"سيدة المتوسط" جديد الكاتب المسرحي محمد زيطان

محمد العناز

يستدعي الكاتب المسرحي محمد زيطان في نصه  المعنون ب"سيدة المتوسط"، والصادر عن منشورات ومضة سلسلة المكتبة المسرحية عن دار مرايا بطنجة التاريخ ليعيد صياغته وفق سنن الكتابة المسرحية، والكاتب محمد زيطان عبّر عن هذا الانشغال بالكتابة التي تمتح من المسرح منذ عمله الأول "حدائق لوركا" ووصولا إلى عمله الثاني "غجر منتصف الليل"، وهما عملين قوبلا بحفاوة نقدية بالمغرب وخارجه، واستكمالا لهذا المشروع يصدر محمد زيطان ابن مدينة شفشاون عمله الجديد"سيدة المتوسط"؛ ومعلوم أن السيدة الحرة المكنى عنها في النص ب *سيدة المتوسط* هي شخصية تاريخية معروفة في شمال المغرب باعتبارها ابنة القائد مولاي علي بن راشد مؤسس مدينة شفشاون. وقد عرفت بذكائها الحاد وبشخصيتها القوية، الأمر الذي أهلها لتحكم جزءا كبيرا من شمال المغرب في عهد الدولة الوطاسية ، ولتقف سدا منيعا في وجه الأطماع الأجنبية – الأيبيرية خصوصا- التي كانت تتهافت على احتلال مدن الشمال وبعض الثغور المتوسطية. كما أنها أخذت بيد الموريسكيين المقهورين والمطرودين من ديارهم الأندلسية غصبا، فخصتهم بالرعاية و العناية مع تعبئتها للفرسان حفظا للمغلوبين مهما كانت مللهم أو انتماءاتهم. وقد عمل محمد زيطان على إعادة تأويل المسار التاريخي لهذه الشخصية بأسلوب مسرحي شيق يقوم على العمق الدرامي، وعلى نحت الشخصيات بكل براعة وحرفية، عبر تقريب عوالمه المتخيلة إلى المتلقي بعد دمجها بسلاسة مع المتن التاريخي الذي استلهمت منه أحداث المسرحية. وقد خصه الكاتب المسرحي العراقي فاضل الجاف بكلمة دالة تقترب من هذا المسرحي بقوله:" إن زيطان يسير على خطى المعلم الأول شكسبير" أستاذ العلاقة بين المسرح والتاريخ"، والملهم الأبرع في تحويل التاريخي والأسطوري والتراثي إلى ما هو راهن ومعاصر بل إلى ما هو مستقبلي وأزلي وخالد. طالما أن الوجود حافل بالصراع على السلطة، وهو صراع أزلي، صراع بين الظالم والمظلوم ينتهي على الأغلب بسفك الدماء وخراب المدن وتسليم الأوطان. إن التاريخ بمادته الثابتة من وقائع وثائق لأحداث دموية عنيفة، ينتمي إلى الماضي السحيق، نجدها خامدة في متناول أيدينا على شكل تصنيفات وتبويبات منتظمة على الرفوف، وفي مجرات الأرشيف، وفي أروقة المتاحف والمكتبات والورَاقين، وما أن  يجسده الكاتب المسرحي في نص درامي شديد الكثافة والاختزال كما في سيدة المتوسط، فإنه يكون في صورته الفنية، قد انتمى إلى المستقبل، إنه مقبل إلى الراهن وآت من المتوقع والمنتظر من الأحداث.. والمؤلف في ألقه الفني هذا إنما يقدَم عبر نص سيدة البحر هدية إبداعية للمخرجين المسرحيين التواقين إلى المزج بين التقاليد والتراث والأصالة مع الحداثة والتجديد والتجريب. ولفن التأليف المسرحي العربي على مستوى الشخصيات النسائية، شخصية نسائية قوية ومتميزة متمثلة بشخصية " السيدة الحرة"، وهي هبة عظيمة تنتظرها ممثلاتنا القديرات، هبة نشكر الكاتب عليها."