هذه تجربة إبقاعية شيقة في بنية التدوير الشعرية، تؤكد أن (الكلمة) تحتفي بمختلف تجارب الشعر العربي المعاصرة.
سطوة البراري
هي ذي البراري ترتدي وتر الفؤاد، وترسم الأبعاد في لون الطهارة والبراءة، آه يا قبس الزبرجد والرخام، ويا حدائقُ من حرير، آه يا وطنا من العاج المرصع، كيف أدخل مرة أخرى دوائر من لهيب، قدُ مِنْ مدٍّ ومن جزر، وأسكن مرة أخرى مجاهل للحروف البيض، تيهي في المصيف، وفي الشتاء، وفي الربيع، وفي الخريف. على سواعد يومنا حجر، وشوك للغريب من اللئام، ولا تخافي لا سلام على الذين رموا بجب الغدر فلذة أهلهم، ونأوا بعيدا. لا عتاب على الذين سقوا بدم القلب شتلات الخروج إلى اليقين المر. مري بين أفئدة العباد، كما يمرُّ الصبح مسكونا بمسك الليل. ها قلبي سليه إذا عن اللاهين خلف ستائر التسبيح عمن ورط الكفين في وحل الخطيئة، ليس لي منفى سوى الذكرى أسوّي مجدها قمرا، على ليل الفجائع، قبل دهر كنتِ عنوان الشموس وبهجة العربي. من عيني خُذِي أحوال هذا القلب: مأخوذ بسحر الطعنة المثلى وبالشهد المصفى بين أقبية الشهادة ممعنا في حكمة البحر البهيّة، أرتقي وهج السؤال. وأصطفي قبسا أُنير به خراب الروح روحي، في المدائن والمسالك والدساكر والقرى، روحي على أهداب نرجسة ترف بصدرك الميمون والعالي، ألا هُبِّي ببعض مفاتن البلور، كي يلج الفؤاد مداره الورديَّ ممتلئا بطقس شقائق النعمان، مفتونا بسطوة نشوة الإبحار نحو مرابع الخلان، من مالوا إلى جمر الوضاءة ثم ناموا حائمين على مروج الرَّوْح والريحان. بارعة هي الأطيار حين يعيدها ناي الحنين إلى تألق عنفوان السعد بهجتها سماء باتساع الحلم فاتنة هي الذكرى وسيدة هي الأشواق لا مرقاة هذا اليوم إلا الذين تَنَوَّروا قبس التراب وفندوا طلل البكاءْ. هي ذي البراري .. شعلة التاريخ تسكنني فيخرج من دمي حبق الكلام.