تقرير من سوريا
باب الحارة: الإسلام هو الحل
قال مخرج باب الحارة، مغازلاً الجهة البترولية الصحوية الدعوية السلفية البدوية التي مولت وتمول العمل وترعى، علناً، وعلى رؤوس الأشهاد، عملية بدونة ووهبنة وسلفنة الشرق الأوسط، والتي ما زالت سوريا وتونس، فقط، من بين المجموعة الشرق أوسطية، خارجها رسمياً، ومعبراً عن حقيقة رؤاه السياسية بشأن مستقبل هذه المجتمعات، في أحدث تصريحات الصحفية: إنني أراهن على نجاح أي مسلسل يتبنى هذه القيم الإسلامية المفقودة شريطة أن ينفذ بشكل احترافي صحيح وبتقنية عالية، لكن للأسف فإن الدراما العربية ما زالت تبحث عن مسلسلات الإثارة والربح السريع ولو كان ذلك على حساب تعاليم ديننا وقيمنا وأخلاقنا بمعالجات درامية مثيرة أكثر من كونها معالجة، وبترويج للرذيلة دون خشية من الله أو استحياء من المجتمع، مطالباً الفضائيات العربية أن تتبنى المشاريع الإيجابية على غرار مسلسلات (الخوالي، وليالي الصالحية، وباب الحارة) نظرا لما تمثله من قيمة اجتماعية ودرامية، كي تؤدي وسائل الإعلام رسالتها الحقيقية في التوجيه والتوعية. إن إعراب هذا الكلام، وبكلمات أخرى: الإسلام هو الحل فقط، وتماماًُ كمال يصرح البيانوني، ومهدي عاكف، وعصام العريان، وإسماعيل هنية، وشيخ الجسبة البدري، وسليمان العودة، ودعاة الفضائيات المليونيرات، وبقية الطواقم المعروفة بفعل تسليط الضوء عليها وتضخيمها ونفخها في نفس الفضائيات البترولية التي تبث العمل، أي أن العملية متزامنة ومدروسة ووراءها ما وراءها. وأضاف قوله: إن المرأة قد حظيت بنصيب وافر من العناية في المسلسل من خلال تصوير التزامها بالحجاب والعفاف والحياء والحشمة وطاعة الزوج، (لا حظوا النفس السلفي)، وهي من الأمور التي تحاول عدة جهات تغريبية النيل منها ونزعها من المجتمع، لينزعوا بذلك أعز ما تملكه، مشددا على أن هذه القيم ما زالت موجودة في نفوس المجتمعات، لأنها من الفطرة، (تعبير سلفي قح)، ومثل هذه الأعمال الدرامية تحاول أن تعيد الأخلاق الإسلامية الحميدة وتعزز وجودها بين الشعوب الإسلامية، مؤكدا أنها كانت من أهم الأسباب لنجاح المسلسل. (لن نقول له لماذا نجحت مثل هذه الأعمال، وإن كان لا يعرف أو لا يجرؤ على قول ذلك فتلك مشكلته لوحده). تقول رزمة الأعمال البدوية، نعم لتكريس عبودية المرأة وضربها وإذلالها، والطلاق التعسفي الممارس ضدها، وإخفائها تحت الملايات والخيام السود، ودفنها بالحياة، لأنها مجرد عورة دونية تثير الشهوات الغرائزية والجنسية لدى ذئاب البدو الأعاريب، فقط، وليست كائناً مقدساً ومحترماً، على الإطلاق. وتتعمد هذه المسلسلات وأخواتها البدويات إظهار مشاهد بورنوغرافية بحتة مثيرة من السادية والشذوذ الجنسي نحوها، لم تتجرأ هوليود على إنتاجها، من خلال تصويرها وهي تركع بوضع جنسي فاقع أمام الذكر الفحل الموتور العصابي والمأزوم (والذي لا يعرف أحد ما هي رسالته ومهمته في الحياة سوى التجهم والعبوس)، وهي تغسل له قدميه بعبودية واسترقاق وامتهان يبلغ حد النخاسة والسبي والازدراء. غير أن الشيخ كفتارو كان له رأي آخر يناقض رؤية مخرجنا الداعية الإسلامي الكبير، الذي انتقد تصوير المرأة بهذه السلبية والخضوع المطلق، وقال ـ كفتارو ـ وهو يتحدث عن حفل التكريم الذي كان سيقيمه لفريق "باب الحارة": "سوف أبدي ملاحظاتي في حفل التكريم، ولا بد لكل عمل أن تكون فيه أخطاء. هناك مغالاة في النظر للمرأة بأنه لم يؤخذ رأيها، وأنه لم يكن لها أي دور في أي قضية. يجب أن نتوخى الحذر في أعمال قادمة بأن المرأة أخذت دورها وحقها". حتى شيوخ الإسلام المعروفين أنفسهم، يرفضون، وينتقدون منطق ورؤية شيخنا المخرج الجليل. من الجدير ذكره، أن هناك مرسوماً جمهورياً طيباً وواعداً ومبشراً بالخير، صدر مؤخراً، يقضي بإجراء تعديلات على بعض المواد المتعلقة بعقوبة جرائم الشرف، ترفع من عقوبة مرتكبي هذا العمل الآثم المشين، وغاية التعديل هو وقف الاعتداء على المرأة وعدم استسهال زهق روحها، أو محاولة وأدها في هذه الألفية الجاهلية الثالثة. غير أن هذه الأعمال البدوية، وبتكريسها وتشجيعها على استرخاص المرأة وحياتها، تعتبر تحدياً وتجاوزاً متعمداً وعن سابق تصور وتصميم للقانون المذكور وتغاضياً عنه. وهذه الممارسات التي تروج لها الأعمال البدوية، تضرب وبكل أسف بعرض الحائط بكل قوانين العالم المعمول بها بهذا الشأن، قبل أن تنسف كل القيم والمثل الإنسانية الأخلاقية، ومواثيق حقوق الإنسان الأخرى التي تؤكد على قدسية الحياة وحق الحياة، ومساواة المرأة بالرجل، لا "شختها على البالوعة"، كأية نعجة أو شاة، لا قيمة لها، ولا تملك مصيرها، واعتبارها مجرد ناقصة عقل، وترويج هذه الصورة عنها، وتوجيه الكلمات النابية والقاسية والمذلة والمهينة لها وكما وردت، وترد حرفياً، حرفياً في رزمة المسلسلات بدوية الهوى والوجدان من قبيل: "اخرسي ولي.. سدي حلقك.. انقلعي من قدامي.. بدي اشختها على البلوعة.. من امتى كان للمرة كلمة.. من ايمتى بيصير تقرر من ورا ضهر الرجال.. على حد تعبير ابطال المسلسل". والتهديد بالقتل العلني والصريح والذبح على البلوعة، واعتبار تلك الأعمال بما تحتويه من هذه المضامين والألفاظ المنحرفة وغير السوية والإجرامية التحطيطية والترثيثية والتبخيسية بمثابة تشجيع علني ومبرمج ومشرعن لارتكاب جرائم الشرف بحق المرأة، على أساس أنه عودة للقيم النبيلة والأصيلة، وترسيخ ذلك في أذهان الناشئة، والربط بينه وبين المقدس، في بيئات تتغذى وتنمو على الغيب، والأسطورة، والمقدس. ولا أدري كيف تجيز لجان رقابة المسلسلات مثل هذه النصوص العنصرية التي تحض على الكراهية والعنصرية والتمييز والازدراء ضد المرأة. هل يعلم القائمون ما تتركه مثل هذه الكلمات تربوياً على عقول الأطفال الصغار والإسهام في انحرافهم وتشذيذهم نفسياً وأنمطتهم ذكورياً؟ أقترح بهذا الصدد، عدم عرض المسلسلات البدوية في وقت الذروة وتواجد الأطفال باعتبارها أفلام رعب، وبورنو، وكتابة تحذير في بدايتها باعتبارها للكبار، وحصر عرضها بعد الثانية ليلاً. ولا أدري إن كان مخرج العمل، ومن معه، وبما تحتويه هذه التصريحات التسذيجية التبسيطية التتفيهية السلفية وغيرها، يتهم شعوب المنطقة الناطقة بالعربية بقلة الدين، والالتزام، بالشرف والأخلاق والمثل الإسلامية، وبأنهم منفلتون ومتحللون، وكأن الناس، جميع الناس المعاصرين لا نخوة، ولا رجولة، ولا شهامة، ولا بطولة ولا غيرة ولا شجاعة لديهم، ومهما أوتوا من علم وخبرات ونجاحات لا يساووا ظفر بدوي واحد قادم من الصحراء ودنيا الرمال، وهو في صلب الإيديولوجية البترولية التي تسود المنطقة، اليوم، والتي تروج لأسطورة وسوبرمانية وتميز وفرادة البدوي المعاصر المثخن بالبترودولار رغم أنه "ساقط ابتدائية ولا يجيد فك الخط"، وبالتزامن مع تحطيط واحتقار كل أبناء شعوب المنطقة الآخرين في الشام والعراق ومصر أبناء الحضارات العريقة والخالدة التي دمرها أسلاف هؤلاء البدو وأقاموا فوقها أكثر الأنماط السلطوية والإدارية رثاثة وتخلفاً وانحطاطاً عبر التاريخ، وأن أولئك البدو المتواضعين علماً وسلوكاً وتفكيراً وأسلوب حياة وتمدن، هم فخر ما أنتجته البشرية على الإطلاق، وهي ستعجز، بالتأكيد عن إعادة إنتاج أمثالهم على مر الدهر والأيام، وأن عجلة التاريخ توقفت عند تخومهم فقط، ولا سبيل للتقدم من بعدهم ولا خطوة إلى الأمام، وكل ما أتت به البشرية من بعدهم من علوم وفتوحات ونجاحات وإبداعات وابتكارات، هي مجرد زبالات، وقمامات وهباء. هل هذا هو منطق أمراء الجهاد وجماعات الإرهاب؟ وفي ضوء هذا المد الديني الجارف الذي يجتاح المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل، وفي عز المد البدوي الذي طاول المنطقة ذات زمان، تحاول رزمة المسلسلات البدوية أن تصور لنا انها وحدها، ومن ينتج العمل، ومن يقف وراءه، إيديولوجياً، هم فقط من يمتلكون ناصية الشرف والأخلاق، ويرفعون راية الدفاع عن القيم الإسلامية، في اتهام مبطن لما عداهم بالتخلي عن الإسلام وتركه والربط بينهم وبين دين الله. وهو نفس منطق الجماعات التكفيرية التي تكفر المجتمعات باعتبارها تخلت عن قيم الإسلام، وأن ما حل بها من هزائم وكوارث وخراب، هو بسبب تخليها عن القيم الإسلامية (نفس تصريحات مخرج العمل)، وهي، أي الجماعات، هي من ستعيد الناس إلى جادة الصواب وسيوزعونها، ويا عيني عليهم، على شعوب المنطقة، كي تعود إلى رشدها، وإلى انضباطها، وعقلها السليم، وسلوكها القويم؟ ماذا تختلف تصريحات ملالي الفن البترولي العصري الحداثي عن تصريحات أمراء جماعات الجهاد وحزب التحرير والإخوان والطالبان...إلخ؟ هل هذا فقط هو ما نحتاجه لبناء دول عصرية وكما يتوهم الظواهري وابن لادن ومخرج العمل عبر ازدراء المرأة فقط وتكريس فوبيا الجنس التي تسيطر على أمراء الجهاد؟ وعلى افتراض صحة هذه المزاعم والادعاءات، وقبولنا بها، فلماذا لم تفلح تلك القيم نفسها، التي يدعو إليها هذا الداعية المحدث، وفي أوج ما يسمى بالحضارة العربية والإسلامية، ببناء الدولة المتحضرة والإنسان السوي، ورفد الحضارات البشرية بالعلم والثقافة الإنسانية، واستمرت الحرب والنزاعات والخلافات والاقتتال الدموي الأخوي عبر التاريخ في أطول الحروب التي عرفتها البشرية قاطبة على الإطلاق؟ إن ما عجزت تنظيمات الإسلام السياسي عن فعله في اختراق بعض حصون وعقول التنوير والعلمانية في المنطقة، فإن هذه المسلسلات البدوية، ستتكفل، وبإذن الله، ومن خلال امتلاك قوة الإعلام والإنتاج، وتضمين الإيديولوجيات الخبيثة المدمرة والمضمرة في طياتها والمدروسة بعناية وخبرة سيكولوجية فائقة، بالبقية الباقية من معاقل التنوير عبر ترويج وترسيخ القيم البدوية المنحطة التي لا تعترف لا بقيمة ولا بجمال، ولا تقيم وزناً لأي كائن، وتدعو للعودة والنكوص والارتداد علناً إلى الوراء، كما وردت في تصريحات أخينا بالله، وتحتقر الإنسانية جمعاء، وديدنها الأول والأخير فوبيا الجنس، وفرج المرأة، الذي يؤرقها، ويسيطر على كل ذرة في كيانها وسلوكها، ويتلبس إيديولوجيتها البدوية الخبيثة القاحلة الصحراء، ويحرمها النوم والهناء، والتمتع بأي قدر من جمال وسحر الحياة.
قال مخرج باب الحارة، مغازلاً الجهة البترولية الصحوية الدعوية السلفية البدوية التي مولت وتمول العمل وترعى، علناً، وعلى رؤوس الأشهاد، عملية بدونة ووهبنة وسلفنة الشرق الأوسط، والتي ما زالت سوريا وتونس، فقط، من بين المجموعة الشرق أوسطية، خارجها رسمياً، ومعبراً عن حقيقة رؤاه السياسية بشأن مستقبل هذه المجتمعات، في أحدث تصريحات الصحفية: إنني أراهن على نجاح أي مسلسل يتبنى هذه القيم الإسلامية المفقودة شريطة أن ينفذ بشكل احترافي صحيح وبتقنية عالية، لكن للأسف فإن الدراما العربية ما زالت تبحث عن مسلسلات الإثارة والربح السريع ولو كان ذلك على حساب تعاليم ديننا وقيمنا وأخلاقنا بمعالجات درامية مثيرة أكثر من كونها معالجة، وبترويج للرذيلة دون خشية من الله أو استحياء من المجتمع، مطالباً الفضائيات العربية أن تتبنى المشاريع الإيجابية على غرار مسلسلات (الخوالي، وليالي الصالحية، وباب الحارة) نظرا لما تمثله من قيمة اجتماعية ودرامية، كي تؤدي وسائل الإعلام رسالتها الحقيقية في التوجيه والتوعية.
إن إعراب هذا الكلام، وبكلمات أخرى: الإسلام هو الحل فقط، وتماماًُ كمال يصرح البيانوني، ومهدي عاكف، وعصام العريان، وإسماعيل هنية، وشيخ الجسبة البدري، وسليمان العودة، ودعاة الفضائيات المليونيرات، وبقية الطواقم المعروفة بفعل تسليط الضوء عليها وتضخيمها ونفخها في نفس الفضائيات البترولية التي تبث العمل، أي أن العملية متزامنة ومدروسة ووراءها ما وراءها.
وأضاف قوله: إن المرأة قد حظيت بنصيب وافر من العناية في المسلسل من خلال تصوير التزامها بالحجاب والعفاف والحياء والحشمة وطاعة الزوج، (لا حظوا النفس السلفي)، وهي من الأمور التي تحاول عدة جهات تغريبية النيل منها ونزعها من المجتمع، لينزعوا بذلك أعز ما تملكه، مشددا على أن هذه القيم ما زالت موجودة في نفوس المجتمعات، لأنها من الفطرة، (تعبير سلفي قح)، ومثل هذه الأعمال الدرامية تحاول أن تعيد الأخلاق الإسلامية الحميدة وتعزز وجودها بين الشعوب الإسلامية، مؤكدا أنها كانت من أهم الأسباب لنجاح المسلسل. (لن نقول له لماذا نجحت مثل هذه الأعمال، وإن كان لا يعرف أو لا يجرؤ على قول ذلك فتلك مشكلته لوحده).
تقول رزمة الأعمال البدوية، نعم لتكريس عبودية المرأة وضربها وإذلالها، والطلاق التعسفي الممارس ضدها، وإخفائها تحت الملايات والخيام السود، ودفنها بالحياة، لأنها مجرد عورة دونية تثير الشهوات الغرائزية والجنسية لدى ذئاب البدو الأعاريب، فقط، وليست كائناً مقدساً ومحترماً، على الإطلاق. وتتعمد هذه المسلسلات وأخواتها البدويات إظهار مشاهد بورنوغرافية بحتة مثيرة من السادية والشذوذ الجنسي نحوها، لم تتجرأ هوليود على إنتاجها، من خلال تصويرها وهي تركع بوضع جنسي فاقع أمام الذكر الفحل الموتور العصابي والمأزوم (والذي لا يعرف أحد ما هي رسالته ومهمته في الحياة سوى التجهم والعبوس)، وهي تغسل له قدميه بعبودية واسترقاق وامتهان يبلغ حد النخاسة والسبي والازدراء. غير أن الشيخ كفتارو كان له رأي آخر يناقض رؤية مخرجنا الداعية الإسلامي الكبير، الذي انتقد تصوير المرأة بهذه السلبية والخضوع المطلق، وقال ـ كفتارو ـ وهو يتحدث عن حفل التكريم الذي كان سيقيمه لفريق "باب الحارة": "سوف أبدي ملاحظاتي في حفل التكريم، ولا بد لكل عمل أن تكون فيه أخطاء. هناك مغالاة في النظر للمرأة بأنه لم يؤخذ رأيها، وأنه لم يكن لها أي دور في أي قضية. يجب أن نتوخى الحذر في أعمال قادمة بأن المرأة أخذت دورها وحقها". حتى شيوخ الإسلام المعروفين أنفسهم، يرفضون، وينتقدون منطق ورؤية شيخنا المخرج الجليل.
من الجدير ذكره، أن هناك مرسوماً جمهورياً طيباً وواعداً ومبشراً بالخير، صدر مؤخراً، يقضي بإجراء تعديلات على بعض المواد المتعلقة بعقوبة جرائم الشرف، ترفع من عقوبة مرتكبي هذا العمل الآثم المشين، وغاية التعديل هو وقف الاعتداء على المرأة وعدم استسهال زهق روحها، أو محاولة وأدها في هذه الألفية الجاهلية الثالثة. غير أن هذه الأعمال البدوية، وبتكريسها وتشجيعها على استرخاص المرأة وحياتها، تعتبر تحدياً وتجاوزاً متعمداً وعن سابق تصور وتصميم للقانون المذكور وتغاضياً عنه. وهذه الممارسات التي تروج لها الأعمال البدوية، تضرب وبكل أسف بعرض الحائط بكل قوانين العالم المعمول بها بهذا الشأن، قبل أن تنسف كل القيم والمثل الإنسانية الأخلاقية، ومواثيق حقوق الإنسان الأخرى التي تؤكد على قدسية الحياة وحق الحياة، ومساواة المرأة بالرجل، لا "شختها على البالوعة"، كأية نعجة أو شاة، لا قيمة لها، ولا تملك مصيرها، واعتبارها مجرد ناقصة عقل، وترويج هذه الصورة عنها، وتوجيه الكلمات النابية والقاسية والمذلة والمهينة لها وكما وردت، وترد حرفياً، حرفياً في رزمة المسلسلات بدوية الهوى والوجدان من قبيل: "اخرسي ولي.. سدي حلقك.. انقلعي من قدامي.. بدي اشختها على البلوعة.. من امتى كان للمرة كلمة.. من ايمتى بيصير تقرر من ورا ضهر الرجال.. على حد تعبير ابطال المسلسل". والتهديد بالقتل العلني والصريح والذبح على البلوعة، واعتبار تلك الأعمال بما تحتويه من هذه المضامين والألفاظ المنحرفة وغير السوية والإجرامية التحطيطية والترثيثية والتبخيسية بمثابة تشجيع علني ومبرمج ومشرعن لارتكاب جرائم الشرف بحق المرأة، على أساس أنه عودة للقيم النبيلة والأصيلة، وترسيخ ذلك في أذهان الناشئة، والربط بينه وبين المقدس، في بيئات تتغذى وتنمو على الغيب، والأسطورة، والمقدس.
ولا أدري كيف تجيز لجان رقابة المسلسلات مثل هذه النصوص العنصرية التي تحض على الكراهية والعنصرية والتمييز والازدراء ضد المرأة. هل يعلم القائمون ما تتركه مثل هذه الكلمات تربوياً على عقول الأطفال الصغار والإسهام في انحرافهم وتشذيذهم نفسياً وأنمطتهم ذكورياً؟ أقترح بهذا الصدد، عدم عرض المسلسلات البدوية في وقت الذروة وتواجد الأطفال باعتبارها أفلام رعب، وبورنو، وكتابة تحذير في بدايتها باعتبارها للكبار، وحصر عرضها بعد الثانية ليلاً.
ولا أدري إن كان مخرج العمل، ومن معه، وبما تحتويه هذه التصريحات التسذيجية التبسيطية التتفيهية السلفية وغيرها، يتهم شعوب المنطقة الناطقة بالعربية بقلة الدين، والالتزام، بالشرف والأخلاق والمثل الإسلامية، وبأنهم منفلتون ومتحللون، وكأن الناس، جميع الناس المعاصرين لا نخوة، ولا رجولة، ولا شهامة، ولا بطولة ولا غيرة ولا شجاعة لديهم، ومهما أوتوا من علم وخبرات ونجاحات لا يساووا ظفر بدوي واحد قادم من الصحراء ودنيا الرمال، وهو في صلب الإيديولوجية البترولية التي تسود المنطقة، اليوم، والتي تروج لأسطورة وسوبرمانية وتميز وفرادة البدوي المعاصر المثخن بالبترودولار رغم أنه "ساقط ابتدائية ولا يجيد فك الخط"، وبالتزامن مع تحطيط واحتقار كل أبناء شعوب المنطقة الآخرين في الشام والعراق ومصر أبناء الحضارات العريقة والخالدة التي دمرها أسلاف هؤلاء البدو وأقاموا فوقها أكثر الأنماط السلطوية والإدارية رثاثة وتخلفاً وانحطاطاً عبر التاريخ، وأن أولئك البدو المتواضعين علماً وسلوكاً وتفكيراً وأسلوب حياة وتمدن، هم فخر ما أنتجته البشرية على الإطلاق، وهي ستعجز، بالتأكيد عن إعادة إنتاج أمثالهم على مر الدهر والأيام، وأن عجلة التاريخ توقفت عند تخومهم فقط، ولا سبيل للتقدم من بعدهم ولا خطوة إلى الأمام، وكل ما أتت به البشرية من بعدهم من علوم وفتوحات ونجاحات وإبداعات وابتكارات، هي مجرد زبالات، وقمامات وهباء. هل هذا هو منطق أمراء الجهاد وجماعات الإرهاب؟
وفي ضوء هذا المد الديني الجارف الذي يجتاح المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل، وفي عز المد البدوي الذي طاول المنطقة ذات زمان، تحاول رزمة المسلسلات البدوية أن تصور لنا انها وحدها، ومن ينتج العمل، ومن يقف وراءه، إيديولوجياً، هم فقط من يمتلكون ناصية الشرف والأخلاق، ويرفعون راية الدفاع عن القيم الإسلامية، في اتهام مبطن لما عداهم بالتخلي عن الإسلام وتركه والربط بينهم وبين دين الله. وهو نفس منطق الجماعات التكفيرية التي تكفر المجتمعات باعتبارها تخلت عن قيم الإسلام، وأن ما حل بها من هزائم وكوارث وخراب، هو بسبب تخليها عن القيم الإسلامية (نفس تصريحات مخرج العمل)، وهي، أي الجماعات، هي من ستعيد الناس إلى جادة الصواب وسيوزعونها، ويا عيني عليهم، على شعوب المنطقة، كي تعود إلى رشدها، وإلى انضباطها، وعقلها السليم، وسلوكها القويم؟ ماذا تختلف تصريحات ملالي الفن البترولي العصري الحداثي عن تصريحات أمراء جماعات الجهاد وحزب التحرير والإخوان والطالبان...إلخ؟ هل هذا فقط هو ما نحتاجه لبناء دول عصرية وكما يتوهم الظواهري وابن لادن ومخرج العمل عبر ازدراء المرأة فقط وتكريس فوبيا الجنس التي تسيطر على أمراء الجهاد؟ وعلى افتراض صحة هذه المزاعم والادعاءات، وقبولنا بها، فلماذا لم تفلح تلك القيم نفسها، التي يدعو إليها هذا الداعية المحدث، وفي أوج ما يسمى بالحضارة العربية والإسلامية، ببناء الدولة المتحضرة والإنسان السوي، ورفد الحضارات البشرية بالعلم والثقافة الإنسانية، واستمرت الحرب والنزاعات والخلافات والاقتتال الدموي الأخوي عبر التاريخ في أطول الحروب التي عرفتها البشرية قاطبة على الإطلاق؟
إن ما عجزت تنظيمات الإسلام السياسي عن فعله في اختراق بعض حصون وعقول التنوير والعلمانية في المنطقة، فإن هذه المسلسلات البدوية، ستتكفل، وبإذن الله، ومن خلال امتلاك قوة الإعلام والإنتاج، وتضمين الإيديولوجيات الخبيثة المدمرة والمضمرة في طياتها والمدروسة بعناية وخبرة سيكولوجية فائقة، بالبقية الباقية من معاقل التنوير عبر ترويج وترسيخ القيم البدوية المنحطة التي لا تعترف لا بقيمة ولا بجمال، ولا تقيم وزناً لأي كائن، وتدعو للعودة والنكوص والارتداد علناً إلى الوراء، كما وردت في تصريحات أخينا بالله، وتحتقر الإنسانية جمعاء، وديدنها الأول والأخير فوبيا الجنس، وفرج المرأة، الذي يؤرقها، ويسيطر على كل ذرة في كيانها وسلوكها، ويتلبس إيديولوجيتها البدوية الخبيثة القاحلة الصحراء، ويحرمها النوم والهناء، والتمتع بأي قدر من جمال وسحر الحياة.