تبادل الأدوار بين الجدة والحفيدة لا يمحي من ذاكرة الراوية بما يتضمنه من لحظات دفء إنساني لا يغيبها مرور الزمن وتظل نضرة وحية وفي الوقت نفسه تكشف عن هواجس قلقة من المستقبل.

حزن صغير بسمك شعرة

شيماء عبد الناصر حارس

هذه المرة الأولي التي أنزع فيها شعرة بيضاء من مشطي،تجتاح ذاكرتي بقوة شعيرات جدتي حينما كنت أصفف شعرها،كانت طفلتي التي تكبرني،وجعلتني أمًا صغيرة،ابتسامتها كانت حنونة وصافية تشبه تمامًا شعيرات رأسها،تنام تحت وسادتي صورة لها،أخرجتها ونظرت إليها.

تقول أمي: إن شعيرات جدتي كانت سوداء،كلها كانت سوداء،لم تكن هناك شعرة واحدة بيضاء،برغم أن سنها كان ثلاثينيًا في هذه الصورة،أخذتني نوبة حزن صغيرة،وتساءلت في نفسي،هل يمكنني أن أغدو طفلة كبيرة ولي أم صغيرة،تصفف لي ما تبقي من شعيرات بيضاء فوق رأسي،أم أن تلك الشعيرات البيضاء التي انتشرت سريعًا بها،ولم أصل بعد إلي الثلاثين،تنبئني بأني لن أكون هذه الطفلة الكبيرة،ولن أجد لي أمًا صغيرة؟!.