(1)
نحن الموقعون أدناه، نطالب كافة الهيئات والجهات المسئولة عن الشأن الثقافي في بلدنا الأردن للنظر بعين الاعتبار إلى ما نورده من مطالب وحقوق بديهية يكفلها القانون والمواثيق الإنسانية والإجتماعية، مناشدين ضرورة الإنصات والاستجابة لها على نحو لائق، سعياً نحو خير هذا البلد وخير مبدعيه الذين هم رافعة العمل العام في أي مجتمع مدني. فالبلد الذي يعجز عن احتواء مبدعيه، لن يكون قادراً على احتواء أيِّ شيءٍ آخر.
(2)
في حضرة الإبداع، تتهاوى القيود وتحضر الحرية، وتسقط كل الهويات واللغات...والأقنعة. لكن، تحت ذريعة كسر المحرمات وهتك القداسات كما ترِّوج لها المؤسسات الرقابية، بدا أنَّ الكاتب يكسرُ قيداً ليُكبِّلهُ آخر.
الإبداع الحقيقي دائماً في صفِّ الحق ضدَّ الطغيان، ومع الأَخيار في مواجهة الطواغيت، دون مزايدات أو أطماع. لكن تلك الأقلام المأجورة والصحف الثقافية المُعَمَّدة بآسن المصالح والمحسوبيات والتعيينات المشبوهة بات دينها وديدنها التصريح بأقوال حربائية، ثم الإتيان بأفعال هوائية أو بهلوانية وذرائع مختلقة.
ما جدوى الكتابة إذن في هكذا بيئةٍ ومجالٍ يفتقدان إلى أَدنى حيوية، وتبدو السيادة فيهما لمساطر الرقباء وتلويحات العصيِّ وحفلات الأقنعة؟ وماذا نريد ككتاب وأدباء لترسيخ مقولاتنا، وإستعادة الثقة بقدرة الكلمة على التغيير؟ نريد بكل بساطة وعفوية أن نتجاوز هذه المرحلة التي لا تفرق بين الشاعر والتاجر. نريد أن نعيد ترتيب العلاقة الجوهرية بين المبدع والمجتمع بكافة مداركه إلى وضعها الصحيح، بلا قيود أو عوائق حقيقية ومصطنعة، حيث الأفق رحبٌ ومتسعٌ لمزيد من مداد الكتابة الإبداعية، بمنأى عن شكلية القداسات وجمود المُسلّمات.
(3)
لقد قُدِّر للكاتب أن يخوض مغامرة الكتابة دون الإلتفات كثيراً إلى عواقبها ورهاناتها، متسلحاً بالحرية والإبداع. لكن الظروف والأوضاع الثقافية المتردية بدت وكأنها تتحالف ضدَّه، وتصادره أبسط حقوقه الطبيعية في التمتع بحرية الرأي والتعبير واعتناق الآراء دون مضايقة كما أقرَّها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وصولاً إلى معضلات النشر، وبيروقراطية المؤسسات الثقافية التي ترتدي لبوس محاكم التفتيش.
سوف نوحّد مسعانا وكلماتنا وأقلامنا لكشف التحالفات المضادة للإبداع والمسخَّرة لشراء الضمائر الثقافية، وإخراجها من جحورها، كي تعرف أن هناك مناطق يصهل فيها الهواء وتركض في مرابعها الشمس، فكم من الشعراء والأدباء قطعت ألسنتهم، ومزقت جثثهم، وسملت أعينهم، وصلبوا، بينما عجزت القوى البشرية عن حرمان كلماتهم من التحليق، والالتحام بسيرورة الوجود والحياة. رحل سيف الدولة وكافور، بينما ظل الدَّهر منشداً لشعر المتنبي، وطوى النسيان سفيان بن معاوية، بينما خلّد التاريخ آثار عبد الله بن المقفع.
وعليه، نجمل أبرز مطالبنا بالآتي:
· لا للرقابة على الكتابة، ونعم لحرية النشر المطلقة وفتح المجال أمام القارئ الأردني لاختيار ما يودُّ قراءته، لا أن تكون بوصلة الرقيب ومسطرته هما الفيصل بما يمكن أو لا يمكن نشره في الأردن.
· نعم لاختيار وزير للثقافة من الوسط الثقافي لا السياسي.
· نعم لتحويل المكتبة الوطنية إلى دار نشر وطنية وجهة أرشيفية فقط، وأن لا تتعدى مهامها الرئيسة الدفاع عن حقوق المؤلف.
· لا لقمع الكتاب والمبدعين ومحاكمتهم غيابياً أو ملاحقتهم قضائيا.
· نعم لإعادة ترتيب البيت الثقافي لا سيما في وزارة الثقافة، والتخلص من كافة أشكال البيروقراطية وتمظهرات العمل المكتبي التي لا يمكن أَن تجتمع فوق أَرضٍ واحدةٍ مع الإبداع.
· نعم لمطلق حرية الإبداع واحترام الابتكار والتجريب.
· نعم لحياة كريمة للكتاب والمثقفين.
· لا لإزدراء المثقف من ذوي المناصب والكراسي، والإستقواء على برامج ومشاريع دعم الثقافة وإلغاء صندوق دعم الحركة الثقافية والفنية
· نعم لدعم الأعمال الإبداعية بعيداً عن الشللية والمحسوبية والواسطة والمحاباة.
· لا لمكافآت نهاية الخدمات السرية عبر أنفاق التفرغ الإبداعي أو استلام مناصب ثقافية هلامية.
· نعم لمطلق العدالة الإنسانية والإجتماعية...ونعم لثورة الشعوب العربية الطَّاهرة في كلِّ مكان وزمان.