ضمن فعاليات معرض البحرين الدولي الخامس عشر للكتاب الذي تنظمه وزارة الثقافة، وفي أمسية أدبية لضيف شرف المعرض الجمهورية التونسية الشقيقة شارك عدد من الروائيين والقصاصين التونسيين. أدارت الأمسية الشاعرة البحرينية الدكتورة نبيلة زباري حيث قدمت الروائيين والقصاصين التونسيين المشاركين في الأمسية الأدبية، وهم الأستاذ محمد آيت ميهوب أستاذ السرديات بالجامعة التونسية، والأستاذ محمد الجابلي كاتب وأستاذ وباحث، والأستاذ الأسعد بن حسين كاتب وإعلامي.
وتحدث الأستاذ محمد آيت مهيوب حول بدايات الإبداع السردي في تونس، مشيرا إلى أن بداية القصة التونسية في القرن العشرين كانت مع كتاب أبرزهم أبوا لقاسم الشابي، ومصطفى خريّف، وعلي الدوعاجي، حيث اقترنت تجارب هؤلاء الكتاب ببدايات الصحافة في تونس، فكانوا ينشرون قصصهم في الصحف والمجلات، وكان اهم ما يجذب في هذه الكتابات الأولى أنها ركزت على موضوع الحرية في مختلف أشكالها سواء سياسيا بمقاومة الاستعمار، او اجتماعيا بالتحريض على النهوض بالمرأة ومقاومة التخلف والجهل، او أدبيا من خلال السعي إلى كتابة نص أدبي جديد.
وفي المداخلة للأستاذ محمد الجابلي حول السرد التونسي الحديث، فقد اوضح ان تطور الكتابة السردية في تونس انطلق من قضية أدبية لها صلة بأسئلة تاريخية وحضارية، وهذه القضية هي مسألة التنازع بين النقد والتاريخ في الرواية التونسية، وكذلك الرواية العربية حيث انطلق بعض النقاد من بدايات متأخرة للرواية في تونس ومصر وبلاد الشام، واعتبروها كبداية للرواية وتم إهمال عدد كبير من النصوص المتقدمة باعتبار أنها لا تتلاءم مع الرواية كجنس غربي حيث يعتقد النقاد أنه بدأ في الغرب وان تلك النصوص التي أهملت اعتقد أنها تمثل البداية الحقيقة للنص السردي العربي والتونسي.
وأضاف الجابلي أن السؤال النقدي الذي أثار تساؤل حضاري، وهو هل نظرنا إلى أنفسنا بأعيننا أم بأعين الآخر الغربي، وقد تطورت الكتابة في الأدب التونسي انطلاقا من تلك الجذور المؤسسة وصولا إلى نصوص على الدوعاجي ومحمود المصري، وتفرع نص الرواية في تونس إلى اتجاهين كبيرين، اتجاه إنشائي فيه ذاتية شعرية تعتمد أساس على اللغة وحمايتها، واتجاه واقعي اجتماعي يقارب اللحظة الحضارية بما فيها من أبعاد سياسية واجتماعية ونفسية.
كما قدم الأستاذ الأسعد بن حسين في مداخلته شهادة عن تجربته الإبداعية والشخصية في دخوله عالم الكتابة، وقال " لا أخفيكم أنني كنت ادخن السجائر ولا أنقطع أبدا عن تدخينها، صباحا أدخن سجائر خفيفة أجنبية، وفي المساء تلك الثقيلة المحلية، وبما انني من عشاق أفلام المافيا الايطالية وكان لي طموح كبير في طفولتي بأن أكون رئيس عصابة فإنني أدخن السيجار"، ويضيف "في منتصف الثمانينات تدهورت صحتي فذهبت إلى الطبيب، وكان طبيب شاب مرح قال لي: قلبك في خطر اعتبر أن ضوء برتغاليا أشعل أمام جسدك فتجد انه يتحول إلى اللون الأحمر، أعرف أنك لن تتوقف لكن ابحث عن شي تمارسه يقلل من نسبة السجائر التي تدخنها، وواصل في سرد تجربته "لست من هواة الزي الرياضي والجري، حاولت كثيرا ممارسة الرياضة والتقليل من التدخين فعجزت، بعد أيام طويلة قررت كتابة رسالة إلى أمي كانت الرسالة طويلة امتدت إلى أكثر من ثلاث ساعات، رسالة كانت بحجم شوقي إليها وتقصيري معها، وحين أتممت الكتابة كنت متأثرا إلى حد كبير، بحثت عن علبة سجائري فلم أجدها فوجهت نظري إلى المنفضة فلم يكن بها عقبٌ واحد، كنت كأحد علماء العصور الغابرة الذي اكتشف بالصدفة نظرية علمية جديدة هامة، فرحت كثيرا وقررت أن أصبح كاتبا، لذلك وبعد عشرين سنة من الكتابة لازلت نصوصي قليلة وصحتي متدهورة".