هنا قصيدة لمبدع تونسي يجمع بين السرد والشعر، ويعتبر القصيدة صورا لاستبصار ذهني، ولعلها تقدم صورة مصغرة للقصيدة التونسية الحديثة اليوم في رهاناتها نحو أفاق أرحب لأسئلة الحداثة والتأويل في ظل راهن ينشد التغيير والتحول.

مع افتراض أننا لا نحسن الغرق

سعيف علي


1

لم نتبين بعد إن كان علينا القيام بشيء ما

قد جاء النهر بطمي أصفر هذا اليوم  واتسع المجرى

جاء على غير العادة  هيابا

لم نره قبل الآن  كسولا  أو متئدا

هل نفزع في الصوت؟

لا ندري !!!!!!

أنقول أن فلول الغرق تتمسح  على عتبات باب خشبي

فعلا لا نعرف إن كان في  يدنا  متسع للإمساك بأصابعنا المرتجفة

 

2

الخوف علامة وجه يقف في الريح

كذلك الريبة المنزعجة من رؤيا الماء

 فصلنا كثيرا وصف الأراجيح المهترئة

حتى أن دقائقنا مرت في نقط مغلقة

تعمّدنا إبقاء بعض الأمل للصدفة

دوَّرنا مرارا  أسئلة تبدو في المذياع ذكية

كتبنا عناوين مثيرة للأخبار العاجلة

لكن ما من أحد أخبرنا

أن الصيف يحب الماء و يحب المصطافين

 

3

قد خدعنا إذا ؟

كنا نظن أن الرجاء بياض كثوب عروس

مثل لوحتنا قبل أن تخمشها الفرشاة

- نسينا أن نذكر أننا عند النهر رسمنا على اللوح طائرنا -

قبل أن نطفئ في الوجه غفران الفزع

 

4

أترانا  جميعا في العته؟

 

5

الماء الآن هنا

هل نمضي إلى غرق معقود في الأجل؟

 

6

رأينا  جبلا يجلس في ضفة النهر الأخرى

هدوء  صخرته الملساء

لم يشعرنا بأمان المتيقن 

أعطتنا الشمس كذلك سمرة بشرتنا

لكن  اختطفت  كل حروف الفزع

لسنا التماثيل

قلنا لها

ن....

....ح

......ن

 

نحت الحي

ثياب ترتجف

قلوب تعاقر ظلام الصّدر و لا تخرج

من يعطينا فزعا ؟

من يهب الصّوت حنجرة

من  يهب الجسد  بخاخا برائحة حرة؟

 

7

غادر صياحنا  ذبذبة الصوت

هل كان دبيب النملة ؟

أتراه مشي أناملنا في النوم؟

أتراه وقوفا عند الباب بلا رغبة في كسر المرتج و الأصفاد  

لا ندري غير أن بنطالا يغرق في الماء وينحب

 

8

نريد فعلا أن يعيننا البلل الذي وصل ركبنا على الصّراخ

لم نعرف بعد إن كان علينا أن نفعل شيئا ما

الغرق سيمنعنا حتما من صراخ يلعن موت المترقب

 

 9

أصبحت كل الدّروس صعبة و ممتنعة

 لم يعد المعلم  بينا و لا بليغا

 خط يده  المتعرج  أشار كثيرا

 إلى بقع ضوء في كتب منسية

 لكنه أعطانا إكسيرا منتهيا

ثقبا بلا نعوت سوداء

نفهم جيدا أن الأبواب لم تعد تصلح لدخول مستتر

لذلك لم نطل التفكير كثيرا  في مغامرات الإسكندر الأكبر

لم نعرك هزائمه بذكرى المنتصرين

فتحنا الشبابيك بسرعة

قفزنا خارج فصل ينذر بالغرق

 

10

تركنا كثيرا من أحلامنا للصدفة

دار اليوم دورته

التفت الحرف للأسماء

خاتلتنا ريح تأتي من عين ماء جارية

هذا قدر الأشياء

لا تجري في الأمنية قدم حافية

 

11

قالت أزجال حفظناها صغارا

أنّ الأمطار تأتي بالعشق إلى الأرض

تأتي لترسم في اللوحات نهرا يغرق في اللحن

لكن الأزجال ما تركت عنوانا نمضي إليه ببقايا سفينة نوح

انقدنا.... إذا

 

12

النهرُ يرفع آخر صوت صنعته شفاه باردة

قد سمعنا وجيب الساعة

لكن لم نفهم قط مغزى الغرق؟ 

 

أوتاد

1

 قالت سيدة ما بال عمود الكهرباء يميل نحو طمي النهر

هل سيأخذون آخر مصباح اقترف السهاد و أضاء الليل

2

مازال ابراهيم  القاشوش يغني   

3

قال طفل صغير أريد أن العب بالماء و أبلل لعبي 

4

غرقت حافلة في الهند منتصف أيلول

5

عند العاشرة هاتفني قريبي  قال أن الطرق مقطوعة في الوسط التونسي

6

أحاول آن لا أكتب لكن الخبر العاجل يكتبني

 

تونس الحرة ـ ايلول 2011      

شاعر من تونس