مات الشاعر... يحيا الشاعر
رحل محمود درويش إلى دار البقاء، رحل جسده وروحه، لكن كلمته لم ترحل، رحل وهو لم يشهد بعد نهاية تحقق جغرافية الوطن التي حلم بها في شعره وقلبه، ظل قلبه يخفق بترانيم قصيدة تؤسس للكائن الفلسطيني وطنا تحت الشمس، كان يشعر بأن فلسطين حصان طروادة الذي تركبه الأنظمة العربية اليسارية واليمينية على حد سواء للتبجح السياسي بامتلاك حق الكلمة والانفراد بالقضية الفلسطينية، ثم وهو يشاهد آخر فصول المهزلة السياسية بحق الانفراد بالقضية الفلسطينية، هي صراع الفتحويين والحماسيين، وسعي الأنظمة العربية إلى نفض اليد من القضية الفلسطينية بمباركة من أمريكا،ففلسطين ذلك الممكن السياسي في تاريخ العرب، لايمكن أن يتتحقق، دون استشارة وموافقة الغرب الإمبريالي، من منا لا يتذكر مؤتمر بيروت وحصار ياسر عرفات في ذلك الظلام و القوات الإسرائيلية تحوط مقره بمباركة من أمريكا والزعماء العرب الذين كلما التقوا إلا وخيبوا ظننا... لأننا نعرف بأننا في أعينهم قاصرين سياسيا... لا نستطيع حل مشاكلنا دون تدخلهم ومساعدتهم... والنتيجة كان محمود درويش يرى بأم عينيه... ما يحدث... كان الألم يعتصر قلبه الذي كان يئن تحت ضربات تنازلات السلطة العربية الجائعة... وهو الذي صاح في يوم ما قائلا: وأما القدس والمدن الضائعة/ فناقة تركبها البداوة إلى السلطة الجائعة... رحل محمود لكن قصيدته ستظل أنشودة تطرز ذاكرتنا الثقافية، حركة إنشاده كانت دائما ترسم إيماءات الجسد... واليدان اللتان كانتا كلما بدأت الكلمات تخرج من فمه إلا و بدأتا تحكيان مضمون الكلمات. يلتحم الجسد بالكلمة عند درويش إلى حد الحلول الصوفي... ليبدأ الجسد،جسد الفلسطيني، مع محمود درويش في الإعلان عن كونيته... تلك الكونية التي لا تقترن فقط بالجغرافية والحدود ولكنها كونية تسعى إلى التغلغل في الجوهر الإنساني أينما حل الفلسطيني وارتحل... فكل قلوب الناس جنسية الفلسطيني وما عليهم سوى أن ينزعوا عنه جواز السفر... هو الشاعر الذي أعلن عن ميلاد احمد العربي... في زمن استأسدت فيه الغطرسة الصهيونية والمدعمة بتكنولوجيا الحرب والتعذيب، ظنا منها أنها ستقتلع الفلسيطيني من أرضه ومحوه من خارطة التاريخ الكوني، وفي غمرة زمن المقاومة، ينفتح السؤال عند محمود درويش على الأرض/ الأم، يحن الشاعر إلى قهوة أمه وخبزها، لتكبر الطفولة في عينيه، ولتنبلج وتتجلى من عمق الكلمة ريتا الحبيبة، لينحني ويصلي لإله في العيون العسلية... يموت درويش وتظل ريتا تنظره... عبر فعل التذكر تتجلى ريتا كما تتجلى بلوتيا هيريا أمام فرجيل الممدد على سرير الموت(1) ، يتذكرها وهي صغيرة، ويتركها وهي صغيرة تكبر وتتأبد صورتها في عينيها العسلتين... وفي امتزاج حب ريتا بحب الأرض... تبتدأ رحلة السفر لقول ملحمة الذات والجماعة... في زمن المقاومة والكفاح المسلح يصرخ محمود درويش سأقطع هذا الطريق الطويل الطويل، يحس بأنه يوسف وأن إخوته ظلموه، يعرف وهو يخاطب أباه قائلا أنا يوسف يا أبي إخوتي ظلموني،/ من يكون الأخ هنا؟ أهو العربي؟ أم هذا الأخ المنشود كونيا والذي لربما سيعينه على الخروج من غيابات الجب التي رمي فيها... مات محمود درويش، وهو مازال يقطع طريقه الطويل، رحلته رحلة ملحمية، مازالت لم تنته بعد... مات الشاعر محمود درويش... يحيا الشاعر محمود درويش. ناقد من المغرب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ـ الإحالة هنا إلى رواية موت فرجيل للروائي النمساوي هيرمان بروخ.
رحل محمود درويش إلى دار البقاء، رحل جسده وروحه، لكن كلمته لم ترحل، رحل وهو لم يشهد بعد نهاية تحقق جغرافية الوطن التي حلم بها في شعره وقلبه، ظل قلبه يخفق بترانيم قصيدة تؤسس للكائن الفلسطيني وطنا تحت الشمس، كان يشعر بأن فلسطين حصان طروادة الذي تركبه الأنظمة العربية اليسارية واليمينية على حد سواء للتبجح السياسي بامتلاك حق الكلمة والانفراد بالقضية الفلسطينية، ثم وهو يشاهد آخر فصول المهزلة السياسية بحق الانفراد بالقضية الفلسطينية، هي صراع الفتحويين والحماسيين، وسعي الأنظمة العربية إلى نفض اليد من القضية الفلسطينية بمباركة من أمريكا،ففلسطين ذلك الممكن السياسي في تاريخ العرب، لايمكن أن يتتحقق، دون استشارة وموافقة الغرب الإمبريالي، من منا لا يتذكر مؤتمر بيروت وحصار ياسر عرفات في ذلك الظلام و القوات الإسرائيلية تحوط مقره بمباركة من أمريكا والزعماء العرب الذين كلما التقوا إلا وخيبوا ظننا... لأننا نعرف بأننا في أعينهم قاصرين سياسيا... لا نستطيع حل مشاكلنا دون تدخلهم ومساعدتهم...
والنتيجة كان محمود درويش يرى بأم عينيه... ما يحدث... كان الألم يعتصر قلبه الذي كان يئن تحت ضربات تنازلات السلطة العربية الجائعة... وهو الذي صاح في يوم ما قائلا: وأما القدس والمدن الضائعة/ فناقة تركبها البداوة إلى السلطة الجائعة...
رحل محمود لكن قصيدته ستظل أنشودة تطرز ذاكرتنا الثقافية، حركة إنشاده كانت دائما ترسم إيماءات الجسد... واليدان اللتان كانتا كلما بدأت الكلمات تخرج من فمه إلا و بدأتا تحكيان مضمون الكلمات.
يلتحم الجسد بالكلمة عند درويش إلى حد الحلول الصوفي... ليبدأ الجسد،جسد الفلسطيني، مع محمود درويش في الإعلان عن كونيته... تلك الكونية التي لا تقترن فقط بالجغرافية والحدود ولكنها كونية تسعى إلى التغلغل في الجوهر الإنساني أينما حل الفلسطيني وارتحل... فكل قلوب الناس جنسية الفلسطيني وما عليهم سوى أن ينزعوا عنه جواز السفر...
هو الشاعر الذي أعلن عن ميلاد احمد العربي... في زمن استأسدت فيه الغطرسة الصهيونية والمدعمة بتكنولوجيا الحرب والتعذيب، ظنا منها أنها ستقتلع الفلسيطيني من أرضه ومحوه من خارطة التاريخ الكوني، وفي غمرة زمن المقاومة، ينفتح السؤال عند محمود درويش على الأرض/ الأم، يحن الشاعر إلى قهوة أمه وخبزها، لتكبر الطفولة في عينيه، ولتنبلج وتتجلى من عمق الكلمة ريتا الحبيبة، لينحني ويصلي لإله في العيون العسلية... يموت درويش وتظل ريتا تنظره...
عبر فعل التذكر تتجلى ريتا كما تتجلى بلوتيا هيريا أمام فرجيل الممدد على سرير الموت(1) ، يتذكرها وهي صغيرة، ويتركها وهي صغيرة تكبر وتتأبد صورتها في عينيها العسلتين... وفي امتزاج حب ريتا بحب الأرض... تبتدأ رحلة السفر لقول ملحمة الذات والجماعة... في زمن المقاومة والكفاح المسلح يصرخ محمود درويش سأقطع هذا الطريق الطويل الطويل، يحس بأنه يوسف وأن إخوته ظلموه، يعرف وهو يخاطب أباه قائلا أنا يوسف يا أبي إخوتي ظلموني،/ من يكون الأخ هنا؟ أهو العربي؟ أم هذا الأخ المنشود كونيا والذي لربما سيعينه على الخروج من غيابات الجب التي رمي فيها...
مات محمود درويش، وهو مازال يقطع طريقه الطويل، رحلته رحلة ملحمية، مازالت لم تنته بعد... مات الشاعر محمود درويش... يحيا الشاعر محمود درويش.
ناقد من المغرب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ـ الإحالة هنا إلى رواية موت فرجيل للروائي النمساوي هيرمان بروخ.