عن التصور والمفهوم :
إن الثقافة ككل منظومة حية تعرف تطورات وطفرات نوعية في الوضع والوظائف، إذ أنها في أزمنتنا هاته أمست أكثر فأكثر حقلا للاستثمار في التنمية البشرية وقطاعا للإسهام في خلق مناصب الشغل والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي فقد ولّى زمن اعتبارها نشاطا ثالثيا غير منتج أو ترفا لتزجية فترات الفراغ و"قتل الوقت".
وإذا كانت صيرورة الثقافة كذلك، أي تحولَها إلى التنمية ومراميها، فإن وظائف إضافية جديدة أخذت تُناط بها وتُسأل عنها، وكلها ذات طبيعة تحليلية ونقدية، منها مثلا لا حصرا:
- صيانة الذاكرة النافعة والمخيلة المبدعة وإنعاشهما؛
- الإسهام في بناء مجتمع المعرفة وتقوية أساسياته؛
- نقد تجاوزات العولمة السائبة والرأسمالية المالية الافتراضية القائمتين على التحلل من الواقع وتجاهله ومعاداة مصالح الناس وحقوقهم؛
- تمكين منظومات التسيير والتدبير من وسائل التثقيف والعقلنة والتيسير؛
- رصد مكامن سلوكات الغلو والتعصب والعنف وعلل تكونها واعتمالها، وذلك بغية مغالبتها وتخليص المجتمع والناشئة من تمظهراتها ومخاطرها؛
- الارتقاء بالوعي الفردي والجماعي إلى التشبع بقيم الجمال والخير والحقيقة وبمبادئ المواطنة البناءة والحرية المسؤولة والتضامن الموحد؛ إلخ.
خطوط لسياسة ثقافية فاعلة :
بناءً على ذلك التصور الذي لا يجعل من الثقافة كل شيء (كما ذهب إليه الوزير الفرنسي الأسبق جاك لانگ)، وإنما هي في كل شيء، فلا بدّ وأن تقوم على ركائز مؤسِّسة ومبادئ موجهة ذات قوة ونجاعة في حرث الحقل الثقافي وبذره وريّه، أي بمقتضى سياسة ملائمة متزنة، تتوخى المحاصيل والعائدات الملموسة النافعة، ومن أبرز خطوطها العريضة التي نحاول السير على نهجها:
1/ الوقوف على أحوال الوزارة ومرافقها من حيث رصد واقعها وحاجياتها: وهذا ما أبرز ضرورة الشروع في تحسين هيكلة الإدارة الثقافية وتعزيز المقدرات والكفاءات المتوفرة لديها، وذلك باعتماد منظومة جديدة يُخَول بموجبها مزيدٌ من الصلاحيات للمديريات الجهوية الست عشرة، وتجديدُ الترسانة القانونية للقطاع وتحيينُها، والرفع التدريجي من الاعتمادات العمومية المرصودة له، فضلا عن مواصلة سياسة التكوين والتكوين المستمر للأطر والموظفين الذين بلغ عددهم 1837.
2/ علاوة على المديرية الإدارية والمالية، المطالبة أكثر فأكثر بإعمال الحكامة الجيدة وترشيد النفقات وتقوية المداخيل، تُعهد إلى المديريات المركزية ثلاث مهام : دعم الكتاب والنشر والقراءة العمومية، حماية وإنعاش التراث بشقيه المادي واللامادي، دعم الفنون والإبداع، السعي إلى تحديث الإدارة، وإعمال التسيير الجيد، وتشجيع ذوي المهارات والمعرفة التدبيرية المتوفرة بين أطر الوزارة واستقدام آخرين. ونعتبر البرامج المجسدة لهذه القطاعات ذات طبيعة أفقية تستهدف الارتقاء بمستوى المواطن الثقافي وإثراء معارفه، وذلك لكونه العنصر الحاسم في إنجاح المشروع التنموي الشامل.
3/ اقتناعـا منّا أن الدولـة لم تعــد الدولة الوهابـة الرزاقـة Etat providence، فلا سبيل إلى تقوية ميزانية الوزارة السنوية (وهي بنسبة هزيلة 3،0% من الميزانية العامة) إلا بتنويع مصادرها، وذلك من خلال محاورة الفاعلين الاقتصاديين والقطاع الخاص والراعين وتحسيسهم بوظيفة الثقافة وإسهامها في التنمية البشرية، هذا فضلا عن محاولتنا استثمار علاقات التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، قصد جلب مصادر تمويل إضافية لفائدة المشاريع والبرامج الثقافية الوطنية والجهوية والاقليمية، كالصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (FADES) الذي كانت له اليد البيضاء في تجهيز خزانة القرويين وإعادة تأهيلها بغلاف مالي بلغ 11.400.000 دولار، وكذلك حكومة الأندلس عبر وكالتها La Junta لبناء دور للثقافة في العمالات والأقاليم الشمالية والشرقية بغلاف مالي يناهز ثمانية ملايين أورو، كما تجدر الإشارة إلى تعاون اليونسكو مع الوزارة في البرنامج المشترك حول التكوين والتجهيز، وأيضا إلى استفادة بعض مصالحنا من دعم مالي من أوروميد هيريتاج يحدد غلافه مستقبلا.
4/ إنشاء بنك للأفكار المحركة الفاعلة القابلة للإنجاز على المدى القريب والمستقبل المنظور، وذلك لاقتناعنا بأن الفكر كطاقة باحثة مبدعة ومتجددة جدير بتحريك السواكن ووضع "النبوغ المغربي" على محك التنافسية المنتجة الرافعة. ويستتبع ذلك فتحُ صندوق أدوات وآليات الأجرأة والتنفيذ، وتكليفُ المديريات الجهوية والمندوبيات الإقليمية بالأخذ بها وتشغيلها، حسب برامج عملية دقيقة هادفة.
5/ سن سياسة الشراكات مع جمعيات ومؤسسات ثقافية أو راعية للثقافة، ومع الجماعات المحلية داخل المغرب، علاوة على وزارات الجوار: التربية والتعليم، الشباب والرياضة، السياحة، الصناعة التقليدية، الهجرة؛ أما خارج المغرب فالشراكات، كما سبقت الإشارة، قائمة بالفعل مع منظمات ثقافية وتربوية، عربية ودولية.
6/ التوجه إلى جيل الشباب لتحسيسه بضرورة أخذ الكتاب والقراءة بقوة الشغف المعرفي ومحبة الفكر التنويري. ومن ثمّ توجّب دعم مجال الكتاب والنشر وتشجيعُه عبر إنشاء شبكة دور الثقافة وأمكنة القراءة، وتمكين مختلف مكتبات الوزارة الموجودة والعاملة من الكتب الجيدة الهادفة والتجهيزات اللازمة، هذا علاوة على تنفيذ خطط عمل مشتركة في هذا الشأن مع قطاعات حكومية، تتقدمها وزارة التربية والتعليم، وذلك لكون تغطية التراب الوطني التي بلغت 414 فضاءً ثقافيا تتطلب المزيد من التقوية كمّا ونوعا. لكننا جميعا واعون أن حب الثقافة وبناء مجتمع المعرفة مشروطان باطراد نسبة نمو اقتصادنا وبإنعاش سوق الإنتاج والشغل.
7/ تمكين المغرب من مؤسسات ثقافية جديرة به وبحضارته الثرية والمتنوعة المتناسجة، وذلك بتحسين أوضاع الموجودة منها والعملِ على تشييد أخرى، تحظى بمواصفات عالمية، وتضع بلادنا على طريق التحولات الثقافية للقرن الراهن، ومن أهم هذه المنشآت : المكتبة الوطنية للمملكة المغربية التي هي الآن معلمة نعمل على تحسين خدماتها وتنمية مردوديتها، المتحف الوطني للفنون المعاصرة والمعهد الوطني العالي للموسيقى والكوريغرافيا، واستئناف تشييدهما يجري اليوم على قدم وساق، قصد تدارك التأخير المؤسف الحاصل لهما في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة ليس هنا مقام استعراضها، سيما وأني بعد رصد مكامنها توفقت في استصدار أمر قضائي بإلغاء العقد الذي يربطها بمتدخل أجنبي أبلى البلاء السيئ في التسويف والمساومة ومحاولة الابتزاز، فاسترجعت الوزارة أقواس الواجهة التي كان ذلك المتدخل يصنعها بالإنابة (sous-traitance) في معمل بعين عتيق، وأوكلنا إلى وزارة النقل والتجهيز (كما كان الشأن في المكتبة الوطنية) مهمة إتمام الأجزاء المتبقية في آجال قريبة ومتفق عليها. وينضاف إلى تلك المنشأتين المذكورتين متحف المغرب الذي أمر جلالة الملك نصره الله، بعد قبوله بتصميم من بين تصاميمٍ خمسة، ببنائه على ضفة أبي رقراق، قريبا من مسرح الرباط الكبير الوشيك هو بدوره على دخول طور الإنجاز والتشييد.
8/ صيانة الهوية الثقافية الوطنية من خلال الرعاية الدائمة لمختلف أصناف التراث الثقافي الوطني المادي منه واللامادي، مع العمل على توسيع دوائر تداوله وإنتاجه. وهذا يستلزم سن سياسة ثقافية لا ممركزة، تروم إدماج كافة الخصوصيات المحلية والجهوية، وتتوخى القرب بإنشاء مكتبات وسائطية ودور الثقافة ومتاحف، منها التي تتكفل بها الوزارة بإمكاناتها الذاتية عبر مديرياتها الجهوية ومندوبياتها الإقليمية، أو في إطار الشراكات الوطنية والدولية. غير أن الجهوية الصحيحة المنتجة هي التي تعني أيضا وباللزوم صيانة الهوية الثقافية المشتركة، الجامعة اللاحمة، ورعايةَ وتنمية التراث الوطني، بغية تقوية الحياة فيه واستثماره اقتصاديا واجتماعيا من خلال التدخل في العديد من المواقع والبنايات التاريخية على ضوء خريطة للأولويات، مع العمل على إدراج تراثنا المادي واللامادي في لائحة التراث العالمي لليونسكو، كما حصل بالفعل لمواقع ثمانية في انتظار أن يتم ذلك للتجمع التاريخي والعمراني لمدينة الرباط، أو كما حصل لمهرجان طانطان، مترقبين أن يلحق به مهرجان الواحات بفيگيگ، بعدما حققنا بتاريخ 16 نونبر 2010 مكسبا مهما في هذا المجال وهو تسجيل الطباخة المتوسطية في لائحة التراث اللامادي للإنسانية الذي جاء كنتيجة للترشيح المشترك الذي تقدم به المغرب بشراكة مع كل من إيطاليا، إسبانيا واليونان. وكذلك تسجيل تراث الصقارة في لائحة التراث اللامادي للإنسانية عقب الترشيح الذي اشترك فيه المغرب مع عديد من الدول الأخرى. ومن حيث إن تدبير التراث الثقافي تدبير معقد، متعدد المقاربات والتدخلات، فقد أخذت الوزارة على عاتقها تنظيم مناظرة وطنية حول التراث الثقافي، تروم صياغة رؤية مشتركة للنهوض بالرصيد الذي تتوفر عليه بلادنا في هذا المجال، ومحاولة بسط الإشكالات المرتبطة بتدبير وصيانة ورد الاعتبار لهذا الرصيد الذي هو من مقوماتنا الحضارية البارزة. وستكون هذه المناظرة على شكل لقاءات جهوية وموضوعاتية تنظم من شتنبر 2010 إلى فبراير 2011. إضافة إلى ذلك فإن الوزارة بصدد استكمال وضع استراتيجية وطنية لحماية وتثمين التراث الثقافي، وفتح بوابة خاصة به في موقعها الالكتروني الجديد، ووضع تشريع مناسب فعال لصيانته وحمايته، يعالج ثغرات التشريع الحالي، ويستأنس بأحدث التجارب والقوانين الدولية في مجال حماية التراثات، منها مثلا شرطة التراث توكل إليها مهمتان : السهر على سلامة التحف واللقى الأثرية والفنية، وملاحقة المتاجرين بها ومهربيها خارج الوطن ومقاضاتُهم..
9/ إن تلك السياسة الثقافية تسعى أيضا إلى الاهتمام الجاد المطرد بالعالم القروي والمدن الصغرى (وهو نصف ساكنة المغرب تقريبا)، أي - إضافة إلى إدخال الماء الشروب والكهرباء إليه ورفع العزلة الطرقية والتواصلية عنه - تيسير إدراجه في مسالك التمدرس والتعليم، ومدّه بقنوات الثقافة وجسورها، حتى ينال نصيبه من التمدن وأنماط الحياة الحديثة الكريمة، وذلك ما تعمل الوزارة على الاسهام فيه من خلال رد الاعتبار لمكونات الثقافة الشفوية والتعبيرات الشعبية (أي الثقافة اللامادية)، متبنين شبكة وطنية من المهرجانات الفصلية تُعنى، على سبيل المثال فقط، بأحيدوس وعبيدات الرمى والملحون والحكايات والسماع الصوفي، إلخ.
10/ تعزيز الحضور الثقافي المغربي في الخارج تبعا لاختطاط الديبلوماسيا الموازية وإقامة أيام ثقافية (آخرها كان في باكو والدوحة) والمشاركة في معارض الكتاب والنشر الدولية آخرها كان في باريس، نيويورك، لشبونة، سانتياغو، وغيرها).
11/ إجراء لقاءات مع شرائح من المثقفين والفنانين للتعرف على ما يرونه مكتسيا صفتي الضرورة والاستعجال في مجال تحفيز الطاقات الفكرية والابداعية وتأهيلها، وتنظيمُ سلسلة من الندوات المفيدة الهادفة، واكتشاف المواهب الشابة الواعدة في الأجناس الفنية والأدبية والتراثية أو في مختلف وظائف الشغل والخدمات في سوق الثقافة.
12/ إننا نتابع سياسة دعم الجمعيات المسرحية والفنية والأدبية، وحتى المنتمية منها إلى المجتمع المدني، والتي بلغ عددها هذه السنة 84، وحصلت على أزيد من أربعة ملايين درهم؛ وهذا علاوة على شراء العروض ومد يد المساعدة لذوي الحاجة والمرضى من المثقفين والفنانين. وكل هذا يثقل كاهل ميزانية الوزارة، سيما وأن تلك الدعوم تقتطع أصلا من ميزانية التسيير.
13/ تقوية النسيج الثقافي اللاحم المنتج، وذلك تطبيقا لما ورد في مطلع المادة الأولى من المرسوم رقم 2-06-328 للقانون الجديد لوزارة الثقافة المؤرخ بـ 18 شعبان 1427 (10 نوفمبر 2006)، وهو : «توحيد التوجهات وتنسيق الأعمال الهادفة إلى تقوية النسيج الثقافي الوطني» (انتهى)؛ وهذا النسيج المتماسك القوي، الشبيه بالسمفونية أو بقوس قزح، هو وحده القمين بتمنيع الجسم المغربي ضد ما أسماه ابن خلدون العصبية والعصائب، والباحثون الأنجلو-ساكسون الانقسامية segmentarism، التي ما أنهك في الماضي القريب قوامنا الوطني سواها، كما تدل عليه خارطة المغرب الممزق مع الوطاسيين المتأخرين، أو مع جيش عبيد البخاري مدة ثلاثة عقود، أي بعيد وفاة السلطان المولى إسماعيل حتى استعراش السلطان محمد الثالث بن عبد الله، الذي أدخل المغرب في مدراج الاصلاح والتحديث، وكان لعمله أن يسترسل ويتقوى لو لم تتدخل بعد وفاته قوى استعمارية لإيقافه وإجهاضه.
خـلاصــات :
لمواجهة العجز المالي الحاد للوزارة، أعددنا برنامجا استعجاليا (2010-2012)، نتوخى منه النهوض بقطاع التراث المادي (من مآثر ومواقع ومتاحف وقصور وقصبات) وإصلاحَه وترميمه، معتمدين على ميزانية الاستثمار الضيقة الحيز، وبالأخص على صندوقنا للعمل الثقافي، محاولين تأثيله وإغناءه حتى يقوى على تمويل ذلك البرنامج من خلال السعي إلى مضاعفة مداخيله السياحية ثلاث مرات أو أكثر، أي بتشغيل العدادات الالكترونية والسماعات الإرشادية (audio-guides)، وإعادة القيمين على هذه المداخيل إلى وظائفهم الأصلية كحراس وأعوان وحرفيين إلخ. وبشاركة مع وزارة السياحة، ستعد وزارة الثقافة خطة إصلاحية لخلق سياحة ثقافية، تضمنتها الاتفاقيات الثلاث الموقعة من طرف وزارتينا يوم 26 نوفمبر 2010 أثناء تقديم السيد وزير السياحة لرؤيا 2020 في حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله. وكلها تنص على التعاون العلمي والثقافي والقصبات والقصور والمواسم والمهرجانات. وهناك اتفاقية رابعة ستوقع عليها لاحقا وزارتانا ووزارة الثقافة الفرنسية في موضوع إنشاء متحف إفريقيا بطنجة.
إن مكونات مشروعنا الثقافي إذن لهي من صنف التي تم تحديد معالمها في إطار اختيارات بلادنا الأساسية، المعتزة بهويتها الثقافية والحضارية، المنطبعة بالانفتاح اليقظ على الثقافات الإنسانية، المتجاوبة مع تطلعات مغرب الحداثة والديمقراطية، المؤمنة بقيم التنوع الدينامي الخلاق والتسامح ومحاورة الآخر بالتي هي أحسن.
بكلمة جامعة : إن ذلك المشروع هو الأصالة المؤسسة والحداثة المنمية، أي السعي المثابر الحثيث إلى جعل الثقافة عصبا للتنمية البشرية ومعيارا لنهضتنا وتقدمنا في مغرب كله نافع، وكله متضامن ومتحرك نحو الأحسن والأصلح والأجمل؛ وفي هذه العناصر، مجتمعةً متفاعلة، تكمن شروط تفعيل النبوغ المغربي وربح رهانات التحديت والترقية الاجتماعية، وبالتالي أهدافِ الألفية للتنمية (OMD)، وهي ثمانية، التي سطرتها وتبنتها هيئة الأمم المتحدة، ودعت إلى توخيها وتفعيلها كلَّ البلدان الأعضاء، إذ عقدت في موضوعها قمةَ نيويورك يومي 20-22 شتنبر 2010؛ هذه القمة الموفقة التي شكل فيها خطاب جلالة الملك أيده الله في جلسة الافتتاح لحظة قوية شيقة متميزة، أقنعت الجميع أن المغرب كان منذ جلوس جلالته على عرش أسلافه الميامين يسعى إلى تلك الأهداف ذاتها في إطار الخطة الوطنية للتنمية البشرية بسن سياسة الأوراش التنموية الكبرى، أي حتى قبل تسطير الأهداف المذكورة من طرف هيئة الأمم المتحدة، وما يزال المغرب يضاعف جهوده من أجل بلوغها بحول الله في أفق 2015.
وحول بوابة الثقافة والتنمية في الوثيقة الأممية، وللتذكير فقط، انعقـدت بخرونا يومـي 4-5 ماي 2010 ندوة عالمية نظمتها إسبانيا بصفتها رئيسة الاتحاد الأوروبي بشراكة مع PNUD، محورُها «دور الثقافة في إنجاز أهداف الألفية للتنمية»، واقتصرت المشاركة العربية على المغرب الذي شُرفت بتمثيله. وقد استفاد المغرب من برنامج التعاون المشترك حول "التراث الثقافي والصناعات الخلاقة" الممول من قبل صندوق إنجاز أهداف الألفية الثالثة التابع للأمم المتحدة بغلاف مالي يصل إلى 5.000.000 دولار أمريكي. ويستهدف هذا البرنامج جهات تازة – الحسيمة – تاونات وسوس-ماسة-درعة وكلميم، والجهة الشرقية ومنطقة الواحات الجنوبية.
زبدة الحصيلة لهذه السنة 2010 أسجلها في نقط جد مختصرة، منها :
- تجديد موقع الوزارة الالكتروني وإثراؤه؛
- إحداث قانون المؤسسة الوطنية للمتاحف،
- استئناف أشغال بناء المتحف الوطني للفنون المعاصرة والمعهد الوطني للموسيقى والكوريغرافيا، وذلك بعد توقف دام سنوات،
- إنجاح الدورة السادسة عشرة للمعرض الدولي للكتاب والنشر،
- إبرام اتفاقيات هامة، منها واحدة مع التعاضدية الوطنية للفنانين، سبق لي أن أطلعت مجلسكم على فحواها، وأخرى مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول مشروع إنشاء "أرشيف المغرب"،
- توسيع تجربة ليلة أروقة الفن التشكيلي إلى خمس وعشرين مدينة؛
- الشروع في رعاية فنانين مهمشين واكتشاف المواهب الشابة الواعدة؛
- استصدار مرسوم رقم 2-10-471 بخصوص التحف الفنية من لوحات تشكيلية وصور فتوغرافية فنية، تُخفض رسومها الجمركية من %35 إلى %2,5 ابتداءً من فاتح يناير 2011. وهذا المرسوم الذي صودق عليه في المجلس الوزاري الأخير، بعيد حدث صالون الفنون الناجح بمراكش Art Fair، سيمكن من التعريف بفنانينا ومشاركتهم في الصالونات والمعارض العالمية، كما سيحول سوق المتاحف وأروقة التشكيل والصورة الفنية إلى سوق مقننة رائجة، تذر على الوزارة كما على وزارة المالية عبر مصالح الديوانة مداخيل متنامية وتفشل عمليات الاستغلال والتهريب وما شابهها.
- استصدار مرسوم بمنح إعانات مالية لدعم الأغنية المغربية (21 ماي 2009) وبعده قرار مشترك لوزير الثقافة ووزير الاقتصاد والمالية رقم 1193-10 (أبريل 2010) بتحديد إجراءات وكيفيات تقديم إعانات مالية لدعم الأغنية المغربية.
- أخيرا وليس آخرا، الحصول على رسم ملكية لقطعة أرضية بالرياض كانت على وشك أن تضيع من الوزارة، وسنقيم عليها بناية حديثة تأوي مديريات مركزية ظلت لمدة أربع عشرة سنة تعمل في عمارة غير لائقة مكتراة بخمسة ملايين درهم سنويا [ !].
إن تلك الحصيلة تشجعنا على الثبات في طلب المزيد، والسعي الدؤوب المفيد، ومغالبة الصعاب والعراقيل.