القاص العراقي يكتب ساخرا من المفارقات التي تنتج من الهوة التي تفصل باطن الإنسان عن ظاهره وقدرة شاب على رؤية الفارق بعدما كاد أن ينخدع.

مفـــــارقة

إبراهيم داود الجنابي

بعد أن صرخ منادي البلدة داعيا إلى إلقاء القبض على كل غريب دخل البلدة حدث هرج ومرج، هذا ما حدثنا عنه (كنان بن أبراهام بن صباح بن اردوكان) قال دخل بلدتنا شاب هرب من أمر طلبته أمه – بعد موت أبيه بسنوات - بان يزيل السدرة التي كانت تفيء بظلالها على الدار ، وتدر بنتاجها المدرار، ويأكل منه البعيد والجار ، ولان لا مناص من تلبية أمرها والحجة إن العصافير التي تؤم السدرة لابد أن يكون فيها من الذكور كثيرا وهي امرأة لطالما تجلس في حديقة الدار، وحين اكتشف أمرا لا يصدق قرر الهرب إلى لا جهة ولا قرار ، وعلى مشارف البلدة التي كان يروم دخولها التقى رجلا يحرث الأرض بمجرفة كلما أودعها حافة الأرض قال (بسم الله والحمد لله)فسأله الشاب عن سبب تكرار هذه الجملة في كل مرة تجوس مجرفته الأرض، أو ما تكفي البسملة لمرة واحدة حين الشروع بالعمل رد عليه الآخر باني اعتبر كل حركة هي شروع آخر فقال له الشاب بارك الله لك في عملك وذهب ، وعندما وصل واقترب، من شيخ ضرير، بعصا من خشب ،تدلى في أسفلها جرس من صنع حلب ،سأله الشاب متطفلا ، يا شيخنا ما الذي تبغيه من جرس في عصاك ، قال يا ولدي أنت ربما لا تدرك ما ابغي، فالعصا تعينني على ما ترى ،أما الجرس فأهش به نملة أو ما يماثلها خشية أن اسحقها بقدمي، غادره مودعا وهو يحدث نفسه عن بلدة أولها هكذا لعل البركة مستقرها هنا ، نام ليلته بسكينة لم يعهدها ولما أفاق على صراخ المنادي وهو يصدح بان كنز الأمير قد سرق ، ولا بد من إلقاء القبض على كل غريب ملتحق ،انتابته صعقة المتحذلق ، وحين جلد جلدا مبرحا اعترف بأنه والرجل الأول صاحب المجرفة والشيخ الضرير شركاء في سرقة خزانة الأمير ،فقالوا له أنت تتهم اتقى أتقياء المدينة ، فجيء بالاثنين وجلدوا كما الأخير اعترفوا بفعلتهم دون ذكر الغريب ، فأمر الأمير بإحضار القادم الجديد والشريك البعيد ،فسأله كيف عرفت إن هؤلاء الذين يعرفون بالنقاوة والتقوى هم السراق ؟،فرد علية الشاب اسألوا سدرة بيتنا