كل قصيدة ممكنة جسر نحو الشعر في فرادته وشساعته الآتية، وكل جسر يبتكر حياته/ حيواته الموعودة، يصير الجسر الذي يقول/ يعبر الوجود شعريا. يقول الجسر العبور في صوره الباذخة والملغزة من الكائن إلى الممكن، معلقا في هواء الكلمات والأشياء، ويختبر حيواتنا وخطونا ومدى قدرتنا على الإضطلاع بكوارث الوجود. (الحياة على جسر) هكذا يعنون الشاعر جواد وحمو ديوانه الشعري الثاني (2011)، بعد ديوانه الأول ( نوافذ مشرعة على الليل) سنة (2007). لا يمكن للحياة على جسر إلا أن تكون حياة الشعر في سمته الجوهرية الأساس كعبور لزمن الأسئلة، لإلغازات التجربة الحياتية، وللكينونة. هنا حيث يورق نوع من التذكر المفتوح على بهاء النسيان، ونوع من البوح الممنوح لفتنة الكتمان.
الحياة على جسر، هي بشكل ما من الأشكال حياة لا تروم التحقق بشكل نهائي وبارانوي في سقف وجودها. ليست الحياة التي تظل أسيرة مفهومها الحيوي vitaliste، والتي تنسى بشكل فاجع داخل استلابات الحياة اليومية عمقها ككينونة-هنا، أي تضرب بالكينونة عرض الحائط لتنقذف في أتون الكائن وتنمنح لسلطته. إختار الشاعر جواد وحمو أن يدشن مجموعته الشعرية باستهلالين لشاعر باذخ ووجه هيراقليطي عميق يسكن الأرض الشعرية بقوة هو روني شار René CHAR، تقول الشذرة الأولى: (أمام كل انهيار للبراهين، يجيب الشاعر برشقة مستقبل)، وتقول الثانية: (الشاعر حافظ وجوه الكائن اللانهائية). هكذا يضع جواد وحمو ديوانه الشعري تحت العناية الباذخة لشاعر استثنائي بقامة روني شار، شهد انهيار براهين الذوات والوجود واللحظة السياسية والتاريخ إبان فترة المقاومة للإحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية، فأجاب برشقات وعود شعرية عميقة، جسدها ديوان( أوراق هبنوس). عمل بدأب حطاب عاشق للممرات الغابوية على حفظ الوجوه اللامتناهية للكائن الطاعن في الصخب والعنف والهبات الوجودية التي لا ترد نمط الكتابة الشعرية بعيدا كل البعد عن الوجازة الهيراقليطية الدالة عند شار والتي تضع الشعر دوما أمام التحدي العارم للفكر، أي للمفكر واللامفكر فيه معا. لكن حضورا سريا ما يربط أقوالا من ديوان (الحياة على جسر) بشذرات هذه الوجازة الملغزة.
( ثقوب كثيرة تملأ هذا العالم
حتى إن كل شيء يتسرب إلى الهاوية...
لا أعرف ماذا سيحدث؟
العالم ينهار ورائي، ببساطة،
(...)
والطريق الذي نشأ وحيدا
وبعيدا...
في البراري
ظل يغرز مخالبه في قلبي طوال الحلم.
هل بهذه الشراسة كان سيغريني بالرحيل معه؟) (71/72)
إنه عالم ممنوح لنداءات الهاوية، عالم ينهار، يتسرب كل شيء فيه كما يرشح الماء من إناء مليء بالثقوب، وكل هذه الإنهيارات الكارثية تقود حتما إلى رحيل يتلبس شكل غواية، لكنه لا يبرح عتبة السؤال. أمام صخب العالم تفقد الذات براهينها الوجودية وتلفي نفسها بالضرورة أمام خيار وحيد هو عزلة طريق شرسة، قاسية لا تخرج الزمن وحده بل الوجود أيضا من مفصلاته. ( ينهار/ يتسرب/ يغرز)، إنها اللغة الشرسة والمأساوية ذاتها التي تقول عنف العالم وشراسة اللحظة الوجودية. إنها أيضا لغة تقول بلوعة تفاصيل الشرط المأساوي الذي تنكتب داخله ( القصيدة- الحياة) العابرة مفازات الوجود بنعال من ريح، (القصيدة- الحياة) الحائرة التي لا تدري هل تضطلع بعبور الجسر، كما تعبر كائنات الراحل خليل حاوي ( في الصبح خفافا)، أم تقيم فيه بشكل نهائي، أو وفق نمط من الإقامات اللامتناهية التي تصيرها الصور الشعرية والجمل والقصائد. إنها حيوات إقامات الأطياف التي ما تني تصرخ أمام سديم الحياة كما الصارخ فوق الجسر في لوحة إدوارد مونخ الشهيرة، أو كما العابر جسرا لا يرى في تمثال ألبرتو جياكوميتي البرونزي بعنوان (السائر). المتأمل في الوجود يرى بعين الشاعر والفيلسوف أننا لا نقيم أبدا، وأننا ما نني منذ خطونا الأول نصرخ ونسير، وأن اللحظات التي نظنها إقامات مجرد لحظات وهمية لأن الأساس في الحياة/ الحيوات سواء تكون التي عشناها، نعيشها أو سنعيشها فوق هذه الأرض الواهية بأريحية لا تضاهى هو الجسر/ الجسور التي عبرناها أو لم نعبرها بعد: هو الوعد/ الوعود التي انفتحنا عليها/ إنمنحنا لها أو لم ننمنح لها بعد. كل جسر ممكن إلا ويفتح الشاعر على صيرورته طيفا ويطرح القصيدة كفضاء لاشتغال التأويل، لكنه تأويل لا يستقيم ولا يستكين لسقف الحقيقة ومقام المعنى...
( هنالك شيء ما يتناسل
في الوهم
كتأويل
أو كنبوءة أطياف...) (60).
الطيف عموما هو أفق الممكن، هو الآتي، الوعد الذي تعدنا به الكتابة والحياة والتاريخ، بحيث يصير الشعر نفسه نوعا من التفكيك الدؤوب لأنطلوجيا الأطياف، أو التحقق العاشق في إمكانيتها. يعدنا ديوان (الحياة على جسر) بهذه الشعرية الطيفية التي تسكن الشاعر بعمق ومودة، قبل القارئ، تسكنه لأنه يسكن إليها ويسكنها، وكل سكن سكون وسكينة حتى ولو كان ثمنه طرح الأسئلة ونحت رؤية مأساوية حول الوجود والعالم.
( ها هنا أحيا
وأعلو ناسيا شرك الحياة
على ضفاف الطين
والطين المؤقت
حصتي الأولى من المأساة)(21)
هي الحصة الملعونة إذن من قسمة لا تحتمل التأجيل، لأن الذي يدنو من دمه ( الشاعر) لا يستشعر أبديته إلا كحلم. تلك الأبدية التي سبق لرامبو في ( فصل في الجحيم) طرح سؤالها:
( ماذا؟
الأبدية.
إنها البحر الممزوج بالشمس).
يحضر هذا الإنسكان الأنطلوجي والشعري بالأطياف على المستوى المعجمي عبر حضور الكلمة في صيغة الجمع في العديد من المقاطع الشعرية، مصاحبة بمرادفات أخرى له مثل (الأشباح/ الظلال/ الأشباه). إن الوله الشعري بالطيف/ الأطياف وحضورها الباذخ والفاجع في آن، يشير إلى نوع من الرنو إلى إنسانية طيفية تقيم في / تعبر منطقة الما بين، أي فضاء ملغزا ما قد يكون شبيها إلى حد ما بجسر أو برزخ، علما أن الجسر، كما أشار هيذغر إلى ذلك في إحدى تأملاته في كتاب (مقالات ومحاضرات) هو نقطة الإلتقاء بين السماء والأرض، دون أن ننسى الأهمية القصوى التي اكتساها جسر أفينيون المكسور في المخيلة الشعرية لروني شار والمعلق فوق النهر وفي شذرات الشاعر أيضا. ما يقوله هو أن الجسر لا يربط بالضرورة بين نقطتين ولا يوصل إلى الضفة الأخرى، وأن (الحياة على جسر) قد تكون الحياة المعلقة المدججة بالأسئلة، والمشوبة بغرابتها المقلقة، أي حياة بسعة سؤال أنطلوجي لا يتملك شرطيته الوجودية سوى كانقذاف قلق في أتون العالم، أو تكون اللاحياة ذلك الإنبجاس الجنيني لإمكانية تظل دائما إمكانية.
( سأقترف الرحلة كي أنجو
أغرز أحلامي
في كل الأشياء
وأهرب في عتمة هذي الصحراء.
أداري خوفي من أطياف تتآلب
وأعمد جرحي في ليل يتوغل في جسدي.
لا أدرك أنحاء العالم
لكني ألمس في التيه مسارب أحلام.) (61/62).
هناك التيه الوجودي الذي قد يكون هو بالذات تجربة العجز عن إدراك العالم، أي عدم القدرة على إدراك طبيعة الوجود –داخل- العالم، إنطلاقا من وعي الذات المتكلمة شعريا، ومن قدرتها المدركة. تصير الرحلة نوعا من الجريمة أو الفضيحة الوجودية التي يتم اقترافها عنوة ( الفضيحة هي أننا نوجد، كما قال أحد الرفاق منذ سنوات) ويصير العبور ( عبور الجسر- الفضيحة) غرزا للأحلام المؤجلة في لحم العالم/ هروبا في عتمة الشساعة/ خوفا من الأطياف التي تتربص بالذات الدوائر وتعميدا لجرح وجودي ولكنه أيضا جرح نرجسي، تماما كما تغرز آلة الإعدام في قمة ( معسكر العقاب) لفرانز كافكا، مخالبها في جسد المحكوم لتكتب بحروف دامية منطوق الحكم في لحمه. لا ينطرح الوجود هنا في مختلف تمظهراته سوى كذريعة/ ذرائع للمساءلة الشعرية، لكتابة تعتنق المحو، أو لمحو يتماهى كلية مع الكتابة، عملا بنصيحة النفري في (مواقفه): (أمح ما كتبت)، لأن الحياة طرس تجارب بامتياز تنسخ فيها كل تجربة سابقتها أو تنكتب فوقها وفق قانون التراكم، فالشعر أيضا طرس معرض للمحو والإنكتاب، تصير داخله/ عبره اللغة محلا للهزة الدائمة وانعدام اليقين، ليعوض السيمولاكرle simulacre بقوته المجازية الغامضة الأصل، ولا تبقى حينها غير الظلال( شعرية الأطياف) الإغواء الذي يدثر عري الجسد – القصيدة، عري الحياة- الصحراء. إنه محو لانكتاب يقيم في الحد بين الأحياء والموتى، في منطقة الما بين، ولن تكون هناك غير أطياف مرعبة تجوس خلل شروخ الوجود مغلقة الآذان حتى لا تنصت لصراخ الشاعر الذي يمحو شأن أورفيوس ونظرته الحادة موضوع عشقه.
(أهيم على لغتي
وأضيع...
هنالك رمز
ينحت في الأفق ظلالا
سوف أطارده وأدثر عريه إغواء.
أمحوه فأكتبه
ها جسدي سيصير مرايا
ويفيض عن الصورة.
في المحو : العربات تدوس الجثث المنهارة في الآثار
وفي جسد المكتوب بقايا من أطراف
تتشكل أو تتحول.)(61)
هل المحو، الفقدان، الغياب، الحنين، الجحيم، فداحة الجمرة، بياض العدم، الأنصال، القيامة، وكوارث أخرى من معجم المأساة هي الخلاص. يبدو لي أن الشاعر جواد وحمو لا يبحث خلل ديوانه عن خلاص، إذ لا خلاص للجسد الذي ينتخب صليبه، ويصرخ في مدارات الوجود الحبلى بتوقعات غامضة ومهججة للحواس ( ياهذا ما المعنى؟) (46). إنها بشكل ما الشرطية التي تضطلع بها ذات تكتب/ تفكر على حافة الهاوية، تتعقب وحدها ليلها الطويل، وحتى وهي مؤمنة بأن المنتأى واسع مليء بأعقاب خرائط متناثرة في كل مكان، بأشباه وجوه وأقوام من خرق وأجساد بجماجم أطياف. تماما كما لو أن الشاعر هاملت آخر لم يرث غير جمجمة أبيه وتلك الجريمة المدمرة للكيان، التي ما يني عبر التفكير فيها يرى طيف الأب ويبحث عن القاتل ليعود كل مرة منكسرا، سائلا: ماذا؟. إنه سؤال الحاضر بامتياز.
(- ثمة وجهك
يربض في النص
كجمجمة الحاضر-) (41).
تماما مثل الوجه الذي يربض/ ينحفر في الرمل، ليندلق على الموج فيمحوه. هل يستطيع المتأمل في الفضاءات الكارثية النابضة بجماجم الأحياء، أن يؤكد بالفعل بأن الحاضر ليس المقبرة المحتملة للكلمات والأشياء والكائنات؟(...)
من يستطيع القول بأن الأجساد –الأطياف لا تتقدم كنهايات شاحبة في أول هذا الليل الميت؟ هل هو ليل العالم، أم ليل الذات- داخل العالم؟. يبدو الشاعر كما لو أنه حرفي النهايات التي لا تنتهي، مساح هندسات فضاءات آيلة للإنقراض، والحارس السري لحدائق العدم، أو لما يسميه الجنة في الجحيم. إنه بورتري الشاعر كمهندس لانعدام الصبر. الخبير بالمتاهات والصيرورات اللامدركة، كالواقف في موقف الإختيار حيث بدا له الناس مرضى، أو كبطل فيلم (الإنسان الميت) لجيم جارموش الذي يختبر أثناء رحلته القيامة كل الأشكال الممكنة والمستحيلة للموت، يمخر النهر كحي-ميت، يموت دون أن يموت، كأنه ميت لا يكف عن اختبار ميتاته الألف. إنه بورتري لشاعر نسي جسده على العتبات، ما يني يرمم الأنصال كي يستفتح المنسي من جرحه، شاعر فقد براهين البداية.
(لن تكشف الأيام أي بداية
كل الذي يأتي هو الماضي)(15).
إنه بكل المقاييس قول رهيب، إذ لن يستطيع الزمن أن يخلق مجددا أية بداية، ووحده الماضي سيأتي، سيصير المستقبل، كأن الزمن ذاته سيتماهى كلية والعود الأبدي للمثيل، ويندلق في حلقة مفرغة عبرها تستعاد البداية ذاتها بدون قدرة على اجتراح نهاية ما، أو بلوغها، بدون القدرة على استغوار الزمن كصيرورة مفتوحة على الآتي. إنه الإنسكان الشعري بنوع من الأبدية العمياء، التي يكون الزمن الكسيح، أو الزمن الوغد مادتها. إنه أيضا الدنو من أبدية لها سمة الحلم، أبدية من نسيان، وعتمة وأشلاء، لا قوة ترممها، أبدية شبيهة بسماء مدججة بغمام ثقيل. لذا لا يعثر الشاعر على طريق ما، أو على الطريق. كل الطرق مجرد (دروب موصدة) تقود إلى اللامكان. من يصوغ نشيد/ أناشيد ( الحياة على جسر) لا يمكن أن يعثر على طريق، يفضي به إلى ما وراء/ بعيدا عن الجسر. يبدو الشاعر منذورا لجسر محتوم لا يستطيع الفكاك منه أو الإبتعاد عنه، داخله تتيه خرائط البيوت والأهل ولا يستقيم غير التمرين الدائم على مسافات(...) تظل رغم كل شيء وهمية.
( لا أعرف البيت،
لا أهله...
والطريق سراب على أول الأحجية(.(31)
( يولد الوهم أجنحة
في الطريق
إلى البيت.) (35)
كأني بالشاعر عميق الإنصات لقول النفري ( بيتك طريقك، بيتك قبرك). كل هذا يبدو عميق الإرتباط بشعرية قاسية وفادحة، حادة كنصل السكين، تتفشى في صفحات الديوان وخلل قصائده كوباء داهم وغامض. لكنه الوباء ذاته الذي ينحت من مادته الإستثنائية الشعراء الحقيقيون، أولئك الذين يقترفون الشعر باعتباره نسغ الحياة، ويمارسونه كمهمة وجودية لا مفر منها. ألم يقل هولدرلين: ( حيثما يتضاعف الخطر، تلوح أيضا علامات النجاة). يكفي الوقوف عند المعجم الشعري المستعمل لندرك طبيعة هذه المهمة الفادحة والعاشقة: ( الأنصال، الجرح، الخوف، الزوال، الصليب، النهاية، المصير المحتوم، القيامة، الشبح، الغياب، اللعنة، المأساة، البقايا، الضياع، العري، الأطياف، الجمجمة، المراثي، الوساوس، الأخطاء، الأشباح... إلخ)، كأن التجربة الشعرية عند جواد وحمو ولدت مسكونة منذ البداية، بكوارثها وإشراقاتها، تجربة تقول/ تعلن بأن سياسة الوجود كامنة حتما في عنف المعنى، وأن هذا المعنى الشبيه بحرب وجودية لا يمكن أن يقول الحياة في عنفوانها المعلن أو الصامت إلا إذا تمرن عميقا على الإضطلاع بمخاطرها، واختبر مهاويها، شأن أورفيوس حين نزل إلى هاديس، عالم الموتى، بحثا عن المعنى الحقيقي لعشقه( يوريديس)، ليكتشف بأن كل معنى منذور للمحو، وأن كل وجود مسكون سلفا بأسرار الرحيل.
(ولذلك سأحاول أن لا أولد
إلا استعارة
وأقضي ما تبقى من حياتي على جسر
لا أعبر ولا أصل..
أطل على كل ما يختفي
في البعيد
فأنتحر قبل أن يقترب...)(76)
لكن كم انتحار يلزم كل لحظات هذه الإقامة المعلقة في هناك بلا انتماء؟ كم ميتات تلزم هذه الحياة/ الحيوات حتى تضطلع بكل فداحتها؟ ما الذي يمكنه أن يكونه/ أن يصيره الآتي بالنسبة لذات متكلمة انمنحت كلية لألق النهايات؟ وما بالجسد الذي سيحتمل أوزار هذا الكلام المرعب؟ . لقد وضع جواد وحمو ديوانه قريبا جدا من الأسئلة الرهيبة والمذهلة، تحت الحراسة الباذخة لروني شار ونيتشه، وسننتظر، دون شك، وعود كلامه الشعري الآتي، سننتظر خرائطه الأرخبيلية القادمة. لأنه بالفعل شاعر مسكون بوعود قصوى، يغمر صوره الشعرية الإحساس بالفقدان والصمت وبهاء الإشراقات الآتية، بالرغم من أن هذه الصور بالذات تظل ممنوحة لهباء/ بهاء العبور غير قادرة على أن تصير ذاكرة اللحظات التي مرت. إن ( الحياة على جسر) حياة/ حيوات شاعر/ بهلوان، يضطلع بفداحة الفعل الشعري بخفة من يخترق الهواء، يعبر الجسر دون أن يعبره، ومعه/ بجواره/ انطلاقا منه نعبر/ نخترق وجودنا المدفوع بريح الجمال الملغزة. ( في ظلماتنا ما من مكان للجمال. المكان كله للجمال. ) قال الشاعر الهيراقليطي المتأخر روني شار...( فوق جسرنا ما من حياة. الجسر كله للحياة). هكذا يمكننا القول مع الشاعر.
- كل الإستشهادات الواردة هي من ديوان الحياة على جسر للشاعر المغربي جواد وحمو الصادر عن مطبعة انفو برنت سنة 2011. وقد أوردنا أرقام الصفحات داخل المقال تفاديا لإثقال النص بالهوامش.