في قصيدة الشاعرة المغربية تأشير على لحظة الانهيار والسقوط لتلك المنظومة الهلامية للقتل والاستبداد، ورغبة جامحة لذات شاعرة تحلق بعيدا في سماء الحرية. سماء حيث لا خراب ولا طبول للحرب تؤرخ للحظة التجلي.

وَصَايَا مِنْ دَمٍ وَتُراب

نجاة الزباير

كَانَ يَرْتَدِي جِلْدَ اُلْحَرْبِ

وَكَانَتْ تَتَسَاقَطُ أَعْضَاؤُهُ

طُـوفَـانًا

خَشِيتُ اُلْغَرَقَ

تَمَسَّكْتُ بِذَيْلِ اُلْحُلْمِ

لَعَلِّي أَرْسُو فَوْقَ شَفَةِ اُلْقَصِيدْ.

قَالَ:

ـ " لَا تَهْرُبِي لِجَبَلِ اُلصَّمْتِ

        فَاتَ أَوَانُ اُلرَّاحَةِ .."

اُرْتَعَشْتُ

تَلَفَّتُّ عَنْ يَمِينِي

وَجَدْتُ اُلْأَوْطَانَ تَرْكُضُ أَوْرَاقُهَا

    ـ "إِلَى أَيْنَ؟

سَأَلْتُهُ مَبْحُوحَةَ اُلْجِرَاحِ"

قَالَ:

     ـ "أَلَا تَرَيْنَ اُلْحَيْرَةَ تَعْصِفُ بِاُلْأَشْيَاءْ؟"

تَبَخْتَرَ أَمَـامِي

وَكَأَنَّهُ صُعْلُوكٌ يَسْتَعْجِلُ اُنْهِيَارَهُ

يَرْقُصُ حَوْلَ اُلْهَاوِيَةْ

لَمَحْتُ فَجْأَةً حِذَاءَهُ

كَانَ يَجْمَعُ فِيهِ الأَشْلَاءْ

اُحْتَرْتُ فِي أَسْرَارِهِ اُلْمُسَوَّرَةِ بِاُلْمَوْتِ

تَثَاقَلَتْ خُطُوَاتِي ...

وَأَنَا أَعْدُو مِنْ تَحْتِ رِدَائِهِ

أَمْسَكَ بِشَعْرِ وَقْتِي

وَقَادَنِي نَحْوَ نَافِذَةٍ مُغْلَقَةْ

لَفَّ حَوْلَ عُنُقِي أَكْفَانَهُ

ظَنَّنِي لِوَهْلَةٍ أَمِيرَةً لِلْحَرْبِ

قُلْتُ:

    ـ "أَيُّهَا اُلْبَئِيسُ

   مَا أَنَا سِوَى سَيدةٍ لِلْوَهْم"

قَالَ:

    ـ "أَلَا تَبْحَثِينَ عَنِّي ؟!!"

قُلْتُ:

   ـ "وَحْدَكَ أَتَيْتَ مِن اُنْهِيَارِ اُلْعَوَالِمِ

      رَأَيْتُ فِيكَ خَرَابَ اُلْأَرْضِ

      وَمَوْتَ اُلْبَلَابِلِ."

قَالَ:

  ـ "أَنَّى ذَهَبْتُ

     أَرَى جُثَثًا تَسْتَصْرِخُ اُلسَّمَاءْ

     وَمُدُنًا مِنْ مِلْحٍ وَدَمٍ وَتُرَابْ

    كَيْفَ أَمْشِي هَزِيلاً بَيْنَ نَزِيفِهَا

    وَقَدْ مَلَأَ  أَنِينُهَا هَذَا اُلْفَضَاءْ".

تَرَكْتُهُ يَقْرَأُ وَصَايَاهُ

وَهَرَبْتُ مِنْ ثُقْبِ اُلْقَصِيدَةِ

عَلِّي أَنْسَى بَعْضَ مَلَامِحِه.

 

 

29 يناير 2011

شاعرة من المغرب