كثيراً من العطف-كما كانت تسميته في مصر!- (Quantum of Solace) هو الفيلم رقم 22 في سلسلة أفلام العميل السري (جيمس بوند)، وآخرها حتى لحظة كتابة هذه السطور، ويعتبر الجزء التالي لـ (كازينو رويال) الذي لعب بطولته أيضاً (دانييل كريج) في ثاني أداء له للشخصية الأشهر في عالم المخابرات، من إخراج مارك فورستر. هذه المرة ثمة صدام بين بوند ودومينيك جرين (ماثيو امالريك في الفيلم) عضو منظمة كوانتم، والذي-كعادة هذا النوع من الأفلام- يفكر في احتلال العالم والتحكم في الموارد المائية في بوليفيا، أما بوند فهو يزمع الانتقام لمقتل فاسبر ليند، وهنا يأتي القتل على يد كاميل مونتيس (اولجا كوريلنكو). لقد ابتكر منتج الفيلم مايكل ويلسون فكرة الفيلم الرئيسية أثناء تصوير كازينو رويال، وأوكل كتابة السيناريو لكل من نيل بورفيس وروبرت ويد وبول هاجيس وجوشوا زيتومير، وتم اختيار العنوان من قصة قصيرة نشرت عام 1960 في مجموعة لإيان فليمنج مبتكر بوند هي (من أجل عينيك فقط) بالرغم من أن الفيلم لا توجد به أي من عناصر القصة الأصلية. أخذت المشاهد في بنما وشيلي وايطاليا والنمسا، والمشاهد الداخلية في ستوديوهات باينوود، بغرض تصوير فيلم عصري بموتيفات السينما الكلاسيكية، كما تعمّد فورستر أن يكون الوغد مختلفاً عن النمط المعتاد في سينما بوند. أما عن قصة الفيلم فهي استمرا لأحداث كازينو رويال لكن منظمة كوانتم تدخل في الموضوع، مع خيانة الحارس الأمين للسيد (م) مما يسمح لوايت بالهرب، بوند يطارد ميتشل ويقتله، لكنه يعثر عليه سليما رغم البحث الجنائي الذي يؤكد مصرعه! ثم تأتي مهمة قتل كاميل عديمة الرحمة وشريكة دومينيك جرين، ثمة أسباب تجعل بوند يحاول انقاذ كاميل فيما بعد ومطاردة جرين عن طريق الهاتف المحمول لالفيس، وهنا تلاحظ أن الهواتف المحمولة تلعب دوراً هاما في الفيلم وسوف تشاهدها مرارا، هناك مساعدة من السي آي إيه كما هي العادة في أفلام بوند المعاصرة، وفي النهاية يذهب إلى كازان، روسيا ليقابل يوسف ويقتل جرين. دانييل كريج هنا يغير من أسلوبه في كازينو رويال لأن هذا الفيلم يحمل تيمة الانتقام، وليس الجو الرومانتيكي الخاص بأكواخ البحر ومباريات البوكر المملة، كما سوف تراه أكثر لياقة لوجود مشاهد عنف أكثر، لدرجة أنك ستشعر أن كازينو رويال كان نزهة! ولك أن تعرف أنه قد فاز بثمانية غرز حقيقية وعملية تجميل في وجهه أثناء التصوير وقطع لطرف إصبعه، والآن صار له سجل إجرامي حقيقي! يلعب دور الوغد دومينيك جرين الممثل ماثيو امالريك عضو قيادي في منظمة كوانتم وفي الظاهر كرجل أعمال ومدعم للمهام الخيرية والأبحاث البيئية، ويعتبر لعبه الدور قرارا سهلا من جانبه، من الصعب أن تخبر أطفالك أنهم قد عرضوا عليك الظهور في فيلم لجيمس بوند ورفضت! وعندما طلب المزيد من المكياج رفض المخرج فورستر ليظهر بصورة وغد عصري طبيعي وليس من أشرار الخمسينيات أو أفلام الرعب القوطي والمافيا، وإنما ليرمز للشر الخفي في المجتمع، لاحظ الأداء السابق لماثيو امالريك في (ابتسامة توني بلير وجنون ساركوزي) فيمكنك القول أنه أكثر الأوغاد الذين رأيتهم نذالة! أما عنه فهو لم يقصد تقديم وجهة نظره السياسية وإنما إبراز استخدام أهل السياسة لمهاراتهم التمثيلية في الأداء الخطابي، كما أن له غريزة حيوانية نقية وهو يحارب بوند! وتلعب دور كاميل مونتس الممثلة أولجا كوريلنكو، اختارها فورستر من بين 400 ممثلة لأنها الأقل عصبية، وعندما قرأت السيناريو سعدت لعدم وجود مشاهد ساخنة بينها وبين بوند والذي رأت أنه سوف يشتت الجمهور ويصرفهم عن متابعة أداءها، وظلت لمدة ثلاثة أسابيع تتدرب على القتال بالأسلحة والطيران بالمظلة بمعاونة كريج لتسير على نهج (ميشيل ييو) في (الغد لا يموت أبدا)!