ود. عمرو سعيد مدرس الأدب الاسباني بكلية الآداب جامعة القاهرة. الكتاب صدر ضمن الأعمال الشعرية التي يشرف عليها بيت الشعر وتصدر في إطار مهرجان كوستاريكا للشعر العالمي. وقد تم تقديم عدد من قصائد الديوان في عدد من مدن كوستاريكا في إطار الدورة الثامنة لمهرجان الشعر العالمي ما بين 7 ـ 20 من شهر مايو 2009. وفي سابقة هي الأولى قامت الجامعة بنشر الديوان باللغتين الإسبانية والعربية في كتاب واحد. كان الشاعر أشرف عامر قد تلقى دعوة لحضور الدورة الثامنة للمهرجان، إلاّ أن ظروفًا خاصة منعته من المشاركة في اللحظات الأخيرة، فقامت الشاعرة المغربية عائشة البصري (إحدى المشاركات) بإلقاء بعض قصائد الديوان في حفل افتتاح المهرجان وفي عدد من أمسياته نيابة عن الشاعر. والمعروف أن مهرجان الشعر العالمي في دورته الثامنة بكوستاريكا كان قد وجه دعوته إلى 17 شاعرا وشاعرة من المكسيك وفنزويلا وايطاليا وشيلي ونيكارجوا وإسبانيا وكوريا وكولومبيا وكوستاريكا وهوندراس وجواتيمالا وكوبا وايطاليا، بالإضافة إلى الشاعر أشرف عامر من مصر وعائشة البصري من المغرب.

وتعد هذه الترجمة هى الطبعة الإسبانية الثانية لديوان (هو تقريبًا متأكد) بعد التي صدرت العام الماضي في اطار مشاركة الشاعر في مهرجان الشعر العالمي في مديين بكولومبيا، بالاضافة إلى ترجمة انجليزية قام بها الدكتور جمال عبد المقصود. وتقوم الآن الشاعرة اللبنانية و المترجمة اللبنانية الدكتورة هدية الأيوبي بترجمة ديوان جديد للشاعر إلى اللغة الفرنسية بعنوان (كأنه يعيش)، وهو لم يصدر بالعربية حتى الآن ويصدر عن دار ايديلفر، بالإضافة إلى قيام الدار بنشر ترجمة فرنسية لديوان (هو تقريبًا متأكد) وفي سياق متصل تقوم الآن دار ميريت للنشر في القاهرة بإصدار الطبعة الثانية من الديوان، وهى التي كانت قد أصدرت الطبعة الأولى في يناير 2008. وللشاعر أشرف عامر سبع مجموعات شعرية، صدر منها ثلاث في طبعات متعددة وهى: (شبابيك)، (فاعلات ليلية)، (هوتقريبًا.. متأكد). وصدر منها ديوانان في نسخ محدودة وهما (فيما أرى) (اكتشافات الفراشة)، وتحت الطبع ديوانان، أحدهما بالعامية (حبة خردة)، والآخر بعنوان (كأنه يعيش). كما صدرت له مجموعتان شعريتان للأطفال وهما (اللون والخيال) و (نجارنا الفنان).

نقرأ من قصائد ديوان (هو تقريبًا متأكد)، والتي اختار الشاعر أن يبدأها بأيقونات شعرية:

يستهلكون الموتَ في الحياةِ
فإذا ما دنا الموتُ، جائعاً
أشهروا
صرخة الحياة
...
العشوائيون

فليذهب كلٌ منا إلى مشروعهِ

الآلهةُ
لاصطيادِ العصافير الطليقةِ
ومحاسبةِ الخارجين عن القانون
الدولي..
وجبايةِ بيتِ المال.

الليلياتُ
إلى ثكناتِ العسكر
وبيوتِ الحكام
والكثرةُ منهن
فليذهبن إلى شارع
جامعةِ الدول العربية،
أيامَ الصيف
وليذهب البسطاءُ
إلى بساطتِهم..
والمتعبونَ..
إلى تعبٍ يتضاعفُ
وفق المنظوماتِ الكونيةِ
ونتائج أبحاث الـ c I a

فليذهب كلٌ منّا إلى مشروعهِ
أو.. لا يذهبْ
لكن..
لا تجعلوا نساءَ الوطنِ المتهالك
يفقدن حماسَ استخراجِ الحبةِ
من سنبلةِ القمح

تعفرُني بالأغاني الشاجنة
وتملؤني بالأزقةِ..
والوحدة

الشوارع
شوارعُ الفجرِ
تختلفُ تماماً
عن شوارع الظهيرة..
وشوارعُ الفجر الذاهبةِ
إلى مسجدِ القرية
تختلفُ كذلك
عن شوارع الفجر الذاهبةِ
إلى جامعِ المدينة
شوارعُ القريةِ رطبةٌ
ومسكونةٌ برائحةِ العجينِ
والنعاس
وشوارعُ المدينةِ
مستيقظةٌ لا تنام.

شوارعُ المدينةِ
لا تذهبُ إلى القرى

وشوارعُ القريةِ
تهرولُ ـ طولَ العمرِ ـ
كلاباً ضالة
وتموتُ على الطرق السريعةِ،
ووحيدةً
على الأرصفة

ــــــــــ

عندما يشاهدُ مشهداً عاطفياً
على شاشةِ التلفاز
تغرورقُ عيناهُ
ويشعرُ بوجع السنين

في مساحةٍ غير بعيدة
المشاهدُ العاطفيةُ
تستبقُ الروحَ الى زمنٍ مضى،
واستمرارُ الحياةِ
يستدعى أحياناً
التفتيشَ فى أروقةِ الذاكرةِ
المفخخة..
(أصبح بحاجةٍ دائمةٍ
لمن يوقظ معه النائمين)
الغايةُ تبريرٌ للوسيلةِ
مَنْ قالها؟
ولماذا اعترض عليها؟

هل كان لديه غاياتٌ،
يسعى..
أم كان الأمرُ
محضَ لعِب؟

واللُعَبُ التى خبّأها
فى قعرالدولابِ الخشبي
هل أخرجها من تحت الألحفةِ
وأعادها إلى أختهِ فيما بعد؟

هل كانت ناهد
غاضبةً منه طولَ الوقت؟

هو متأكدٌ من أشياء:

كثرةُ الأحلامِ أماتت الوقتَ
وأجّلتْ فرحة القلبِ.

كلُ الأصدقاءِ كانوا
هموالأجملَ.
وكلُ النساءِ اللواتي عَرَفْنَهُ
لم يلتقطنَ من قلبهِ
حبةَ قمح..
لا..
ليس كلُ النساء
هو متأكدٌ من أشياء:
ماتتْ ودادُ الصّحاف
ولم ترَ محمود درويش
لم يعدْ الأصدقاءُ
هم الأجمل..
ومِلحُ الوطن..
لم يعدْ فاتحاً لشهيةِ أبنائهِ

هو تقريباً
متأكدْ

ــــــــــ

ذهبتُ إلى السرير مبكراً
لأننى كتبتُ قصيدةً رديئةً

القاهرة

هكذا يجبُ أن تكونَ
بدايتُنَا الرقيقة:
شارعٌ ممزقٌ
تلالٌ من (البنى آدمين)
المتآكلين
شجٌر من البلاستيك
وإضاءات..
باعةٌ (جوالون) بملابسَ قذرةٍ
وتماهٍ مربك لأصواتٍ
مبحوحةٍ
وأنا بين الركامِ
والضجيج
والصقيع
أقفزُ فوقَ الجميع
أتقاطرُ،
أتخايلُ،
أتسرسبُ.. أترسبُ
أتحللُ..
وبين الأزقةِ..
أضيع..

حقاً..
إن العالمَ أضعفُ
من احتمالِ قصيدةٍ
رديئة.

ــــــــــ

في هذا المساءِ الساكنِ
شىءٌ يختلفُ

الغرباء وحدهم
لايعرفون!

المدينةُ الخائفةُ
من شيءٍ
لايعلمه إلاّ ساكنوها
رفضتْ يومَ أمس
أن تعلنَ
الخبرْ.

كان الرجالُ يشعرونَ بتوجسٍ
وكانت النساءُ
يشعرن بفراغٍ كوني

.. الأرصفةُ
مكتظةً بالحواريين

للوهلةِ الأولى
بدت المدينةُ غائمة
خيم الغضبُ عليها
وجف ماءُ الكلام

العصافيرُ الطليقةُ
رفضتْ أن تفارقَ الأسطح
أو أن ترفرف بأجنحتها فى الهواء
والعصافيرُ الحبيسةُ
فعلتْ فى محبسها الشيءَ نفسه

الانتظارُ
سيدُ المشهد..
والقادمون/ الذاهبون
منذ الزمان البعيد
ينظرون إليها باندهاشٍ
يختلف

كفُّ الله ممدودةٌ
ورائحةُ الماءِ تتنفسُ فى السماء

آهاتٌ ممتدةٌ
من أعماق ِالأزقةِ العطنةِ
إلى قصرالخليفة

وصدرُاللهِ يتسع

ثمّ شيءٌ
سوف يأتي

لن يأتي صدفةً

ربما يتأخر
يتلكأ
يتمهل..
لكنه قادم

والغرباءُ وحدهم
لايعرفون!

ــــــــــ

كائناتُ اللهِ المجهولةُ
تعلمُ أنني
لست وحيداً
وأراها تتبعني!

وجهتى

السابلةُ
وقاطعو الطرق ِ
والمهمشونَ
لايعرفون وجهتي..

النبلاءُ
والوجهاءُ
وأصحابُ الدماءِ الذكيةِ
لايعرفون وجهتي.

الحالمونَ
والمتعبون
والعارفون ببواطنِ الأمورِ
أيضاً..
لايعرفون وجهتي.

وأنا..
المتعددُ..
والمتعددون فيّ
(جميعُهم)
لايعرفون وجهتي.