الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين

 قاطعوا كاسري المقاطعة في "مهرجان الكتَّاب الدوليين" في القدس

 

على الرغم من النداءات المتكررة لكتَّاب عالميين دُعوا للمشاركة فيما يُعرف بـ"مهرجان الكتاب الدوليين-مشكنوت شعنانيم" والمنعقد في القدس (13-18 أيار 2012)، واستجابة العديد منهم، إلا إن بعضهم تجاهل هذه النداءات، وأصر على القدوم للمشاركة في هذا المهرجان الذي بُرمج ليتزامن مع احتفالات دولة الاستعمار الاستيطاني "إسرائيل" بـ"عيد استقلالها"، وإحياء الفلسطينيين للذكرى الرابعة والستين لنكبة العام 1948.

ولم يكتف بعض هؤلاء الكتَّاب، من كاسري المقاطعة والراقصين على الجرح الفلسطيني من أمثال الأمريكية تريسي شيفلير والبوسني ألكساندر هيمون، بالقدوم رغم نداءات المقاطعة، بل وطلبوا من المدير العام للمهرجان أوري درومي، ترتيب لقاءات بينهم وبين كتاب فلسطينيين "محليين" في رام الله، وجولات في القدس "الشرقية" لرؤية الفلسطينيين. إن هذه النزعة الاستشراقية في التعرُّف على "المحليين،" كموضوعات استعمارية للفُرجة، وعبر وسطاء مستعمِرين، ينبغي أن تواجَه بالإدانة والمقاطعة الصارمة، إذ كان على هؤلاء الاختيار بين الوقوف مع الاحتلال أو مع الحرية، إذ لا توسُّط بينهما. تماماً مثل أنه لا توسُّط بين شعب "يسكن مساكن السلام"-"مشكنوت شعنانيم"، وآخر طُرد منها لأنه غير مشمول في نبوءات إشعيا. 

إن عقد المهرجان في هذا التوقيت المفارقاتي، وفي قلب مدينة القدس الجريحة، التي تتم صهينتها يوماً بعد يوم في أشرس حملة لعزلها عن جسدها الفلسطيني، والتمييز العنصري ضد أصحابها العرب، وفي أول بؤرة استيطانية في تاريخ القدس... ليرسل للضمير العالمي إشارة واضحة بأن "المؤسسة الثقافية الإسرائيلية" هي جزء لا يتجزأ من "المؤسسة الاستعمارية الصهيونية": الأولى في حربها على الذاكرة الفلسطينية، والأخرى في حربها على الوجود الفلسطيني. كما يبثُّ رسالة مغايرة للدعاية التي يروَّجها المهرجان بأنه قائم  بهدف "... جعل القدس مدينة للتعددية، والحوار، والتسامح." إن مدينة القدس الأسطورية، واليهودية حتى الملل: من "برج داوود" إلى "حيطان سليمان" إلى مشهدية "صحراء يهودا"... التي تروِّج لها دعاية المهرجان؛ ومشاركة "كبار" الكتَّاب الصهاينة من أمثال عاموس عوز وأ. ب.  يهوشواع وديفيد غروسمان، إلى جانب كتَّاب متوسطي الحرفة كإتغر كيرت، ومستغربين يكتبون بغير العربية من أمثال سيد قشوع وبوعلام صنصال... يحيل المهرجان إلى كرنفال للمسخرة تنبغي مقاطعته لاعتبارات قيمية وجمالية إضافة إلى الاعتبارات الثقافية والسياسية.

إن الاتحاد العام للكتَّاب والأدباء الفلسطينيين، وهو يحيي مع الشعب الفلسطيني ذكرى النكبة، ويعلي بيرق المواجهة من الشعار إلى خط النار: من تحقيق الدولة إلى تحقيق العودة، ومن تحرير القدس إلى تحرير الأسرى... ليجلُّ عالياً استجابة الكتَّاب العالميين الذين قاطعوا، في غالبيتهم، هذا المهرجان، ويدين بأقسى العبارات مشاركة من أعلنت إدارة المهرجان مشاركتهم على موقعها الإلكتروني وفي نشراتها الإعلامية.  ويدعو الاتحاد المثقفين الفلسطينيين والمشتغلين في الحقل الثقافي، كتاباً وأدباء وأكاديميين وصحفيين، إلى مقاطعة المهرجان، وعدم الالتقاء بالمشاركين فيه، إذ هم فوج مقتحهم، لا مرحباً بهم... إنهم نالوا العار.

 كما يستثمر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، بوصفه عضواً في اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، هذه الفرصة لدعوة الكتَّاب الأحرار في العالم إلى الالتزام التام بمعايير اللجنة الوطنية، والحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، ذلك أن الموقف من عدالة القضية الفلسطينية ينبغي أن يكون أولى أولويات المثقف العالمي المشتبك، إذ من لم يعرف معنى الحرية لمن يفتقدونها في فلسطين، فلن يعرفها من بعد؛ ومن لم يكن ضميره فلسطينياً، بعد اليوم، فلن يكون.

 

                                                                       فلسطين المحتلة-10 أيار 2012

الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين   الأمانة العامة