هذه تجربة جديدة تنشرها (الكلمة) لفتح المجال أمام عمل أدبي آخر متكامل، وهو الديوان، بمعنى الديوان الذي يشكل وحدة في التجربة والبنية والموضوع، وليس مجرد مجموعة من القصائد.

أيام عادية (ديوان)

محمد سعد شحاتة

"هذه الأيام العادية،
أهديها كلها إلى صديقي المسافر دائمًا،
المغترب دائمًا،
الباحث عن نفسه دائمًا،
ويرفض أن أذكر اسمه،..،
فإليه..
بما يليق،
محمد


أحوال

جرِّب أنْ تمُرا في نفس المكان
ـ حيثُ قبلتها أولَ مرةٍ
ونقلْتَ إليها فرحتَك ـ
وأن تقولا لبعضكما
ـ وكلٌّ منكما يُديرُ حول خصر الآخرِ ذراعَهُ ـ
إنَّكما لا تصلحان!

سيرا نفسَ الخُطى
وأنتما تبتسمان
اطلبْ أن تحتفظَ بخاتمها
حولَ إصبعِك ..

يُسَلِّمُ كلٌّ منكما على الآخر
وكأنكما اكتشفتما فجأةً
قيمةَ أن تُسلِّما
كأن لم تتلامسا أبدًا..

جرِّبْ..
وأنتما تضعان التفاصيلَ الصغيرةَ
للحظاتِ فراقكما
أن تُعطيا الفرصةَ لأيِّ مارٍّ عليكما
فيتخيلكما عاشقَيْنِ
يخططان لأيامهما..
* *
: ماذا ستقولين لأبنائك عنِّي؟
: لو تزوجته .. لصرتُ أسعدَ البشر!!
: وكيفَ ستبررين لهم عندما يكبرون؟
: فعلنا كلَّ ما شعرنا به !
: أتمنى أن آخذكِ في حضني..
: أرجو أن يظلَّ هذا آخرَ ما بيننا !
* *
ثُمَّ يعودُ كلٌّ منكما لدورتِهِ
حاملاً قلبًا كسيرًا
ربما أملاً ضائعًا
أو رومانتيكيَّةً مُجهَدة
وعندما توقِفُ لها سيارةً لتركبَ
يتركُ كلٌّ منكما خصرَ صاحبِهِ
ويسير..
4/5/2002

مشاعر

الذكرياتُ التي تنبتُ على جدرانِنا السوداء
مثل لبلابةٍ تقيم فيها الروحُ
وتتغذى علينا آفاتُها القاتلة..
يصبحُ لها الحقُّ في تجميدِ المشاعر
وتعطي كلَّ واحدٍ الفرصةَ
في أن يدعو رفيقَهُ بأوصافِهِ التي رآها
عندما تعفنت بداخله الذكرى
وصارت لحظاتُ السعادة التى مرَّ بها
رصاصةُ رحمةٍ يُطلقها على أيامِهِ
فيتمهَّلُ لأقصى درجةٍ
مُدقِّقًا وضعَ النشانِ
ضابطًا برهةَ الضغطِ على زنادِ المشاعر
لتأتي النتيجةُ حاسمة !

ربما تفرُّ من أيدينا لحظةٌ
جاهدنا في كبتها
أو فشلنا كثيرًا في أن نميزَها
وهي تختلطُ بروائحَ أخرى كثيرة
تهبُّ علينا
من أقصى مناطق نفوسنا اسودادًا
فنكتشفُ أن كلَّ ذكرياتنا التى تعفنت
لم تكن مؤلمة
فنستجيبُ بدمعةٍ
أو بسمةٍ ساخرة !

Chat

هادئة..
لا رنَّة من هاتفٍ
أو طرقة من بريد.
لم تدخل الـ"chat room" !(*)

كيف يبدو وجهُها؟
ملمسُ شعرها؟
لونُ فستانها؟
دفؤها، وهي تأخذكَ في حضنها؟
رائحةُ قهوتها؟
طعمُ عرقِها؟

هل يجوز لك أن تفتقدها؟!

احتمال

ربما في اللحظة التي قررا فيها
أن يدخلا السرير بكامل ملابسهما
فقط
نصفُ سروالها مخلوعًا
نصفُ سروالِهِ نازلا..

ربما..
في اللحظة التي قررت
أن تسافرَ فيها
وآثارُهما تتبادلُها الملابسُ
ربما في اللحظةِ التي سبقتها
تمامًا
تسرَّبَ إليها ما لم تُرِدْهُ
فسافرَتْ ـ كما تمنَّى ـ
تحملُ أخصَّ أسرارِهِ
وأقسَى قليلاً مما تُطيقُ

ربما..
هاتفته بأسابيعَ بعدها
تخبره أن موعد طبيبها غدًا..

ربما
في اللحظةِ التي دفنت فيها
بعيــدةً
ســرَّه
كفكفَ آخرون دمعها
وتساقطت وحيــدةً
على الهاتفِ
أدمُعُه..

خبرتُهم عن المدينة

خبرتُهم عن المدينةِ
أن يسكنوا شققًا واسعةً في عمارات كبيرةٍ
تطـلُّ على النيل
وسوف يُرجئون ـ قليلاً ـ حلمَ الفلل المستقلةِ؛
حيثُ لم يتزوجوا؛
فلا حاجة لحديقةٍ
وأطفال يلعبون حول حمام السباحة
الذي تلهو فيه أمهم.

خبرتُهم عن المدينةِ..
أن بنتَ الجيران ـ الجميلة دائمًا
                    والثرية غالبًا ـ
سوف ترتمي عند أقدامِهم
فهُم حَمَلةُ سـرِّ المسلاتِ القديمة
وهم الذين نقشت عليهم الشَّمسُ لهبَها
فأكسبتهم برونزيةً تُعادِلُ بياضَ جلدِ الجميلةِ
التي لا ترى الشمسَ إلا من ستائر.

خبرتُهم عن المدينةِ..
أن يجلسوا مع حبيباتِهم في كازينو
يرتدي الجرسونُ فيه ـ غالبًا ـ
                    حُلَّةً بيضاءَ
                    وقميصًا أبيضَ
                    وببيونًا غامقًا
فهكذا أظهرته الأفلامُ القديمةُ
وهو ينحني بابتسامةٍ مهنيةٍ
شُكرًا بعد منحه البقشيش..

لم يكونوا يدركون أن سنينَ طويلةً مضت
كانت كافيةً لجعل خبراتِهم عن المدينةِ واقعيةً قليلاً:
فها هم ـ الآن ـ يسكنون في مقابر أو غرفٍ جماعيةٍ،
استنزفَ العابرونَ منها الهواءَ قبلَ أن يغادروها لهم،
وأن الشموسَ التي أكسبت جلودَهم لونَها الذهبيَّ
قد خاصمت غرفَهم في البدروم،
في حين يُفَضِّلُ مُلاّكُ البيوت أن يجلسوا على المقاهي،
يفركونَ أوساخَ أصابعِ أقدامِهم، قائلين:
                    يُرهِقُنا ساكنو البيوت!

لم يكونوا يعرفون..
أن بنتَ الجيرانِ
لن تُفضِّلَ كثيرًا أتوبيسات المحطة؛
حيثُ يمكنها أن تقفَ قليلاً على ناصيةِ الشارع
فتلتقطها سيارة..
وأن النيلَ الذي حلموا كثيرًا بالنظرِ إلى وجهه
قد صار مثلَهم..

ربما ينشأ جيلٌ جديد
يستفيدُ من الأفلام الفضائية.

2 - صباحاتُ وسطِ المدينة

تمامًا مثلهم..
تعطي موعدًا لسيدةٍ بعدما تنتهي من ممارسةِ الحبِّ مع أخرى،
ربما ترتبطانِ فترةً؛ فيُعرِّفُ كلٌّ منكما الآخر قائلاً: صاحبي،
اختفت من قاموسِ التعارفِ كلمةُ: صديقي أو حبيبي؛
فصرتما منزلةً بينَ المنزلتينِ، تسمحُ لكلٍّ منكما
بأن يخرجَ مع الآخر..
يحتسي معه أكوابَ الشرابِ والحبِّ
في شقةٍ مفروشةٍ،
غالبًا ما تنتمي لآخر.

تمامًا مثلهم..
سوف تنفصلانِ قريبًا،
بعدَ أن يقضيَ كلٌّ منكما من الآخر وطَرَه
فتصاحب هي صديقًا لكَ
وتصاحبُ أنت صديقةً لها..
وتمضي الأمور

مثلهم تمامًا..
تنام مع سيدتينِ في يومٍ واحدٍ
في موعدينِ بينهما نصفُ ساعة
وتسيــرُ
                    "لا تدَّعِ الاكتئابَ!
                    فرفيقةُ سهرتِكَ لا ذنبَ لها
                    إلاّ أن دعتكَ على تذكرة سينما!
                    ولا ذنبَ للتي غادرتكَ منذُ نصفِ ساعة
                    وهي تخشى أن يكون بينكما جنين!"

مثلهم تمامًا..
ستعرفُ عياداتِ الإجهاضِ، وأطباءَ الترقيعِ
وتعرفُ أن ابتسامة الممرضةِ لصاحبتِكَ
ـ عندما تفيقُ من مخدرها ـ
قائلةً لها: حمدًا لله على سلامتكِ يا آنسة!!
هي ابتسامةٌ خبيثةٌ
ستحفظُ لكَ المهنةُ سـرَّها،
وتُقـدِّرُ لها موقِفَها بمالٍ تضعُه في يدها..

ربما تشعرُ بعدَ فواتِ الأوان بالألم أو الندم..
ماذا تبقَّــى منــكَ لك؟!
12/9/2002

رُبَّمـَا كـَانَ أنْ نُريـد

2
هذه الحديقةُ التي نسيرُ فيها
ماذا لو استعرنا منها تُربةً
فرشنا بها أرضَ قلبينا
فيسمحُ الهواءُ الجديدُ
                    والشمسُ الحرةُ
لأعشابِكِ بأن تنبتَ في قلبي
ولأعشابي بأن تنبتَ في قلبِك
فيجلس عشاقٌ في أرضِ الغرفةِ
ليمددوا أقدامَهم
ويستريحوا من التعب!
ربما قلتُ لكِ:
                    أنتِ مناسبةٌ
ربما قلتِ لي:
                     برغم كلِّ الألم
                    والخيالات التي امتلكتها صبيةً
                    فأنتَ مناسبٌ لي..

3
ماذا يحدثُ لو أحببتني كما أنا؟!
سيهربُ شبحٌ استوطنَ رأسَكِ لسنوات
نعم! لقد قاسمتِهِ أكواب الشراب في المقاهي
ربما ـ أيضًا ـ ظلَّلكُما الحلمُ فترةً معًا
لكنه..
ـ عندَ أول إشارةٍ للمرور ـ
انفلت في ممرٍّ جانبيّ
اجتذبته، من يدكِ، سيدةٌ
تلوكُ عجمتَها
لم يقف سواد شعرِكِ في مقابل شقرتها
ولم ينجح شبابُكِ في كسبِ قلبه من عجوز!
ربما.. داس ثقيلاً بحذائِهِ
فتركَ في غرفة قلبِكِ الصغيرةِ أثرًا
لم يكن سهلاً أن تُداريه أمام العائلة.

ربما ترك في عينيكِ حزنًا أضافَ لشجنِكِ القديم ألمًا،
لكنه في النهاية انفلت في ممر جانبيّ،
ولم ينجح شبابُكِ في كسبِ قلبه من عجوز
طالما فاخَرَكِ بجسدها
كالطاووس الذي يتباهى بأحقر ما يملك من ريش
تاركًا كلَّ الأصدقاء يثرثرون عن أنه ..
ربما مرَّ بقدمه فوقَ بقعةٍ أخرى غير قلبِكِ
وشاركَهم الأهلُ سوءَ ظنِّهم..

4
لماذا تخافين لو أحببتني كما أنا؟!
واقعًا يعرفُ آخر
أو حُلمًا يدخلُ في واقع؟
واحدةً تعرف رجلاً
أو رجلاً يعرف واحدةً،
          لا وقتَ في عمريهما للتجريبِ
فالعمر الباقي ليس قصيدةً
لكن لغتها تجمعهما في خطينِ؟!
          : تكتبُ نثرًا أم موزونًا
           سيَّان الأمر !
          جـرِّب في لغتكَ
          واترك لي لغتي!
           أنتَ كلاسيكيٌّ
           تدخلُ تجربةً لامرأةٍ
          وأفقُ كلامِكَ مطروحٌ
          هذا السقفُ يشلُّ حدودي
          دعنا ندخل حرفَيْن
           لن يلتقيا في كلمة
          أو يجمعنا السطرُ
           يتلاقى ذكرٌ بالأنثى
          أم خِـلٌّ بخليل؟!
          يا رجلٌ كلاسيكيّ
          لا تدخلْ امرأةٌ تجربةً
          تعرفُ آخرَ أسقُفِها
          فلا تدخلْ من بابِ العاشق
          بل من باب الإنسانْ..

5
رأيُها ليس إلزاميًّا
وعواطفي لا تخُصُّ أحدًا سواي
آتٍ إليكِ مُثقلاً بآلامٍ لأخرى
صدقيني..
هناك شيءٌ آخر خلافَ ما نفعلُ
أو نقول
ربما كان أن نريد..
فبراير/ مارس 2003

أيَّام عاديَّة

يا صديقي..
المرأةُ التي تأتي من أقصى البلادِ
طائرةً
لتقولَ لرجلٍ دفع ثمنَ تذكرتها
      : إن قرار بقائهما معًا
        جزءٌ من خطأ
أو    : إن البلادَ التي فرقت خطاهما
        تحجرت معالمُها على الخريطةِ
        فصارَ نيلُها حجرًا
        وفولُها حجرًا
        وأهرامُها حجرًا
هي امرأةٌ تستحقُ شجاعتُها الاحترام
كما تستحقُ بساطتُها أن تُعيدَ النظر..

أتسمحُ لي بالتدخُّلِ في التفاصيلِ؟!

.. كنتما تجلسان
ربما كان سائقُ التاكسي الذي أقلَّكما
ـ أول مرةٍ ـ من المطار، وعلَّقَ بأنه يجب
ألاَّ تقبلها بشدَّةٍ في الشارع هكذا،
هو الذي يقلكما الآن ...
هادئَيْنِ
ضيفةً ومُضيفها
وعندما تشمُّ رائحةَ فراقكما في الهواء
تختلط بعطرها الذي افتقدته شهورا
في اللحظة التي استقبلتها على سلم الطائرة
حيث دفعتَ أيامًا طويلة
من الدراسة والعمل..
يصبح شوقُكَ المكبوتُ الذي
لن تخرجه في ضمَّةٍ
أو حضن قويّ
أقوى تأثيرًا عندما تحب في المرة القادمة
واكتفِ ـ الآن ـ بقبلةٍ على الخدين
كصديقين عزيزين يسلمان
وتذكر أنك كنت تشم ريحَ فراقها
في الهواء الذي أقلها ...

يا صديقي ...
إذا سعى رجلٌ لامرأةٍ من خيال
فهو الذي يكسبها وجودها
تمامًا
كما تسعى نحلةٌ للرحيق
أو وردةٌ لعطرها
     كنتَ تحملُ وردتَك
      كنتَ تمنحُها عطرَها
      كنتَ واقفًا على باب المطار
      لتسمع أن قرار وجودكما معًا
      لم يعد ممكنا ...

أتسمحُ لي بالتدخُّل في التفاصيل؟!

الرطوبةُ التي نبتت في الهواءِ
كانت خانقةً
لدرجة أن فككت لها كلَّ أزرارِ القميصِ
وتمشيتما في عشيَّةٍ رومانسيَّةٍ على النيل مرةً
وأخرى في صبيحةٍ رائعةٍ على شواطئ سيناء
ولم تنتهِ
لأنها في داخلك!

يا صديقي..
يغيِّر الحبُّ أشكالَه
وهي تأخذ قرارها منفردةً بمخاوفها
تاركةً للبريد الالكتروني والرسائل القصيرة
الفرصة للتدخُّل
ولم تكن غرف النقاش على بريد الشبكة
ملائمةً للحوار
إذ خلَّفت ظلاًّ ثقيلَ الملامح
ووضعت حجرًا بين أربعة عيون
جعلَ الكلامَ الأخيرَ طويلاً
لدرجة أن استغرق أسبوعين
وعميقًا لدرجةٍ سمحت ـ لكلِّ منكما ـ
بأن يقول للآخر ـ بعد فراقكما ـ
          : افتقدتك!
ومصقولاً للدرجة التي جعلتك تقول في مرآته لنفسك:
          "يا فتى!
          صرتَ عازبًا من جديد!"

أتسمحُ لي بالتدخُّلِ في التفاصيل؟!

إن رجلاً يرى امرأةً فارقها
لاتزالُ جميلةً
ويلومُ نفسَه
كيفَ لم يحتفظ بها
هو رجلٌ سيجد بالتأكيد فرصةً أروع
مع أخرى أكثر مناسبةً له
لن تجعله ينظر لعواطفه بموضوعيةٍ
فيُحللها بوصفها ظاهرةً من علم الاجتماع
بل يعيشها
تاركًا الباحث يسيرُ خلفَه
           إذا سارا معًا
أو يقف لهما منحنيًا
عند باب غرفة النوم.
صدِّقني!
ستكون امرأةً تستحقُّ الانتظار
مثلما يستحق هو ـ يا صديقي ـ الاحترام
2/7/2003

إلى: يورجن
علَّمَه البحرُ أنَّ عشرين عامًا من السفر
تكفُل بأن تزولَ الحواجز بينَ غريبَيْنِ
فيُسلِّم كلٌّ منهما للآخر أفكارَه
ليخرجا صديقين
رغم أنهما لن يلتقيا من جديد
ويظلُّ كلاهما يحمل للآخر ذكرى قصيدة !!

وهبَه البحر خلاءًً واسعًا
من زرقةٍ كانت تكفي نورسةً
لكي تقرر أنْ تُقيمَ على صاري مركبِهِ
تغني له عندما يضربُ المجدافَ بقوةٍ.
وحينما يُغلظُ له كبيرُ البحارةِ الكلامَ
يُلقي همومَهُ في المحيطِ
فتبقى لعينيهِ زُرقةٌ
تكفي لسحر نورسةٍ مُهاجرة !
* * *
إنه البحرُ ـ يا صديقي ـ والسَّفَر..
أعطياني رياحَ الهبوبِ
          وموجَ الهدوءِ
          وبراحًا
جعلني أمنح بذوري البلادَ البعيدةَ
وبعدَ عشرين عامًا على المقاعدِ المسافرة
اكتشفْتُ أنّ أجملَ مكانٍ كان لي
هوَ مقعدي في الطائرة !
هلْ أنا هنا؟!
أم أنني هناك؟!
وتُصبحُ نقاطُ التقاطعِ
حقيقةً غائمة !
* * *
إنه البحر ـ يا صديقي ـ والسفر
أعطياكَ ضبابًا كان يكفي عيشةً غائمة
مثلما يكفي أن يتوه زورقٌ في المحيطِ
أو تحملَ سيدةٌ أنواءها بين ذراعيكَ
ويهطلُ فوق رأسكَ مطرُها الموسميُّ:
           "سننفصلُ غدًا
          إن أجمل مقاعدكَ في الطائرة !!"

لتلتقي جارتكَ المقبلة..

تعود بعد عشرين عاما من السفر
وأنت تعرفُ كيفَ تُزيلُ الحواجزَ
           بينَ غريبَيْنِ!
وتملك زرقة العين التي تكفي
لسحر نورسةٍ مهاجرة
وأصبحَ شعرُكَ غائمًا كالضباب
الذي يُتوِّهُ زورقًا في المحيط
وتصيرُ نقاط التقاطعِ
حقيقةً قائمة.
19/11/2005

الشاعر:
ـ مولود في مصر في 27/1/1970
ـ حاصل على ماجستير الآداب في اللغة العربية من جامعة عين شمس 2002
ـ صدر له:

يعمل محررا ثقافيا بجريدة الوفد المصرية.
البريد الالكتروني:
mshehath@yahoo.com