أعلن عناية السيد حسن صالح عبد الله مدير عام مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع نتائج جائزة المؤسسة للعام 2009 في دورتها الأولى، مؤكّداً اعتزازه بهذه الجائزة التي تنطلق من فلسفة المؤسسة القائمة على تقديم الثقافة لجميع شرائح المجتمع، والساعية إلى توفير الكتاب الأفضل، والمنتج الإبداعي الأهم، لاسيما في ضوء حرصها على دعم الأقلام الموهوبة والرؤى الناضجة البنّاءة في صرح الحضارة الإنسانية لاسيما العربية الإسلامية. مشيداً في الوقت نفسه بجهود لجان التحكيم التي تلقّت فائضاً من المشاركات من المبدعين العرب من داخل الوطن العربي ومن خارجه. داعياً المبدعين للمشاركة في الدورة القادمة من الجائزة التي ستكون في محاور مختلفة عن محاور الدورة الأولى.
وقد أعلنت الأديبة د. سناء الشعلان الأمين العام للجائزة نتائج الجائزة بناءً على قرارات لجان التحكيم على النّحو التالي: فاز بجائزة الإبداع في محور الرواية الأديب المغربي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية د. خالد السليكي عن روايته المخطوطة" حرائق الجسد" في حين حجبت جائزة النقد، في محور نحو الرواية؛لعدم ورود إعمال نقدية ملتزمة بموضوع هذا المحور.
وأشادت لجان التّحكيم بأعمال نقدية أُستبعدت من المنافسة لكتابتها في محور بعيد عن محور المسابقة، وهو" نحو النّص"، وتقديراً من الدار لتميّز هذه الأعمال، فهي على أتمّ الاستعداد للتعاون مع باحثيها، ونشر الدراسات وفق شروط النشر في المؤسسة إن رغب أصحابها في ذلك، وتواصلوا مع الأمين العام للجائزة في هذا الشأن على الإيميل: selenapollo@hotmail. com. وهذه الأعمال النقدية هي: الراهن والتحولات في الرواية العربية: للبشير ضيف الله بن الطيب، ومابعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة: للمصطفى عطية جمعة، والسيرة الذاتية في الخطاب الروائي العربي: لبهيجة أدلبي، والذات والآخر: لمحمد سيد عبد التواب. وقد ذكرت الشعلان إنّه تمّ استبعاد مشاركة واحدة في حقل الرواية؛لعدم انطباق شروط المسابقة عليها.
وقد جاء في بيان الجائزة :" حرائق الجسد: نصٌّ روائيّ استثنائيّ حُرّ يحْتفي بشساعة البَوْح الإنسانيّ، وجرْأة النّقد للثّالوث الجدِل ؛الدّين والجنس والسّياسة، والتّمرّد الحذِق على مسلّمات التّاريخ والفلسفة ؛قديمها وحديثها، عربيّها وأعجميّها محاولا الإجابة عن كثير ممتدّ ممّا يجوب الأفق البشريّ من تساؤلات إشكاليّة مؤسّسة لوجوده، داعمة لتوازنه وتناغمه مع مفردات الحياة و مقولاتها وسياقاتها. إنّّه نصٌّ فريدٌ بوعيهِ الشّّفيف شغبَ النّفسِ إذ تثورُ على الخيْبات، وتَمورُ بالسّّؤال الظّمِئ لمنطق الجواب ويقينه ، فريدٌ بلذّة البحثِ في مساربِ العقل، وضجيج الرّوح ذات غربة؛جوّانيّة كانت أو برّانيّة، زمانيّة كانت أو مكانيّة . هو نصٌّ مغمورٌ بالضّدّيات إذ تتشاكلُ بعجائبيّة مُدْهشة، وتتنقّل بسردها الذي يجمع بين السّيرة الذّاتية والغيريّةو المكانيّة والزّمانيّة والرّوائية؛بين العامّ والخاصّ، والعلوّ والهبوط، والعقل والجنون، والمنجز والكامن، والممكن والمستحيل، والمطلق والمقيّد. هو نصٌّ فِعْلُ البدايةِ فيهِ مستمرّ، لا يعرف النّهايات، يحترفُ رسْم شخوصه وتلوين عوالمها ونبش ذاكرتيها الزمانيّة والمكانيّةوالأيدولوجيّة، تماما كما يحترفُ سرْدها الدّرامي وتكوينها النّفسيّ والاجتماعيّ غير منفكّ عن تفكيكها عَلَنا تارة وخفاء تارة أخرى.
(حرائق الجسد) روضٌ لغويٌّ يزهرُ نبْضاً ملوّنًا بمكانز التّراث الدّلاليّ، ومكامن الفتنة اللغويّة ؛حيث تتفجّر فيه الدوالّ فتتماهى سموًّا وبهاءً؛ صَوْتًا وبنيةً وتركيبًا في مداليل تعبقُ ُبرائحة الجسد إذ يرتوي من رحيق البيادر، ومواسم الحصاد بفطرة بدائيّة حميمة، وتزدهي بثنائية الانا والآخر تارة و ازدواجيّته أخرى. إنّه انتصارٌ جليلٌ على الاجترار اللغويّ السّائد على مستوى الدّوال؛ إذ يعلنُ بيعتَه مع التّوليد والاشتقاق والقياس، مؤسّسا رؤيته على أنّ ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب، فلا عجب إذن إذْ تراه يسبَح في فضاءات دالّيّة غير مستهلكة تُدْهش القارئ، وتسكنه منازل الزّهو على الرّغم من اختلاف المرجعيّات الأيدولوجيّة والمعرفيّة. (حرائق الجسد) هو نصّ التّفلّت من القيود، وتحطيم الجدران، والانعتاق من السّلطويّة، والدّعوة الملحّة لحوار الأديان والحضارات، وبناء الذّات الإنسانيّة لا العرقيّة، والإيمان بأنْ لا شيْء مقدّس في النّهاية إلا نزاهة عقولنا ".
ويذكر أنّ د. خالد السليكي الفائز بجائزة الرواية هو باحث وأكاديمي مغربي مقيم في الولايات المتحدة/ بوسطن،
وأستاذ اللغة والثقافة العربيتين، وحاصل على دكتوراه الدولة في الآداب، ومؤسس ورئيس شرفي للمركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، وصدرت له عدة دراسات وأبحاث تعالج قضايا الحداثة والنقد بالإضافة إلى الترجمات. وقد أعرب عن فرحته وفخره بهذا الفوز، وقال في معرض حديثه عن الرواية المخطوطة الفائزة:" هذا نص متخيل أحاول من خلاله طرح قضايا الهوية والانشطارات التي تتقاطعها، وذلك من خلال معالجة قضايا أعتقد أنها تشكل جوهر الاختلالات التي يعيشها العقل العربي. فالسارد يحكي عن تجربة تتداخل فيها عدة أبعاد زمنية، وهي نفسها الأبعاد التي تشكل إحدى التقنيات التي اشتغلت عليها على اعتبار أنّ الزمن بعد من أبعاد تحقيق الوجود، وإنّ الوجود والكينونة لا يتحققان إلا انطلاقاً من ذاكرة ظلّت تشكّل الخيط الرابط بين الذات الساردة والعالم والآخر بل إن السّارد لا يدرك العالم إلا انطلاقا من تاريخه وعوالمه الداخلية الدفينة".
وقد ذكر السيد حسن صالح عبدالله مدير عام مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع إنّ حفل تسليم الجائزة فضلاً عن حفل توقيع الرواية الفائزة التي ستصدر عن الدار ضمن سلسلة منشورات جائزة مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع سيكون في منصف شهر كانون الأوّل من العام الحالي 2009 في العاصمة الأردنية عمان بحضور د. خالد السليكي.