الواقعي والعجائبي في رواية "خيال ساخن"، إعادة الإعتبار للرومانسية بمفهوم جديد
رواية "خيال ساخن"، لمحمد العشري كانت محور الندوة التي دارت مؤخراً في نادي القصة بالقاهرة، في بداية موسمه النقدي الجديد، أدارها الدكتور شريف الجيار، وتحدث فيها كل من الدكتور سامي سليمان والدكتورة عبير سلامة، في حضور عدد من النقاد والكتاب، منهم: يوسف الشاروني، زينب العسال، محمد قطب، ربيع مفتاح، أحمد عبده، صلاح معاطي، سوزي شكري، منى عامر، مدحت الجيار وغيرهم.
أشار الناقد سامي سليمان إلي أن قراءة رواية "خيال ساخن" تجعل القارىء أمام عالمين مختلفين، عالم واقعي وعالم آخر متخيل، يحمل قدراً كبيراً من الحرية، يتقابل العالمان أحيانا، وأحيانا يتباعدان أو يغلب أحدهما علي الآخر، رغم أن العالم المتخيل يحتل مساحة كبري من النص، كما اهتمت بنية الرواية بفكرة صناعة الأسطورة أو المعتقد، انطلاقاً من حرية الخيال، وتجليات جو الحلم ومرونة الحركة وإيحاء تشكيل الأسطورة، فسيطرت علي الرواية أجواء المفاجأة والتقلب من حال إلى حال والظهور المفاجئ للشخصيات، في بناء قائم على بث المشاهد الواقعية بعد تقطيعها في فصول الرواية بأشكال مختلفة، تتسم باللعب الجمالي الماهر، مع اللعب الفني المدروس بتقنيات سردية جديدة ومبتكرة في لغة شعرية عالية.
الناقدة عبير سلامة تحدثت عن الرواية قائلة: تابعت روايات العشري من بدايته وحتي هذا العمل الروائي المدهش، بما يتسم به جدية وأصالة وتجديد في الكتابة، بلغة رشيقة، سريعة، قوية، وشاعرية. ويمكن تتبع هذه الرواية نقدياً من خلال ثلاثة أنظمة، نظام اللغة نطام السرد ونظام المخيلة، نطلق عليها الرواية الرومانسية بما فيها من أحداث واقعية، وما جعل الرواية تختلف عن غيرها من الروايات الرومانسية، أنها ليست محددة المعالم والتشكيل، وليست محدودة الخيال.
وترى الناقدة أن آخر صفحة في الرواية تفسر كل أبواب الرواية وهي (الأمل، والهيام، والنافذة، والعناق) هذه العناوين إشارات لمضمون الرواية، فمحمد العشري في هذه الرواية بلغ مرحلة النضج الأدبي على نحو لافت، لغته رشيقة، واضحة، قوية، ذات ذوق شعري، حتي حين يحكي وقائع التاريخ، قسم الرواية إلي أربعة فصول سردياً، الفصل مقسم إلي فقرات تتسم بإيقاع سريع علي الرغم من الوقفات الزمنية والوصفية.
قال الدكتور شريف الجيار: شخصيات الرواية بين المتغير والثابت القديم والجديد، الأب والابن. الرواية فيها ما يعرف بالسرد الإطاري، بدأت بضمير الأنا، الذي أخذنا حتي نهاية الرواية، ثم اعتمد علي المغايرة، وانتقل من السرد الذاتي وإشراك أصوات أخري في الرواية في طريق الحكي، اعتمد علي القفزات في الحوارات الداخلية، والتأملات الوصفية، في وصف أدب الرحلة، وقف بزمنية الحدث زمن هذه الرواية، زمن متوسط الإيقاع.
وأشاد الجيار بفكرة استلهام التراث والنصوص القرآنية، خاصة أنه لم يأت بالنصوص مباشرة، بل أتي بها ضمنياً في سرد الحدث التاريخي، وهذا نوع من أنواع المناوشة السردية، فالرواية خليط ما بين الخيال والفانتازيا وتحتمل التأويلات العديدة، يحمل تأمل في واقعية الأحداث، وهي تعبر الواقعية الفنية.
وعلقت الناقدة زينب العسال في نهاية الندوة، قائلة: "نحن في حاجة ماسة إلى رواية "خيال ساخن" الآن، وما على شاكلتها من روايات، في ظل ما نراه ونقرأه في الوقت الحالي من روايات تتسم بالواقعية الخشنة "القذرة"، ويحسب لمحمد العشري أنه لم ينجرف إليها، وأعاد الإعتبار للرواية الرومانسية بشكل مغاير، نابع من رؤيته ورومانسيته ومفهومه. لكنها أبدت اعتراضها على الغلاف.
يذكر أن محمد العشري، روائي وكاتب مصري صدرت له خمس روايات، وحاز على العديد من الجوائز، كما حازت روايته "خيال ساخن" على جائزة إحسان عبد القدوس.