سجادتي شفق .. والمسبحة عكّاز
هناك ..
حيث يستيقظ ملوك البحر
وتغادر أنفاسهم
تنور الحروب
أعدّ للنهر آذانا
أترقب من تلويحة الغيب
قصباً
كي أجذفَ به عمري
أو أختفي في صلاة
لضفّةٍ من حليب
أو صرخةٍ
أدعو فيها ضمادَ الشفق ..
هناك
حيث لا تفقهني المدنُ
أدرأ بالعكّاز ضبابَ حجيجِها
وأصوغ من أسمالٍ للضحى
شراعاً
لتماثيلَ المقاهي ..
هناك .. لا وقت للبقاء
حيث ملوكُ البحر لم يفقهوا :
أن المدن
ثرثرةٌ زائدة
عن بلاغةِ الأفق
أتدفأ .. كسيّد من دون احتراس
يجب
أن أغفرَ للمعاطف
تلك التي
لا تبوحُ بغربتها ..
للأذرعِ بلا فرشاة
ولا تلوّح للجرح ..
يجب أن أغفرَ للنجوم
للقمر النحاسيّ
وبقيةِ الغرائب .. حين أركض للسماء
حين لا أجد سوى رعبي
نقاوتي المبقّعةِ بالشحوب ..
حين لا أجد
سوى قوسِ المكان
يرقبُ وتراً لعكّاز ..
حين لا أجدُ
لا أجدُ في هذه الحجرة
التي
اسمها اللغةُ
سوى تماثيلَ تسوّر عشبَها ...
يجب أن أغفرَ لبلدانٍ
لا تعرف السقوفَ ..
لا تعرف سوط المكان
على جلدِ الرصيف ,
على فمِ طفلٍ
يلمّعُ الأحذية للشمس
ويأكل مع القطط
في الظلام ..
لا تعرفُ رعبي ذاك
ملتصقاً
على مرآةِ الحروب
كقمرٍ نحاسيّ
ولا رعبي هذا
بنكهةِ رصاصٍ طائش
يثلمُ
ركعاتِ أمي
ويهزّ لوحةً لم تكتمل بعد
لشقيقٍ بلونِ الغياب ...
لا تعرفُ
لا تعرفُ
لا تعرف ..
يجب أن أغفرَ لاسطكاكي هذا أو ذاك
أو
أتدفأَ الآن
كسيّدٍ من دون احتراس
طاولة كونية
بقليل من الأسرار
بوسعي
أن أتمتعَ بالقلق ..
أستحمُ في نفسي
مثلَ رجل يبحث في أكوام دروب ..
مهنتي غامضة
مثلما الريح تسكنها قبّعة
مهنتي
ساخنةٌ أيضا
مثلما التنقيب عن الدهشة...
هكذا أرى الفضاءَ
يستحمُ بأنفاسي
هكذا أركل العواصفَ
لأجل ملامحِ بيتي
وأبدو
أنيقاً من الألم
ومترفاً من القلق ...
لذلك
أحضنُ باب الأسرار
حين يرتجف بين أصابع فكرة ,
ومثل رجل يبحث عن طفولته
أدخلُ حجرةَ الكون
عندها
أقف حائرا
إنها ...
إنها تشبه حجرتي
إجراء
يالهذا الجدار ..
منذ متى يلقّنُ بحرَ غرائبه
في نومه ضجيجُ الباعة
وفي ضجيجهِ أنام ..
يالهذا
كلما أقتني أمراً
أراه يسبقني
عند فكرةٍ غير مأهولة بالسكن ..
عند مسمار أعلّق اليوم على غده ..
عند أمس أطليه بالخوف مرارا ..
كيف بوسعي
أن أوقفَ إجراءَ الهدم ؟
لأجلك .. أيها التصدّعُ في الروح ..
لأجلك .. أيها الغارقُ
في رطوبةِ الأمل ..
كيف بوسعي إيقاف هدير الجدران
كقواربَ تستنجد ؟
آه ... معاولَ الباعة
معاولَ الحروب
معاولَ النمل
في عينِ الحياة ..
كيف بوسعي النومُ بلا جدار
فأحلمُ
غارقاً
في
قاع
جدار ؟
حقل
عاد ..
بتفاصيل دافئة
ارتدى سترته أمامَ النافذة
هَمَسَ في عينيها :
_ إنني راحلٌ في الغد ...
عادَ لأنه مثقلٌ بالتفاصيل
لأنه
مثقلٌ وحسب ..
_ إنني راحلٌ كعيونٍ اتسعتْ
ضاق بها
ضجيجُ الهروب
وغداً أفركُ النافذة
من ثقلِ أنفاسها .. كي أطير ..
غداً
أعودُ مثل بحّار يتيم
حفرَ كثيراً في أوراقه ,
رأى تفاصيله بقبضة معول
وقلبه
عائمٌ بين السبّابة والإبهام
_ غداً
سأكتبُ ابتسامة
هادئاً .. عالياً
على شراع ورقةٍ لطير،
ولأنه اصطكَّ لعودته
ارتدى سترةً لطير
ولأنه مثقلٌ بموجِ أنفاسه
فتحَ النافذةَ :
هكذا يصلُ
هكذا يعومُ
هكذا يسألُ
_ أيتها القرية ... أين ؟
فعانقه
حطبٌ مهجور
زجاج
(إلى رعد عبد القادر)
(1)
مثل فوّهةٍ
تتذوقُ الأهداف
ولا تسدِّد إلا مرةً واحدة..
تلك هي مخاوف الذاكرة
من بندقيةِ الزجاج
............
(2)
أحيانا نخلع السنوات
مرضاة
لفضول ما يرتديه،
وفي حصى أيامه
نخلع الذاكرة
مرضاة لفضول ما ينكسر
(3)
السؤال يكتمُ خطواته
يحملُ كيسَ غربته
ويعود..
لكنَّ ظِلَّ الرجل
ما يزال يتسلقُ رنينَ الباب
وبيتُ الأرضِ يكتم أشجاراً
في
جوف الزجاج..
ولأنه لم يكن لصاً
ارتجفَ الإصغاءُ طويلاً
كحفيفِ جريح
لزجاج يتساقط
أوراقاً شاحبة
..........
(4)
لم يقرأْ
سوى تلكَ النافذةِ..،
ودمُ الرؤيا
يتموجُ مثلَ فصل
على رمالِ الستائر،
وكلّ ما يتساقط من عين الزجاج
شظايا أمل
لرجلٍ أبحرتْ أنفاسه
في صالةِ متحف
كي يتصفّحَ قرصَ الشمس
أراجيح
على عرشِ أرائكهم
تفطرُ العصافيرُ..
وفي حقائبهم
تحتمي النجوم..
ولأنهم قطفوا يوماً
ستائرَ العيون
نبتَ السؤالُ.. أصبحَ أهداباً
فراحوا
يمسحون بها زجاجَ السماء
تلك التي خلفها الآباءُ
في نزهةٍ قصيرة
أعراس
الأسرارُ
حقائبُ دخان ..
تلك الكائنات اللامعة بالذعر
وبعاداتها
على النزوح بقاطرات شرودنا ..
الأسرارُ مخابئ ربما
لا تزيّنها شرائطُ الأسيجة
دائما
نصطحب بيوتَ أيامنا
فتجرحُ اللعابَ
في عين اللصوص
دائما
هناك ما يجرنا لمسامير متاحفها
ونخلعها
مثل أقراط ثمينة ..
يوما ً
بحقائبَ لامعةٍ تماما
تسوّقنا الغربةَ
كي ندرأَ بالأسرار .. غيومَ حداد
يوما ما
سنقفُ طويلاً لأجلها
وحين لا تطرّز المصابيحُ
عنقَ الأحلام
سنحرق الأسرارَ أكاليلاً
ومثل حقائب دخان
تبتسم ..
تبتسم كأعراس مذعورة
طريق الموتى
إلى _ إلى الراحل أبدا .. أحمد آدم _
(طريق ليس بوسعي اختزاله لأني
ما زلت أراقبكم في مرآته كأمواج)
نهارٌ آخر
لاصطحاب الممرات..
لاقتناء غرائبكم
وهي تسيلُ في خطوتي
مثل موجة
بين نافذة البيت
وحقائبكُم في العراء..
لاصطحابِ نهارٍ آخر
كل هذا الهروب .. مكاني
الهروبِ الجميل
فوق منصّة فوضاكم
منصّة يوزع أدوارَها
دخانٌ طويل
يمشي
خلف أسيجة للأمل..
كل هذا الدخان.. عرائي
يأخذ شكلَ الطريق
كي أعلّقَه على لوحةٍ
لم تكتملْ بعد..
وتسيلُ ملامحكم
تسيل دائماً
بينما
أنشغلُ برجفةٍ
بموجةٍ أخرى
خلف الكواليس الجميلة
لوحات لنزوح الطائر
مرةً..
اهتزّ سقف الحقيبة
لم تكن هناك ممالك تعزف
ولم تدن خطى المطر.. أيضا
حتى غصنك الذي
تركته على الطاولة
شطبه النادل
مع لونِ الشاي المتيبّس..
مرة.. ومرة.. و..
اهتزَّ سقفُ هذا اللغز
وبحثت عن معنى اختفائه
في حقيبة..
وقبلَ كل يقظة لون
في سماء الإجابات
رأيت طائراً
يذرفُ دمي
ورحيلك
في لوحة واحدة
..........
دعني
أتوهّم قليلاً
أن الحلمَ مكانٌ بسيط..
أجنحةُ منديل على غصن يهتز
أو يدٌ تلامس
فرشاةَ ما يحدث هناك
بهدوء
دون التفات لارتطام الأمكنة
وانسحاقِ اللون
بلغةِ الجدار..
دعني أتوهمُ
أن اللوحةَ لم تُكسَرْ
فالجدارُ تراجعَ
أو اختفى
لا أدري..
لكن الطبيعةَ تنظر
في ..أجملِ مأزق
...........
ماذا يحصل
لو رسمنا قريةً من زجاج..!
لا أدري
قد يزورنا أحدُ الطغاة
كي يغمسَ دخانه بالهشيم..
...........
ألهذا
خُلقت الحقائبُ..؟
دائماً استيقظُ
على صوتِ اهتزاز
فأظنه سقفَ البيت
لكني أكتشفُ أحدَهم
بجناحٍ وعكّازين..
........
ألهذا ..أيضا
ابتكرنا الألاعيبَ
ومنها
أن تبقى اللوحات
ناقصةً
كي نحافظَ على الجدار
من النزوح .....
مجاهيل
أحياناً لا نسأل
عن أوانِ الألم
ونكتفي بخفايا كائناته
لا نعرف كيف ندور
بدلاً عنه
لا نسألُ حين يغادرُ المنزل
وينام كأبلهٍ
فوق كراسي المقهى
لا يجرؤ أيّ منا
أن يطرده من قدحِ الشاي
أن يوقظه من خوفنا
عندها
يحدّقُ في الوجوه
ويعدّ بسياطِ عقاربه..
أحياناً
لايصدّق أيةَ طراوةٍ
في مجهوله
تشربنا جهاته
ليتركنا أقداحاً
ولا نمارس أفواهنا بالصراخ
لذلك
يصطبغُ الطريق
ما بين المنزل والمقهى
بمجاهيلَ تدّعي
أقداماً طرية
لذلك أيضا
تقذفنا المدينةُ شباكاً
كلّ صباح
نلتقط آثارها طعناتٍ
ونعود
بأبلهٍ
يدعى الألم
مناجم أخرى
يمضي..
يلتقط إصبعاً ليومه
يغمسه
في منجمٍ للدهشة
كما الفرشاة
تدفع غيمَ المجاهيل
لتستردَّ أجفانَ حقائبه
وتسيلَ ندىً
لأجلك أيها الزجاجُ المحطم..
وحين نطقتْ مخاوفه
سالتْ إصبعه
مثل حبل
وعبرت الدويّ على ظهر أرجوحة...
ويمضي
يدفع الطريق إلى مناجمه
يرى البيوتَ قواربَ هجرة
والموجَ أراملَ
والذهولَ مخازنَ للريح..
مازال يرى الرمادَ
سلاّتِ طعام
والمتاحفَ تشتهي رأسه
دون قنديل
حقائب يومية
لتنبّه الطريقَ
إلى وعورةِ الشجن..
ممراتٌ تحملنا كمناديلَ..
ممراتٌ نحملها أنهاراً يدوية..
ممراتٌ في سماء مخابئنا
لإيداع بريدِ المآتم..
ممراتٌ تحملنا أسئلةً
ونحملها أخطاء..
ممراتٌ كلما جفّت حقائبها
تسبحُ
في ديون الأمل..
ممرات
ممرات
ألهذا نتّهم الذكرى بغنائمها
ونهذّبُ المجهولَ بالرحيل؟
وحين نعود يوماً
بلا ممراتٍ
قد نصطحب الحقائبَ في زوارقَ ورقيةٍ ...
أين
متى
أين
أين.. نفرغ حمولتنا من الطفولة..؟
مأوى .. في شارع المتنبي
كمن يخشى
طقسه المؤبدَ
أردتُ أن أصغي لسحابةٍ لا تهدأ
لطريقٍ لا يندمل عراءُ مجانينه
ولأنَّ الأغلفةَ ليست للقوارب
أجيءُ حافياً
كترنيمةٍ مباغتة
بينما الأمواج .. بلا رفق
ما يشبه الضباب
تدفع بأقدامي الورقية ..
وبما يشبه الرهان على التحليق
دائماً
نبحث عن مأوى
كما تفعل
كأسُ اللغة
وهي تبحث
عن مظلّةٍ لا تهدأ
ما يشبه الأمل
منذ القدوم
إلى صدمة الشمس ..
صار اللجوءُ إلى الحبال
عزفاً
على الأقدام
ومشهدُ المغيبِ
أثراً
لما يشبه الأمل
جسور
أخيراً ..
أدركوا لغةَ المياه
فالأرضُ سلبتْ أقدامهم
ومهبُ الحروب
لا يفقه شيئاً
عن الضفّةِ الثانية
تأهـُّب
كلّهم عبروا ..
الذاكرةُ متحفٌ خافر
وحدي هناك
أقفُ بلا منازعٍ
أنظّم سيرَ الموتى
وإصبعي
على زنادِ العكّاز
(.................)
كم
تعلّمتَ من الفراغ .. ؟
الفراغِ الذي يرتمي في بئركَ
ولا يعودُ
إلا بقبضةِ سرّ
أو حقلٍ في ألغام
أجراس
الأعشابُ
هل تملك كلَّ رنينِ التجوال
في شوارعِ الحواس ؟
الأعشابُ تربّي أحفادَها
تهذّبُ هذا الخوف
في برّية أعينهم
ولذا
تطلقُ أجراسَ النوافذ
عندما
يرتدون الأقنعةَ
...
ثمةَ أطفالٌ
يجلسون بدلَ النوافذ
ليغيظوا العاصفة
العشب يراقب دائما
ثقـبٌ
في الصدر ..
لا معابرَ فائضةً لزجاجِه
لانزلاقِ الطقسِ وحبّاتِ المطر ..
كلّ ما يملكهُ ينساب
وينسابُ العشبُ بأعجوبةٍ
صارخاً :
هناك ثغرةٌ!
ثغرةٌ في صدرِ الهواء المحترق..
وهناك لا بدَّ من عودةٍ لي
وحدي على نقّالة
تحملُ الطقسَ بلا زجاج
بلا أطفال
وكلّ ما ينساب في صدري:
عشبٌ
يراقبُ من ثغرة
يطلق صمته البهيج
لم يتحدثْ
عن كلّ الفصول..
يكفي ظِلٌّ بمفرده
يخطفُ إصغاءَ الزجاج..
كان يمرُ بأجنحة
تقلّبُ أوراقَ الغد،
تخطفُ الموسيقى قبل نشوبها..
وربما
بلمحةِ المجهول
يسرّحُ طرقاتِ بابه
ليسيلَ مثل حفيف..
يكفي ترويضَ أكذوبةٍ لهاتفِ الريح..
يكفي الاصطدامُ بحفيفٍ بهيج..
لم يتحدثْ عن كلّ الفصول
كان يلامس أثاثَ عزلةٍ
وبسلالمَ أغصانها
يستنشقُ آثارَ حقائبه
لتهريبِ الشفق..
هل كان في حقل محاكاةٍ
يطلقُ راحتينِ للزجاج؟
أحياناً
يكفي ظلٌّ بمفرده
يخطفُ جراحاتِ الزجاج
أو يقطع أزرار شمعة
كي تذرفَ أشجاراً
وعلى قميصِ غرفته
ينزلقُ سراً
كي يقطفَ ثمارَ النيازك أيضا
في ...
مجرّةِ الكواليس
أحياناً
أحياناً.. لكنه
لم يتحدثْ عن كلّ الفصول
يكفي الاصطدامُ بصَمْتِهِ البهيج..
يكفي غيمةُ عكّازه
تنزلقُ سراً
على أهدابِ الأفقِ..
يكفي ظلُّه
يطلقُ صمتَه المشدود
بفتيلِ الأفق..
لم يتحدثْ عن كلّ الفصول
كان يمرُ بأجنحة العكّاز
ليفتحَ عشّ مجرّته،
يقلّبُ أوراقَ الغد
ويخطفُ الموسيقى قبلَ نشوبِها
بلا صراعٍ للديكة
وبلا أروقة غبار
طائر في منعطف
(إلى عقيل علي في يقظته الأخيرة)
يكفي هذا..
أن نزرعَ الحيرةَ في يوم،
أن يخطفها أحدٌ ما
ليرتقي أشجارَها..
وفوق أعشاشِ بكاء
يكفي
لئلا نبلّل أحداً بالضجيج.......
تركنا وصولهم إليك
لم تجدْ أثراً..
كنت دائماً تصلُ البابَ الذي
تصدّعَ هواؤه
لتصرخَ:
من يجلسني أكثر في وجه الخفاء
ابتسامةً لعرائي..
لم تجدْ أحداً فيك
لتكشفَ مفاتيحَ الغبار
أما رأسك
فوجدته طافياً على قامة منعطف..
دائماً كنت
تصلُ عند انقطاعِ الخطوات
دائماً
تصرخُ:
الخطواتُ هديلٌ على الرفوف
رأسٌ يحرثُ السماءَ
وأنا أهرولُ في القناني..
في الشرفةِ التي سكبتْ
جدولاً من حرائق..
في الحدائقِ التي خطفتها الريح
وكمّمها رجالُ الأعمال..
في البصمات المهدورة
على حائطٍ للإهداء..
وفي عشّ فارهٍ للندم
للجميع
يتّسعُ هذا ولا يكفي
يتّسعُ الذي لايكفيك..
أيها الطائرُ
كيف نطيرُ بالمنعطف معاً؟
فاصل للدفء
إمسكي هذا الدخان..
إمسكي الوهمَ الذي لايشتكي
من قرعِ طبوله
من حطبِ رأسه..
ذلك حتفي
أن أكونَ مرمياً على طاولة
وبلا
خوذةِ حرب
بينما الأشباحُ مقاعدَ
والسقفُ فضاءٌ خافرٌ
لأنباءِ الضباب
عن الغد...
إجعلي هذا الرثاءَ
يكتشفُ الهديل
في خدوشِ الحائط
واجعلي العشبَ شراشفَه
لضمادِ الكلمات..
واشعلي القدّاسَ بأزرارِ النجوم
رفوفُه
تلطّفُ قمصانَ الدموع..
ومن كفّيّكِ أختارُ نقّّالة
لوسامةِ الدمِ في حبرِ الجنوب..
وحدكِ الحارسُ الآن
و(العمارة)[i]
لم تطفئْ تبغها بعد
بلا ساقٍ
كمخطوطٍ يلتقطُ أنفاسه..
واعلني الدفءَ أو الحربَ
على حتفي
هل حقاً حدثَ هذا ... ؟
_ إلى الفنان ع . ب _
ربما اللونُ
شراسةٌ
والفرشاةُ ذخيرة ..
أما الزناد
فرأسُ غرابٍ ربما ....
كلّ يوم يتكرّرُ المشهد
إذ تنفجرُ الأنظارُ
في أذن اللوحةِ ..
كلّ يوم يكرّر الشهود :
هل حقاً .................. ؟
ويسيلُ الصمتُ دماءً
في
عروقِ الصالة
رصيف
أعاصيرٌ من الغبار ..
ولا شيءَ يجدي لألسنتها
سوى بائعٍ
يرفضُ أن يسوّق العقلَ
للمهرجينَ ,
والدموعَ
للنفاياتِ ..
ليهبطَ من فوق الرصيفِ مظلّةً
ليلوّحَ
هنا مؤونةُ الجنون ..
هنا
كتبي
السؤال
نحن الذين تؤرّقُنا
حمّى الحياة
أشدُّ طراوةً من خطوة..
نحنُ
من لا نملك اليدَ حين تحاور
حين تمسّد فوقَ الممتلكات .. خوفَها
مشطورةَ الأسرار
هذه الخطوةُ حين تسأل
على هيئةِ جسدٍ معلّق
فوق حطامٍ
أو حطامٍ
معلّقٍ فوقَ يدنا..
نؤرخُ الحيرة
في حانةِ تدعى اللغة
متقابلينَ بلا وجوه..
من يوقفُ الأسرارَ فننجو بلا صمت ؟
هل الصمتُ حافلةُ السؤال ..
أيها المعنى
أطلقْ يد َالغرباء
انك تشبهُ الحمّى ..
أيها السؤالُ اقفزْ عالياً
كي
تمسكَ
بنا
مباهج أبي
منذ بزوغهِ ..
كلّما
تبعثرُ المرتفعاتُ مباهجي
لا أرغبُ في تسلّق شيء
لا ..
سوى مرتفعاتِ دعائه
في صباحٍ مبعثر
وثيقة
الأرجوحةُ التي أهدتني
إلى غيمةٍ
لم تزلْ تلوّح
لملامحٍ لا تعرف الاختباء ...
كم ندرأ عن بيوت ِأيامنا
وكم
نستضيفُ من ثقوبِ الأعاصير
ونعلنُ
نحن جنودَ المجاهيل
لا شراسةَ تحرثُ السماء
سوى الهديلِ
لا ذخيرةَ للعشب سوى العزلة ................
منذ متى
وغنائمُ الذاكرة
كلما جفّت حقائبُها
خطفتها الممراتُ إلى ............؟
ونحن نصغي لأرجوحةٍ
أهدتنا لفكرة ِالأمل
...
صامتينَ
نجرجرُ المؤونة
الى أناقةِ التأمّل
كي نحتفي
بوصول ِزوارقنا الورقية ....
وغداً
لن تكون الطرقُ طويلةً
كلما سقطت غيمةُ حيرتنا
وارتدى الكونُ مسرحَ اختفائه
ورأيتَ الدموعَ تحفر
في لوحةِ بيتك
لن تكونَ الطرقُ طويلةً ..
تلك أوهامنا
وثيقةٌ لا تبحثُ عن متحفٍ
كلما
نقذفها في الهواء
يصحبُها الأطفالُ بدلَ الأراجيح ..
لنحتف كثيراً كثيراً بهذا الرذاذ
فالطرقُ ليست طويلةً
والجنونُ
أدفأَ الطرقِ إلينا
دويّ
في جيبه لحظةٌ ..
يسعى كثيراً
للاطمئنان عليها
لا حاجةَ لإرباكِ الفضاء
في غرفِ الحكمة ..
كلّ ما يملكه لحظةً
يمسكها مجذافاً
كي تعومَ بين الجدران
ويلقي حبلَ الأمل
على
ضفّةِ بابٍ مهمل ..
مرةً
أمسكَ دويّا
فأخرجَ قبضةَ عشب ..
أخرجَ لحظةً حائرةً لقطرة دم
يسعى كثيراً
لتهدئةِ مناجمها
القرية
لأنه
يعودُ بأكتافِ المدينة ..
ترمي الطرقاتُ أنفاسها
حبالاً
ولكي يخلعَ فأسَ متاعبه
يتزلّج الأبُ على غيمة الذاكرة
فيجلبُ القرية للبيت ..
هكذا
يصحبها مرةً إلى الحديقة
وأخرى للضيوف
وفي المساء
يقلّبها بين سهولِ كتاب ..
أما الأبناءُ فيعودونَ أيضا
وليس بوسعهم أن يقطفوا
جرسَ الباب
لأنهم .....
يدخلونَ القرية
ممرات
( 1 )
بينما نمسك باللحظةِ
يداهمنا
ملمسُ الحجرِ ..
بشفاهٍ مفتوحة نتركها
تتّهم العمرَ بطوله .....
( 2 )
للأبِ
ارثه اللامرئي
كثيراً ما يعانقكَ
في الممرِ إلى الفضيلةِ ..
في الممرِ إلى الإفلاسِ ..
في الممرِ إلى الحفيد
بعيونٍ واسعةٍ للندم
( 3 )
الممراتُ تخافنا ..
تلكَ التي
لا صلةَ لها بالنوافذ ..
بالطيور ..
بالغرباء ..
ولذا
كلّما اهتزتْ أحضانُ الطبيعةِ
خرجَ الشعراءُ
كحقولٍ بلا ممرات
شاعر من العراق
· ( العراق – بغداد 1961 )
· دبلوم هندسة مدنية
· عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
· عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
صدر له :
1. غيمة في عكاز – شعر 2001 م بغداد/ دار الشؤون الثقافية
2. حارس المناديل – شعر – 1999 م/ بغداد مكتب المدى