في فناء السجن كنتُ يا ريم
أجلس مع الصحاب الملطخين بالحماقات والأغلال
فتعطلت أزمانهم
كانت جماعتنا تضم القاتل والنشال والمزور وهجّام الشقق
قذفت نظراتي إلى السماء علّها تشغل أذني عن البذاءات والسباب المجاني
رأيتها بعيني تهبط فجأة كالصاروخ في مشهد مثير
الحدأة التي ابتلعت سحابة منذ قليل
ارتطمت بأرضية الفناء الحجرية
أغرق المطر المتدفق من بطنها المنفجرة فناء السجن
التفت إليها بعضنا ولم يعبأ من يدخن الحشيش
بعد لحظات نهضت متثاقلة
مرت على فتحة بطنها بمنقارها فأغلقت الفتحة كأن بمنقارها سَحّاب
سألت عن الكتاكيت
لم يجبها أحد إلا بالنظرات البلهاء والضحك
الجعان يحلم بسوق العيش
دارت بيننا تفتش فينا بعين عوراء وساق مصابة وبطن يوشك جرحها أن يندمل
لمّا لم تجد الكتاكيت اختطفت من هجّام الشقق سيجارته وصعدت إلى السماء
أخذنا نضحك بمن فينا الحشاشون
ربما لا تصدقين يا ريم
رأيتها بعيني اللتين سيأكلهما الدود والصمت ووقوفي طويلا أمام البرزخ
منتظرا دوري الذي سيأتي بعد ألف عام خاصة أنني بلا أوراق،
ومحسوب غدرا على أصحاب السوابق
تمددت الحدأة فوق سحابة أخرى
مضت تستمتع بالمذاق الغريب الذي تمتصه من سيجارة محشوة بالحشيش
أعدها الأستاذ والمعلم
لحظات وصك آذاننا سقوط مروع
بجهد بالغ أدركنا إنها الحدأة ذاتها، لكنها أصبحت رسما متعفنا يتعالى منه الدخان
لم تتحرك أدنى حركة
صوت خافت فقط صدر عنها كأنه خيط مسحوب من مؤخرة بقرة
سألت عن الكتاكيت
بوصفي الوحيد الذي لم يدخن غير سيجارتين قدمهما لي المعلم
مُقسما بحياة من اخترع أو اكتشف الحشيش منقذ البشرية ألا أرفض له طلبا
بعد لحظات شرعت صورة الحدأة على الأرض تتجه للتلاشي مع تبخر الدخان
لكنها لا زالت تسأل عن الكتاكيت.