أيتها الغمامة، اهتزي، افتحي حوضك،
وحده، تدفق مياهك، بصفائه، يهدم الخوف،
يقشع الذل، يزيل التراب والملح،
عن صدورنا!
********
في لحظة غير متوقعة،
وحين تعتقد الكآبة أنها انتصرت،
يأتي المطر، بمفرده، ليغسل كل شيء،
يغسل السذاجة، عتبات الوهم، الرمال أيضاً،
يفعل ذلك بتواضع شديد، بقوة نبيلة!
********
كلمة مروعة هي الاستبداد،
تخرج أشواكها لتتمايل مع الكآبة،
لتجرح الضوء بالفساد، بحمى الجهل والفقر،
والأرجح أنها مصابة بداء الكلب!
إنها كلمة كريهة، يسهل كنسها
حين تُغسلُ الشوارع بالغناء!
********
القوة والحرية تنطلقان فجأة،
لتسيلا في الميادين العامة،
لم يعد الخوف بأشباحه السوداء
هو الذي يقرر متى تتفايض الصدور،
فالسماوات الحلزونية، وبقع الشمس،
تتحول إلى لمعان يطرد الطواغيت،
يحيلهم إلى لا شيء!
********
ليست البراكين وحدها تثور،
فصدورنا، أيضاً، مشحونة بالحمم،
ورغم السكون الخادع، إلا أنها، عند المفترق،
تطلق معجزتها، لتشطر المياه،
وتنظفها من ظلمة الطغيان!
********
من أي كهوف معتمة تهب هذه الريح الخرقاء،
الشريرة، ذات الوجه الناقص،
الكف الملطخة بالفيضانات، بالعار،
إنها مفترسة، طائفية، تتنفس العفونة،
بمخالبها الصلبة تمزق الضوء، صدرالبراءة،
وبقرونها العبثية تحفر أودية للطوفان؟!
********
حين تتفتح البراعم بلا خوف،
فيعني ذلك،
أن الأشجار فتحت آذانها للربيع،
وأن الظالم يحتضر كسمكة خارج الماء!
********
لا أريد أن أقول شيئاً آخر،
فالسماء حمراء لكثرة الدماء
التي أسيلت فجراً،
والسماء، أيضاً، سوداء نتيجة زفير الاستبداد!
********
نعم، من روح الألوان تتصاعد أضواء الحياة،
بل تكون الحرية بسمة خفيفة
تدور مع الرياح!
********
في أرخبيل الجوع والمرارة،
إن الحناجر التي تخلخل
جذوع الظلم،
تتصاعد إلى أعلى من الموت،
دون أن تستسلم!
***
دماء الفجر
في الفجر
حين تمادى السكون
ونامت نجوم كثيرة
هب الغبار المخيف، وهب الدخان الكثيف
هب الرصاص
فسالت دماء غزيرة!
في الفجر
والناس كانوا نياماً
وكان الهواء يلاعب آحلامهم
وأطفالهم جنبهم
هب الدخان المخيف،
وهب الرصاص على صدرهم
فسالت دماء غزيرة!
في الفجر
قبل الصلاة، وقبل انبلاج الصباح
كان الرصاص يمزق أشلاءهم
ويحرق أجسادهم
فسالت دماء غزيرة!
في الفجر
كان الهجوم المخيف
على الأمنيات، على الأغنيات
على كل طفل هنا في العراء
فسالت دماء غزيرة!
في الفجر
كان الرصاص يدمر وجه القمر
ويخترق الصمت قسراً
ويرعب صبر النساء
فسالت دماء كثيرة!
***
ارتعاشة الطاغية
الرجل الذي أسال الدم والفساد في الطرقات،
وأحرق الغيوم،
صار مشوشاً، مرتعباً
من حناجر الملايين،
فالهتافات الممتزجة بعبير الحرية
تمزق أذنيه، تحيل روحه إلى تراب،
ها هو، كسائر الطغاة،
يستغيث بالظلام، بالحجارة،
مامن شيء يمد يداً له، سوى العدم والخواء،
الرجل المسيج بالوحوش، والذباب، وبعد فوات الأوان،
يصر على إيقاف عجلة المجد،
إنه طوفان الضوء والغناء،
فالشباب يعيدون تعريف النهر،
والشيوخ من رجال ونساء يرممون هرم أحلامهم،
بكل وضوح، ليلاً ونهاراً،
الأشجار، العصافير، الشرفات، والقباب، والترانيم،
كلها تشير إلى تاريخه الذي يشبه الملاريا،
هذا الرجل منجم أعشاب سامة،
منظومة قتل متآزرة،
لكنه الآن، في لحظة الحقيقة،
كإناء فخاري مزوّر،
يسقط في نهاية المطاف،
ليغادر كرسيه المشيد من العظام والفوضى!
شاعر من البحرين