فقدت الساحة الفكرية العربية والدولية المفكر العربي البارز، محمد أركون، الذي توفي، مساء الثلاثاء ال14 من هذا الشهر في باريس، عن عمر ناهز الثانية والثمانين بعد معاناة مريرة مع مرض السرطان. ويعد المفكر الجزائري، المولود في منطقة القبائل عام 1928، صاحب مشروع فكري حداثي، ومدرسة ذات أطروحات خاصة، أثارت جدلا واسعا في الأوساط الفكرية العربية، لأنه اختار حقولا شائكة في الفكر والتاريخ والنص الإسلامي. اتسعت معاركه الفكرية شرقا وغربا، إلى درجة أن مؤيديه يعتبرونه مجددا وفاتح آفاق جديدة في الفكر والثقافة العربية والإسلامية، ومفكرا ثائرا ومتحررا من كل المقولات الكلاسيكية، فيما اعتبره معارضوه متفرنسا وتلميذا للاستشراق، ومسوقا للتبعية الثقافية. ومع أن الراحل كتب جميع أعماله باللغة الفرنسية، إلا أن أغلبها ترجم إلى العربية، وحظيت باهتمام كبير في العالم العربي، خاصة في الأوساط الأكاديمية، إذ يعتبره كثير من المفكرين العرب من جيل ميشيل فوكو، وبيير بورديو، وفرانسوا فوريه، الذين أحدثوا ثورة إبستمولوجية ومنهجية في الفكر الفرنسي، رائدا في مجاله، على الأقل في العالم العربي، لأنه أحدث ثورة مشابهة في الفكر الإسلامي والعربي، من خلال إخضاعه النصوص الدينية للتحليل والدراسة وفقا لأحدث المناهج العلمية. بالمقابل، كان أركون يرى أن منهجه ليس جديدا على الفكر الإسلامي، بل إنه يسير على خطى مفكري المعتزلة، الذين أخضعوا النصوص الدينية للمساءلة العقلية، قبل أكثر من ألف عام. .