الدستور هو مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد الخطوط العامة في تنظيم الدولة، وهو نظامها الأعلى، يبين طبيعتها وشكل الحكم فيها، ويحدد الخطوط الرئيسية لوظائف السلطات العامة وعلاقتها ببعضها وبالأفراد، ويبين حقوق وواجبات الأفراد والدولة تجاه بعضهم، ويرسم الاتجاه العام للدولة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. لذلك وانطلاقاً من هذا المعنى نرى أن الدستور يحتل موقع الصدارة في الدول، ويلعب دوراً مركزياً بارزاً في حياة المجتمعات في جميع المجالات حيث تستمد جميع القوانين مشروعيتها وسيادتها واشتغالها من خلال انبثاقها عن الدستور والتزامها بالمبادئ والأسس التي اتفق عليها مواطنو الدولة، وضمّنوها دستورهم لتكون دليلاً للحياة والعمل، ولهذا يتمتع الدستور في الدول والمجتمعات بمكانة سامية، يعبر عنها بمبدأ "سمو الدستور" أي علوه على كافة التشريعات الأخرى، ويتفرع عن مبدأ "سمو الدستور" مبدأ آخر في غاية الأهمية، والذي يتمثل في مبدأ "سيادة القانون" أي مبدأ المشروعية في الدولة الذي يعني صدور كافة القوانين عن الدستور أولاً، وخضوع الجميع محكومين وحاكمين وأبنائهم جميعاً لأحكام تلك القوانين ثانياً.
ملاحظة جديرة بالاهتمام:
إذا أحال الدستور بعض الموضوعات إلى القوانين وذلك لأجل تنظيم الحق وتمكين الناس من الحصول عليه أو ممارسته وإن لم يفعل أي منع أو حجب ذلك الحق، يكون قد وقع في مخالفة صريحة للدستور، أي وقع في البطلان وعدم المفعولية والنفاذ، ومن حق الجميع وعلى رأسهم القضاء إهماله والامتناع عن تنفيذه. لذلك فإنّ الدستور هو نظام للحكم والمجتمع، فإنّ خرقه لا يتهدده فقط، وإنما يهدد أيضاً المجتمع، ويزعزع الطمأنينة والاستقرار. ولخطورة هذا الخرق نجد أن رؤوساء الدول والجمهوريات والملوك لا يسألون إلا في حالتين اثنتين: الأولى الخيانة العظمى، والثانية خرق الدستور حيث تعد هاتان الجريمتان: (خيانة الوطن وخيانة الدستور) بمستوى واحد من الخطر والمسؤولية.
مكانة الدستور:
تختلف مكانة الدستور من نظام إلى آخر، ففي الأنظمة الديمقراطية، يعد الدستور كتاباً مفتوحاً وعملياً ومتاحاً للجميع، يقرأ فيه المواطنون الذي وضعوه أفراداً وجماعات أشخاصاً ومؤسسات مراكزهم وحقوقهم وواجباتهم وكيفية الحفاظ على تلك المراكز وأداء الواجبات ونيل الحقوق بطرائق هادئة وعصرية وقانونية. أمّا في الدول الاستبدادية، فغالباً ما يصدر الدستور عن السلطة المستبدة بالإكراه أو بالكذب والتزوير، ومع هذا يعد كل ما هو جيد في هذا الدستور من قبل ذر الرماد في العيون، ولا يشتغل أبداً، وكأنه لم يرد في أحكامه وغالباً أيضاً في مثل هذه الحالات ما يتم تحويل الدستور من الطبعة إلى الأرشيف، وأمّا في الدول ذات أنظمة الحكم الواحدية الأبدية، فإنّ الحزب – مختزلاً في شخص أمينه العام – هو الدولة والدستور وذلك كما عبر عنه النائب السوفيتي فيشينسكي (وزير خارجية) بقوله "لا يجوز للقضاة السوفيت أن يترددوا في هجر القانون، وأنه يجب عليهم أن يظهروا خضوعاً مطلقاً في اتباع توجيهات الحزب التي تمثل بالنسبة إليهم أسمى القواعد". وكما عـبّر ستالين عن ذلك أيضاً عند تقديمه مشروع دستور عام 1936 حيث قال: إنّ الدستور الجديد ليس إلا مخلصاً للطريق المنصرم ورسماً للواقع الراهن، أمّا برنامج الحزب، فهو الذي يعالج المسائل القادمة، ويخطط للمستقبل، وبهذه الحالة يغدو الدستور شيئاً تافهاً أو لا شيء. وقبل الدخول إلى مضامين الدستور السوري أقول: إنّ النظام الدستوري هو النظام السياسي، والخوض في الدستور هو خوض في السياسة.
الدستورالسوري:
بتاريخ 16/2/1971 تم تعيين مجلس شعب مؤقت مؤلف من 173 عضواً لوضع مشروع دستور دائم للبلاد. أنجز هذا المجلس مهمته بتاريخ 20 شباط 1973، وطرح المشروع على الاستفتاء الشعبي، وتمت الموافقة عليه في 12 آذار 1973، وصدر عن رئيس الجمهورية بالمرسوم رقم 208 تاريخ 13/3/1973 بعنوان خاطئ هو "الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية" لأن لا ديمومة إلا لما تنزل من السماء.
* التعديلات التي طرأت على الدستور الحالي – ولا اقول الدائم – منذ ذلك الحين حتى الآن :
أ- التعديل الأول:
بالقانون رقم /2/ تاريخ 19 آذار 1980، وقد تنا ول المادة السادسة من الدستور المتعلقة بعلم الدولة وشعارها ونشيدها وذلك بعد اندثار اتحاد الجمهوريات العربية.
ب- التعديل الثاني:
بالقانون رقم /18/ تاريخ 3 تموز 1991، وقد تناول المادة /84/ المتعلقة بالفترة الواجب خلالها انتخاب رئيس جديد للجمهورية (لاتقل عن 30 يوماً، ولا تزيد عن 60 يوماً) (لا تقل عن شهر، ولا تزيد عن ستة أشهر).
ج- التعديل الثالث:
بالقانون رقم /9/ تاريخ 11 حزيران 2000 الصادر عن نائب رئيس الجمهورية عبد الحليم خدام المتضمن تعديل سن المرشح للرئاسة من الأربعين إلى الرابعة والثلاثين (المادة83). ومن الجدير بالذكر أن التعديل الأخيرقد تم خلافاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 149 من الدستور التي أكدت على التلازم بين اقتراح التعديل وأسبابه الموجبة. ومعلوم أن اقتراح التعديل في ذلك الحين ورد من دون أسباب، مما يعني أن التعديل الثالث، قد تم بطريقة غير دستورية وإذن باطلة.
المادة الثامنة من الدستور:
حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية، تعمل على توحيد طاقات الشعب ووضعها في خدمة الأمة العربية". وتكاملت المادة (84) مع المادة الثامنة حين نصت على أن الترشيح لرئاسة جديدة للجمهورية يصدر عن القيادة القطرية للحزب.
المضمون العملي للمادة الثامنة:
القيادة حسب رؤية فقهاء البعث تتجسد من خلال السيطرة على كافة النشاطات العامة والتحكم بكافة المنظمات والنقابات والهيئات والمؤسسات العليا والوسطى، وربما الدنيا خاصة السلطتين: التشريعية والتنفيذية، وكذلك القضائية وذلك عبر تواجد أعضائه الاحتكاري والاكثري في تلك الأماكن.
البعث:
استلم حزب البعث الحكم في سورية عام 1963 عبر الانقلاب المشترك يوم 8 آذار، ولكن للحقيقة والتاريخ أن نمو هذا الحزب الطبيعي والنوعي في السلطة، قد توقف اعتباراً من 16/11/1970، وتحول بذلك من حزب تاريخي إلى حزب شكلي/ حزب من ورق/ مثل أي حزب جبهوي، بل أقل من ذلك، لأن بعض أحزاب الجبهة تمتلك القدرة على النقد والاعتراض والتمسك بهما، ولو بالكلام فقط، أمّا البعثيون حالياً، فإنهم، بكل أسف، لا يجيدون سوى الانصياع أو الصمت والتصفيق ( قانون الاستثمار رقم 10).
الجبهة:
وقع ميثاق الجبهة 7 آذار 1972 من قبل الأحزاب الخمسة الحالية :
1- حزب البعث العربي الاشتراكي 2- حزب الاتحاد الاشتراكي العربي 3- الحزب الشيوعي السوري
4- تنظيم الوحدويين الاشتراكيين 5- حركة الاشتراكين العرب.
وقد تجسدت قيادة حزب البعث للجبهة بالأكثرية في مؤسسات هذه الجبهة جميعها وباعتبار منهاجه ومقررات مؤتمراته موجهاً أساسياً لها في رسم سياستها العامة وتنفيذ خططها، وقد تعهدت أطراف الجبهة غيرالبعثية بعدم القيام بأي نشاط حزبي داخل الجيش والقوات المسلحة وكذلك بين صفوف الطلاب. انسحب حزب الاتحاد الاشتراكي العربي ( الأصيل ) من الجبهة والوزارة لاعتراضه على المادة الثامنة من الدستور، فتم اعتقال أمينه العام المرحوم الدكتور جمال الأتاسي بسبب هذا الانسحاب، فهم الجبهويون الرسالة: لا للانسحاب مع بقاء باب الشق والانشقاق مفتوحاً على مصراعيه، وهكذا أصبح عدد أطراف الجبهة الآن أحد عشر طرفاً، توالدوا ذاتياً من الأحزاب الأربعة الأخرى بالإضافة لاتحادي العمال والفلاحين. يتضح مما تقدم أن هذه الجبهة بلا ديمقراطية أو عديمة الديمقراطية، وعلى هذا الأساس يمكن عـدّ الجبهة بمثابة الفرع الخامس عشر للحزب الحاكم، وذلك من دون ترد د أو زعل.
أربع مقدمات باتجاه التناقضات:
1ــ حسب المرسوم التشريعي رقم /2/ لعام 1986، يحق لكل (59) ألف مواطن عضو واحد في مجلس الشعب، وبناءً على هذا الحساب، فإذا عـددنا أن عدد سكان سورية هو (19) مليون نسمة، فيجب أن يكون عدد أعضاء مجلس الشعب السوري (332) عضواً، ولكن العدد لا زال من ذلك التاريخ حتى الآن (250) عضواً فقط، كأن السكان لم يتزايدوا خلال الاثنين والعشرين عاماً الماضية.
2ــ نصت المادة (53) من الدستور على أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل من العمال والفلاحين، ويتولى القانون تعريف كل من العامل والفلاح.
المادة الأولى من قانون الانتخابات :
العامل: من يعمل في الدولة أو القطاع العام أو المشترك أو الخاص لقاء أجر.
الفلاح: كل من يعمل في الأرض بنفسه، أو يعمل بالاشتراك مع غيره، وتكون الزراعة مصدر رزقه الأساسي، ولم يكن مشمولاً بقانون الاصلاح الزراعي وتعديلاته: أي الوزير عامل والحارس في إحدى المنشآت عامل. مدير إحدى الشركات الخاصة الذي يتقاضى راتباً شهرياً قدره خمسون ألف دولار، أي (2.5) مليون ليرة سورية عامل، والميكانيكي في إحدى ورشات المنطقة الصناعية عامل. (نادر قلعي) المدير التنفيذي لشركة (سيرتيل) التي حققت إيرادات معلنة، قدرها (39.400) مليار ليرة سورية عام (2007) عامل، والأجير في أي ورشة نجارة عامل!!
من يملك، ويتصرف، ويستثمر آلاف الدوانم فلاح، والمنتفع بعشرين دونم من أراضي أملاك الدولة فلاح!! مع كل مطاطية هذين التعريفين وسعتهما الاستيعابية غير المحددة، ولندرك مدى التضليل والتلاعب والاستهتار بعقول الناس نقدم الحقائق الآتية :
أ- عبد القادر قدوره ابن إبراهيم حقي فاز في دائرة محافظة دمشق في الدورين التشريعيين الثالث والرابع عن القطاع (ب)، وفاز في نفس الدائرة في الأدوار الخامس والسادس والسابع عن القطاع (أ).
ب- وصال فرحة بنت محمد علي فازت في دائرة محافظة دمشق في الدور الرابع عن القطاع (ب)، وفازت في نفس الدائرة في الدور الخامس عن القطاع ( أ )، وفي الدور السادس فازت في نفس الدائرة، ولكن عن القطاع ( ب ).
ج- العضو عبد العزيز الشامي بن محمد (حلب)، فاز في نفس الدائرة في الدور الخامس عن القطاع (ب)، وفي الدور السادس عن القطاع (أ)، وفي الدور السابع عن القطاع (ب). هؤلاء هم العمال والفلاحون، يتجولون، ويتنقلون حيثما يشاؤون أو حيث ما يشاء لهم.
3- ورد في المادة الأولى من الدستور أن سورية دولة اشتراكية، ونصت المادة /13/ أيضا على أن اقتصاد الدولة اشتراكي مخطط، يهدف إلى القضاء على كل أشكال الاستغلال، ولكن بالرغم من هذا، فقد قرر المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي الانتقال إلى " اقتصاد السوق الاجتماعي " وذلك خلافاً لأحكام الدستور وخلافاً لنفسه ولمنطلقاته النظرية من حيث هو حزب عربي اشتراكي أبدع التلازم بين النضالين القومي والطبقي. اقتصاد السوق هذا ذو مسارين متلازمين ومتوازيين: أولاً- استثمار البلد بأسلوب جائر. ثانيا – استغلال المواطن، مما أدى إلى اندثار الاشتراكية الدستورية إلى وضع دستور البعث في المتحف كأحد المستحثات الوطنية والتاريخية. وبالرغم من كل هذا لم تقبل الحكومة بهذا الاقتصاد حيث صرح الدردري يوم 30/7/2008 علناً: «بأنه لا يوجد اقتصاد سوق اجتماعي.. لقد أتوا بكلمة اجتماعي وهي إضافة لا لزوم لها»، ومن بعض نتائج هذا السوق الاجتماعي تصريح وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل:«أنّ العمال الدائمين بدعة والتثبيت وهم، نحن صنعناه، وصدقناه» وكذلك تصريح وزير الاقتصاد من أن: «التجارة الخارجية هي قاطرة النمو الاقتصادي» وينافسه بذلك وزير السياحة بقوله: «إنّ السياحة هي قاطرة النمو الاقتصادي». وعن هذا النهج الاقتصادي غير الدستوري، وكذلك عن رفع الدعم، وما آلت إليه الأمور بعدهما يقول الدكتور منير الحمش: إنّ هذا ليس إلا هدفاً ومطلباً للصهيونية والعولمة، وأمّا الدكتور عابد فضلية، فإنه يقسم بالله إنّ عدوتنا إسرائيل ما كانت لتتمنى لنا، أو تسعى لأكثر من ذلك، ويقول عزت الكنج: «إنّ مجرد ذكر اقتصاد السوق الاجتماعي أصبح يخلق مشكلة للمواطن السوري بعد أن تحول إلى مجال للتهكم»، وأكد علي عبد العلي: «أنّ قرارنا الوطني سوف يصادر، إنْ لم نحقق الأمن الغذائي»، وهذا يذكرنا بقول لـ (كوندليزا رايس) وزيرة الخارجية الأمريكية بأنه:«كلما ازدادت الحاجة إلى القمح الأمريكي ازدادت سيطرة أمريكا على العالم». (قاسيون – العدد 367 – السبت 9/8/2008).
4- حسب المقدمة (جاء هذا الدستور ليكون ضابطاً لحركة الدولة بمؤسساتها المختلفة ومصدراً لتشريعاتها ولمواصلة معركة التحرير والبناء على هدى مبادئه ونصوصه)، هذا الكلام جيد، لكننا نفاجئ عندما نقرأ المادة /153/ التي تقول "تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إعلان هذا الدستور سارية المفعول على أن تعدل بما يوافق أحكامه"
إذن رخصت هذه المادة للقوانين المخالفة بالسريان والفعالية رغم معارضتها لأحكامه، وبذلك ناقض الدستور نفسه، وطعن ذاته، وألغى سموه، وأبطل مركزيته وصدارته بالنسبة لبقية التشريعات، ووضع نفسه بالمرتبة الثانية أو أقل بالنسبة لبعض القوانين(قانون الطوارئ ــ قانون محكمة أمن الدولة العليا.... ). عندما يخلي الدستور مكانته الأصلية للطارئ والاستثناء تتحول الدولة عندئذ من دولة دستورية / قانونية إلى دولة بوليسية / قمعية.
علاقة الشعب بمجلس الشعب في سورية (محافظة الحسكة نموذجاً):
تستحق محافظة الحسكة أربعة عشر مقعداً في المجلس. في الانتخابات الأخيرة حجزت السلطة مسبقاً جميع هذه المقاعد من خلال قائمتي الجبهة والظل، فلم تعد أية حاجة للانتخابات، لذلك لم يجر هذا الانتخاب، ولكن القائمة المغلقة، نجحت بأرقام خيالية، لا نستغربها نحن المواطنين السوريين في سورية الأسد. إذن هل هذا المجلس هو مجلس الشعب أم (مجلس السلطة)؟. لو جاء هذا المجلس عن طريق الشعب وبإرادته واختياره لكان مجلساً للشعب، أمّا أن يأتي عن طريق تعيين السلطة، فيكون بهذه الحالة مجلساً للسلطة ليس إلا. أحد المرشحين الذين ألحقوا بظل الجبهة في أول ترشيح له في مركز مسقط رأسه حصل على أكثر من 80 % من الأصوات، وفي ترشيحه الثاني خارج الظل، وفي نفس المركز لم ينل إلا على اقل من 2 % من الأصوات، وعند ظهور النتائج الثانية هاجمها بسبب التزوير(مركز خاص كيكية). أحد المرشحين حصل على مئات آلاف الأصوات عندما ألحق بظل قائمة الجبهة، في الدور الثاني رشح نفسه خارج القائمة، فحصل على 48 صوتاً فقط. ولا أدل على سلطوية المجلس أو بتعبير آخر تبعيته للسلطة من الحقيقة التالية: انتخب أول مجلس للشعب وفق الطرائق التصحيحية يوم 25 أيار 1973 من (186) عضواً، وعقد هذا المجلس جلسته الأولى في 9 حزيران 1973، ومنذ ذلك الزمان حتى الآن ( أكثر من 35 عاماً)، لم تتقدم " مجالس الشعب التسعة " بأي اقتراح لأي قانون رغم أن المادة( 70) من الدستور أعطته الحق بالمبادرة التشريعية من لدنه، ولكنه لم يفعل ذلك بتاتاً، واقتصر دوره على إقرار مشاريع القوانين الواردة إليه من الخارج. وكدليل آخر على التبعية وعدم الاستقلالية أبيّن ( كنموذج ) ماهية مجلس الشعب السابع ( 1998ــ 2002) المؤلف من (250)عضواً، حسب النسب التالية : 54 % للبعث – 12.8 % لأحزاب الجبهة الأخرى – 33.2 % للمستقلين مع ملاحظة أن الأغلبية الساحقة من المستقلين هم من قوائم الظل الملحقة بقوائم الجبهة.
شخصنة الدستور:
كما قال لويس السادس عشر سابقاً " أنا القانون " يمكن لرئيس الجمهورية في سورية أن يقول "أنا الدستور" فهو إضافة لمنصبه هذا، يمتلك السلطات والصلاحيات التالية:
أ- رئاسة السلطة التنفيذية حسب أحكام الفصل الثاني من الباب الثاني من الدستور بعنوان " السلطة التنفيذية " حيث ورد " رئيس الجمهورية " على رأس هذه السلطة.
ب- رئاسة السلطة القضائية: من خلال ضمانته لاستقلال هذه السلطة ورئاسته لـ " مجلس القضاء الأعلى " المعني بالشؤون القضائية. ( المادتان: 131 و 132). ولا بد من ملاحظة أساسية، وهي أن القضاء في سورية ليس سلطة " وإنما " مؤسسة " تابعة للسلطة التنفيذية من خلال تبعيتها لوزارة العدل حسب القانون رقم (98) لعام( 1961)الناظم لشؤون هذه المؤسسة والمسمى خطأ بـ " قانون السلطة التنفيذية.
ج- حسب المادة /111/ من الدستوريمتلك رئيس الجمهورية سلطة إصدار التشريعات خارج انعقاد دورات المجلس وفي المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين، وأثناء انعقاد دورات المجلس " إذا استدعت ذلك الضرورة القصوى المتعلقة بمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي ".
نحن كسوريين نعلم أنه لا يمر يوم في سورية الأسد من دون ضرورة قصوى لذلك نجد ( كمثال ) أن عدد المراسيم التشريعية التي أصدرت عن رئيس الجمهورية في النصف الأول من عام 2002 بلغ /37/ أي نسبة 51.38 % مرسوماً تشريعاً بينما بلغ عدد القوانين التي أقرها مجلس الشعب في ذات الفترة /35/ أي نسبة 48.6 % قانون.
د – رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة /103/.
هـ - يحق لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب بقرار معلل /107/.
و – رئيس الجمهورية في سورية لا يسأل إلا في حالة " الخيانة العظمى " /91/ وهذه حالة استثنائية في كل دول العالم تقريباً، ففي جميع المجتمعات المتحضرة يتعرض رئيس الجمهورية دائماً للمساءلة والمقاضاة في حالتين اثنتين : الخيانة العظمى وخرق الدستور حتى في الدساتير السورية القديمة./ دستور 1953 على سبيل المثال / لم يحصّن رئيس الجمهورية من المساءلة في حال ارتكابه أي خرق للدستور. إنّ استثناء جريمة خرق الدستور من المساءلة يؤدي إلى " رئاسة مطلقة " كـ " الملكية المطلقة " بالإضافة إلى كل صلاحيات رئيس الجمهورية السابقة هو أيضاً " الأمين العام لحزب البعث، والأمين القطري للحزب، ورئيس الجبهة الوطنية التقدمية، والحاكم العرفي في الجمهورية... إلخ ( سورية الأسد ).
للمقارنة فقط :
1ـ المادة /30/ من دستور الأردن لعام 1953 : الملك هو رأس الدولة، وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية.
2ـ المادة /32/ من دستور البحرين 2002 : الملك هو رأس الدولة، وذاته مصونة لا تمس.
3ـ المادة /23/ من دستور المغرب لعام 1996: شخص الملك مقدس، لا تنتهك حرمته.
4ـ المادة 41 من دستور عمان 1996: السلطان رئيس الدولة، ذاته مصونة، لا تمس واحترامه واجب، وأمره مطاع يذكرنا هذا بـ (آلهة الإغريق الأسطورية وأيام ألف ليلة وليلة )
عودة إلى المادتين (84) و(8):
الأولى – احتكرت فيها القيادة القطرية حق الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية.
والثانية – حصرت قيادة المجتمع والدولة بحزب البعث بالإضافة إلى قيادته للجبهة الوطنية التقدمية.
كنا قد اطلعنا آنفاً ولو بشكل مكثف وسريع على واقع الحزب وواقع الجبهة أيضاً، إذن دعونا الآن نقوم بالموازنة فيما بين المادة الثامنة وما ورد في بعض المواد الدستورية من مبادئ وحقوق: من البداية يعلن الدستور أن الجمهورية العربية السورية هي "دولة ديمقراطية، شعبية، اشتراكية" (1/1) وأن "السيادة فيها للشعب " (2/2) إذا كانت الديمقراطية الشعبية بمفهوماتها الأولية والمبسطة إلى حد السذاجة هي " حكم الشعب بالشعب وللشعب " فبأي حق يحتكر حزب البعث حكم الشعب، وهو ليس كل الشعب. هذا تناقض لأنّ المفهوم العملي للمادة الثامنة ومفاعليها المادية الملموسة ترجمت الديمقراطية الشعبية إلى واقع إلزامي أدى إلى: حكم الشعب بالبعث وللبعث: وهذه ليست ديمقراطية شعبية، وإنما ديمقراطية بعثية. أكرر هذا التناقض:(السيادة للشعب): إذا كان الشعب سيد نفسه لم لا يفرز هذا الشعب قيادته من سيادته؟ لم تستولي فئة محدودة من المجتمع على حق الحكم والقيادة الدائمة، وتدعي اجتراح المنجزات والعجايب؟. السيادة هنا ليست إلا أكذوبة دستورية، ولكنها لم تنطل على الشعب المغلوب على أمره، حيث " لا حول ولا قوة له إلا بالله ". نصت المادة /25/ من الدستور على أن: " سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة، وأنّ: «المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات»: وعلى أنْ «تكفل الدولة تكافؤ الفرص بين المواطنين» أنا هنا لا أمزح لأن هذا الكلام ورد فعلا في نص المادة المذكورة، أعتقد أن السطر السابق يغني عن التعليق، ولكن لا بد من الاستطراد والتعليق: سيادة القانون لها مجال آخر: ولكن، وكمثل بسيط وسريع على إهدار وعدم احترام القانون، حظرت المادة /81/ من قانون السلطة القضائية رقم (98) لعام (1961)على القضاة الاشتغال بالسياسة وحتى إبداء الميول والآراء السياسية، ولكن المعمول به حالياً "من ليس بعثياً" لايحق له أن يكون قاضياً إلا ما ندر، ويتساءل بهذه المناسبة عميد فقهاء القانون في سورية المرحوم نصرت منلا حيدر "ما الفائدة من استقلال القضاء إذا اعتدينا على حياده، وزججنابه في خضم السياسة ومتاهتها، فغدا جزءاً من إرادة الحكم"
ولأنه حسب (أفلاطون) "أن يكون للشعب قضاة جيدون وقوانين سيئة خير من أن يكون له قضاة فاسدون وقوانين جيدة. فلنتحدث الآن عن المساواة والتكافؤ: المادة الثامنة قسمت المجتمع إلى درجتين: الدرجة الأولى: بعثي سوري قائد مزمن وحاكم دائم. الدرجة الثالثة: مواطن سوري مقود دائماً ومحكوم أبداً. لم أخطئ في الترتيب لأن الإنسان الجبهوي يعيش حالة نصفوية: فنصفه الأول في الدرجة الأولى، ونصفه الأخير في الدرجة الثالثة، وإنْ تسلم حقيبة حاكمية شبه ضرورية أو بعض فعلية صعد بذلك إلى آخر صفوف الدرجة الأولى، وإنْ لم تسلم انحدر إلى الدرجة الثالثة (إلينا). عندما يتقدم شخص ما بطلب انتساب إلى حزب البعث، يعني ذلك عملياً طلب انضمام إلى الحكام، وهذا لم يفتح باب الانتهاز على مصراعيه وحسب، وإنما هدم كل الأسوار التي تعيق الوصول إلى المواقع الانتهازية.. البعثي ناجح سلفاً مهما كانت عيوبه ونواقصه وسلبياته، وكذلك من يستأبطه ذلك البعثي، وأمّا المواطن، فلا يمتلك من حظوظ النجاح إلا قليلاً، ومهما امتلك من كفاءات ومزايا وإيجابيات. إذن أين التكافؤ؟ يبدو لنا هنا أنه كـ "سيادة الشعب" مجرد أكذوبة. المادة الثامنة أعلنت انحصار كافة السلطات في حزب البعث علماً بأن هذا الحزب – وحسب إحصائياته هو – لا يشكل سوى 6 أو 7 % من مجموع سكان سورية، وحتى هذه النسبة على تواضعها، هي كمية، وليست نوعية. الانحصار يعني الاحتكار، وقد تولد هذا المنطق من النظرة الدونية للمجتمع، وكأنه قاصر أو جاهل، ومن نظرة الارتياب والشك في من لا يصفق، ولا يهرول. هذا الاحتكارالمزمن لم يؤد إلى الاطمئنان، اطمئنان الحكام، لذلك نراهم يحيطون أنفسهم باسلاك شائكة شاهقة وحقول ألغام شاسعة وبكميات هائلة من الحرّاس والأجهزة القمعية. فولد الاستبداد، ومن ثم الفساد، وترافقـا، وتوازيا إلى أن اندمجا في توأميه شريرة إلى درجة أن التمييز بينهما لم يعد ممكناً إلا بواسطة المجاهر لذلك ضاعت ثروات البلد، واختنقت أصوات أهاليه، كما وأدت الإبداعات الممكنة لمواطنيه. ما العمل في حال خرق الدستورأو مخالفة القوانين لأحكامه؟
1- في العالم:
من يخترق الدستور كمن يرتكب الخيانة العظمى. نصت المادة السادسة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في فرنسا عام 1789 على أنه : " لا دستور لمجتمع، لا يكفل ضمانة الحقوق " وبناء عليه نصت المادة /35/ من الدستور الفرنسي لعام 1793على أنه : عندما تنتهك الحكومة حقوق الشعب تصبح الثورة من أقدس حقوق الشعب وحقوق كل فرد منه، كما تصبح من أولى واجباته. وكذلك عدّ دستورالسلفادورالثورة واجباً وطنياًعلى أفراد الشعب لإصلاح اعوجاج الحكام. وأنشأ الدستور الأسبا ني الجمهوري عام 1931محكمة شعبية باسم ( محكمة الضمانات الدستورية)، ويحق لهذه المحكمة النظر في أي دعوى يرفعها أي مواطن لإبطال أي خرق للدستورأولإلغاء أي قانون مخالف للدستور
1ــ في سورية:
رئيس الجمهورية في سورية لا يسأل إذا ارتكب خرقاً للدستور، ورئيس الجمهورية في سورية هو رئيس السلطة التنفيذية ورئيس السلطة القضائية، وبمعنى ما رئيس للسلطة التشريعية وبالتبعية، فإنّ هذه السلطات لا تسأل أيضاً طالما مرؤوسة لرئيس لا يسأل. إذا تركزت السلطات كافة في يد واحدة انعدمت الحرية من أساسها، وساد الطغيان والحرمان: هذا ما قاله (مونتيسكيو) أحد كبار رجال القانون في العالم، أمّا ما قاله المفكر البريطاني (جينكز) فإنه يذكرنا بـ "الشبيحة" إنّ ملكاً مطلق القوة، قد يكون أكبر خطراً، وأكثرعنفاً على حرية الشعب وسيادته من عصابات قطاع الطرق. إنّ حياة مجتمع بدون دستور فعّال، تتعرض باستمرار لأخطار شديدة ومتنوعة، لأن الدستور هو الذي يضبط كافة السلطات في الدولة بما فيها السلطة التشريعية، لذلك تصنف الدولة بـ " دستورية وغير دستورية "، ففي الدول الدستورية يعيش المواطن حالة من الاطمئنان والاستقرار، ويتطلع إلى المستقبل بارتياح وأمان، وأمّا رعايا الدول غير الدستورية، فهم يعانون من القلق والخوف والارتياب وغموض القادم من الأيام، لأنه هناك دائماً ما يهددهم، ولا شيء يحميهم. الدستور المعبر عن إرادة الشعب صدقاً والنافذ فعلاً يعني من ناحية ثانية قوانين دستورية تسري على الحكام قبل المحكومين، وتطبق على الجميع دون استثناء حتى لو كانت " فاطمة ". ليس كل قديم متخلفاً، وليس كل جديد متطوراً، فقانون المطبوعات القديم الصادر في أربعينات القرن العشرين أفضل تطوراً، وأكثر عصرية من القانون الجديد الصادر في بدايات القرن الحادي والعشرين إلى درجة أن رجال القانون في سوريا يطلقون على القانون الجديد اسم (قانون عقوبات)، وليس قانون مطبوعات. من هذا الباب سأدخل في مقارنة سريعة فيما بين دستور(1950)، ودستور عام( 1973) لنرى مدى العسف الذي أصاب سورية جرّاء الدستور الحالي: المادة الثانية من الدستور السابق نصت على أن السيادة للشعب، ولا يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها، وتقوم هذه السيادة على مبدأ (حكم الشعب بالشعب وللشعب)، أمّا السيادة في الدستورالثاني، فقد وردت من باب اللغو، لأن المادة الثامنة قد أسقطتها، وربما أسقطت صاحبها. في الأول لا يجوز التحري والتوقيف إلا بموجب قرار قضائي، أمّا في الثاني فإنّ هذا وذاك يجوزان وفقاً للقانون.. أي قانون؟ قانون الطوراىء طبعاً. في الأول لا يجوز التوقيف الاحتياطي أثناء حالة الطوارئ أو الحرب إلا بموجب قانون على أن يقدم الموقوف إلى القضاء خلال( 48) ساعة على الأكثر من توقيفه، وإذا وجد القاضي أنّ التوقيف غير مشروع أمر بإخلاء سبيل الموقوف في الحال، وكذلك لا يجوز إحداث محاكم جزائية استثنائيةعلى أن توضع أصول خاصة للمحاكمة في حالة الطوارئ. كل هذا الكلام عن الضمانات غير وارد بتاتاً في الدستور الثاني لعام (1973). في الأول وحسب المادتين (17) و( 18) يحق للسوريين تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية، بينما في الثاني لا وجود لهاتين المادتين على الإطلاق. في الأول سلطة التشريع لمجلس النواب حصراً، ولا يجوز أن يتخلى عن هذه السلطة لأي كان، وليس لرئيس الجمهورية إلاّحق اقتراح القوانين، وكذلك الأمر بالنسبة لأي نائب في البرلمان، أمّا في الثاني، فقد تطرقنا لهذا الموضوع حيث يمتلك رئيس الجمهورية سلطة تشريعية أكثر من مجلس الشعب. مدة رئاسة الجمهورية في الأول خمس سنوات غير قابلة للتجديد، أمّا في الثاني، فإنّ مدة الرئاسة سبع سنوات مفتوحة إلى الأبد. في الأول القضاء سلطة مستقلة، أما في الثاني، فإنها مستقلة بضمان رئيس الجمهورية. إذن الاستقلال في الثا ني مشروط، بينما في الأول مطلق. في الأول تبت المحكمة العليا بالطعون الانتخابية بصورة مبرمة، أمّا في الثاني، فإ نّ دور المحكمة الدستورية العليا ينحصر في التحقيق، ويبقى البت لمجلس الشعب. في الأول يتألف مجلس القضاء الأعلى من سبعة أعضاء (رئيس المحكمة العليا – اثنان من أعضاء المحكمة العليا – أربعة من قضاة محكمة التمييزالأعلى مرتبة)، وجميع هؤلاء من أعضاء السلطة القضائية، أمّا الآن فإنّ هذا المجلس يتكون من ثمانية أعضاء: خمسة منهم من أبناء السلطة التنفيذية والثلاثة الآخرون من القضاة، وبهذه الحالة من غير المجدي أو المفيد الحديث عن استقلال القضاء باعتباره مضيعة للوقت ليس غير. ومن جهتنا كرجال قانون نقول: إنْ هو إلا تضليل ليس إلاّ. الأول نص على وجوب تعد يل القوانين النافذة كافة بما يتوافق وأحكامه، وذلك خلال مدة أقصاها سنتان، أمّا الثاني فقد ترك القوانين المخالفة شغالة من دون تحديد زمني أو تعديل فعلي، بل أكثر من هذا، فقد صدرت مجموعة من التشريعات المخالفة للدستورالحالي من دون معقب. مما تقدم نستخلص النتائج التالية :
1- إنّ الدستور يحمل في داخله ضده (احتكار السلطة من جهة وسيادة الشعب والمساواة والتكافؤ من جهة أخرى).
2- هبط الدستور بنفسه إلى ما تحت بعض القوانين مهدراً بذلك سموه وأولويته ( المادة 153 ) ( فقرة 2 المادة 28 : حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون)، أحكام وقرارات أمن الدولة العليا غير قابلة لأي من طرق المراجعة والطعن، وذلك حسب قانون تشكيل المحكمة رقم (47) لعام (1968) – المادة (16) من المرسوم إحداث جهاز أمن الدولة رقم (14) لعام (1969) التي نصت على أنه :(لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات الموكلة إليهم، أو في معرض قيامهم بها إلاّ بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)، لقد حمت هذه المادة جميع مرتكبي جرائم التعذيب والقتل، ممّا شجع على ممارستها بدرجة مطلقة بالرغم من المادة(28) من الدستور التي حرّمت التعذيب الجسدي والمعنوي والمعاملة المهينة.
3- استباح الدستور نفسه عندما لم يعرّض من يتجاوزه أو يخترقه للمساءلة والمقاضاة.
4- الدستور مشخصن لما يتمتع به رئيس الجمهورية من صلاحيات واختصاصات غير محدودة وغير قابلة لأي طريق من طرق النقد أو التعديل أو الإلغاء.
5ـ أخيراً الدستور بعثي وإلى حد طفيف جداً جبهوي وليس شعبياً.
أختم كلامي بالفكرتين الآتيتين:
1- سورية تاريخياً دولة علمانية، لا مكان فيها لـ " ولاية الفقيه "، ولكنهم اخترعوا بدلاً عنها ولاية جديدة باسم (ولاية البعثي)
2- ورد في مقدمة الدستورأنّ : «حرية المواطن لا يصونها إلاّالمواطنون الأحرار». أقول: هذا صحيح، ولكنه غير كاف «لأنّ حرية الوطن، لا يصونها إلا المواطنون الأحرار، والحكم الوطني».
محامي من ســــورية ــ الحسكة