يخصنا الشاعر العراقي المرموق بأحدث قصائده الشعرية، مستقصيا أيامنا في حالات شعرية تلتقط بعين الاستعارة ما ندركه كتفاصيل تعبر اليومي بلا انتباه. وبحسه الشعري اللافت ينبهنا الى ما خلناه مشهدا متكررا، لكن ما نلبث أن نكتشف جزءا من صورة الأشياء في هكذا عالم ينتهي الى الكساد.

ثُمانيةُ الأسبوع

هاتف الجنابي

يوم مجهول
صعدَ القدّوسُ إلى قِمَمٍ

نجهلُ موقعَها

فكفانا بحثا عن أملٍ

يشفينا من أدران الوهم،

فلتبقَ النجمةُ محراثا والغيمةُ حقلا

من خُرم الإبْرةِ ندخلُ في وَضَح الليلِِ

خذْ نفسَاً وانفخْ سطحَ الحجرِ الأملسْ

بين السفحين

سجّلْ وَعْدا للقاء اليوم المجهول.

 

السبت-
سؤال
سألتُ عنّي طويلا

فلمْ أجدْ ما يُشبهني غيرَ ظلّي

متلفعا بالسواد نهارا

شفيفا في المساء،

حيث لا يُرى-

أنسخ نفسي في الليل.

 

الأحد-
سجود
هدِيرُ الموج

الموجُ يرانا هامدين،

وصيحاتُ النوارس

النوارسُ تأكل من أكفّنا،

والزبدُ الملتفُّ حول الصخور،

الزبدُ الطافحُ من حوافي الشفتين

المحاراتُ تصفر

تهتف باسم البحر

تسجد للديجور.

 

الإثنين-
ريحٌ وغيمة
إنْ كنتِ ريحا

فأنا غيمةٌ ذاتُ رياش

وإنْ كنِتِ يدا

فأنا الإشارةُ بين الأصابع

فلا تسلبي الهواءَ مني

ولا تجعلي الفضاءَ شراكا

عن جناحٍ تبحثُ

في سفوح الرجاءْ

 

الثلاثاء-
مصير
أيقنتُ ألا خلاصَ لهذا الأرنب البري

منذهلا راكضا في مفازةٍ تكسوها السماءُ

ببعض الغيوم وجنحين يخبطان الهواءَ كما لو هما

منكرٌ ونكير

 

 كلما نكّسَ النسرُ منقارَه

أصبحَ المشهدُ أكثرَ حيرةً

تتباطأ الوثباتُ، نبضاتُ القلبِ تُسْرعُ،

حياةٌ تمتحنُ الصدفةُ جوهرَها، رئة مثقبة.

 

كدتُ أصدّقُ أنّ الأرنبَ قد نجا

محتميا في حفرة

ظنها المنقذَ الأخير

إزاءَ التفردِ بالفضاء.

 

كانت وثبة النسرِ بلا معنى

تأخرَّتْ قليلا

بعدَ خسارة السباق مع الأفعى

عَطسةٌ بين توَتّرِ القوسِ وانطلاقة السهم.

 

الأربعاء-
فمٌ
وصلتُ إلى مرتفعٍ يُطل على وادٍ سحيقْ

يحضنه جبلٌ بهيئة نسر

خلفي غابة ومنحدرٌ

تطلعتُ إلى السماءِ التي سرعانَ ما تلبدتْ بالغيوم

صفّرتُ فجاءني الصدى مثل ريح يقطعها نيزكٌ

أذهلني تدحرجُ الأحجار كالأَعْمار

وتشبّثُ الماعزِ بالسفح.

أخرجتُ مسبحتي ورحتُ أعدّ آثامي

كبّرْتُ حتى تساقط صوتي

في فم الهاوية.

 

الخميس-
شاهدة
بالمقلوب يُقرأ هذا الكفنْ  

كيسُ دقيقٍ سالَ عليه الدمُ

خُضّبَ شكلهُ فلمْ يبقَ من علاماته

إلا نسيجٌ فارغ يصيح بي:

 شاهدتي مقلوبةٌ باللهِ عليك

سمعتُ ارتطاما فوق الجمجمة

لمستها، تناثر الترابُ من عظامي.

 

الجمعة-
ساحة التحرير
أحلامٌ، أذُنٌ، شفةٌ، أنفٌ وَفمٌ، أصواتٌ،

أشياءٌ أخرى ناتئةٌ،

ودماءٌ تصبغُ نصبَ الحريّةِ،

من  كلماتِ الطينِ إلى موت النهرين قريبا

افتحْ هذا السجنَ الممتدَّ من الثاءِ إلى الحاءِ:

ثورٌ + حصانٌ + جلادٌ يقرأُ سورةَ يوسفَ،

ما أعمقَ هذي البئر،

أعُوذ من الشيطانِ به،

هل قلتَ: كفانا موتا؟

سجّانٌ يرفعُ قضبانا،

حُرٌّ يقتاتُ بلحمِ أخيه الحائر

بين الأمس الظالمِ واليومِ المظلوم

قلْ لي يا غسقا وَرِعَا: هل صَلّيْتَ على فجري؟

أوصدتَ شبابيكي والتابوتَ نَهَبْتَ؟

حسناً، سأحدّقُ من فتحة باب اللهِ

وأقرأ فاتحةَ العصيان.

 

1-2. 10. 2011