(إلى: سعيد عقل، صاحب لبنان إن حكى
إلى: فيروز، صاحبة لبنان إن غنّى
وإلى: المقاتل اللبناني البطل؛ صاحب لبنان إذا قاوم فانتصر).
لُبنانْ
لبنانُ هو المعنَى
لبنانُ الآنَ هو المعنَى
لبنان الآنَ هو المعنى والعُنوانْ
وَهو المعجِزةُ المتجسّدةُ الآنَ هنا
وأُعيدُ: هنا والآنْ
المعجِزةُ الموصولةُ بين سماءِ اللهِ..
وأرضِ الإِنسانْ!
(1)
يا أيَّها العربىُّ في لُبنانَ: لاَ .. لاَ
لن تُركعَ الأهلَ الجنوبيَّينَ ..
غاراتُ البرابرةِ الحداثيَّينَ ..
إن هجمَ الدّخانُ عليكَ .. فلترسُمْ هِلالاَ
ارسُمْ هلالاً من دخانِ القصفِ ..
يرتدَّ الدخانُ ..
على المُحيَّا منك : خالاَ !
ارسُمْ هلالاً واصْطبِرْ
حتى يصيرَ بمسْتوَى عينيْكَ ـ
أو أدناهُمَا ـ بدرًا كاملاَ
ارسُمْ هلالاً قبلَ أن يسْتأصِلَ الشَّكُّ اليقينَ
وقبل أن ترثَ العلومُ الدينَ ..
قبل هلاكِ جندِ المؤمنينَ ..
بفعل إشعالِ الطوائفِ طقسَها الرمزىَّ ..
منذ <النَّهروان> و<مرجِ دابق>. تشهقُ النيرانُ
حَتى مصرع <الدَّزي>..
فلترسمْ هلالاَ
إنْ أعوزتْكَ ذخيرة لقتالِ يومٍ قادمٍ
فارسُمْ هلالاً واتَّخذْهُ قذيفةً
أو فادَّخرْهُ إلى غدٍ
وانحرْهُ يومَ النصرِ قرباناً..
إلى المولَى تعالَى !
ارسُمْ هلالاً تستعيدُ بهِ مسيرة <كَربَلاء> ..
وسِيرة <النفسِ الزكيَّة> ..
إن أردْتَ: ارسُمْ هِلالاَ
ارسُمْ هِلالاً من رمادِ حرائقِ المسْتعمراتِ ..
وأَهْدِهِ للقادةِ الزعماءِ .. أو لعواهل العربِ
المعاتيهِ الكسَالَى!
ليطالِعُوا العِيديْنِ فيهِ ..
ويجعلُوهُ تميمةً للجِنسِ ..
أو فرْجًا حلالاَ !
ارسُمْ هِلالاً واحدًا
واجعَلْهُ مُسْودَّ البياضِ ..
وأَهدهِ لفقيه <قاهِرةِ المذِل> ..أو <الرَّياض>..
وقُلْ لَهُ: فلتتخذْهُ مطيَّةً
واعقِلْهُ .. واتَّكلِ اتَّكالاَ
ارسُمْ هلالاً واحدًا
أو خمسةً .. أو عشرةً
أو ألْفَ ألفٍ !
وادْعُهُ .. إنْ شئتَ .. رمزَ حضارةٍ
أو آيةً .. وأداةَ تقويمٍ
أو اسْتنساخَ تاريخٍ يردُّ على الختامِ البَدْءَ!
أو جِرمًا يُراوِحُ في الفراغِ مكانَهُ!
أو محْضَ ظاهرةٍ من الفلَكِ المحيَّرِ..
أو مجازًا .. أو مِثالاَ !
ارسُمْ هلالاً في مُحيطِ قُرى الجنوبِ..
وقُلْ له:
صُلْ صولةً فيما يَليكَ من السُّهوبِ..
وجُلْ مجَالا
يا أيها العربىُّ في لُبنانَ ..
لا يبقَى جنوب سالمًا
إن أنت ضيَّعْتَ الشَّمالاَ !
???
بيروتْ
بيروتُ قوتْ
بيروتُ ياقوت وقُوتْ
بيروتُ مِيقات وياقوت وقوتْ
???
(2)
يا أيها العربىُّ في لُبنانَ .. طُوبَى !
خرجَ الكلامُ من المعاني..
واخْتفَى فى المعْمعان..
أو انتفَى فيما تبقَّى..
من خَراباتِ المبانِى..
أيُّها العربىُّ في لُبنانَ هَبْكَ يمامةً
أو عَنْدليبَا !
من أيَّ جُرحٍ هاجَرتْ فِيك الأغانِى..
فاسْتحالتْ دبْكةً للموتِ ..
ثم رَصاصةً
تَحمي بها الوطنَ الحَبيبا
يا أيُّها العربيُّ في لُبنانَ..
قد هجَم الدُّخانَ عليْكَ ..
فَلترسُمْ صَلِيبا
ارسُمْ صليبًا أيها العربىُّ ..
يَرتدَّ الدخانُ على المُحيَّا منكَ: طِيبَا !
فخطيئة أصليّة
أن تَتركَ الوحشَ ـ
المسلَّحَ بالرَّدَى والمقتِ للأغْيارِ ـ يغتالُ الحياةَ.. وينثنِى مُتباكيًا عند الجِدارِ!
ارسُمْ صليبَا
قد أَعْوزتْكَ ذخيرة لقتالِ يومٍ قادمٍ
فارسُمْ صليبًا .. واتخذْهُ هِراوةً
واضرِبْ بهِ .. حتَّى تَتوبَ عليْكَ أرْضُكَ.. أو تَتُوبا !
قاتلْ عدوَّكَ بانهزامِ بني أبِيك..
و خُذْ حِذارَكَ من ذويكَ..
فإن في فيكَ التميمةَ..
والزبرجدةَ اليتيمةَ..
إن في يدِكَ المصيرَ المرتَجَى
و الفجرَ.. والصبحَ العصيبَا!
ارسمْ صليبًا واحدًا
وانقعْهُ في محلولِ جرحِك..
دعْهُ يشربُ علقمَ المأساةِ من شُؤبوبِها
حتى يذوبا!
يا أيها العربي في لبنانَ ..
مُتْ مُتيقَّنًا مما يحُوك أخوكَ ..
أو عِش مسترِيبَا
واصمُتْ قليلا أيها العربي ..لا تسألْ
فلن تجدَ المُجيبا!
ارسم صليبًا واحدًا .. أو عدةً
واضرِبْ عدوكَ ..
لا تدَعْ في أرضِكَ الشماءِ عِبريا يدنسُها
ولا تتركْ عرِيبا
يا أيها العربيُّ في لبنانَ ..
لا يبقَى شَمالُ سالمًا
إن أنت ضيعتَ الجَنوبا !
???
بيروتْ
بيروتُ توتْ
بيروتُ حانوت وتوتْ
بيروتُ تابوت وحانوت وتوتْ
???
(3)
يا أيها العربىُّ فى لبنانَ .. هَيَّا
قاتلْتَ في <صُور> وحيدًا ..
عِشتَ في <صيْدَا> شهيدًا
وابنُ عمَّكَ مات حيَّا !
فارسُمْ نبيَّا
ارسمْ نبيًّا يُشبهُ الطفلَ الذي:
قصفَتْهُ إسرائيلُ فى <قانا>
ولا تنْسَ الذهولَ الهائلَ المتجمَّدَ المسكونَ
في حدقِ العيونِ ..
ولا البراءةَ فى المُحيَّا
ارسمْ نبيًّا يُشبهُ البنتَ التى:
لم يقدِرُوا أن يَنشُلوا جُثمانَها..
من تحتِ أنقاضِ البنايةِ بعْدُ..
فلترسُم نبيَّا
ارسمْ نبيًّا.. وانتظرْ شيئًا
إلى أن يستحيلَ الرسْمُ جنديًّا سويَّا
ارسمْ نبيًّا.. واصطبِرْ
حتى تراهُ بشِكَّةِ الحربِ القشِيبةِ..
قد تزيَّا !
ارسمْ نبيًّا من ترابِ قُرى الجنوبِ ..
وسمَّهِ: يَحيَى ليحيَا!
أو سمَّهِ- إن شئت- <حيدرة>
صلاحَ الدَّينِ.. فخْرَ الدَّينِ ..
أو: حسَنَ بْنَ نصرِ اللهِ
بُوليفار.. جيفارَا ومَانديللا..
المهمُّ هوَ المسَمَّى - ليسَ الاسْمَ
- ارسمْ نبيَّا!
ارسمْ نبيًّا.. وامحُهُ
لتكونَ أنتَ رسولَ نفسِك..
أيها العربىُّ في لبنان..
أنتَ رسولُ نفسِكَ..
إن أردتَ ارسمْ نبيَّا
ارسمْ نبيًّا وانسَهُ
وقلِ: السَّلامُ عليك يوم وُلدت..
يوم تموتُ..
يوم تقومُ وحدَكَ - من رمادِ الحربِ - مُكتملاً فتِيَّا !
ارسمْ نبيًّا في محيطِ قُرى الجنوبِ..
عساهُ يُرزَقُ -
من مُقاومةِ العدوَّ هناكَ - وحْيَا
ارسمْ نبيًّا واستمعْ للوحْىِ يهتِفُ:
أيها العربيُّ في لُبنانَ: لا تتركْ بأرضِكَ أجنبيَّا
???
بيروتْ
بيروتُ هُوتْ
بيروتُ لاهوت وهُوتْ
بيروتُ رهْبوت ولاهوت وهُوتْ
???
(4)
يا أيها العربىُّ في لبنانَ .. وَاهَا
هجمَ الدُّخانُ عليكَ من كلَّ الجهاتِ ..
وأنتَ كالأَرْزِ الأشمَّ:
وقفتَ.. لم تَحْنِ الجِباهَا
هجمَ الدُّخانُ عليْكَ..
وانعكسَتْ أساريرُ الوجوهِ على مَرايا النارِ..
فاختلطَ البهىُّ بمن تَباهَى !
فارسُمْ إِلهَا
ارسُمْ إَلهًا.. والتمسْ بركاتِهِ
في ضَيعةٍ عند الحدود..
يُظِلُّها سجْعُ الحمامِ على سُطوحِ بيوتِها
وتحطُّ أسرابُ السُّنونو فى رُباها
ارسُمْ إلهًا.. واختبرْ آياتِهِ
من قبلِ أن تعْشَى.. فتلتبسُ الأمورُ عليْك ..
تَشتبِهُ اشْتباها!
هجمَ الدخانُ عليْكَ من كلًّ الجهاتِ..
فيا أخَا السّلمِ اجْترئْ.. وارسُمْ إلهَا !
وقلِ السَّلامُ على الذي: حِفظَ السَّلامَ..
ولا سلامَ على الذى أحْيَا شِعارَ:
(الحربُ من أجلِ السلامِ)!
ارسمْ إلهًا يا أخَا الحربِ العَوان..
و يا أباها!
ارسمْ إلهًا .. وادْعُهُ
ليَردَّ للبشريةِ - الأنثى التى فَجَرتْ - بَكارتَها !
وللمعمورةِ - الأم التى شابَتْ - صِباها
يا أيها العربيُّ قد هجم الدخان عليكَ..
من كل الجهاتِ :
من العدوَّ..
من الصَّديقِ..
فكلَّما عمَّرتَ أرضَك.. خرَّباها
أو كلّما أنْبتَّ فيها أَرْزةً
لِيُغردَ الدُّورِيّ والحسُّونُ حولَكَ.. حارَباكَ.. وحَارَباها
ارسُمْ إلهًا في الجنوبِ .. وقلْ لَهُ:
يا ربَّنا لا تُمسِكِ الشمسَ - القريبةَ منكَ - حتى يفرغَ الحاخامُ من ذبحِ الغلامِ !
ولا تُعطَّلْ - يا إلهَ الكونِ - دوْرتَهاَ
لكى يتسكَّعَ الجنرالُ فوق بقيةِ الجُثثِ التى تحتَ الحُطامِ!
ولا تعطلهاْ إلى أن يأزَفَ الميعادُ..كي يستأنفَ المتطرف العنصريونَ (الجهادَ)!
ويرسلوا بجراد أميركا
لينسفَ بالدخانِ الخامِ.. والألغامِ
آخر نخلةٍ فى الشرقِ.. أو زيتونةٍ
أهدتْ إلى الدنيا صَباها!
يا ربُّ.. يا ربَّ البريةِ
إننا ندعوكَ: لا تُطلِقْ ذئابك في القُرى
نرجوكَ يا ربَّ الوَرَى
لو قد سألتَ- وأنت أعلمُ
-عمَّنِ اغتالَ الرضيعَ وأمَّهُ ليلا بقنبلةٍ !
ومن أهْوَى بصاروخٍ على الشيخِ المعمرِ!
لو سألتَ عن الضحيةِ:
من سَباها؟!
يا ربُّ - جلَّ جلالُ ربّ الخلقِ.. كل الخلقِ
- لا تَتدخَّلِ..
اتركْ دارةَ الشمسِ القريبةِ منكَ..
ياربَّ الأنامِ ..
دعِ المجرَّةَ حُرَّةً
حتى يُطلَّ - بسيفِهِ - الحقُّ المُقدَّسُ مرَّةً
من بينِ أكوامِ الجماجم والعِظامِ ..
ليُفرِغَ السُّمَّ الذي اقتنتِ العقاربُ.. في شَباها
يا أيها العربىُّ في لُبنانَ.. فلترسُمْ إلهَا
ارسمْ إلهًا في الشمالِ .. وقلْ لهُ :
كُنْ - لو سمحتَ - على الحيادِ التامَّ..
هل ياربُّ: هذا شعبُكَ المختارُ..
أم هو شعبُكَ الجزَّارُ؟!
كيفَ منحْت <يعقوب> البِدار..
فَكادَ يصرَعُ في الظلامِ إلهَهُ !
ياربنا - وتباركَ اسْمُكَ
- كيف ساوْيتَ المُصارِعَ.. والقَنوتَ البارَّ؟!
كيف يكون من حملَ الأمانةَ
فاسْتخارَ السلْمَ - إنْ جعلَ الإلهُ لهُ الخِيارَ
- كمنْ أَباها!
يا أيها العربىُّ فلترسمْ إلهَا
ارسمْ إلهًا طيبًا
ليصُدَّ عنكَ أذَى إلهِ الحربِ ..
حين أتى يسوقُ أمامَه :
جيْشَ البرابرةِ الحداثيَّينَ !
فاحذَرْ أيها العربىُّ ..
وانتبِهِ انتِباهَا !
ارسمْ إلهًا طيَّبًا
وادفَعْ - سلِمْتَ - ضريبةَ الدَّمِ عنْكَ .. أو عنْهُ..
انتقمْ مِمَّنْ جَباها
ارسمْ إلهًا واحدًا حولَ المدائنِ والضَّياعِ
وفي المزارِعِ.. والبِقاعِ
وداخِلَ الدُّورِ القديمةِ..
في المساجِد.. والكنائِسِ.. والمصانع
في المتاحفِ .. والمدارسِ والقلاعِ ..
وفي السُّهولِ وفي القّلاعِ.. ارسمْ إلهَا !
ارسمْ إلهًا أو نبيًّا
أو صليبًا أو هِلالاَ
ارسمْ .. وسَمَّ الرسْمَ عند تَمامِهِ: لُبنانَ..
لُبنانُ الذى وهبَ الحضارةَ للمكانِ
وأنْبتَ الأَرْزَ المبارَكَ.. والرَّجالاَ
يا أيها العربىُّ في لبنانَ . قد أحييْتَ من عدمٍ لنا
دِينَ المقاوَمةِ الذي صَدعَ الجِبالاَ
يا أيها العربىُّ في لُبنانَ لا ترسمْ صَليبًا
أيها العربىُّ لا ترسمْ هِلالاَ ..
لا أيها العربىُّ .. لا .. لا
???
يا منْ تبحثُ عن مَعْنًى
يا من تبحثُ عن عُنوانْ
لُبنانُ هوَ المعنى والعُنوانْ
فالآنَ .. هُنا فى لبنانَ ..
وليس سِوى لبنانْ
يَنتصرُ الحقُّ على القوَّةِ..
يَنصهرُ الحِزبانْ
حزبُ اللهِ.. وحزبُ الإنسانْ
القاهرة