التكثيف الشديد الذي يميز القصة القصيرة جدا يدفع القارئ إلى المشاركة في تأويل قصتي الكاتب المغربي على أكثر من وجه. فالتفاصيل الصغيرة هنا تمور بدلالات تتراوح بين المجازي والواقع اليومي شديد الوطأة، لتفتح النصين على احتمالات قرائية متعددة.

قصتان قصيرتان جدا

سعيد أحباط

 

مـطـر نـاعـم

رائحة المطر تسجل في القلب أشياء كثيرة مبهمة............

يمتصني الشارع الطويل، فأمضي مبللا" من قمة رأسي إلى أخمص قدمي.......

أتذكر دون تركيز وجه أبي كان يحب أن يستمر تدفق المطر، الناس مسرعون أتوقف فجأة عند محطة الحافلات أتطلع إلى الوجوه المبللة،

أدقق في الملامح أسألها عن حبها للمطر...

تضحك تتحول إلى قطرات متتابعة وتمضي حتى باطن الأرض...

أشعر بالدفء في كياني ....

أضحك وأركض....

أركض تحت المطر....

 

 

الــعـــدم

يمشي ببطء على الرصيف...

يحدق في الوجوه....

يتطلع بصمت إلى الواجهات المكتظة بالأشياء الجميلة....

يتنهد... يتمنى أن يشتري كل شيء لابنته الصغيرة التي تنتظره في البيت... يتحسس ماتبقى معه من النقود... يتنهد من جديد.... دراهم معدودة لا تكفي لشراء أي شيء ... وقف أمام إحدى الواجهات.... كانت اللعبة مغرية...

قالت له قبل أيام »متى ستشتري لي لعبة؟»

ولكن النقود تطايرت مع الأيام الأولى من الشهر الجديد ...