خلال ثمانينات القرن الفائت ابتدأ يتبلور جيل قصصي عراقي من الشباب الذين هربوا من حرب 1980 مع إيران بسبب القمع الجسدي والفكري الذي سبق الإعلان عن الحرب، ومن الذين انسلوا من الجبهات لموقف فكري إلى دول الجوار. أو إلى الثوار في شمال العراق، مما أتاح لهم التعبير بحرية عن هول التجربة التي خاضوها في الجبهات وفظاعة الحرب. ومنذ أواخر الثمانينات بدأ تظهر هنا وهناك في الصحف والمجلات الأدبية العربية العديد من النصوص للكتاب المذكورين، سرعان ما تميزّت ولاقت ترحابا في الوسط الأدبي العربي لنضجها الفني ولما تحمله من هموم وتجربة جديدة على البيئة الأدبية العربية. فمن ناحية لم يمر أي بلد عربي بما مر به العراق من حروب دموية متتالية منذ 14 تموز 1958حيث ابتدأت بصراع دموي بين القوى السياسية التي دعمت الجيش في عملية استيلائه على السلطة، ثم بحرب السلطات المركزية على الأكراد منذ 1961، ثم توجت تلك الصراعات بحربي الخليج، ومن ناحية أخرى وفرَّ المنفى للكتاب المذكورين حرية لم يحلموا بها مما جعل نصوصهم تنبض بإيقاع مختلف، إيقاع يحمل ارث ذلك التعسف الطويل الذي وقع على الذات العراقية في فداحة محنتها التي تبدو أنها شبه قدرية تغور عميقا في تاريخ ما بين النهرين. كيف لي أن أعبر عن عملية نجاة أولئك الشباب – وأنا واحد منهم – من ذلك القاع الرهيب حيث يجد المرء نفسه مجرد حشرة، قطرة في بحر آلية هرمية لا يستطيع وهو في قعرها العميق حتى تخيلها .. هرمية المؤسسة العسكرية المعاصرة وهي التي كانت الحاسمة في المصائر البشرية في العراق والبلدان المشابهة، ولكن في العراق زمن الحرب كان كل شيء مبرراً للسلطات مما جعل فعلها في النفوس المساقة قسرا مثل آلهة بيدها المصائر. من تلك اللجة نجا الأنفار الموهوبون القلائل ليقصون هول ما جرى.
الجديد الذي لفت أنظار الوسط الأدبي العربي هو تلابس الصياغة الفنية الناضجة بجرأة تناول شؤون وبنية المؤسسة العسكرية المتوطمة كـ - تابو – يتحاشى الكتاب العرب الاقتراب منه إلا في حالة المدح كنصوص – جمال الغيطاني – عن حروب العرب مع إسرائيل أو عن حروب الجيش العراقي في كتابة – حراس البوابة الشرقية – وغيرها. بينما تناول السارد الناجي من جحيم الحرب الطاحنة غائرا إلى جوهرها حيث المساق كـ - جندي إجباري – (كما ينعته الضمير الشعبي العراقي) ينسحق مذلولا تحت وطأة قوانين تلك المؤسسة التي ترضعه كيف يصير عبدا نموذجيا دونه السجن زمن السلم، والقتل زمن الحرب كما ستخبرنا التجربة العراقية ونصوصها الجديدة التي خرقت تابو - المؤسسة العسكرية العربية – التي أثبتت عجزها عن مواجهة الكيان الإسرائيلي في حروبها الثلاثة الخاطفة فاضحةً جوهرها كونها مجرد مؤسسة قمعية وظيفتها الجوهرية الحفاظ على الأنظمة القائمة بلا خرافة الدفاع عن الوطن ومقاومة الأخطار الخارجية، فخاضت في شؤون قاع الهرم المنسي، غائرة في أعماق الجنود العراقيين المنسيين زمن تجلي المؤسسة العسكرية العراقية ذات البنية الرهيبة وقت الحرب حيث يصبح الجندي الفرد – الإنسان – مجرد رقم لا قيمه له، وعليه أن يؤدي دوره شاء أم أبى، ويذهب إلى مصيره والذي هو موت في كل الأحوال في حرب طويلة كالحرب مع إيران التي بدت وقتها وكأن لانهاية لها. وبهذا المعنى ذهب النص السردي العراقي الجديد المكتوب في المنفى إلى استقراء مصير المواطن العربي المهدد بسوقه لاحقا كجندي إجباري أوقات التوترات السياسية والحروب.
تضافر هذه العوامل المتعلقة بالتجربة والصوغ الفني لها جعل لهذا السرد قيمة إبداعية لفتت الأنظار
الكاتب – جنان جاسم حلاوي – واحد من أولئك الكتاب الذين نضجت وسطعت موهبتهم في المنفى. صدرت له العديد من المجاميع القصصية وخمس روايات أخرها – هواء قليل – عن دار الآداب – بيروت – 2009. قام بانتقاء اثنتي عشرة قصة من مجاميعه. صدرت عن دار المنفى 1997 تحت عنوان(– قصص الحب قصص الحرب – مختارات). بمعنى أننا إزاء خلاصة مرحلة تمتد إلى أكثر من عشرين عاماً من عمر تجربة الكاتب بميدان القصة القصيرة.
تخوض ثمانية نصوص في موضوعة الحرب – العراقية الإيرانية تحديداً – في مدينة البصرة مكان ولادة الكاتب ونشأته؛ وهي المدينة التي تحملت الوزر الأكبر لتلك الحرب من بين كل المدن العراقية لموقعها المهم والحاسم من الناحية العسكرية، ولغناها بآبار النفط ولميزتها الجغرافية الاستراتيجية.
أربعة من هذه النصوص ترسم حال الجندي العراقي في جحيم الجبهة وخلفها داخل المؤسسة العسكرية المنفذة لفعل الحرب ميدانيا، وهي؛ أقواس الحدأة، متاهة القصب - نغمة موحشة، رماد الماء حول الجزر، وخراب البصرة.
في أقواس الحدأة يذهب بنا القاص إلى شريحة الجنود البسطاء الرافضين للحرب والذين يهربون دون استناد على حركة سياسية تساعدهم من النفاذ إلى الثوار في الجبال مثلا أو إلى الخارج، وتلك الشريحة الكبيرة سرعان ما تقع بأيدي الشرطة العسكرية، فتقبع في سجون الوحدات القاسية منتظرة أما فرج العفو من لدن الدكتاتور أو الإعدام بمحاكمة عسكرية، فيرصد جنديا سجينا في لحظة حاسمة حيث كانوا يَستَغِلون السجناء وقت اشتداد المعارك في عمل سخرة بتحميل العتاد من المخازن الخلفية للوحدات المشتبكة. يحلم الجندي السجين وهو على ظهر – الإيفا – العسكرية الذاهبة صوب المخازن، وهو يغفو على هزهزة العربة بسّلم وهمي يرتقيه إلى حيث التحليق والغياب في الغيوم ص 17. حلم شفيف يكشف الضغط الهائل الذي ينوء تحته العسكري السجين الذي يعاني إذلالاً مركبا وهو يجد نفسه في موقع هو بالعكس مما كان يرومه من ارتكابه فعل الهروب توقا للحرية، نجد السجين يدمن حلم الخلاص ولو مجازاً. يراقب حدأة تدور في السماء. حرة من قيود الأرض إلى أن تتلاشى في غور السماء – وتمنى لو يكون حدأة – ص19.
يرصد السرد تفاصيل الوضع البشري البائس للمساجين:
(بدا السجناء الحمالون أنصاف أشباح وأنصاف بشر، إذ ما شطرتهم حزم الضوء. كانوا يدخلون مجال الإنارة ويخرجون منه، والحراس يدورون ويراقبون، والضابط يقف على أحد الأكداس يصرخ بهسترية أو يؤشر بعصاه فقط، وكأنه يحرك هذا الكون المضطرب الراجف، ينسفه ويرتبه) ص24
يلخص هذا المشهد ما أشرت إليه من انسحاق الذات الحالمة بخلاص شبه مستحيل وشدة وقع القمع برموزه التي تحاول تشكيل الواقع كما تريد لا كما هو في انسياب تشكله في الظروف الطبيعية، و إلا ما مبرر الحرب؟!. التي هي فعل قسر يصل بالنفس البشرية إلى مساحة عبث حيث تتساوى، المحبة والكره، الحياة والموت، لا بل يبدو الموت أرحم بكثير من جحيم سخرة الجندي السجين، وهو يحمل صناديق العتاد طوال الليل والنهار، مما يحرر في داخله غريزة البقاء بعنف لحظة يرى انهراس جسد زميله – محمود – تحت كدس العتاد الساقط وانهيار أحد الجنود باكيا فرط التعب فيلاقي ضربة مبرحا من الحرس. في تلك اللحظة المطلقة يهرب ذاك الجندي حالماً بأجنحة الحدأة. يعبر سور الأسلاك الشائكة راكضا في البرية في الظلام ليقع في براثن مفارز المطاردة وكلابها المدربة.
في – متاهة القصب نغمة موحشة – يتناول الكاتب الشريحة الأوسع زمن الحرب إلا وهي الأغلبية التي تمنعها دوافع مختلفة مزيج من الخوف والانصياع والقناعات السياسية المظللة والعجز والاستسلام إلى أقدارها أو التشبث بقيم العشيرة والشجاعة المجردة من معنى الفعل.. تلك هي الأعداد الكبيرة من الجنود التي خاضت الحرب فعلا وكانت أداتها ووقودها؛ جنود الجبهات المشتبكين فعلا في الميدان، فنضيع مع زورق في مجاهل الأهوار ينفصل عن زوارق المفرزة الخمسة ضائعا في المجهول.. متاهة القصب – الأرض الحرام – المزروعة بالألغام والمصائد الفسفورية والكمائن ووحوش الأهوار من خنازير وأفاع. حيوات تضيع وتتحاور في عمق عبثية ذلك الضياع، فواحد يترك القارب خاتلاً في أجمة قصب لا يدري أين تقع، والآخر يصاب بانهيار، أما البقية فتقع أسيرة عند خيوط الفجر بأيدي القوات الإيرانية. نص موحش حقاً، يحبس أنفاس القارئ والأمكنة الموحشة التي يصفها الراوي الحيادي بعين كاميرا سينمائية تغرقنا في عالمها البشري الذي نحسه من خلال الحوار القاطع لحركة السرد والوصف.
أما – رماد الماء حول الجزر – فينحو نحواً مختلفاً فهو يتناول الشريحة نفسها في – متاهة القصب – لكنه ينسج في النص علاقة موحشة لا بل مرعبة بين الإنسان والطبيعة. تقف خلف هذه العلاقة الموحشة الملتبسة الحرب طبعا، تتكثف في النص أبعاد علاقة رعب ميتافيزيقية تحكم العلاقة بين البشر والطبيعة الغامضة منذ أقدم العصور حيث يدفع الفضول احد الجنديين في الموقع المتقدم في عمق هور - الحويزة – إلى محاولة استطلاع أصوات غريبة تصدر من أجمة قصب قريبة، فيخوض في المياه ليجد جثة جندي إيراني تحولت أحشائها إلى مساحة تتعارك وتتعاض في جوفها المأكول أحناش الهور السامة والتي سرعان ما تهاجمه في مشهد مرعب حيث يقاتلها ببندقيته العاجزة:
(دك عباس أجسادها بأخمص بندقيته. ذبح بعضها بالحربة، غير أن تكاتفها راح يزداد بصورة مخيفة، مهاجمة، من دون تردد.. أطلق رشقة، رشقتين، ثلاث رشقات من رشاشه. رمى جسده إلى المخاضة البعيدة عنه أمتارا قليلة، فتدحرجت خوذته، حضنها الدغل، وأطرافه المرتعشة صلبت على سد القصب الذي ارتطم به.. هيجانه وفزعه شوه المرئيات حوله، يضرب رؤوسها العالقة ببطتي ساقيه وردفيه وظهره.. ارتجف جسده عنيفاً، قبل أن تتلاشى قواه، وَيُيبس شلل سمي عضلاته المسمرة على صليب قصبي) ص102
ثمة حرب تخوضها كائنات متدنية قياسا للإنسان من أجل مطالب غريزية ملحة؛ حاجة الطعام. هاهو الإنسان ينحدر إلى مستوى الغريزة منحطاً في فعل قتل بني جنسه، وكأن النص يقول لنا هذه الحكمة في حركته الأخيرة والجندي الآخر ينحدر من موقعه صوب الأجمة التي ابتلعت زميلة.
في – خراب البصرة – يستكمل الكاتب دورة مصائر الجندي العبثية زمن الحرب، فالنص بخلاف النصيين السابقين يستدير بنا من وحشة جحيم خطوط التماس إلى ما يجري خلف الجبهات.. إلى المدينة لكن من خلال جندي هو ناجٍ وحيد من فوج أبيد في معركة – والنص هو الوحيد من بين نصوص المختارات مسرود بضمير المتكلم – وكأن هذا الضمير الحميم يلخص جوهر حيرة الجندي إزاء تلك الحرب التي لا معنى لها بالنسبة للجندي، والأسئلة المدوخة، فها هو الناجي يستيقظ في الشاحنة العسكرية التي تقله في إجازته الفريدة.
ـ كنتُ دائخاً من يقظتي ص89.
ينفصل الجندي الناجي من الراهن المرعب، لائذا بطفولته المستحيلة فيحلم بإمساك الشمس ويأخذه حلم الماء ونهر الطفولة.. وقبل الذهاب إلى بيت أهله يشتري عرقاً من بارٍ شاعراً وهو يمر على أمكنة مدينته الحميمة بنأيها واختلافها ولا طعمها واجداً في ليل البصرة وحشة تفوق رعب الليلة الفائتة.
(لم يكن هنالك شيء محدد أستطيع فهمه، أو سماعه سوى ذلك الرنين الحاد في رأسي؛ رنين الموت المتلاحق في جنازة ذاكرتي) ص91.
وينتبه إلى موت كل شيء في المدينة إلا نهرها فيذهب إلى أعماقه باحثاً عن السلام الروحي المستحيل في ذات خربتها الحرب. يغرق الجندي لنكتشف أن ـ خراب البصرة ـ وهو أسم القصة ليس كمكان لكن خراب أفدح هو خراب الروح. هذه القصة هي ذروة القصص الأربعة التي حللتها حيث تصل بنا إلى المعادل الموضوعي لفعل القسوة والحرب في نفوس الجنود الذين خاضوها مجبرين.
قصص الحرب المتبقية تنسحب من ميدان الجبهة المحتدم شرق البصرة إلى مركزها المكتظ راسمة انعكاس ما يجري عبر نهر المدينة من تقتيل وغياب وفظاعة تفاصيل يوميات الحرب على سكان المدينة التي بدأ نسيجها الاجتماعي بالتحول من الهزهزة القادمة من أخبار الجبهات التي يتداولها الناس نقلا عن الجنود المجازين أو النازلين للتسوق من أسواق المدينة، ومن جثث أبنائها الجنود التي راحت تزداد مع طول فترة الحرب والتمزق بعد أن صارت المدينة جزءا من الجبهة، وهدفاً لقصف يومي لأحيائها السكنية، والقصص هي؛ ـ ماذا بوسع العشاق أن يفعلوا؟ ـ غابة في غرفة ـ، ـ الباب الأول على اليسار ـ، ـ حيوانات الظلام ـ.
في ـ ماذا بوسع العشاق أن يفعلوا ـ يلاحق الراوي خطى عاشقة تخرج خلسة للقاء حبيبها راصداً أمكنة المدينة التي تمر بها، مازجاً بين حاضرها، مظاهر العسكرة بعدما تحولت إلى مزيج من الثكنة العسكرية والسجن الكبير حيث حرم على المدنيين مغادرتها إلا بإذن من السلطات. وإلى ملجأ لسكان الأرياف والقصبات التي أصبحت خطوط تماس وساحة حرب، وبين تاريخها القريب حيث كانت ساحة للمعارك بين الجيش الإنكليزي والعثماني في أوائل القرن العشرين من خلال جمل وصفية وإخبارية وسردية تتابع حركة العاشقة وهي في طريقها إلى نزل كبير يسكنه حبيبها. ونعلم كذلك أن عائلتها قد هربت لفترة إلى بغداد بسبب اشتداد القصف مما جعلها تجهل أخبار الحبيب. فيخبرها حارس البناية بإلقاء القبض عليه من قبل السلطات لهروبه من جبهات الحرب.
في ـ الباب الأول إلى اليسار ـ يعرض لحالة تمزق النسيج الاجتماعي للمدينة من خلال حركة جندي مجاز يتسلل ليلا باتجاه بيت حبيبته التي هي أخت جندي كان معه في الوحدة العسكرية نفسها، أثناء حركته يستعيد لحظات حميمة لهما في عتمة الغرفة، مقتل أخيها، هواجسه بمقتل قريب في الجبهة، وتوقه العظيم لاقتناص لحظة بهجة مع الحبيبة، راسماً جواً درامياً متوتراً ينضح بالمخاوف والهواجس، من القصف المحتمل، من عيون الناس، من احتمالات غيابها، أو امتناعها بسبب الحزن على مقتل أخيها الذي لم يمر عليه شهر، لكنه يجد البيت مهجوراً.
في ـ غابة في غرفة ـ ومن خلال عاملة مكبس تمر يقتل زوجها في الجبهة، فتتحول إلى عاهرة تحت إلحاح الحاجة الجنسية التي تشبعها مع الجنود الذين يأتون إلى المكبس لاستلام التمور ولتعيل أبنتها الوحيدة بعدما وجدت بالعهر وسيلة أسهل وأكثر موردا وتلبي حاجتها الغريزية ، تدخل برفقة ابنتها غرفة طالب جامعي يدرس في كلية الآداب بالبصرة.. وعلى إيقاع القصف ورعبه يدور حوار يكشف عن عدم جدوى الحياة في ظل حربٍ فالطالب يشعر بعث الدراسة في تلك الظروف فيفكر بترك الجامعة والمدينة:
(- أنا أيضا أريد أن أغادر البصرة، تصوري أنتِ؛ من يستطيع أن يدرس تحت القصف؟ ثم ماذا يعني أن أدرس البحتري والمتنبي والزمخشري، والناس يذبحون؟) ص62.
بعد أخر من أبعاد التمزق الاجتماعي تضيئه هذه القصة، عائلة فقدت الرجل والاستقرار، الزوجة عاهرة وطالب جامعي تشعره الحرب بلا جدوى العلم والمعرفة وقتما تقتتل البشر عائدةً بالإنسان إلى زمن الغابة.
أما في ـ خيول الظلام ـ فيغور الكاتب عميقا في روح الإنسان البسيط بالمعنى الجذري للكلمة.. البسيط المتطلع إلى معانقة الحياة رغم كل متاعبها، الواقع في أسفل السلم الاجتماعي الذي يجد نفسه واقعاً في خضم معادلة الصراع السياسي المؤدي إلى الحرب. من خلال رصد أم وطفليها تسكن محله شعبية في البصرة لحظات قصف المدن العشوائي. نص يستعير من الموسيقى وتجربة حرب المدن بنيته، فيقتنص من تلك اللحظات المتوترة بين قذيفة وأخرى زمنه، أي لعبة الصمت والصخب.. الجريان الهادر والسكون، الهمس الخافت للكائنات المذعورة في عتمة الأمكنة، حركة الفئران وحفيف الأفاعي.. وهول القذيفة القادمة وكأنها تنزل من السماء، يمكننا تشخيص بنية هذه القصة كما يلي:
وصف متمهل للمكان الراشح بالترقب والانتظار ـ قصف بعيد ـ رصد أثار القصف على مكونات المكان الحية والميتة ـ قصف قريب ـ رصد وتيرة التوتر والهلع المتزايدين ـ قصف قريب جداً ـ وصف وسرد مكثفين لفداحة ذاك الرعب اللا معقول لأرواح الكائنات المذعورة تحت ستار الليل الذي هبط – قصف يصيب ميدان الرواي – مشهد ختامي يرصد فيه السارد خراب وفناء تلك الحيوات المسكينة من جماد وأرواح.
(أن الرائي هنا عند بقايا الشرفة المطلة على الخان سوف لن يرى خلال غمامات السدم الغبارية وحطام النور الطبشوري، سوى فتحة عارضة الباب التي قد لا تصمد طويلاً غير أنها ما زالت الخلاص الأخير للحركة العنيفة الهائجة المندفعة نحوها، والتي امتزجت الآن تماما بالظلام). ص 45.
حيوات وبشر مرعوبون لا يدرون ما يجري حولهم تشدهم رغبة بالحياة تبدو شبه مستحيلة. ذوات تموت وسؤالها يموت معها:
لم يحدث كل هذا؟ لِمَ الحرب؟.
المدينة في ـ حيوانات الظلام ـ تستحيل إلى كائن حي يعاني تحت وطأة القصف، معاناة معتقل تحطم أوصاله يد جلاد لا يعرف الرحمة. ينفتح هذا النص لاكتماله فنيا من محليته ـ البصرة ـ زمن الحرب العراقية الإيرانية ـ إلى فضاء معاناة كل المدن المعاصرة التي ما زالت تقصف زمن الحروب المتجددة.
أما القصص الأربع المتبقية: التتري – بيتي فوق مغارة – عربة الصيف – غادرني نيوتن، فتنشغل بمواضيع أخرى ذات صله ما بنتائج الحرب وأجواء القمع، تشترك ثلاث منها بأجواء فنطازية.
ففي ـ التتري – يجري تغريب الحدث، فالراوي بضمير المتكلم يسرد وكأنما يحدث نفسه في جمل قصيرة لاهثة، لحظة عودته إلى غرفته في الفندق، فيجد في سريره جثة رجل مطعون، ثم يحاور رجلا مجهولا يظهر في الغرفة ويتهمه بالقتل، فيسارع إلى الهرب في أجواء غامضة، ليكتشف في النهاية أن الخنجر مغروز بخاصرته هو.
في ـ بيتي فوق مغارة ـ يخلط الواقع بالحلم خالقا جوا غريبا هو تغريبة خيال متشرد يحلم بمأوى دافئ وجسد أنثى حار، يسردها علينا المتشرد ذاته كحكاية محبوكة وكأنها وقائع حية، لنكشف في النهاية أن كل القصة مجرد حلم متشرد، ألقت عليه الشرطة القبض في مغارة مهجورة. يظهر في هذا النص بوادر سمات أسلوبية جديدة على تركيب جملة الكاتب السردية والوصفية، إذ ستتظلل بالسخرية المرة مغادرةً جديتها وصرامتها ودقتها كما هو الحال في نصوص الحرب التي حللناها.
ـوهكذا قررت، لما اهرقت السماء كل جردالها علي (يالتلك السماء)، اللجوء إلى المغارة. ص110.
في ـ غادرني نيوتن ـ تتجسد سمات المنحي الأسلوبي الساخر بجلاء. فبنية النص فنطازية يسرد لنا فيها رجل يدعي أنه ساحر شؤونه، خيالاته، حكاياته التي تبدو كأنها خيالات حشاش. امرأة بكنزة صوفية مرسوم عليها شكل قط تطلب حرزاً لأنها حَمَلَتْ من مضاجعة قطها، يكلمه القط المرسوم على كنزتها، تقص عليه كيف تغتصب عن طريق اللمس، في طريقة سردية تختلف تماما عن قصص الحرب:
(والليل يهديني منذ زمن مضى أنواعاً من الجان والأبالسة، فلا أجد الكراسي صباحاً إلا مطعوجة، ومبعوجة لشدة ما لعب عليها وبها أطفال الجنيات. أما الحيطان فقد خزق آذانها العزيف والزفيف، والقرقطة، والطقطقة، واللتلتة، والهمهمة).. ص118.
(فاهت أو ماءت إذا صح القول (إذ ما أخالني أرى فم القط على كنزتها وأسمعه يموء)ص121.
(ولساني منطلق مسترسل بالأعاجيب، يفعل المعجزات.
ـ أوه، لا لا يا بنيتي، لن تنجبي قطاً ولا فيلاً، فسحري طاهر، وجني ماهر، وسينزل الدم، خذيه بكلام الله تعالى. ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيوناً، كذلك يجري الدم السائل والوجع الشديد. خذيه بكلام الله تعالى حتى إذا فتحت يأجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون كذلك الدم ينسل منك، خذيه بكلام الله وصببنا الماء صباً) ص124.
أوردنا هذه المقاطع السردية الطويلة نسبيا لسبب جوهري هو أن هذا الأسلوب الساخر سيتطور لدى الكاتب ليصبح من سمات نتاجه المتأخر، وما على المتتبع والدارس سوى الإطلاع على كتابه القصصي ـ كل يا طاووسي حتى تكبر – دار المنفى ـ السويد 1999 – حتى يتوثق من صواب إشارتنا المذكورة.
أما – عربة للصيف، امرأة للحرية – وهي عن يوميات سجين، تعتمد في بنيتها على هذه اليوميات بين أعوام 75 – 76 – 1977. وهي قصة نمطية ضعيفة، لا تحمل سمات جنان الأسلوبية المكتملة، وكونها غير مذيلة بتاريخ كتابتها كما هو الحال مع غالبية قصص المختارات فأرجح أنها تعود إلى كتاباته المبكرة.
ثيمة النص والأسلوب
للثيمة أهمية حاسمة في تحديد الكثير من السمات الأسلوبية. إذ يكمن خلفها التكوين الفكري للكاتب وتجربته، أي بتعبير أدق رؤيته للوجود والعالم والعلاقات بين البشر، هذه الرؤية تشكل بالتالي اتجاهات تخليق النص لديه ـ وهنا أعنى تحديدا الكاتب ذا الموهبة والمنجز نصا متميزا ـ ويعود إليها في المحصلة تميز أسلوبه عن أسلوب غيره من الكتاب. ينشغل نص – جنان جاسم حلاوي – بزمن خارجي معروف ومحدد، لا بل يعمد أحيانا على تثبيت ذلك الزمن في جسد النص بجمله خبرية مباشرة إذ تبدأ قصة - ماذا بوسع العشاق – أول قصص المختارات هكذا:
(في يوم الاثنين، الرابع عشر من آب سنة 1981، الساعة السابعة عصراً، زعقت صفارات الإنذار معلنة توقف القصف المدفعي على مدينة البصرة إلى حين) ص7.
وبإنسان ذلك الزمن – الحرب العراقية الإيرانية – بنموذجه الشعبي البسيط، جنود الوحدات العسكرية المتقدمة، سجناء الوحدات العسكرية، الجنود المجازين، عوائل أولئك الجنود، طلبة الجامعات، زوجات قتلى الحرب، سكان المناطق الفقيرة في أحياء البصرة، ناس بسطاء بطبيعتها العفوية لديها موقف من الحرب يتلخص بسؤالها غير المنطوق والذي يشي به فعلها في النص؛ - لماذا الحرب؟!. ومن خلال حركتها وأحلامها وعلاقاتها داخل النص نجدها محاصرة، لا حول لها ولا قوة، تذهب إلى قدرها مجبرة، لكنها تقاوم متشبثةً، راغبة بالحياة. تريد إنقاذ حالها بأي شكلٍ من الأشكال رغم قسوة الظروف المحيطة، فالجندي المجاز في – الباب الأول على اليسار – رغم هاجسه بموتٍ قريب مهموماً بالحب:
(لا يريد أن يرجع، بل سيقبع عند الباب حتى إذا لم يفتح له. أخوها مات في الحرب، وهو سيموت، لكنه مازال حياً، يريدها، يريد دفؤها، وحنانها قبل أن يموت) ص71.
شخصيات متمسكة في حلمها حتى أخر لحظة، فهذا الجندي السجين في – أقواس الحدأة – المسخر لتحميل العتاد في الخطوط الخلفية وقت اشتداد المعارك، والذي ينتهز لحظة غفلة الحارس فيهرب في البرية نجده لحظة إطباق مفارز المطاردة عليه، يتماهى في حلمه بالطيران:
(خانته الصحراء أخيراً، وخانه جسده ولسعته رعشات الخوف، كم تمنى أن يكون طير حدأة يبزغ له جناحان ويطير مبتعدا محلقا في سماء الليل فتطمره الأجرام بزخّات من ضياء تصّيره محض طائر من نور) ص33.
وذلك التشبث الحميم بالحياة تحت القصف الذي يشمل كل الكائنات الحية.. الأم وأبنتها.. حيوانات وحشرات البيت القديم.. حتى آجر الحيطان، وخشب الأبواب في نص – حيوانات الظلام - .
حيوات تقاوم ببسالة، ولا تعرف غير المقاومة، رغم الموت المحدق بها من كل جانب، فهذا الجندي – عبد – في قصة – متاهة القصب – التائه في دكنة ليل القصب، في الأرض الحرام بصحبة من تبقى في القارب الذي فقد الاتصال بمفرزته وضاع بمتاهة الأهوار، يحاور زملائه المطالبين بالعودة:
(ـ أنرجع؟
ـ سنحاول الخروج من هنا وإذا دهمنا الفجر سنؤسر أو نموت.
ـ لا أحب أن أعيش في السجن، ولا أحب أن أموت طبعا، أحب الحياة، ولكن ليس في السجن) ص84.
هذه الثيمة جوهرية في كل نصوص ـ جنان جاسم ـ المختارة في قصص الحرب، وعلى أساسها أُشيد هيكل النص وبنائه، ومن هنا تصبح لهذه النصوص أهمية حيوية كونها معنية بالإنسان العراقي في ظرف محدد، معّرف تاريخياً، مكتوبة بحيادية وتشير إلى ما حدث في العراق والعراقي من دمارٍ وخراب روحي منذ السنين الأولى للحرب.
هل ساعدت ظروف المنفى ببلورة مثل هذه النصوص بالإضافة إلى موهبة الكاتب المميزة من بين العديد من المواهب القصصية العراقية التي ظهرت في المنفى؟
هذا ما لاشك فيه، فنظرة سريعة إلى النماذج القصصية المهمة المكتوبة في العراق في نفس الفترة ثمانينات القرن العشرين نجدها لعوامل معروفة لم تستطع الخوض في محنة العراقي زمن الحرب، فتاهت في مسارات سردية غامضة وكأن ما يجري لبشر النص ليس في هذا الزمان بل في أزمنة أخرى، أما في محلية مغّربة كما في مجموعة ـ صراخ في علبة ـ لأحمد خلف، أو في أزمنة أسطورية والتباس الغموض العلمي بين الخيال العلمي وحضارات وادي الرافدين المندثرة كما في – رؤيا الخريف – لمحمد خضير، فمن بين مجموع قصصها السبع أنشغل نصان في موضوعة الحرب، فلدى – محمد خضير – أما يتماهى النص في مطلق غامض يحيله إلى زمن ليس له ملامح في نص – رؤيا الخريف –. أو يماهي نصه في بعد أسطوري ميثولوجي فيغيب العراقي المعاصر المتشظي زمن الحرب كما في – الحكماء الثلاثة وهذا لا يقلل من أهمية النصوص المذكورة التي أضافت للسرد العراقي أساليب جديدة.
من هذه النقطة بالضبط افترقت، أو انفردت نصوص – جنان جاسم – المكتوبة عن الحرب خالقةً كينونتها المستقلة أسلوباً ولغةً بعد أن كان في مجموعته الأولى – عرائس البحر – ينهل من عالم – محمد خضير – ويدور في فلكه.
تذهب نصوص – جنان جاسم حلاوي – في قصص الحرب إلى حيث توقفت نصوص – محمد خضير – في مجموعته الأولى – المملكة السوداء – بالانشغال في ثيمة الإنسان المحاصر والحالم بحياة أخرى. ففي الوقت الذي غاصت فيه نصوص – خضير – المتأخرة في ميتافيزيقيتها منشغلة بمحنة الإنسان الوجودية وبغموض الحياة – وهذا يشير إلى عزلة الكاتب التامة عما يحدث حوله ولا سيما أنه لم يغادر مدينة البصرة أبدا – ساحة الاحتدام المستمر – حتى أن القارئ يلمس افتقاد كائنات – محمد خضير – القصصية الأخيرة عبقها المحلي وتفاصيل وجودها الواقعي في زمن محدد تاريخيا والذي يعطي الأبعاد العميقة والحاسمة لكينونة تلك الكائنات، فبدت وكأنها لا أصل ولا تاريخ لها في زمن أضطرب فيه العراق إلى حد أن كينونة العراقي باتت مهددة بالتفتت كشخصية ومكان.. ذهبت نصوص – جنان جاسم حلاوي – إلى تشخيص إنسان عصرها. وإذا لاحظنا زمن كتابتها بين 1984 – 1985 نجد أنها كانت نصوصا رائية تنبأت مبكرا بهول الكارثة التي أصابت العراق والعراقي.
كما تميزت بأسلوبها المختلف والمستفيد من إرث القصة العراقية والعربية بنماذجها الجديدة، إذ يستثمر – جنان جاسم حلاوي – أسلوبي – محمد خضير – و – أدور الخراط – المصري في تخليق أسلوب سردي مختلف ميّز نصه. يطغي الوصف المتمهل على أسلوب القاص، لا بل هو لب أسلوبه، بلسان راوٍ غائب – الضمير الثالث – يدرك بدقة النسب بين الجمل الوصفية والسردية وما يعتمل في روح كائنات النص ليخلق مناخاً يأسر القارئ منذ مدخل النص، نماذج:
ـ حيوانات الظلام ـ
(الآن تضحى دقات قطرت الحنفية الرانة في قعرٍ فارغ، مسموعة بوضوح، متناهية من صمت الحمام، إلى صمت الحوش، ثم مقوسات السقف الخشبية، فتلبد هناك.. لصوت القطرات، لدقاتها المعدنية، لنقراتها المتتاليات هزات من التوقع المخيف.. لذلك الرنين المتعاقب حضور كائنات لا مرئية، وذبذبات قوة خارقة، خفية تقترب من البيت بمصادفتها الوشيكة) ص35.
- متاهة القصب، نغمة موحشة -
( في مجاهيل الليل، حيث تتشبح المعالم وتبث الأدغال المظلمة أنيناً وحشياً، وتزعق أرواح الجثث الممزقة، بين شقوق الأهوار الخيشومية بأسرار حوادث الحرب. خلل ذلك الوجوم المدلهم بطقوس أمداء الماء. كانوا يتوجسون الأصوات، طقة غصن، رفرفة وريقات، نداءات الطيور، لغات حيوات الماء المذعورة، اللابدة، احتكاك أجنحة الحشرات.. حتى بات الرعب يكّلس حواسهم) ص74.
بعد أن ينحت المكان بكثافة صورية، وبمفردات منتقاة بدقة، شديدة الحساسية. يستدير الراوي لينحت أبعاد الإنسان في أمكنة النص الموحشة بلغة تترواح بين شعرية تنّغم بعد الشخصية مع رهافة مدخل النص، مع ترصيع جملٍ إخبارية تشي بلحظة النص الراهنة وزمن حدوثه. هذه الجمل الإخبارية تأتينا غالبا أما من خلال الحوارات القصيرة التي تبدو وكأنها محطة استراحة من هول ما ينقله لنا السارد، أو من خلال السارد نفسه. وهذه الجمل التقريرية لها أهمية حيوية ببنية النص رغم شدة إيجازها وضآلة مساحتها بجسد النص.
بين ما يجري في أعماق الشخصية من أماني ومخاوف، حركتها داخل الحدث، ووصف المكان المعادي زمن الحرب بالكيفية التي عرضت لها في الشواهد السابقة تكتمل بنية السرد في نص ـ جنان جاسم حلاوي ـ عائدةً في شبه دورة إلى ذلك الوصف المتأني للمكان وكائناته التي غالباً ما لا نعرف ما آلت بها الأمور، فالقارئ سوف لا يعرف ما حدث للأم وابنتها تحت القصف في ـ حيوانات الظلام ـ أو مصير – جخيور ـ الذي يترك القارب التائه خاتلاً في أجمة قصب في الأرض الحرام في - متاهة القصب – أو مصير حبيبة الجندي المجاز وأهلها في – الباب الأول على اليسار - أو مصير الجندي الآخر الذي يلحق بزميله الفضولي الذي قتلته أحناش الماء في أجمة القصب بخطوط التماس في – رماد الماء حول الجزر -.
هذه البنية القصصية تذهب بدورها إلى الغموض.. إلى حداثة السرد حيث يستحيل على الدارس تلخيص نصوص – جنان جاسم حلاوي – لما يكتنز جملته القصصية من شعرية:
(إلى يسارهم أقعى أرخبيل جزر مجنون، تشمله هدأة مبهمة، تتوسد نهاياته ظلاماً ناعماً، وأروقة القصب المقوس على مدار المفازات الغابية، تتناثر مثل شعر ساحرات أطللن برؤوسهن من بطن الماء) ص97.
أن هذه البنية المنشغلة بالظلال البشرية، المعنية بحاضر العراقي بكل وضوح زمن الحرب، وبكل غموض مصائر كائناتها التائقة إلى السلام وسط الخراب، يتلألأ هنا غموض المصائر بوضوح رؤية الكاتب للنص.
جنان جاسم حلاوي يذهب بالقصة العراقية منطلقاً مما أنجزه – محمد خضير – في – المملكة السوداء – إلى بناء عالمه الخاص المعني بالإنسان رافعا بهمومه إلى مستوى هم الإنسان في كل زمان ومكان يقع فيه تحت وطأة الحرب. ومواقف لم يفكر يوماً أنها ستغير مصيره، في أسلوب مبتكر ونصٍ جديد يضيف لبنه أخرى إلى حداثة النص القصصي العراقي.