تكشف الباحثة السودانية هنا عن الجدل المضمر بين هوان هزيمة مشروع المحافظين الجدد الشرير في العراق، ومحاولتهم استخدام دارفور لاحتلال الموقع الأخلاقي.الأعلى بعدما مرغت تجربتي العراق وأفغانستان سمعتهم في الوحل.

كيف احتمى المحافظون الجدد بدافور من هوان هزيمة العراق!

خديجة صفوت

كنت قد كتبت بداية 2003 مقالا للقدس صبيحة اندلاع حملة التحريض على نحو عالمى بليل، ودفعة واحدة، على القصاص من مجرمى محرقة دارفور المحدقة متخيلة مفترضة كانت أو فعلية. وأذكر أن مقالتى كانت قد خالفت معظم ما كتب وقتها، حتى كادت تخلق مشكلة للجريدة لولا ثقة الجريدة ببعضنا. وكنت قد تابعت تطورات الحملة، مفصلة خطوة بخطوة مع كل خبر يذاع فى الساعات غير المباركة والمباركة من الليل والنهار. وكان بعضنا قد لاحظ ان اندلاع العنف فى دارفور فى 2003 كان قد خطط بحيث يتصاحب واجتياح العراق. ويهمنى فيما يلى من المجادلة حول دارفو ظاهرة صرف الانظار عن قضية لحساب اخري فى أجندة العنف الامريكي الموجه ضد العرب والمسلمين اكثر مما يهمنى فى الوقت الحاضر موقف أطراف قضية دارفو وقد راحت تلك الاطراف تتكاثر بالانقسام كل صباح. والان اعتقد ان لم يعد ثمة سبيل الى الصاق كل ذلك الكم من الترهات بالقضية حتى باتت مدعاة لغير ما كان ينبغى لها ان تكون عليه. وازعم أن ظاهرة صرف الانظار تلك كانت قد تمثلت على مر الزمان فيما يتصل بقدرة من أعرفهم بأعراب الشتات على خلق أسباب الحروب الاهلية حيث قد تعبر الاخيرة عن نفسها فيما أسميه الثورات الملفقة او المشبوهة يسميها أعراب الشتات الثورات الملونة والمخملية على طريقة تزيين الباطل وتزويقه، فيما يخالف حقيقته تماما. وقياسا أجادل أن تلك الانتفاضات المشبوهة أوالملونة والحروب الاهلية تندلع وكانت قد اندلعت على مر التاريخ فى مواجهة مواقف شدة لا تملك جماعات من اعراب الشتات ـ التى امتلكت على مر الزمان فن الخديعة ـ مواجهتها الا بالتخاتل والتشويش.

وفيما يلى أعرض لاطروحة محمود محمدانى الذى يوافقنى فى انه ما أن اعلنت الحرب على العراق حتى اندلع التجنيد لانقاذ دارفور Save Darfur من نيويورك فى 2003. وقياسا يقول محمداني ان موقعا يسمى إنقاذ دارفور أنشئ فى نيويورك عشية اندلاع العنف فى العراق فى مارس ـ آذار 2003. ولم ينفك موقع انقاذ دارفو ذاك أن راح ينشر اعلانات ويوزع منشورات ويرفع لوحات اعلانية فى كل مكان من المدينة وتدهن صور من دارفور وحولها على جوانب الحافلات والمترو، ويستنطق نجوم على شبكات الاعلام والتليفيزيون والصحف، ويصطحب جورج كلونى أباه الى دارفور حتي باتت دارفور قضية داخلية امريكية بلا مثيل. ويقول بعض المعلقين على قياس حركة انقاذ دارفور وحركة مناهضة التمييز العنصرى ـ الابارتايد فى جنوب افريقيا ـ إن حركة إنقاذ دارفور، ليست ـ بامعان النظر ـ سوى حركة من اجل الحرب، فى حين ان حركة مناهضة الفصل العنصرى كانت حركة من أجل السلم. والى ذلك فليس ثمة جنود أمريكان فى دارفور ـ كما فى العراق. فلماذا استنفار الناس؟

فاشودا تنويع باكر على دارفور:
تدافعت أوربا نحو افريقيا Scramble for Africa فتصارعت بريطانيا وفرنسا حول فاشودا وبحر الغزال ـ وتشارف دارفور الحالية ـ بعد اقل من عام من واقعة كررى بأمدرمان. فقى 2 أو3 سبتمبر 1889 دخل الجنرال الفرنسى فاشودا وبحر الغزال بغاية ضمهما الى فرنسا، إلا أن كيتشنر زحف فى 10 سبتمبر نحو فاشودا فاخرج الفرنسيين فى 19 سبتنبر، بعدما أزيلت الاستحكامات الفرنسية فى 11 سبتنمبر 1889م بتهديد الانجليز الفرنسيين برفع العلم المصرى بوصف ان تلك اراض مصرية. وتعيد احداث دارفور انتاج فاشوداو وصراع فرنسا وبريطانيا فى تنويعة مجدد تتمثل فى صراع امريكا وبريطانيا وفرنسا من ناحية، والصين والهند وروسيا من ناحية اخرى، فى المنطقة، حول ثروات الافارقة والعرب باسم حملات "تحديثية" تنصيرية، فخصما اقتصاديا وثقافيا علي اصحابها. وكان تونى بلير قد تعين على الجأر ان علينا مسئولية اخلاقية للتدخل فى السودان. وكان البعض قد بقى يصف تونى بلير بالتمتع بنظرة جلادستونية للعالم تدفعه لعمل كل ما فى وسعه فى السودان لحماية الدارفوريين. الا ان تلك النظرة لا تدفعه لعمل شئي في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث راح اكثر من 4 ملايين كونغولى ضحية تهريب وتجارة ما يسمى بالماس الملطخ بالدماء Blood Diamonds، أو فى زيمبابوى لحماية الزيمبابويين. وفيما تمتلئ الصحف وتفيض باخبار السودان لا نسمع بما يحدث فى زيمبابوى الا بقدر ما تفوح رائحة تورط المغامرين الانجليز من سيمون مان ومارك ثاتشر فى فضائح تهريب السلاح عبر زيمبابوى توطئة لقلب حكومة غينيا الاستوائية، الى رشأوى صفقات الاسلحة البريطانية للسعودية. فهل يتدخل المجتمع الدولى فى السودان أم فى غينيا الاستوائية باسم تحت مظلة اللاقانونية الدولية، أم ركضا وراء الامبراطورية الامريكية؟ وتجأر العولمة المكوننة بملئ فيها على لسان كلب سيده بحتمية عودة الاستعمار مجددا بلا تحفظ، الا بقدر ما يتعين على المستعمرين ـ بفتح الميم ـ أن يبعثوا بعريضة أو أورنيك استرحام عليه دمغة وبصمات طاعة واجبة النفاذ، وولاء لا متحفظ مسترحما يستجدى عودة الاستعمار.

هل اعتصم المحافظون الجدد بدافور من مهانة الهزيمة فى العراق؟(1)
لماذا استنفار الناس؟ هل راح الامريكان يلوذون من هوان ومذلة العراق بالاحساس بالاهمية كونهم يدافعون عن دارفور. ويلاحظ محمدانى ان قضية دارفور تحورت الى قضية داخلية، ولا يعنى ذلك ان لا اثر لها خارجيا بل العكس. على ان اهم وظيفة لاشعال الحرب الاعلامية حول دارفور هى انها تخدم احساس الامريكان العاديين، أكثر من غيرهم، باهميتهم الانسانية كمدافعين عن الدارفوريين المظاليم، فى مواجة الجانجويد، اى الخيالة البدو من العرب، بوصف ان حرب افريقيا الاهلية بين متزنجين وعرب ومسلمين ومسيحينن واحيائيين أو غير ذلك من الثنائيات الابليسية التى تستقطب ضحايا تلك الحروب كونهم يستحقون قدرهم فما يحيق بهم بجريرتهم. فموقع انقاذ دارفور يتعين على أبلسة الدارفوريين العرب، ولا يذكر ما اذا كان للعنف تاريخ أو غاية. فعنف حركة انقاذ دارفور عنف مبرر بحد ذاته مثله مثل الارهاب. وهو ايضا يستدعى كل شئ الا ما خلا ما يشير الى قضية No Issue is mentioned. فاى محاولة للتطرق للقضية توصم بوصفها تبرير. ان اى حديث حول ما وراء العنف او الارهاب يتهم بالتواطؤ مع العنف والارهاب. و قياسا يغدو كل من يتسأل عن تاريخ او غاية العنف او الارهاب قمين بان يدان بتبريرهما او تسويغهما. أما عنف وارهاب الدولة، او القوى الكبرى، فهو عنف مقدس ونبيل ومن اجل غايات انسانية سامية رغم انه فى المحصلة النهاية هو عنف من اجل المصالح الوطنية الغربية. و فى محاضرة لمحمود محمدانى مؤلف كتاب مخصلون وناجون: دارفور: السياسة والحرب على الارهاب Saviours & Survivors: Politics and the War on Terror فى قاعة بالمجلس البلدى بمدينة اكسفورد قال محمدانى ان حركة او حملة انقاذ دارفو بالوصف اعلاه نجحت فى جمع 14 مليون دولار فى عام واحد لم ترسل منها فلسا واحا لدارفور. ولما تساءل عن كيف ان فلسا لم يرسل لدارفور، قيل له ان حملة انقاذ دارفور ليست حملة لجمع التبرعات وانما للدعاية للقضية. ولا تعرف حملة انقاذ العراب قضية دارفور بالطبع الا بقدر الاثارة وانتقائية التهم. ويقول محمدانى ان اثرياء الامريكان على الخصوص ينفقون على الاعمال الخيرية ملايين الدولارات. ومن المهم تذكر ان التبرعات معفية من الضرائب وتسمح فى نفس الوقت بتمويل المشاريع والقضايا ذات الاهمية لجماعات الضغط والمنظمات غير الحكومية، ولاجندة المراكمة الرأسمالية. فكل ما يراكم رأس مال انما هو عمل خيري وماعداه عمل شرير وارهابى. وبالمقابل يعمل اثرياء الامريكان كل ما فى وسعهم حتى يتفادوا دفع الضرائب. بل يدفعون ملايين للمحامين من اجل ذلك. المهم عندما عندما يسال اعضاء حركة انقاذ دارفو مثلا وعن جمع التبرعات لانقاذ دارفور دون ارسال عون لدارفور يقال له ان الحركة ليست جمعية خيرية وانما هى مشروع Government Audit Advocacy للدفاع عن دارفور امام المجتمع الدولى واستقطاب الاخير الى جانب الدعوة لانقاذ الافارقة من العرب.

انتقائية وعنصرية العلم:
يقول محمود محمدانى فى مقال فى نفس الاسبوع فى مجلة نيوستيتسمان Newstatesman بتاريخ 8 يونيو حزيران 2009 ص: 34 ـ 37 إنه من المعلوم ان منظمة انقاذ دارفو ملحقة باكاديمية العلوم السياسية الامريكية اى انها جمعية تدعى العلمية والموضوعية، الا انها قررت ان عدد القتلى فى دارفور يقارب ربع مليون، واحيانا يقارب نصف مليون، وان عدد المشردين والمقتلعين مليونين او اكثر. ويقول محمدانى فى كتابه مخلصون وناجون ان الواقع هو ان التقدير الاولى لعدد القتلى كان فى ادناه 4 الاف وفى اقصاه 5 الاف. ولا يعنى ذلك ان 4 او 5 الاف سوادنى أمر هيين. ويقول إن تلك التقارير لم تفرق بين من مات موتا طبيعيا او جراء اى حادثة اخرى، ومن مات قتيلا فى الحرب الدائرة. واشار ان الجفاف كان قد سبب موت 80% وتسببت الامراض كالدوستناريا مثلا فى موت 20% ومات فى وقت ما 30% بالاسهال والامراض المعوية الاخرى. ويمكن ان تكون تلك الامراض كالاسهال متعالقة وحالة الحرب. وقد انتهى محمدانى بتقدير عدد القتلى فى 2003 ـ 4 ب 44 الى 45 الف نسمة. وقال ان العنف فى دارفو استمر على اشده بصورة دورية حتى ما بين 1978 ـ 1979 جراء حالات الصراع على الموارد. فقد كان العنف بين القبائل المجاورة وكان يحسم بالاجاويد اى بالوساطة. ولم تكن المشاكل الحدودية بين السودان وتشاد تصل حد الحرب المعلنة. وقد لاحظ محمدانى كيف ان العلاقة بين تشاد والسودان تشابه العلاقة بين رواندا وشرق الكونغو.

المهم لم يلبث العنف ان تفاقم بصورة غير مسبوقة وباتت له اسباب جديدة زبادة على اسباب الصراع التى كانت كامنة منذ الاستعمار حيث خصصت السلطات الاستعمارية ارض المستقرين ولم تحدد للرعاة ارضا بصورة واضحة. هذا وكان الجفاف على مدى 4 عقود متتالية مابين 1940 الى 1980 قد خلق شرط التصحر على طول حدود الصحراء الجنوبية بما يقدر بـ 100 ميل. وقد التهم الجفاف بهذا الوصف اهم الاراضى الخصبة حول منطقة جبل مرة مثلا فحول خطوط بعيدا عما كانت عليه الحدود المعروفة بين القبائل من الرعاة والمستقرين مما دفع الناس الى النزوح والنزوج العنيف تباعا. وقياسا بدأ الصراع بضراوة حول الاراضى الخصبة من اجل البقاء. وقد ارجع محمدانى السياق الذى راحت احوال الناس فى دارفور تتدهور فيه وصولا الى الصراع المفتوح الى الحرب الباردة. فقد تساوق وصول رولاند ريجان الذى كان قد اعلن محورية تشاد للولايات المتحدة، ووصم السودان بانه دولة ارهابية، مما جعل قضية دارفور مدعاة لتأثيم السودان وابلسته كواحدة من مغبات الحرب الباردة. فقد كانت امريكا واسرائيل تؤيدان تشاد وكانت ليبيا والاتحاد السوفيتى تؤيدان السودان. ولعل ذلك الاسسقطاب اعادة انتاج لكل من:

ـ الصراع الفرنسى البريطانى عشية القرن العشرين فى نفس المنطقة فيما تمثل باكرا فى معركة فاشودا.
ـ التدافع نحو اقتسام افريقيا The scramble for Africa ومواردها الطبيعية الغنية.

هذا ولم تلبث تكنولوجيا الحرب ان انتشرت بصورة غير مسبوقة فتدفقت بنادقAK47 وقد بات لكل راشد واحيانا لكل طفل سلاح. وتكلف مثل تلك النزاعات سواء داخلية او اقليمية ودولية اموالا، ولو من اجل اقتناء السلاح والسلاح المضاد، مما لا يحصى. فليس ثمة من يرغب فى ارقام اقتصاد الخراب سوى المؤسسة العسكرية لصناعة السلاح، فيما يتحدث الكل عن التنمية والتطوير والمدينة او العصرنة تكاذبا.

سردية دافور تنويع على سيناريو يختلق فى كل مكان لابادة العرب والمسلمين
ارتفع عدد قتلى دارفور مع نشوء حملة انقاذ ارفور. الا ان عدد القتلى مابين عامى 2004 ـ 2005 لم يزد حسب التقرير الشهرى للامين العام للامم المتحدة على 150 فى الشهر.

ويتسال محمدانى عن الحل؟ ويقول ان ثمة خيارين:

(1) ـ اختيار طريق محاكمات نيورينبرج للمتهمين باقتراف جرائم حرب. الا انه ليس ثمة قياس على نيورينبرج ولا على ابعاد "الضحايا" عن المعتدين. فليس ثمة فلسطين او بالاحرى اسرائيل.

(2) ـ اختيار الحل فى السياق الافريقى حيث ليس ثمة سبيل الى التفريق بين الضحية والمعتدى.

فهناك خيار السلام والتصالح بين الاطراف حيث ان ليس هناك منتصر ومنهزم وعلى الناس ايجاد حل مثلما حدث فى جنوب افريقيا. فالاطراف ينبغى ان تتعايش فى المحصلة النهاية معا لمصلحة الاغلبية. وفى هذا الاطار ينبغى التعيين على الاصلاح السياسى الداخلى وليس الاصلاح المفروض من الخارج ابدا. ذلك ان الاصلاح الداخلى يتعين بدوره على تكريس حكم القانون. وان حكم القانون بهذا الوصف لا يأت من الخارج. لان حكم القانون (المفروض من الخارج على مقاس المراكمة الرأسمالية ومصالح ما يسمى المجتمع الدولى) من شأنه ان ينسف مبدأ حكم القانون (المقر محليا من اجل المصالح الوطنية وتصالح الاطراف المتنازعة) من اساسه.

وازيد انه فى كل ذلك على الافريقيين ان يتنبهوا على دور المانحين والمنظمات المسماة غير حكومية مما اكتب فيه دراسة تعد قريبا للنشر. ذلك ان ما يقدمه المانحون ليس سوى خدمة ذاتيه لمصالحهم هم ويتفق ما تقوم به الامم المتحدة نيابة عن الاعمال عابرة الحدود واصحاب المصالح من القوى الكبرى متمثلة فى مشاريع "استثمارية" او "تنموية" من المسوحات والصورة الفضائية للموارد بغاية التعيين على الاستحواذ عليها من ناحية. ومن ناحية اخرى لا تزيد المنظمات غير الحكومية على السمسرة والوكالة عن الجهات الخارجية. والاهم فهى التى تؤجج نيران العنف، ولو بنشر ارقام حول الضحايا لاثارة غضف المتبرعين، فيما يتقاضى القائمون على المنظمات غيرالحكومية اكثر من 70% من تبرعات المانحين تلك.

فالقائمين على المنظمات غير الحكومية عندما ينشرون اعداد الضحايا ويثيرون الفضائح حول الجرائم ويجعلون من الاغتصاب مثلا جريمة حرب فانما يفعلون ذلك لانهم اول المنتفعين اكثر من غيرهم بتضخيم تلك الارقام. ذلك ان التبرعات تجمع باسم تلك الضحايا وارقامها. والى ذلك فان الصراع هنا يغدو حول من الذي يشرف على الضحايا هل هى المنظمات غير الحكومية ام الدولة؟ ويلاحظ الناس فى كل مكان كيف تحتكر بعض المنظمات غير الحكومية الحديث باسم الضحايا، وتمفصل لهم قضاياهم، وتختار لهم قادتهم، وتطرح مطالبهم، وتختلق لغة تلك القضايا والمطالب. فمعظم المنظمات غير الحكومية يؤجج معظم الصراعات، فترتفع اعداد الضحايا، مما يضمن لتلك المنظمات الاستمرارا والبقاء، هكذا فى حلقة مفرغة.

فالمنظمات غير الحكومية غير خاضعة للمحاسبة. فهى غير مسئولة لدى الدولة المضيفة. ذلك انها تعمل خارج الاخيرة، وفائقة عليها ولحساب المانحين. ويذكرمحمدانى كيف ان ميزانية بعض المنظمات غير الحكومية تبلغ 2.1 مليار دولار، اى ما يعادل ميزانية بعض الدول الافريقية التى تسود داخلها الصراعات المذكورة.

وتختلق بعض المنظمات غير الحكومية شرط اندلاع العنف فى تنويع على ذريعة اسلحة الدمار الشامل. ففى جنوب السودان كانت الذريعة شمال ـ جنوب = عرب متزنجين = مسلمين احيائيين أو مسيحيين. وفى غرب السودان صنف العنف على انه بين عرب وسود، وكأن السودانيين العرب شقر وزرق العيون. المهم تسعى تلك الكائنات المشبوهة الى خلق ذريعة للعنف وتسويغها وتسويقها على طريقة حركة انقاذ دارفور او اسلحة الدمار الشامل الملفقة، وقد ذكر محمدانى كيف ان أحد المحافظين الجدد كان قد سئل عن تلفيق ذريعة اسلحة الدمار الشامل، والكل يعلم ان الاسلحة المذكورة غير موجودة فى العراق، فقال "ان شعار اسلحة الدمار الشامل كان اكثر الشعارات نجاعة واقناعا The most Effective. واجادل ان سردية دافور سيناريو ناجز يعاد انتاج تنويعات عليه فى كل مكان، منذ الصليبيات وعبورا بالحربين العالميتين، والمحرقة، الى ضرب برجى منظمة التجارة العالمية، بغاية التخلص من الاعداد الزائدة عن الحاجة من المسلمين والعرب.

شروح على المتون:

1 ـ العد التنازلى لابادة العرب والمسلمين:
لعل العد التنازلى لابادة العرب والمسلمين كان حريا بان يبدأ منذ ان جعل من احداث الثلاثاء المشؤوم ذات سبتمبر 2009 ذريعة لمطاردة المسلمين والعرب فى كل مكان بتهمة الارهاب. ويعنى اقامة دولة اسرائيل الكبرى، اما ابادة العرب، او وضعهم فى كانتونات على غرار غزة. الا ان ثمة من يرفض حتى من غير المسلمين ما يحيق بالمسملين. ويدافع ستيفين جرين Steen Green رئيس شرطة chief constable نوتيجهامشير Nottinghamshire فى وسط انجلترا وغيره كثر ويتزايدون عن المسلمين، ويتعاطف معهم كونهم على حد قوله يشعرون بعدم الامان والخوف، فى كل خطوة بعد احداث مترو الانفاق في لندن الخميس 7 يوليو 2005. وقد اقترح ستيفين جرين على اعضاء فرقته وضع شارة تضامن مع المسلمين فى عروة بذاتهم اعلانا عن ذلك التضامن. وقد جادله مقدم نشرة اخبار الخامسة الجمعة 12 أغسطس 2005 فى ان ذلك خارج على المألوف، ويعطى البوليس صفة قد تبدو سياسية، وقد لا تتسق ودوره من حيث انه ينبغى ان يبقى محايدا. وزاد معلق صحفى آخر، بان ربما استفز ستيفين جرين الجاليات الاخرى. فما قد يبدو من تحيز الشرطة للمسلمين قد يستفذ جاليات اخرى الخ. ولم يتنازل جرين عن موقفه. ويخشى على امثال ستيفين جرين كونه يسبح ضد التيار العارم لسياسة معاداة المسلمين المعولمة، وصولا الى أبلستهم فتيسير ابادتهم. وتقول مزحة انتشرت على شبكة المعلومات نشرت صبيحة الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 ان ابا اخذ ابنه بعد سنوات من احداث الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 الى ساحة السفر ـ حيث كان برجى منظمة التجارة العالمية. وكانت غاية الاب ان يعلم الابن شيئا من تاريخ نيويورك، مشيرا الى كيف "أن العرب ضربوا أعلى مبنيين كانا فى ساحة الصفر" الا أن الابن سأل اباه "ما معنى عربى يا أبت؟" والمغزى مفهوم. ولا امل سوق هذه المزحة حتى يترسخ فى اذهان العرب والمسلمين ما يتربص بهم وما يحيق بهم حقا فينتبهوا لما هو آت لا محالة الا بقدرة الشعوب على اخذ مصيرها بيدها. ذلك ان العد التنازلى لابادة العرب والمسلمين كان حريا بان يبدأ منذ ان جعل من احداث الثلاثاء المشؤوم ذريعة لمطاردة المسلمين والعرب فى كل مكان بتهمة الارهاب، تسويغا لازاحة الاعداد الزائدة عن الحاجة عن اراضيها، بوصفها اراض بلا سكان، مثلما فعل الغرب فى 3 قارت ونصف من الـ 5 قارات من قبل. أو ربما كما فعل اعراب الشتات مع العماليق وغيرهم من الامم البائدة على مر التاريخ.

2 ـ شروح على المتون:
ـ ما ينسج حول التضامن مع عصاة الايرانيين
لم ينطق اوباما بحرف اثناء مجزرة غزة الا ان ادارته اعلنت بلا خفاء ان خطوط مد السلاح لاسرائيل ستبقى مفتوحة لتوفير الامدادات لذبح الفلسطينين، وبقى يتعامل مع الدكتاتوريات ـ وساركوزى بدوره يسير فى جنازة رئيس الجابون الذى حكم بلده بالحديد والنار اكثر من 40 عاما. ويدين كلاهما حكومة ايران، ويغازلان بل يدعمان عصاة الايرانيين خفية، ويأويان العملاء بملايين الدولارات.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ أنظر (ي) 
www.savedarfur.org.usa