ضمن اللقاء الدّوريّ للنادي الثقافيّ- طرعان تمّ يوم الأحد الموافق 27/11/2011 عرض فيلم ثقافيّ عنوانه "أيّام زمان"، حضره جمهورٌ مِن المهتمّين بالتراث العربيّ الأصيل من طرعان وخارجها من البلاد المجاورة.
ولأنّ فوزي شليان مليء بطاقات إبداعيّة، بصمتٍ باسمٍ احتفي بالحياة، راودته فكرة تجسيد القديم في فيلم وثائقيّ، يُخلّدُ فيه موروثنا الجميل الآخذ في الاندثار والزوال، ليَلبسَ حلّة عصريّة بعيدة إلى حدٍّ ما عمّا كان، ولم يتوانَ في العمل بمثابرة وإيمان بفكرة الفيلم، وضخّ الجديد بكل قديم وعتيق، يسري بين أناملِه وفي تجاويفِ ذاكرته.
يُشار إلى أنّ الفيلم من إنتاج وإخراج الفنان التشكيلي فوزي شليان ابن مدينة الناصرة، يعرض الفيلم مشاهد وأحداث ومناسبات من أيّام زمان، مثال ذلك: نسيج العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجيران، مراسيم الخطوبة وحفل الزفاف والعرس والحنّة والسّهرات الليلية والأعياد في المجتمع الواحد، في أجواء من المحبة والتسامح والاحترام المتبادل، والتي كانت تسود المجتمع آنذاك.
ولأنّ أيّام زمان بجميع مناحيها الحياتية من الصّعب بمكان أن يحويها فيلم واحد، فقد اختار الفنان شليان جانب الفرح المعاش آنذاك بعاداته وغنائه، وهذا الجزء الإنسانيّ القديم الذي يمثل لوحة فنية من الجّمال، ورسالة رائعة من المحبّة والتسامح والوئام والانسجام في التواصل.
إنّ الفنان التشكيليّ فوزي شليان من مواليد الناصرة عام 1937، عمل في بداياته كندرجيًّا إسكافيّا، ثمّ تدرّج في أعمال أخرى كالعمار والبناء، ثمّ مديرًا لإدارة ورشة، مرورًا بالعمل طراشا، نجارا، رسّاما، نحاتا، مُخرجًا وكاتبا.
فوزي شليان تسلّح بإرادةٍ قويّة وصبر وأناة ومثابرة، فتدفق في استعراضِهِ لشريط ذكرياته تدفق نهر أتقن حالة تدفقه وسبر أغواره، وحاول في مشواره الإبداعيّ أن يدمج بين الحركة واللون والمادة والإيحاء بتعبيراته المختلفة، كي يلامس إحساس المتلقي، وينقل مواضيع حياتية وصور مختلفة من الواقع المحسوس الملموس القريب والبعيد.
استطاع أن يتحدّى الصّعاب ويصقل مواهبه بنفسه ومن خلال الممارسة، إذ لم تتحْ له الفرصة للتعلم والدراسة، وكانت الكلمة الأولى لصوته العاشق لمدينة البشارة مدينة الناصرة، من خلال ريشته في رسوماته التي أعدّها بفضل موهبته، فدمج ما بين الرسم والنحت في لوحاته، بحسّ فنان خلاّق مُبدع، وبتناسق ألوان مثيرة للمشاعر، تُعبّر عن ارتباط وثيق ما بين اللوحات وعالم قرانا ومدننا وجذورنا وتراثنا في وطننا، مثل عين العذراء في الناصرة والأقصى المبارك في القدس .
في نهاية العرض جرى نقاش هادف بين الحضور ومنتج الفيلم، كما وجهت إليه أسئلة مختلفة دارت حول رسالة الفيلم وفكرته التي حظيت بالاستحسان والتشجيع، مع إمكانية تحسين أداء العمل أكثر مستقبلاً، الأمر الذي يؤكد مدى حاجة مجتمعنا إلى مثل تلك النشاطات الفنية، وإلى ضرورة الدعم المعنوي والمادي لمثل تلك المبادرات الفردية وخاصة المؤسساتية، لا سيما من قبل مؤسساتنا الاجتماعية وسلطاتنا المحلية.