هذه القصيدة الومضة للشاعر التونسي هي في مستوى من مستويات التلقي قصيدة في شعرية الموت وفداحة الغياب، وهي أيضا لحظة فارقة لتمثل عمق حضور الحياة وتفاصيل تأبى عن النسيان والمحو..

الوصيّة

المهدي عثمان

سلّمتُ على الشواهد كلّها
ناديْتُ يا صاحبي
ضجّ المكان بصَاحبي
مدّ ذراعه يحْتمي بالغريب
مَـدّ صوته صادِحا:                      
تعلّمْ أن تنادي وعدْ
وعاودْ نداءكَ
يسمع الموتى نداءكَ
تعلّمْ أنْ تنادي وعد
سلّمتُ على المقابر كلِّها
ناديتُ يا صاحبي
كيف تخونُ ؟
يشيّعكَ الغريبُ
وأنتَ الوصيّةَ
أودعْتها في جيوبي
كمن يدسّ في التراب العرقْ
عَفّر قلبَه في التراب يقول:
لستُ أخون
وافتحْ وصيّتي
تراني أقول:
 
ـ نحتمي بالوصايا
من ساعةِ العمْر
منْ نساءِ الهوى
منْ رفاقِ الشّتات
من التفاهةِ والقلقْ
ولكيْ يقولوا:
( كان هنا ...
ضاحكا
أو ساخرا
أو مرْتبكْ )
 
 
شاعر تونسي