من قلب الأعمال الدنيا التي عمل فيها "أفيغدور ليبرمان" في مولدافيا إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً حيث موطنه، والأقل منها وضاعةً بعد هجرته إلى فلسطين عام 1978، إلى سياسي إسرائيلي، وصاحب شخصية صراعية مثيرة للجدل والأزمات، بعد معارك وسيرة حياة مشبوهة سادت على جملة سلوكياته الشاذة والمتطرفة، والتي أصبحت إحدى سماته البارزة، وكما هي أساليب اليهود على وجه العموم، حينما بدأ دخوله معترك الشأن العام من باب العمل النقابي اليهودي، حتى عُين لاحقاً ومنذ العام 1983، سكرتيراً لفرع نقابة العمال الوطنية العامة (الهستدروت) في القدس، ليتدرج بعدها في مناصب إدارية مختلفة، ضمن دوائر مؤسساتية أهلية، وصولاً إلى سلم الحياة السياسية، مع تعيينه في عام 1993، مديراً عاماً لحزب الليكود( اليميني)، الذي كان انتسب إليه قبل نحو عقدٍ من الزمن، بناءً على مؤهلات خلقيًة كان أقلّها الصراخ وطول اللسان.
إذ لم تسلم أي مؤسسة إسرائيلية حكومية أو خاصة أو أي حزب من لسانه الطويل والسليط طيلة السنوات التي شغل فيها دوراً في السياسة الإسرائيلية، فقد هاجم قادة الأحزاب والمؤسسات، والشرطة، والمحكمة العليا والنيابة العامة وقسم التحقيقات في الشرطة وأطفال الشوارع، ولم تسلم منه أيضاً أغلب الدول بعمومها، وسواءً كانت عربية وإسلامية، أو أجنبية وغربية، وحسب ما تؤول إليه الأوضاع السياسية، من حيث العلاقات فيما بينها وبين إسرائيل، من حيث الرؤى السياسية والاقتصادية وغيرها، أمّا بالنسبة لموقفه اتجاه الفلسطينيين، فحدث ولا حرج.
الأمر الذي شجع حزب "الليكود"على تبنّيه في تلك الفترة، ومن ثم اعتماده كرجل المهمات القذرة، وإلى محاولة اجتذاب الجمهور الروسي، الذي كان يعاني صعوبات في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، ومؤسسات الدولة.
لكنه اضطر استكباراً، إلى الاستقالة بعد سنة واحدة فقط، على خلفية جنائية، بسبب اتهامه بالتهجم العنيف على بعض الأطفال. وبعد هذه الحادثة التي زادت من رصيده الإجرامي، قام بتعينه رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو، مديراً عاماً لمكتبه في العام 1996، ثم مديراً عاماً لرئاسة مجلس الوزراء في ديسمبر1997، ولكنه استقال من منصبه بعد توجيه الشرطة الإسرائيلية اتهامات له بالفساد، لكن أغلقت القضية إلى لا شيء. في هذه الفترة اتجه إلى العمل الخاص، فقام في يناير/كانون ثاني عام 1998، بتأسيس شركة تجارية تسمى "مسار إلى الشرق"، وذهب إلى الانضمام إلى مؤسسي "المنتدى الصهيوني" وهو إحدى منظمات القادمين الجدد الكبرى، وذلك بهدف رفع مكانته الاجتماعية، ولتسهيل عملياته السياسية، خاصةً وأنه كان مازال واحداً، من أهم الشخصيات التي تحوزها بطانة نتانياهو العنصرية، والتي يستند إليه بوجه خاص، عندما لا يجد مخرجاً من أزمة يتأزمها، إلاّ بالغوغاء والصراخ، وكل ما من شأنه لفت الأنظار، وإثارة مواضيع هامشية لتكون أكثر أهمية، من الأمور المصيرية المهمة.
ولهذا عرف ليبرمان في تلك الفترة، بأنه رجل المهمات القذرة لنتانياهو، واقترن اسمه بالعديد من الفضائح، ومنها، فضيحة المحامي "بار أون"، حينما حاول نتانياهو تعيينه مستشاراً قضائياً للحكومة (الإسرائيلية) عام 1997. مقابل الاتفاق معه على إلغاء لوائح اتهام، بحق زعيم حزب "شاس" في حينه (آرييه درعي) وكان زعيم هذه الصفقة "ليبرمان"، وهي القضية التي كادت تطيح بنتانياهو من سدة رئاسة الوزراء.
وفي أعقاب خلاف بين نتانياهو، ورئيس حزب" يسرائيل بعليا"- حزب الروسي- "نتان شيرانسكي" أشار نتانياهو إلى " ليبرمان" بتشكيل حزب روسي جديد موالٍ لليكود.
حيث سارع "ليبرمان"، في أوائل يناير/كانون الثاني عام 1999، إلى عقد مؤتمراً صحافياً في سوكولوف، (هرتسيليا) وأعلن قيام حزب(إسرائيل بيتنا)، نسبة إلى حزب روسي، كان بزعامة الرئيس الروسي السابق "بوريس يلتسين" يدعى (روسيا بيتنا) وهي محاولة من "ليبرمان" لكسب تعاطف المهاجَرين الروس، الذين أيدوا ذلك الحزب، حيث اكتسب الحزب الجديد قوته التمثيلية من هذا الجمهور بالتحديد، ليحصل في أول انتخابات خاضها عام تأسيسه انتخابات الكنيست الخامسة عشرة في نفس العام، من خلال برنامج شمل كل مناحي الحياة في (إسرائيل) السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، دعا فيه، إلى استيعاب المهاجَّرين بشكل كامل، والعمل على صهرهم داخل المجتمع، "من أجل إيجاد مجتمع يهودي متكامل"، فحصل حزبه في على أربعة مقاعد في الكنيست، أهلته للحصول على حقيبة البنى التحتية في حكومة "أريئيل شارون" عام 2001.
وفي عام 2003 خاض الانتخابات في قائمة مشتركة مع حزب "موليدت" اليميني تحت اسم "إيحود ليئومي" وحصل على سبعة مقاعد، أهلته لتسلم وزارة النقل والمواصلات.
وكان أقاله رئيس الوزراء "أريئيل شارون" بعد نحو عام من منصبه، على خلفية توجه ليبرمان إلى التصويت ضد خطة فك الارتباط عن قطاع غزة. وبقي"ليبرمان" في المعارضة، وحتى موعد الانتخابات العامة للكنيست السابعة عشرة، التي جرت في نهاية مارس 2006، حيث خاض حزبه هذه الانتخابات، وحصل خلالها على 11 مقعداً نيابياً، وخاصةً بعدما حصل على نسبة عالية من التأييد في أوساط المهاجرين السوفيات. ليصبح "ليبرمان" رئيساً لأكبر رابع كتلة برلمانية في الكنيست الإسرائيلي في تلك الفترة.
قاد ليبرمان حزبه للانضمام إلى ائتلاف حكومي، في أكتوبر/تشرين أول عام 2006، برئاسة رئيس الوزراء "إيهود أولمرت" الذي كان لهث خلفه من أجل ضمه إلى ائتلافه الحكومي، فأسند إليه حقيبة وزارة الشؤون الإستراتيجية لحكومته، وكمسئول رسمي عن الملف الإيراني منذ يوليو/تموز عام 2007، وكان ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بكل الاعتبارات الأخلاقية واعتبر "ليبرمان" طوق نجاته، والحفاظ على وجوده السياسي، ولكن بعد موافقة الحكومة للتفاوض مع السلطة الفلسطينية، أعلن ليبرمان انسحاب حزبه من الحكومة لمعارضته عزم الحكومة النقاش مع الفلسطينيين حول بعض القضايا الجوهرية.
وفي ضوء توجه الجمهور الإسرائيلي، نحو اليمين، واليمين المتطرف، فقد حصل حزب" إسرائيل بيتنا " ليبرمان" في الانتخابات التشريعية الثامنة عشرة في أوائل فبراير/شباط عام 2009، على 15 مقعداً، وكان ثالث أكبر حزب بعد كل من حزبي (كاديما والليكود) وشارك في إنشاء الحكومة الإسرائيلية 32 برئاسة "نتانياهو"، حيث دخل في ائتلاف مع الحكومة، بعد أن حاز "ليبرمان" على منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وترافق ذلك مع إدراجه في قائمة، من 100 شخص، هم الأكثر تأثيراً في العالم نشرته مجلة تايم الأمريكية.
وحال توليه منصب وزير الخارجية، كانت له العديد من المواقف والأفكار، حول العديد من القضايا، وخاصةً في الفترة التي شهدت فيه(إسرائيل) استمرار تفاقم المشكلات في المجالين الرئيسيين، الشأن الداخلي وعلاقات إسرائيل الخارجية.
فبالنسبة لموقفه من الشأن الداخلي، وخاصةً الذي يتعلق بشأن الدين والدولة، فإن "ليبرمان" (العلماني) من الدرجة الأولى، دعا إلى فصل الدين عن الدولة، واعتماد الزواج المدني، وإلى تغيير نظام الحكم في إسرائيل، من وزاري إلى نظام حكم رئاسي، لاعتقاده أن ذلك من شأنه التخفيف من وطأة الرضوخ للضغوطات في الاتفاقات الائتلافية، ويدعو إلى أن يكون تعيين الوزراء من خارج البرلمان، على غرار النظام القائم في النرويج.
وفيما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية - العربية، فكان قد أعلن عن أنه سيكون جاهزاً للقاء الفلسطينيين، على مبدأ النقل للسكان العرب، كحل للنزاع العربي- الإسرائيلي، إضافةً إلى الخطوط المعروضة سلفاً التي تتعلق بمبدأ تبادل للأراضي، وذلك لضمان غالبية يهودية في إسرائيل.
فمنذ أن كان يشغل منصب وزير المواصلات، وتحديداً في مايو/أيار عام 2004، طرح خطة لتبادل الأراضي، في إطار خطة شاملة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ويقضي جوهر هذه الخطة بطرد أكثر من 90% من الأقلية الفلسطينية في الداخل، إلى الدولة الفلسطينية التي ستقام في الأراضي المحتلة. وبضم الكتل الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، في مقابل نقل أراضٍ في منطقة المثلث مثل أم الفحم وضواحيها، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية، فحسب رأي ليبرمان، المشكلة المركزية لدولة إسرائيل ليست الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إنما الأقلية الفلسطينية التي تعيش في داخل الدولة.
وتنص كذلك، على أن عرب إسرائيل القاطنين في تلك المناطق، سيفقدون جنسيتهم الإسرائيلية، باستثناء من يختار منهم الانتقال إلى داخل حدود إسرائيل، وأداء قسم الولاء "للدولة اليهودية"، إلاّ أنه حتى اليوم، لم تنشر تفاصيل أوفى حول تلك الخطة، لأنها تعتبر خطة متحركة قابلة للتبديل والترميم، وحسب ما تقتضيه الحاجة السياسية والعملية، على أرض الواقع، خاصةً وأن "ليبرمان" يرفض قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، ويرى أن حكماً ذاتياً للفلسطينيين، كما هو متجسد بالسلطة الفلسطينية، وهو يعلن عدم إيمانه بفكرة التعايش بين اليهود والعرب، ويصف الفكرة بأنها (مضحكة)، فمنذ دخول ليبرمان المعترك السياسي، ويدعو إلى تهجير(السكان الأصليين) فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، ولمن يبقى منهم، يقترح سن قانون مواطنة جديد من شأنه فرض أداءه يمين الولاء للدولة والخدمة العسكرية في صفوف الجيش، قبل أن يحصل الشخص(الفلسطيني) على الجنسية، وإلاّ يكن بحكم المقيم، ويحرم الحقوق السياسية، لأنه وحسب رأيه، النابع من الصهيونية، هو الحفاظ على دولة ذات قومية واحدة هي "اليهودية"، فإن وجود جنسيتين مختلفتين، من شأنها إحداث مشكلات، تحول دون ضمان وجود إسرائيل كدولة يهودية، وينبغي ضمان أن يكون هناك بلد متجانس ضمن أغلبية يهودية آمنة، لأن وجود أقلية أخرى كبيرة، يتناقض مع هذا الهدف الأساسي من قيام الدولة، وخاصةً أن مشكلة ديموغرافية السكان تشكل خطراً على مستقبل (إسرائيل) كدولة يهودية، ويرى بأن مصلحة إسرائيل هو تقليل نسبة الذين يرفضون قيم "الدولة اليهودية" بين المواطنين.
هذا بالإضافة إلى مواصلة هجومه المتواصل، على العرب الفلسطينيين، التي ينم عن توغله في العنصرية، حين قال من على منبر الكنيست، في أول خطاب له في افتتاح الدورة الجديدة، في أوائل يونيو/حزيران عام 2006، إنه "يجب أن نجد حكماً مناسباً للنواب العرب في الكنيست، الذين يتعاونون مع العدو، ويلتقون قادة الفصائل الفلسطينية". وأضاف إنه "حتى بعد الحرب العالمية الثانية، أمرت المحكمة في (نيرنبرغ) بإعدام ليس المجرمين فقط، بل المتعاونين أيضاً، وقال:" أتمنى أن يكون هذا مصير المتعاونين والذين يتعاطفون مع أعداء (إسرائيل) المتواجدين في هذا البيت"، في إشارة صريحة إلى أعضاء الكنيست العرب.
أيضاً من بين تصريحات "ليبرمان" الأكثر صخباً، تصريحه من على منبر الكنيست، في فترة قريبة، حين قارن بين النواب العرب في الكنيست والمتعاونين مع النازية، وأعرب عن أمله أن يتم إعدامهم، كما أعدم أولئك بعد الحرب العالمية الثانية.
وكان هاجم الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" متهماً إياه بأنه أكبر عقبة في سبيل تحقيق السلام، وخاصة بعد خطوة الذهاب إلى مجلس الأمن، بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث اتهمه ليبرمان حينها، بالتحضير "لحمام دم غير مسبوق". وأيضاً جاءت تهديدات ليبرمان، على خلفية عزم الرئيس عباس على عدم مواصلة المفاوضات حتى تنصاع(إسرائيل) للشرط الفلسطيني وهو(وقف الاستيطان بكافة أشكاله)، الأمر الذي دعا حركة فتح إلى اعتبار تلك التهديدات، إرهاب دولة يمارسها "ليبرمان" خاصةً وأنه كان يرى من قبل، في بقاء الرئيس (ياسر عرفات) حياً، يعتبر من أكبر المؤشرات على ضعف وعجز إسرائيل، ولذا اقترح اغتيال "عرفات " بهدف تدمير مسيرة السلام برمتها.
وكرر ليبرمان موقفه بأنه لن يوافق على تجميد النشاط الاستيطاني، أو العودة إلى خطوط عام 1967، وكان عارض صفقة شاليط على صورتها، ولكنه بالمقابل شدد على تنفيذ اقتراح لجنة " شمغار" التي تحدد معايير خاصة بشأن مبادلة الأسرى، وجدد رفضه لأي حوار مع حركة حماس.
أمّا بالنسبة للعلاقات السلمية بين إسرائيل ومصر، فقد قال "ليبرمان" خلال حملته الانتخابية عام 2001، :"في حال نشوب حرب مع مصر يتوجب قصف سد أسوان، لإنهاء مصر تماماً، الأمر الذي أثار الغضب المصري، حين أعلنت مصر مقاطعتها له حتى العودة عن خطابه. ومع ذلك، رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان، قد اجتمع معه، ودعاه لزيارة مصر، وفي أكتوبر 2008، هاجم ليبرمان الرئيس المصري "حسني مبارك" بسبب عدم زيارته لإسرائيل من قبل، بقوله: "إذا ما أراد (مبارك) أن يتحدث معنا، يجب أن يأتي إلى هنا، وإن لم يرد فليذهب إلى الجحيم"
أما بالنسبة لسوريا فقد أعلن "ليبرمان" بأن نظام الرئيس السوري، قد فقد الحق في الوجود، واصفاً استخدام روسيا، حق "الفيتو" لإسقاط مشروع قرار دولي يدين قمع المظاهرات بسورية، بالخطأ. وأضاف: "نعتقد أن النظام الذي يقتل آلاف الناس، ليس له الحق في الوجود".
وتمادياً في تطرفه القديم الجديد، كان وجه رسالة للأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" في أوائل يناير/كانون الثاني عام 2007، يطالبه فيها بطرد إيران من المنظمة الدولية، وتفعيل عقوبات صارمة ضدها على خلفية برنامجها النووي.
وذلك رداً على تصريحات "كي مون" التي قال فيها إن حل القضية الفلسطينية سيدفع قدماً، لإيجاد حل للتهديد الإيراني، وأوضح "ليبرمان" أن "أي ربط بين النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والموضوع الإيراني، هو ذريعة للجهات (اللاسامية) الأكثر سوءاً، التي عرفها العالم منذ الإيديولوجية النازية".
كذلك وفي شأن الأزمة المستمرة في العلاقات مع تركيا، التي أعرب عنها رئيس الوزراء التركي" رجب طيب أردوغان" في كثير من المناسبات من أن تصرفات إسرائيل في الأراضي المحتلة، هي من قبيل جرائم حرب، وأن بلاده لن تبق صامتة إزاء ما وصفه بانتهاك إسرائيل القرارات الدولية، حيث تفاعلت سريعا تصريحات"طيب أردوغان" إلى جانب عرض التلفزيون التركي مسلسلاً تركياً (وادي الذئاب)، الذي يتناول الحرب على غزة التي ساهمت في تدهور العلاقات ليزيد الطين بلة، حيث اعتبرته إسرائيل منحازاً للفلسطينيين.
فأصدرت إسرائيل بياناً شديد اللهجة ضده، واستدعت السفير التركي لديها، وتعاملت معه تعاملاً وصف بالمهين، حين أقدم "داني أيلون" نائب وزير الخارجية الإسرائيلي"ليبرمان"، وعدداً من موظفي الوزارة في أوائل يناير/كانون ثاني 2010، على إهانة السفير التركي "أحمد جليلقل"، وتعمدوا إجلاسه على كرسي منخفض، بينما جلسوا هم على كراسي مرتفعة.
كما تعمدوا وضع علم إسرائيل فقط على الطاولة، التي فصلت بينهم وبين السفير التركي، متجاهلين البروتوكول، الذي يقضي بوضع علم الدولتين، وأن المسئولين الإسرائيليين طلبوا من مراسلي الصحف الإسرائيلية، إبراز هذا "الوضع المهين" للقاء مع السفير التركي.
الأمر الذي أضاف على العلاقات بينهما توتراً، بعد التوتر الذي صاحب الحرب، التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في نهاية عام 2008، حيث أعلنت تركيا رفضها لهذه الحرب وللحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ منتصف عام 2006.
وبعد مهاجمة "طيب أردوغان" الرئيس الإسرائيلي "شمعون بيريس" في مؤتمر "دافوس" أواخر يناير/كانون ثاني عام 2009، وانسحابه من جلسة المؤتمر احتجاجاً على تصريحات أدلى بها "بيريس" لا تنسجم مع ما ارتكبته (إسرائيل) من جرائم للحرب في عدوانها الأخير على قطاع غزة، واستمرت العلاقات بين البلدين في التدهور بعد رفض تركيا المشاركة في مناورات عسكرية مشتركة مع إسرائيل وحلف الناتو.
وكانت رفضت تركيا عرض المساعدة الذي قدمته (إسرائيل) بعد الزلزال الذي وقع في جنوب شرق تركيا يوم الأحد الماضي. وكانت “إسرائيل” عرضت مساعدتها على الحكومة التركية رغم التوتر الدبلوماسي الكبير بين البلدين بسبب رفض(إسرائيل) الاعتذار عن حادثة القرصنة الإسرائيلية، على السفينة التركية (مرمرة) وهي في عرض البحر، في طريقها لنصرة قطاع غزة، وقتلها تسعة متضامنين أتراك، وكان وراء هذا التعنت الإسرائيلي مهندس الخارجية "ليبرمان" لأنه يجد في الاعتذار مهانةً للصورة النمطية اليهودية.
إما بالنسبة لنشاطات "ليبرمان" الفاسدة، فمنذ أن قدم إلى البلاد، كان طيلة الوقت كما سلف، محل شبهة واتهام، خاصةً في ضوء انتقالاته المتتالية والسريعة، في التسلسل السياسي في مؤسسات الدولة، حتى أصبح على مقربةً من قيادة إسرائيل، وذلك من خلال نشاطاته المختلفة والمريبة في نفس الوقت، مما جعله في موضع مراقبة واتهام من قبل الشرطة الإسرائيلية، حين كانت الشرطة الإسرائيلية توصي في كل مرة، بتقديمه إلى العدالة، بتهم مختلفة ومتعددة وكان أهمها، حينما قامت الشرطة بتوجيه تهماً متعددة، في قضايا فساد، ومتعلقة بجمع الأموال وتقديم الرشاوى من خلال شركته "مسار نحو الشرق"، وردت بين عامي 1999 و 2006، حيث تم من خلال هذه الشركة نقل الملايين من الدولارات بطرق غير مشروعة.
وأيضاً فضيحة فساد اتهم وابنته "ميكال" بقضايا فضيحة كازينو "واحة لادن" قرب الخليل، التي أعيد فتح التحقيقات بها والمستمرة منذ يناير/كانون ثاني عام 2008 بعيد مغادرته بأسابيع كوزير للشؤون الإستراتيجية. وكانت خلصت الشرطة، أن "شارون" تلقى 3 ملايين دولار كرشوة، ولا يزال "ليبرمان" يخضع للتحقيق، لتلقيه رشوة من رجل الأعمال النمساوي اليهودي مارتن شلاف، ورجال أعمال وساسة آخرين.
وفي يناير/كانون ثاني عام 2009، وقبل أسابيع من الانتخابات، أجرت الشرطة سلسلة من التحقيقات مع "ليبرمان"، نتج عنها اعتقال ابنته ومحاميه ومستشاره السياسي، مما يشير إلى تورطه فيما نُسب إليه.
وفي مارس/آذار من العام الماضي، استجوبت الشرطة "ليبرمان" للاشتباه، في أنه تلقى من السفير الإسرائيلي آنذاك في روسيا البيضاء، "زئيف بن آرييه"، تفاصيل سرية تتعلق بطلب المساعدة القانونية المقدمة من للشرطة الإسرائيلية لحكومة بيلاروسيا التحقيق ضده. وأن هناك تحقيقات أخرى حول تورط ليبرمان، في تعزيز وتوظيف "بن آرييه" بوزارة الخارجية.
وفي أبريل الماضي من هذا العام، أكد النائب العام، "يهودا واينشتاين" أنه بصدد دراسة توجيه الاتهام له يخضع لجلسة الاستماع، بتهمة الاحتيال وخيانة الثقة، والاحتيال في ظروف مشبوهة وغسل الأموال ومضايقة الشهود، وذلك بعد أن قررت الشرطة الإسرائيلية، التوصية بتوجيه التهم "لبن آرييه" في قضية نقل مواد سرية إلى ليبرمان"، وبالتوصية كذلك بتوجيه الاتهام إلى ليبرمان لانتهاكه الثقة العامة أيضاً".
إضافةً إلى ذلك فقد واجهت الدبلوماسية الإسرائيلية في عهده، الكثير من الانتقادات، فبعد شهرين من طرد دبلوماسي إسرائيلي من بريطانيا، احتجاجاً على استخدام جوازات سفر بريطانية في عملية اغتيال محمود المبحوح، أواخر عام 2010، حين أعلنت أستراليا عن طرد دبلوماسي إسرائيلي على نفس الخلفية.
أما بالنسبة لتصرفاته في شأن العلاقات الخارجية، فقد حاول "ليبرمان" إقناع جورج ميتشل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، خلال زيارته إلى إسرائيل، بأن الصراع مع الفلسطينيين يعتبر كجزء من عملية أوسع للمواجهة بين الغرب والإسلام، ولذلك يجب أن يكون الهدف النهائي، هو انضمام حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لدعم الجهود السياسية والأمنية لدولة إسرائيل، وكان أعلن "ليبرمان" بأن "إسرائيل" ليست ملزمة بما تم تناوله في إطار أنابوليس، وبأن رؤية الدولتين هي فكرة جميلة، ولكن عملياً لا يمكن تطبيقها.
هذا بعضاً من سلوكيات المتطرف "أفيغدور ليبرمان"، الذي سمع جميعنا عنه من خلال تصريحاته العنصرية والتهجمات على العرب والفلسطينيين، وعلى القيادات العربية الوطنية. والتي تعتبر سلوكياته ظاهرة مقبولة لدى المجتمع الإسرائيلي بل ولدى قادته، الذين وبالرغم من أنه يسيء إلى الصورة العامة لإسرائيل، إلاّ أننا نلاحظ تمسكهم به وبجملة سلوكياته أكثر منه نفسه، في حين صدور شيء من ذلك من قبل العرب والفلسطينيين، اعتبر ذلك إرهاباً تتوجب محاربته دولياً قبل إسرائيلياً، وهذا يعني أن المنظومة الدولية والمؤسسة الإسرائيلية بخاصة، وصلتا إلى قمة العهر السياسي، إن جاز التعبير، الذي لا يريد تفنيد الشيء ونقيضه، بل أحلّوه "ليبرمان" ومنذ دخوله المجال السياسي الإسرائيلي، مساحة لا بأس بها، ليظهر كلاعب رئيسي على الساحة السياسية الإسرائيلية، عمله فقط بعثرة الكلام واستفزاز الآخرين، خاصةً وأن كل حكومة في (إسرائيل) تسعي إلى ضمه لصفاته العنصرية والإرهابية، إلى صفوفها وفي كل حين، هذا إذا لم يكن في المستقبل القريب، هو ذاته رئيساً للحكومة.