1-كل الكائنات تكبر، تشيخ، تغيب… ما عدا أنت.. كل يوم تشتعلين شبابا وفتوة… قصيرة، رشيقة، دافئة، خفيفة، صديقة الجميع، ذكورا وإناثا، شبابا وشيبا، أطفالا ويافعين. هي التراب والهواء والماء والنار.
2- صغيرة في حجمها دون أن تؤدي نصف تذكرة، قصيرة دون أن تحتاج إلى أدوية، أو فيتامينات... لاعقدة لديها إذا وجدت في زاوية صحيفة غير متداولة، أو على جدار جمعية في مدشر منسي في الجبال، أو بجانب مجلد مذهب في مكتبة راقية.. القصة القصيرة مواطنة تامة المواطنة.
3-هي ألفة الألاف، وكل من اقترب منها مسحت على رأسه بحنو، ولوكانت تقطر دما.
4- ليست بناكرة للجميل، فهي رحيمة بالسلالة، من أخبار الحمقى والمغفلين والذين انقطع بهم الحبل،شديدة على كروش الحرام والمكرشين عقلا ووجدانا…لاتعرف العقوق لأنها ابنة شرعية لكل العصور السابقة، ولكل الأز منة الآتية.. لاتشعل نار الفتنة بين الأجيال لأنها ترفض سنة الميلاد وسنة الوفاة، فهي الشيخ والصبي في آن واحد.
5-تختلف أسماؤها لدى كتابها، وتتعدد مسمياتها لدى متلقيها، والمتابعين لخطواتها في كل مكان وزمان.. قد تصبح سطرا، أو شبرا.. قد تتحول إلى جملة، أو نأمة.. نحنحة. . تنهيدة. . شهقة. . آهة. . لكنها – ومنذ النظرة الأولى-تظل في كل الأحوال قصة قصيرة لاتتيه عنها العين، لايعجز عن تحديدها اللسان، ولو استعصى عليه البيان
6- هل كان محض صدفة أن تزامن هذا العيد في هذا الشهر بالذات مع شهر "ابريل"؟ لم يعد هذا الشهر شهر"الغبار والأكاذيب"، بل اصبح شهر الخيال والإبداع. إن "أعذب القص أكذبه". وشهر إبريل يناظر شهر "نيسان'، وفي هذا الأخير حكايات لاتنسى، وأمثال لاتحصى، وسرود لا أول لها ولا آخر عن قطرة الدمع التي أصبحت نهرا، وعن ذرة الرمل التي تحولت قلاع وحصون وأكواخ ومداشر.. وعن ورقة الشجر التي ركبها السندباد، وطارت به بعيدا عن طائر الرخ القديم، وعن تجار الموت- وما أكثرهم- في كل زمان ومكان. .
7_القصة القصيرة تكتب الصمت قبل أن تكتب الكلام. تكتب الحبة قبل السنبلة، والسنبلة قبل الحقل.. والحقل قبل التراب، والتراب قبل الأرض، والأرض قبل الكون، والكون قبل السدبم.. أينما وليت وجهك فثمة قصة قصيرة.
8- القصة القصيرة لاتأتمر بالأوامر والنواهي. القصة القصيرة لاتدخل في خانة : "أكتب في الموضوع التالي. " القصة القصيرة هي الكتابة ذاتها، هب الحكابة ذاتها.
9-{ من اعترافات قصة قصيرة:} وفي هذه الأثناء تناهى إلى سمعها نداء الأم لتناول طعام الفطور، بعد أن انتهت من صب آخر قطرة متن القهوة السوداء الفواحة بعطر القرفة المطبق على الحجرة، وبلغ سمعها أيضا طقطقات مكتومة من حبات مسبحة الجدة الللبانية، ووصوص طائرها الأثير. . . فهو لايأكل إلا من يدها ولو منحوه مخزن غلال بالتمام والكمال. . . . وماء القط الذي كان يلعق في هذه اللحظة شاربه منتظرا حصته من الحليب. . وأشعل الأب المذياع. . . وصرخت الجارة في أطفالها التسعة الذين ينهضون الآن دفعة واحدة. . . وفي هذه الأثناء أنت دراجة أقدم عامل بالحومة، وهو يخترق الدرب مبسملا محوقلا. . . وتبعته شاحنة توزيع المشروبات الغازية. . حينذاك سألت القصة القصيرة نفسها بصوت مرح:هل أنا قصة قصيرة. . . أم ؟)