الرباط ـ المصطفى الصوفي
تستضيف مدينة خريبكة في ال 21 من الشهر الجاري فعاليات الدورة الثانية من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، والتي تستمر ثلاثة ايام بمشاركة 12 فيلما، من أصل 40 عملا كان مرشحا في المسابقة الرسمية.
ويشارك في هذا المهرجان المتميز الذي شكل لحظة مضيئة في التاريخ الفني والثقافي بعاصمة الفوسفاط، إلى جانب المغرب كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وتونس وموريتانيا ولبنان وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وتركيا وفلسطين ومصر وسوريا ضيفة شرف الدورة.
وتتكون لجنة تحكيم هذه المسابقة من المخرج المغربي محمد بلحاج من الجزيرة الوثائقية والجامعي سعيد يقطين (المغرب) والمخرج ريمون بطرس والناقدة السينمائية لمى طيارة (سوريا) والمخرج سعيد عز الدين من مصر.
ولتقييم الجانب الإبداعي في الأفلام الوثائقية المشاركة تم إحداث لجنة للنقد تضم الناقد والكاتب فؤاد زويريق من هولندا والمحجوب بن موسى رئيس مهرجان الفيلم المغربي بروتردام (هولندا) وعبد السلام الموساوي المدير الفني للمهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس من المغرب.
وسيكون المغرب حاضرا في هذه المسابقة، التي تتراوح مدة الأفلام المعروضة خلالها ما بين 15 و75 دقيقة، بفيلم "باركور دو غوفجيي" (مسار لاجئين) للمخرج علي بنجلون، وستمثل فلسطين بفيلم "دوشة" لفايق جرادة ومصر بفيلم "شمسي: مدرسة السرك" لتامر محسن.
كما ستشارك في المهرجان كل من تونس بفيلم "أبو القاسم الشابي" للمخرج هاجر بن ناصر، وموريتانيا بفيلم "القبة" للمخرج سالم دندو، ولبنان بفيلم "هايدة لبنان" لإيلين راهب، والولايات المتحدة الأمريكية بفيلم "دريفين دو دريم" للمخرج هارود بلانك، وبلجيكا بفيلم "لو غوفيج" لنادية التويجر".
وتتبارى على جوائز هذه المسابقة، أيضا، تركيا بفيلم "دو بيرد أوف دو فوينيكس" للمخرجين إيرسن سيرا و أوغر إيغم، وفرنسا بفيلم "شو سار?" للمخرج دو غول العيد، وإيطاليا "فوا إي غوكاغ أو دولا دو مير" للمخرجة سارة بونيلو.
وسيشكل موضوع "صورة العرب في الفيلم الوثائقي...نحو تقارب حضاري بين الشعوب" محور الندوة الرئيسية للمهرجان، فضلا عن ندوتين ثانويتين الأولى حول التجربة التي قطعتها سوريا في مجال الفن السابع، فيما ستتناول الثانية الفيلم الوثائقي في قناة الجزيرة.
ومن بين أقوى لحظات هذه التظاهرة السينمائية، التي قدر المنظمون كلفتها الإجمالية ب555 ألف درهم، التكريم الخاص الذي يعتزم المهرجان إقامته للمخرج المغربي محمد بالحاج والإعلان عن الفيلم الحاصل على الجائزة الكبرى وباقي الأفلام المرتقب تتويجها.
ولتقريب القراء من فعاليات هذه الدورة نستضيف رئيس المهرجان الدكتور الحبيب ناصري في هذا الحوار الذي جاء على الشكل التالي:
س ـ مال الذي يميز هذه الدورة عن سابقتها؟
ج ـ أولا اشكر منبركم الإعلامي على هذه الاستضافة الكريمة، وأقول إن الذي يميز هذه الدورة عن الأولى كثرة الأفلام المتوصل بها، ورغبة العديد من الدول في المشاركة، ناهيك عن رغبة العديد من المتتبعين، والنقاد من داخل وخارج ارض الوطن في حضور فعاليات هذه الدورة .
كما أخبرك أننا بصدد توسيع هذه التجربة لاسيما، وأننا سندخل تجربة توقيع بعض الاتفاقيات مع بعض المهرجانات من داخل وخارج ارض الوطن.هذه الدورة ستعرف مشاركة ١٢دولة عربية وأجنبية.بالإضافة إلى تكريم دولة سوريا الشقيقة، وثلاث ندوات أساسية (ندوة صورة العرب في الأفلام الأجنبية وندوة السينما السورية وندوة تجربة الجزيرة الوثائقية ).بالإضافة إلى تكريمين أساسيين ،هما لفائدة سي محمد بلحاج مخرج مغربي في الجزيرة الوثائقية، واحد مهندسي خريطة الفيلم الوثائقي العربي.
الجديد أيضا هو رقم ٢ أي الدورة الثانية، اي الرغبة في الاستمرارية والبوح والدفاع عن ثقافة الصورة بشكل عام، والرغبة في الانخراط في نشر ثقافة الفيلم الوثائقي، حيث يمكن القول بدأت السينما بشكل وثائقي وستعود إلى عشها الأول اي لابد من عودة الروح إلى الفيلم الوثائقي نظرا لإبعاده الثقافية والتنويرية والجمالية والمعرفية والتربوية الخ ، ناهيك عن كوننا جمعية بسيطة ، أعمالها تقوم على مبدأ التطوع.
- س ـ لماذا تم اختيار سوريا ضيفة شرف الدورة، علما أن عدد من البلدان تعرف بكونها رائدة في مجال السينما التوثيقية كالولايات المتحدة وفلسطين مثلا؟.
ج ـ أولا سبق أن كرمنا فلسطين في الدورة الأولى، وتكريم سوريا يأتي في سياقات ثقافية وفنية عربية ،إذ قررنا أن نكرم دولتين عربيتين متتابعتين ثم بلد أجنبي آخر، للمساهمة في التعريف بالفيلم الوثائقي بالعالم العربي، كهدف نتوخى الانخراط فيه ، والمجال مفتوح لكل الدول للتعريف بالثقافة الفيلمية الوثائقية ببلدانها . وأريد أن أشير هنا إلى أن أمريكا حاضرة في المسابقة الرسمية. ومن هذا المنبر نشكر إدارة مؤسسة السينما السورية بدمشق، وسفارة سوريا بالمغرب وسفارة المغرب بدمشق، على تعاون الجميع معنا من اجل إنجاح فقرة تكريم السينما السورية التي قطعت العديد من الأشواط خصوصا في مجال الدراما .
أما الدولة /ضيف شرف الدورة الثالثة وسأقولها في هذا المنبر الإعلامي، ستكون وكما سطرنا وخططنا في الجمعية ولاعتبارات اجتماعية واقتصادية، تخص مدينة خريبكة بالذات، ستكون ايطاليا نظرا لكونها تشكل دلالة ما في مخيالنا" الخريبكي".
س ـ كيف يراهن المهرجان على تكريم السينما في المغرب العربي؟.
ج ـ المهرجان يراهن على تكريم السينما المغاربية والعربية والدولية، لما تشكله السينما الوثائقية من قيمة، في خلق مزيد من التنوير التاريخي والفني، ونشير هنا إلى أن تونس تشارك معنا هذه السنة، والجزائر الشقيقة شاركت معنا في الدورة الأولى، مشاركة فعالة وهذه السنة لم نتلق إي فيلم وثائقي من هذا البلد، بل إننا نفكر في إحدى الدورات المقبلة، بعد الثالثة طبعا في تكريم الجزائر الشقيقة، لأن ما يجمعنا هو أقوى مما هو موجود اليوم.
والثقافة والفن واجهة من الواجهات التي نؤكد فيها على ضرورة جمع الشمل المغاربي لان المستفيد الأول من هذا الوضع، هو الآخر الذي يتوحد يوما بعد يوم . ان همنا في الأخير هو السينما وإعطائها القيمة التي تستحقها في أي مكان من العالم عربية او دولية ورهاننا تكريم السينما الوثائقية عربية ودولية في أبهى تجلياتها
.
س ـ لماذا تم اختيار 12 فيلما علما أن نحو 40 فيلما كان مرشحا للدورة؟.
ج ـ بكل صدق، أملنا وطموحاتنا كبيرة في تحويل مدة المهرجان من ثلاثة ايام الى خمسة ايام، لفسح المجال للعديد من الدول في المشاركة، وأخص بالذكر دول أمريكا اللاتينية، لكن الإمكانيات محدودة جدا، فإلى حد الآن مدعمنا الأساسي المركز السينمائي المغربي، بخمسين ألف درهم، وهو أول مدعم قام بتحويل المبلغ، والمجمع الشريف للفوسفاط بأربعة وعشرين ألف درهم، وشركة خاصة في البيضاء، بعشرة ألف درهم، وقد ساعدنا الدكتور باري طبيب بخريبكة، بأربعين ألف درهم، هذه هي وبكل شفافية مداخيلنا إلى حد الآن .فنحن نشتغل بشفافية مطلقة .
قد تتساءل كيف سننظم مهرجاننا ؟ بالأمل والقيام بأعمال عديدة من طرف أعضاء الجمعية، أي جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، وهنا أوجه رسالة شكر للدكتور المسعودي بوشعيب والحاج حسن مجتهد، فهما وهذا العبد الضعيف نقوم بأعمال عديدة لنخفف عنا عبء المصاريف.
س ـ الملاحظ أن سوريا حاضرة بقوة خلال الدورة من خلال أفلامها ولجنة التحكيم، فضلا عن ندوة المهرجان لماذا؟.
ج ـ لأنها البلد الضيف، وجرت العادة أن يكون التكريم أيضا مشخصا في لجنة التحكيم، والندوات الخ كتعبير منا رمزي في حق البلد الضيف، ومساهمة منا في ترسيخ كل أشكال التعاون الثقافي بيننا ولا ننسى شهداء المغرب في أراضي الجولان ،حيث ساهمت تجريدة عسكرية مغربية، وأبلت البلاء الحسن دفاعا عن العروبة وعن القضية الفلسطينية والعربية ككل، والإخوة السوريون يقدرونا عاليا شهامة وشجاعة الجنود المغاربة حيث قبورهم لا زالت شامخة مؤكدة لنضالية الجيش المغربي في الدفاع عن القضية العربية.
س ـ لقد تم تخصيص جائزة للنقد، فيما تم تقزيم حجم الصحافة بعدم تخصيص جائزة لها، ما السبب؟.
ج ـ أشكرك على هذه الفكرة، سنسير بالتدرج بعد إحداث جائزة النقد، إيمانا منا بأهمية متابعة النقد للفيلم الوثائقي، سنعمل إن شاء الله على إحداث جائزة الصحافة لاختيار أحسن تتبع وتغطية للمهرجان الخ..
س ـ هل تعتقد معي أن نحو 55 مليون سنتيم كافية لانجاز هذا المهرجان؟.
ج ـ أريد أن أصحح للقراء الكرام، ما سبق أن قلت سابقا حول دعم المهرجان فمبلغ ٥٥ مليون هذا طموحنا، أي أن المشروع قدرناه، بهذا المبلغ، لكن ما حصلنا عليه أشرت إليه في سؤال سابق، ياريت لو توصلنا بهذا المبلغ ،هناك من لا يرغب في هذا المهرجان إطلاقا، ويعمل على إسقاطنا، وهناك من يعمل على مد يد العون لنا لنقف على رجلينا، وهنا أوجه تحية أخوية لأطر المركز السينمائي الذين يقدمون لنا العديد من الخدمات التقنية بجانب الدعم المادي، نراهن بقوة على المركز ليستمر في دعمنا. كما نطمح كثيرا إلى دعم عمالة الإقليم والمجلس البلدي اللذين نعول عليهما كثيرا،لما لهذا المهرجان من أهمية كبرى في إثراء الحقل الفني والثقافي وخلق مزيد من الإشعاع للإقليم والمدينة، ونحن واثقون أنهما سيكونان معنا، لما عهدناه فيهما من دعم ومساندة قوية للثقافة والفنون أسوة بباقي المهرجانات الأخرى، ونحن نشكرهما مسبقا على دعمهما لنا خدمة للثقافة وهذا المهرجان الفتي.
هذه السنة سوف لن نتحمل مصاريف تذاكر الطائرة بالنسبة للمخرجين، أخبرناهم بفقرنا المادي البعض، منهم سيحضر دعما لنا ولاستمراريتنا ،نحن إن نجحنا في هذه الدورة سندخل كتاب غينيس للأرقام القياسية .لكن الأمل معقود على الجهات المسؤولة في دعمنا وننتظر لان الغاية هو الدفاع عن وطننا ثقافيا والدورة الأولى سبق أن انجزناها بحوالي عشرين مليون سنتيم فيها ١٥ مليون، من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والباقي من المركز السينمائي المغربي، وبعض الشركاء اعيد واكرر أن ما توصلنا به إلى حد الآن هو ما أشرت إليه سابقا طموحنا كبير في تقديم يد العون من طرف المسؤولين على المدينة في ظل حكامة جديدة تجسدها الرغبة القوية المولوية السامية في إدماج المجتمع المدني في تحمل المسؤوليات، والانخراط في مشاريع ثقافية واجتماعية، مطورة لقدرة المواطن المغربي فهل من مجيب؟
س ـ أي إستراتيجية وضعها المهرجان لخلق نوع من التحدي، وتجاوز بعض العراقيل، وإنجاح المهرجان وما هي الانعكاسات التنموية لهذه التظاهرة؟.
ج ـ نحن دعمنا فقط من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الدورة الأولى، هذه الدورة مداخيلنا إلى حدود هذا الحوار مع منبركم الموقر هي أقولها بشكل واع ومسؤول ٥ مليون سنتيم، حولت لنا من طرف المركز السينمائي المغربي ٢٤ الف درهم من المجمع الشريف للفوسفاط ١٠ آلاف درهم من شركة خاصة بالبيضاء، ومساعدة من الدكتور باري طبيب بخريبكة في القطاع الخاص بأربعة آلاف درهم . حسابنا البنكي رهن إشارة الجميع لأننا كأعضاء في الجمعية، نساهم بدورنا في تحمل جزء من المصاريف أما الدورة الأولى، فقد تركت انطباعات جيدة جدا ولدينا كل ما كتب حول الدورة الأولى داخل وخارج المغرب.
أبوابنا مفتوحة للنضال الثقافي، أما السياسي، فأنا لست متخصصا فيه، هناك من يقوم بهذا الدور بشرف .تحية إجلال لمن يؤمن بقدراتنا في دعم مسيرة المغرب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، بطريقة تشاركية تعاونية ،أما من لا يحسن ولا يجيد إلا وضع العصا في العجلة، فاعتقد من الأفضل أن نقول لهم عليهم بالتقاط ما يجري من تحولات في هذه العولمة، مهرجان السينما الإفريقية، بدأ مثلنا هو اليوم مؤسسة سينمائية قارة تساهم في تطوير سؤال التنمية الثقافية، هو موعد قار وفرصة متميزة للنقاش وتبادل الأفكار .
نحن نصارع بالمفهوم الثقافي السلمي طبعا، من اجل إضافة هذا الموعد لخريبكة في أفق تنمية ثقافية للمدينة والتعريف بها ثقافيا وفنيا، واعتقد أن أفضل استثمار هو في البشر وفي تكوينهم الثقافي والتربوي، إنه نوع من التنمية الإنسانية.
فالدورة الأولى خلفت العديد من أشكال التعارف والتواصل، وحضور جمهور متعدد ومتنوع لمتابعة الأفلام الوثائقية التي عرضت وهيئنا العديد من اللقاءات بين التلاميذ والطلبة، وبعض المخرجين لمناقشة الأعمال المعروضة ، وسنوسع التجربة أيضا خلال هذه الدورة
كلمة أخيرة
أود قولها من خلال منبركم الإعلامي اشكركل من يمد يد العون لنا ، ونلتمس العذر من كل من يعتقد أننا ارتكبنا خطأ ما ؟ عمقنا نبيل مرهون بمحبة الفنون، طموحنا قوي أن ننخرط في تنمية وطننا من الزاوية التي نحب، ونزعم أننا نعرف بعض تلويناتها الثقافية والفكرية، والمهرجان اليوم هو في ملكية المدينة، وظيفتنا أن نسعى ما أمكن أن ينطلق القطار، ولابد من تغيير من يقود التجربة والمجال مفتوح لكل من يريد أن يجدد الإبحار في اتجاه أن يكبر المهرجان.