تقدم الكلمة في هذا العدد ديوانا من سوريا، يقدم صورة مصغرة حول الحساسية الشعرية الجديدة العربية اليوم. قصائد لا تنشغل بالقضايا الكبرى قدر انشغالها بالتفاصيل الصغرى وباليومي وتفاصيله وتناقضاته، ثمة أصوات تنسل من داخل الديوان تحمل اللغة كينونتها وتتجلى بهواجسها وانجراحتها كي تعمق من رؤية الديوان ككل.

لم أمسسْ (ديوان العدد)

باسم سليمان

                                                 إلى نجمة شمالي

ذئب وحيد

على مضارب الصوف واللحم

أُغِيْرُ كصُعلوك

 

قلْ بي

قلبي الفارّ من صحن الحبّ

أمسكت به يداها

وسكينة

***

قلبي الْسقَط من مداره

صار شهباً

صار نهباً

للأمنية

***

قلبي الْرشَد إثر ذبحة

طالب بأمواله التي بذرتها

في صبواته

***

قلبي الْغرق في يمّ

استعاد ذكريات

الغلاصم

***

قلبي الْسكن يسار صدري

لم يرتفع فوقه نجم الشمال

***

قلبي الْفقد خلوده

صار زمنه

دقات على باب الأبدية

***

قلبي الأبيض قفز أرنباً

أمام ذئب عينيها

***

قلبي الْلا شريك له

قطع الدماء عن آلهة جسدي

***

قلبي الْقال: ما منعك أن تسجد إذ أمرتكَ

انظرني إلى يوم يُبعث عشاقها

***

قلبي الْأخبر الملأ بالأسماء كلها

لم يتلفّظ باسمها

……

مازال حبري عصيّا

الجرح نهاية تليق بقصة

الرواية خنجر مطفأ في رحم الثرثرات

السرد ليس بصراط ....

فإياك يا زمن...

يا لسان سحلية السحرة!

كم من جوانح الفراش، لتكتمل الخاتمة!

***

الشعر ، شجرة في وسط الجحيم

الموسيقى ليليت الهاربة

أمّا

حوائي

فليست سوى غواية البياض

مازال حبري عصيّاً على الخطيئة!

فلماذا أخصفُ ورقَ الوصال؟

***

في اليوم الثامن استراح الرب، بدأتُ غزلي، شقائي

***

قيل: يا قلبُ ابلع ريقكَ

لا الستارة تخفي سرّاً

لا الشباك يمصّ مداه

أنا الغراب!

السَقط صريعاً فوق الغمر

وغرتُ كدمعة في الكحل، لمّا أشكل عليّ التنور

***

سبع كالظل، العشب لا يحلم

الذئب، قمر في الأغصان

السرد جلد بين الماء والماء

لا الريح همت؟!

لا الغيم أغاث

***

قالت الحديقة: أنبتُ زهري

قال النحل: لأجمعنّ به خلقاً كثيراً؟

فولدتُ لهيامي

ما تساقط لي ياسمين الليل

قال الشباك: لقد أتيتِ عسلاً؟!

فتهتُ في حبري أربعين ورقة

فمات صوتٌ

وأنجبَ صمتاً.

***

سألت الجرح: كيف تموت بشفائك؟

فسلّت الرواية الخنجر المقسّى

سال الدم كالنخلة

جرى سرياً

أكلتِ النار أوراقاً

خصفناها

فأضعنا بداية الحكاية

وضعنا

 

 

قدّام قدميها
متخلّصاً من طين الستارة، كريح تتشيطن

في آخر الممرّ

أريد التكسّر لوح بلّور

قدّام قدميها

لا..

ليس للأذية

لتأخذ

وقتها بتنظيفي

لربّما تجرح إصبعاً ، فتمصّ بقية الدماء

في شراييني

حيث أوردتي نسجت قميصاً اغتدى رملاً في فرن الزجّاج

.....

متحرّراً بعذوبة سقوط شلال

الخوف قوس قزح

كم هي اللحظات جريئة

قرع قلب في المخاض

وأنا

أعكس صورة

هي البرزخ

ما بين طفولة تطلّ من أصابعي

ورجولة ترعاها الريح في صدري

قاب انحناءة

هي غواية الاستقامة

متكسّر تحتها

سماء تعرت من نجومها

 

 

ليستSms   
1-

لو كنتُ دالية

لما

شربتُ النبيذ

2-

ادلقي

قهوة الشهوة

سأرتكب طفولة الحليب في فنجان فخذيك

حكماً مؤبّداً كطريق

3-

جسدك القمحيّ حلم الطيور

ورغيف الخبز قمر يحصد نجومه

ليرشّها حبة بركة

4-

على غير العادة

الطريق مستقيم حدّ الإيلاج

ابعدي ما بين ساقيك للريح

5-

في الانتظار

تساقطت أشلائي

وبقي قلبي معلّقاً

كقمر

تطفئه غيمة

لتشعله أخرى

6-

قشري

موزة القمر

أطعمي صغار النجوم

لتطلع

علّني أهتدي لشمالكِ

7-

عندما تنامين

ستتلمّسين

أصيصك السرّيّ

ستجدينه مخموراً بالندى

لكثرة لهاثي

8-

لو كان لسوتيانك

فنجان ثالث

لاضطجعت معهما نهداً

9-

يامرأة

تضاجع رصيف الكحل

تحمل أيتام المفارق

أنجبيني

قبلة كشارع

10-

سألت الغيم

لمَ تخلع مطرك أمام نهديها

لم يجب

11-

ما بيّ

هو أنتِ

لكن

لتكن أناي

وليكن بعدها خلق

آخر

 

 

السرير يقرأ
صافرات الحزن تورق

أستأجر لها خريفاً

وأغصاناً لا تستحي من النحافة

وسريراً بملاءات مكتوبة

أُبعث منه لمرآة فوق المغسلة

بفراسة

ألتقط بصمة إبهام وجهي

من عين كالمحبرة

أصادق على نعاسي بالماء

أحلّق ثلاثة أيام

أقف على رسم سيجارة ما قبل النوم

ما زالت بصمتي

تشفّ

على جملة: وجهي حزين، لم تنفعه تكشيرة، أتأكّد بها، من نظافة أسناني

***

القهوة مرّة

لكن بيجامتي

ليست مأوى للحزن

الحزن أكثر وقاراً وأرستقراطية

الحزن ليس محدث نعمة

لم أتعوّد بعد

على البله الصباحيّ

الذي تسبّبه الوحدة لرجل مطلق

 

 

غرفة ترفع قبعتها
نكاية

بالمطر الداشر فيك

سأُنشّف جسدكِ بالسشوار

وأرشه ببودرة تالك.

ليضحك طفل الدعاية

في شاشة النوم

أخرس قلبي

أنتهز الفرصة

أتناول نشرة الأخبار

بصوت خفيض

أرعى لحماً.. أزرع سلطة

أقيم حديقة من شمعة، وردة،

كأسي نبيذ مزّ

برؤيا أفتح عينيك

فتنفرين من تحت الشرشف كخبر عاجل

يفاجئ الرائحة

تعلّقين:أين الفلفل؟

أعطس

وأكذّب طلال حيدر

(بغيبتك ما نزل الشتي)

بل فوت عليه القطار

الهادر في المقلات

ساهياً

يمشي بساقين

من شوكة وسكينة

على رصيف الصحن

آه

ما أجملنا في غرفتنا

آدم وحواء

نرتكب الخطيئة مراراً

لا نخاف من مؤجّر يطردنا

ولا نستر عرينا

بل نتركه

كنهر يتزيّن بأساور الجسور

.........

كرة الصوف

 

أنا

قطّ في فئراني

أتمطمط  في قمصان نومها

أصطاد خميرة الشكّ

في جبنة النهدين

ألفّ ذيلي

عقد لؤلؤ

أهرّ في أذنيها

كبحر في قوقعة.

أنا

قطّ.

سيّدتي تهوى دلالي

تصبغ أظافري بحنّائها

فأخمش

ساتان المرمر في الساقين

أُليّن صلابة فخذيها

لاضطجاعة

بعين حذرة

مراقباً

فئران الآه في أصابعها

وهي تمدّ خيوط الشهوة

في قشعريرة ظهري

تنسج سجّادة

تخطو عليها

بقدمين من ماء

أدفع كرة الصوف

أُسقطها

في سرّة

أطارد حولها ذيلي

فلا أدركه

تدركني أذيالها

الدسمة كالقشدة

أنا

قطّ

وهي مولعة بتفريد شعر صدري

تنزع شعرة بيضاء كفأرة

قطّ أسود ككحلتها

لا يرتسم منّي في ليل

حميم الظلال

غير عينين تشعّان فضة

شبّاك يغوي ستارة أن تفر من عقالها

أنا قطّ

ويلذّ لها تملّكي

فأمدّ ذيلي في عقدة الساقين

أفكّهما كشريطه

وأهرّ

أهرّ

كصوت النار في الموقدة

 

 

ما تأخرتُ عن موعدي
كإكليل الشوك أزهر

مريم لا تبكي

فالجلجلة

قاب ضمتين ووردة

أنا ما تأخرت عن موعدي

لكن مريم أخرى

قالت:

العرس في هلاله والنبيذ انتهى

هي معجزة

حول الماء دماً

مريم لا تبكي

لا تحوّلي شفاهك دنّاً لجرحي

كنت كريمة مع قدميّ

لكنّ المسمار أشهى

هكذا

قال الخشب لنجاره القديم

حبيبي عائد

فامتلأ العمق بالمحيط

سيور حذائه فُكت

والرأس المقطوع

في رقصة الفضة

بنت تصرخ السماء

ما غفراني إن ولهتُ بنبيّ

أمّي

تريد أباً ليتيمها

فتهزّ نخلة السماء

تولي وجهها شطر اليمين

مريم لا تصرخيني

من بين الجموع التي أطعمتها خبزاً وسمكاً

فليغسلْ يديه

أنا المعمَّد بالماء والزيتون

دمعكِ منسيٌّ

شعركِ يوحنّا في بريته

سالومي تجلد الخصر

ظهري

كتاب اكتمل

الدرب حبل سرّيّ

أبتِ

أنا الذي....

لم أرمها بحجر!

أمّي

أيّتها الأخرى!!

مريم اغفري لهم أنّهم لا يعشقون

***

(آه

يا ربي

يا نبي

يا رجلي

يا حبيبي

خضبْ شفتي

أنا العروس

ومهري حجر القبر)

***

قبل أن يكون صباح

وعذريتي ربيع

والأب في وحدانيته يهدهد للرضيع

قدمْن

أيتها النسوة

لمن هذا الطيب؟

هذا الزيت المشتعل نهار؟

وسرير العرس كلام في الريح

قالت إحداهنّ:

للرجل، الزوج، العشيق!

***

أنتِ

أيتها المرأة

افردي قلبك

وزّعيه لعابري السبيل

لا

لستُ منهم

فأنا السبيل

لم أمسس بعد

لكن أقول لك:

اذهبي

إلى القلوب الواجفة

قولي لهم:

طوبى لمن أحبّ.

هذي الدروب شرايين

فاسكبوا نبيذكم

ما شاء الماء

أن يكون نبيذاً.

 

 

نهاية تدخن الغليون
قِلْ

ظلّك وامضِ

اصعد بالشمس

أضحية

فربُّ الصبح

يرضيه الندى

.....

خذْ

نفساً كغابة

سيغمى عليَّ

قبّلني

كما لو أنك

غائص في محارة

....

طِرْ

 

قد فككت لك عروتين

في قميصي

المنشور بالتوازي مع النافذة

.....

سِرْ

جنديّاً في نوبة الحرس

لا..

كلمة سرّ

أنا

أمشي في نومي

....

قفْ

صورة في ألبوم

جميل

بالأسود والأبيض

....

مُر

رصاصة لامست صدغ الهواء

لكنّها

خلفت الكثير من العجائز

....

لُمْ

فعتبُك

كبير

بحجم التفاحة

....

نَمْ

قارب في ذكرى

ما الموج إلاّ فكر الهواء

...

اسمعْ

لا البحر يرتوي من كثرة الأنهار

لا صدر السماء يضيق بنجمة جديدة

لا الخريف تضنيه غزارة الأوراق

ولا مساحات جسدي أغلقت أبوابها بوجه الجروح

....

خاتمة

....

القمر

سكين يسبر صدر الليل

الجرح

طفل يمصّ إصبعه المدماة

الليل

ألم نهار طويل

أنا

القمر فاصلة الليل

 


ورق لعب
كنقطة حبر غادرت الذبابة

ياقة القميص الأبيض

تركت

نقطة سوداء لآخر الشطر

حينها

كان المخرز يراقص العين

..........

يزرق العصفور في فضائه

عندما تخطئه فوهة الصيّاد

...........

يُكتب مَن كانوا من نفس واحدة بالرصاص

يُخطئ الرجل فيحبّر

تُخطئ المرأة فتمحى

.........

الزهور أسنان لبنية في فم المزهرية

لكنّها تعضّ بشدة

......

قصّت العصافير أجنحتها

نتفت زغب أرجلها

مشت على الأرض

وصرخت ضدّ النسر

......

دوماً هناك قطّ

يمسح بذيله على خطاك

أنت لا تراه

...........

أَضبط ثواني ساعتي

على تكتكة كندرتها

يضيع الزمن

لمّا ترقص حافية

.........

في المطعم

كنتُ السكّين

كانت الشوكة

.........

اليوم الذي غابت فيه

قد أشرق

........

الساعة على الحائط عاهرة

أنا قوّاد الوقت بلا عقارب

...........

في النهار تترك ظلّك كفتات الخبز

لتعرف طريق العودة

تأتي طيور الليل

لتلتقط الأبواب

 

 

هي وهي
المرايا بقرة تجترّ الضوء

لمّا تغادرينها

إلى انعكاسات أخرى

تحلم بأثداء تنتفخ بالبياض

كبطون الحوامل

اللواتي يمشين كشجرة في الظلّ

.........

الأمشاط كتيبة من المشاة

في حرّ الانتظار

يتدرّبون على معاركهم العسكريّة

يقفون باستعداد

كعامود الهاتف لتمرير كهربة الاتّصال

........

قلم الكحلة مسرور في سيفه

مرعوب يشحذ نصله

الذي ثلّمته لحاظ الحكايا

.......

خجل، نبيذ، دم

يهتف قلم الحمرة

ثائر يحمل علمَه إلى القبلة

...........

القرط هذا البهلوان

دنا، فاستأثر

بكتف ينمو المرمر عليه

كالأطفال

.........

العقد قسَمٌ

لو علّمته أعناق الظباء

لنحرْن الجداول

وصعدْن محرقة مسكٍ

للأخضر في القصب

......

السوتيانة قلعة

حرّاسها من حرير

تساقط الملوك أمامها

كورق اللعب

.........

غموضٌ يكشفه غموضٌ

يكاد من ألم الكشف

أن يصيح

.........

جوربُ ضبابٍ

يحبو.. يمشي

يهرول

صوفي

نادمه الإله

.........

الكنادر كاهنات رقص

في صعود تمّوز

.......

الفستان.. أخذتُ كلامه

وأنا أسحبُ  حرّيّة الجسد

من تقوى الروح

 

حبر يمارس شهوة العنعنة

 

قيل: الأنثى قبضة ملح

بذرها الله في البحار

ومن وقتها الذكر

يخصب اليابسة

فتنتفخ

كبطون النساء بالمدن

قيل: المرأة كمشة رمل

ومن مكانها

يفرّ الزمن

تحت مظلّة من بللور

فيقصر

الرجل كبابٍ في السور

قيل: النساء

لوحات معلّقات على الحائط

لذا

تفتح الأسرار

لخطوهنّ في العتمة

والزاوية وترها حارس

خوذته تلمع

كنظارة

 

 

وأهرع كمن مسّه ملاك
أنتِ هناك ككلّ أشيائي

أنا هنا

لأشير إليكِ

............

ليس أكثر

جسدكِ وجسدي

يفصلان بيننا

............

مسلّمة

يتعبّدها الشّك

أن تنسج يداكِ ظليّ

لعتبة الشمس

..........

تماماً... قبلة:

مسيرة الهلال إلى الهلال

..........

ليس ماضياً

أن أجد جلجامش

قد أخذته سِنة من نوم

يستلقي على حافّة الفناء

ويدكِ تمسك عشبة الخلود

............

قريب كحبل الوريد

مقيّد إلى ساقيك

كشمشوم

كلّ صباح أحلق رأسي بالموس

..........

فخذاك كمقصّ

رائعة تلك الباقة من الزهر

...................

نتجاذب جلدينا

وفي آخر الليل

أكون عارياً

............

نسقط كضفّتين

أنا أشعل سيجارة

وأنت تقلمين أظافركِ

..................

أستحمّ

بعد كلّ باب، حائط، منضدة، كرسي، وسرير

تريدينها جريمة كاملة

..............

أستيقظ كملعون من مضاجعتكِ

وأهرع كشيطان

متوسّلاً

أبكي على قدميك

براءتي

............

تضيق شرايين الشوارع

ثيابي تتّسع عليّ

وأنا أغادرك

..........

اتركي الشبّاك مفتوحاً

لم أنسَ المفتاح

لكنّها صفة العاشق

 

 

عادة ما يحدث
أدوِّر الحلاوة في فمّي

كقطارنا الصغير في الحارة

على مهل أعضّ حلمتك

لساني خزَّاف يمدّ طينته

بين شفتين

وأنفخ فقاعة

علكة بالون

...............

كلب أبيض ببقع سوداء

يقود أعمى..

افتحي عينيكِ

-شجرة تفاح-

أطعميني منها.

لم تكن نكتة بذيئة

صفعتِني إثرها

إنّها هدية عيد ميلادكِ

..................

قميص لي

كنزة لكِ

وخمسمِائة ليرة

هذا ما وفرّته

بعد الخصام

.............

قبل الصلح

يجلس أحدنا

يلقي خطاباً نارياً

عن ضرورة الثورة

................

الحائط الأبيض

هناك

سأكتب عليه أحبّكِ

.................

البارحة اختلفنا

ولم يمكر بنا الطريق لنتصادف على مفارقه

لذلك سهرتُ تحت نافذتكِ

كهرٍّ

حارتكم مملوءة بالقطط والفئران

................

لم  يكن خطأي

بلوزتك رديئة

من أين أجلب إبرة وخيطاً؟

 

 

سيليكون
أنتسب لبعضي

ساعة رقمية تهذي

والرقاص درويش

يهدهد رملاً مشنوقاً

من صخره.

أمضي كرسالة sms

بأحرف محدودة

أقصُّ اسمي

حانة لا تبيع النبيذ،

رقماً ليس لورقة يانصيب؛

أمي محشورة في نسبي

كهذا الرتل الطويل

أمام صراف لرواتب المتقاعدين

متأكد من ثلاثيتي:

ياء للنداء،

عصب يلمع كلما بلعت ريقي وبصقت،

نسبة تهتزّ كسكة قطار

ما بين الجدّ والهزل.

أمضي كشارع

يوفي كل باب طرقاته

أبقى

شبكة مهجورة من عنكبوتها

أحلم بذبابة

تطنُّ كجرس

ببعوضة تئزّ

كموبايل في وضع الصامت

أغافل الزبّال النائم في نظافته

أكنّس بقية خطواتي

فيردّد البرميل

وقع خطوات سريعة مبصرة، بطيئة عمياء

وقع خطوات صامتة كقلب ساعة الساحة المعطلة

كانت تشير إلى  3:00 pm

وبعد........

تشير 3:00 am

يا لها من رقصة صالون للّيل والنهار

وأنا الساقي

أسجّل على حساب الراقصين

تشرّدي

أخلع مِئزر الرصيف

أخرج من باب يفتح باتّجاهين

وأعدو

قدماً للأمام وقدماً للخلف

كحارسين في برهة التبادل

نفترق والأرض تدور.

الأول لم يكن غير بلاطة خُلعت من خطوة،

مجرّداً من ساعة تشير 3:00 am

وهوية تقرضها جرذان مكبّ الزبالة.

الثاني طال ظلّه كصفير قطار

يرتج الموبايل بصوت عصفور ساعة الساحة

تويت، تويت

كان صندوق الوارد

ينبض بأحشائه جنين

من حروف معدودات..

 

 

كلب يحرس ذيله
إنّه أمامي

كلبٌ يمارس عادته في العظام

في ظهيرة

كأرملة تطرز رجالاً لطاولات السفرة

بهدوء كمريم في أيقونتها

أمامي....

قيد خطوة

تماماً ككلمة لم أنطقها

كانتْ قد أجّلتِ الزّحام

إلى تفصيل آخر

لكنّه

أبى

تعجبه هذه الميزة

ترقية من المكان

كحلم يقظة يُعلّمُه

أنّ ذهابها

سيعلق بيديه

بعد أن أطبق عليها بأصابعه الخمس

لن يأبه

كطفل حقير أمام واجهة الحلوى

بعواء معدته للقمر الذي ينمو بعينيه

متأمّلاً

هذا العنيد

في حين أنّ حاضراً آخر

يتشكّل كهزيمة

وكجنديّ خانته شجاعته

تلقّى الحكم كجنرال

سبع رصاصات كانت كافية

ليستلقي وحمّى السجائر

تهزّه كلهب عود الثقاب

لا ألمحها

ازدحمت الممرّات في خطواتها

اختارت زقاقاً

يعارض الشمس

انتصرتْ على ظلّها

بينما هو سادر في عظامه

حركة أخيرة يائسة

كجنرال أشعل سيجاره

بلهب عود الثقاب الهرم

أصاخ السمع للضجة

تلمّس مسدسه المطلي بالكروم.

استدرتُ استدارة تامّة

راح هو يقفز أمامي وخلفي

ككلب صيد..

 

 

يستظل برملٍ
العكاز المستقيم بـ رأس النسر

انقض وراء حمامة العمر

***

كلمة الحكمة

ذات رتم غريب

يضحك له الرضع

***

المكواة

لا تجدي مع تغضّنات العجوز

الظلّ متباهٍ بياقته المنشّاة

***

خطوة العجوز

تهتزّ كقدم طفل

الفرق بينهما

الثقة

بخطّ النهاية

***

تصرخ لتسمع أذناً في الثمانين

تردّ لك شفتان من ذات العمر

بالهمس

***

تأتي ذكريات الشباب كغجر

بطبولهم ومزاميرهم

عندها

تصبح حكواتي (كان)

***

ينظر إليها، ويقول شيئاً عن موعد الأخبار

لا ينزعها

الساعة المتوقّفة في معصمه

***

ما يجمع محدثي العمر وقديميه:

ألبان الأقدار

***

تلمع عيناه

خطوها الرشيق

حرّك رماد الموقدة

***

تنبه تماماً

إنّ الجمل لم يدخل من سم الإبرة

كذلك الخيط

***

قال لهم: البقية في ...

وصمت

لساعة خلت

نظر إلى لهب جسده الشاحب

والطقم الأسود

أمعن التفكير

في زمن ما قبل الإبرة

 

 

وأنا من أُضِلّ عن علم
أشهدتني

قلتُ بلى

لكنّي

أنكرتُ كلّ عشّاقكِ

خلقتُ من لقاء

وخلقوا من انتظار

أيتساوى

لديك الخمر بالماء؟

قلتِ: اهبطوا إلى سريري

بعضكم ضلالة من بعض

***

كنتِ تقطعين خسّ الضوء

بسكاكين المطر

وفي حلقي صحراء من توبة

أطبخ رمل الوقت

أطعم جياع الريح

فيمرّ بي الصدى

يصرخ كمن تلبّسه ألف عطش

ماء.. ماء... ماء

أبني فلك الرمل

أُدخِل من كلّ سؤال وجواب، اثنين

وأنتظر زمن الورق

***

أكسر النهارات

وأجيب كبير الليل

إن كنتَ.. ...

احجز الفجر في قمقم

فسيجارتي

برد وسلام

حتّى آخر الرئة

كنت أتقلب بين النساء

كغريق يقضّ أحلام البحارة

أجهش بالحبّ

أكره النساء الآفلات

ألتجئ إلى الأضغاث

أراني أذبح عمراً

قال الظلّ الصدئ

في زوايا الطرقات:

غداً

و الشمس سرّة السماء

تراني في كفن من ملح

مضيتُ إلى نصلي منتبذاً وجهي

ناحية السماء

وهممتُ أنْ..

إلاّ أنْ..

***

تهتُ في الأسماء

ضعتُ في النداء

ما بين حضن يضمّني

وبطن يلفظني

وأنا كقابيل بلا علامته

مَن رآني قتلني

سال دمي كالنسغ

طحنت كحجر الطريق تحت أقدام الحجاج

ذرتني الريح

حتّى صرت نسياً منسياً

فأقمتني من رماد الغفران

مارجاً من نار

 

 

النمل الأبيض
لا تنعس الطاولات

إنّما

تتهرّأُ

في ملوحة الكلام

كنوارس الكهولة

عندما تضرب موجةٌ بثديها

جرفَ الرجولة

***

لا تفرح الطاولات

لكنّها تهتزّ

على خطّ حزن الزلازل

***

لا بطن لطاولات المقاهي

فالخيانات

يولدن على ظهرها

أولاد سبعة

***

لا باب للطاولات

فالعشّاق وسجناء الرأي

لا يقرعون

هم يخمشون جدار القبر بأظفارهم

ثمّة مَن هم أكثر أملاً

السكارى ولاعبو الورق

***

الطاولات كخنافس الصحراء

لا تشرب من فنجان الصباح

لا من زجاجة آخر الليل

ترتوي من ندى ممسحة الفجر

***

طاولات كاسيات عاريات

محتشمات بمنديل أبيض كالممرّضات

ومنهنّ من يمتن

لا ترى وجههنّ أبداً

***

طاولات كالدرّاجات الهوائيّة

كالتكاسي

كعربات القطار

لكن لا محطّات

***

الطاولات تقف باستقامة

على أربع

ليس كالقلق على جذع

***

الطاولات عبيد

لا سود ولا بيض

لم تلحظهنّ افتعالات العتق

***

الطاولة أنثى

يحقّ لها مثنّى وثلاث ورباع من الكراسي

وما ملكت الزوايا

***

الطاولات فلسفة الجلوس

أمام سفسطةِ الوقوف

***

حداثة الطاولات

حديد، بلاستيك

***

لا بدّ لي أن أنتصب

وأنا أبصرك

في شجرة أخرى

***

حياتك سهم

انشر، أسفل، يمين، منتصف الهدف

تأكّد

أنك أرديت حياتك

 

 

أشباح لها ملمس الفراشات
لو كنتُ ميتاً لحضر الذباب الأزرق

الأكثر حكمة  من هدهد سليمان

ليخبرني عن أنثى تبكيني في الأبيض

وعرش للدود تستريح فيه الخادرات في اليوم السابع

لتبدأ أربعينيّتي بأشباح لها ملمس الفراشات

أنا الذي أفقدتني هوليوود سكينة المقابر

سأسترجع طمأنينة الضباب

ليتكلم عليّ صبية يجربون شجاعة الجناحين

فوق الشفة

إذ يتحوّلون إلى ساعة رملية بين الشواهد

أنقرُ على كتف أحدهم

قائلاً بصوت مجوّف: لو سمحتم، الموتى لا يغيرون العادات

فالليل لباس لهم والنهار حياة

فتشقُ العتمة

صرخاتٌ بعيدة مهوى القرط

أتقنها كثيراً مصطفى العقاد

فأجفل كما كنت في حياتي من مقابر يمكر بها الأولاد

أركض على أصابع خيالي

يتململ جار لي ويكح آخر

فسكان المقابر

يرحلون

ليقفوا على رسوم الحياة

في حين

أبقى على غصن

بعينين كبيرتين رسمهما طفل

بغياب أمّه

انتظر فأراً

لا يأتي

لأنّه يشبه ميكي ماوس

 

 

القافز بساقه
الضفدع بلسانه الذي يسرق الذباب من جيبة الهواء

سمح للفراشة أن تمرّ بحقيبتها

ليلتقطها العنكبوت

في أوهى البيوت

***

الضفدع المتخم

يتوسّد أريكة من حشائش الماء

ويركع في حلم اليقظة

***

الضفدع كائن الضّفّة

***

الضفدع الذي يغطّ في النوم كفراشة على زهرة

يحلم بأنثى في متناول قفزة

***

الضفدع

عندما يعشق

لا يقدم لضفدعته باقة من الورد

أو عطراً فرنسيّاً

ولا شوكولا باذخة الذوبان

لا يدخل في عراك مع ذكور القبيلة

بل يصرخ بأعلى صوته

حتّى يصمّ أذنيها

 

***

الضفدع فريسة سهلة لحيوانات الوادي

لكنّه يطير في معدة طائر مهاجر

***

الضفدع

ساق في الماء

وساق في التراب

كقصيدة نثر

 

 

السندباد الذي مني
وإذ

تقصّ شهرزاد:

خارجاً من فرجة الحرف

أُنزل قلوع الظلّ

راكباً نملة النهار

والأفق حبّة قمح

لا، لست وحدي،

فالملح معي

وشباكي حرملك السمك..

يا ريح،

هَأنا-

أخرجك من قمم صدري

انفخي في رماد الزبد

جمر الموج

واحرقي خشب الغرق

)))))))

وإذ

تقصّ شهرزاد

يتعكّز مسرور على سيفه

يمصّ شهريار سبابة الأمر

تغرق اليابسة خلفي

لا أسمع صراخها

وأسمع هسيس المدى

بحّارتي يحلمون

بكنوز سليمان وجواريه

رافعين أذرعهم مصائد للريح

سكينتي تجرح صدر الأزرق

                         فيسيل دم أبيض

تتقافز فيه أسماك تطير

عيناي تحومان

كنورسين فوق حوريات المسافة

قيل عنهنّ:

يصنعن أمشاطاً من خشب السفن الغارقات في شعورهنّ

لكنّي أنا المحصَّن من الغواية، كلمة أنثى في كون رجل

عيناي نورسان

بريش لا يبتلّ

والليل في أولّه

شهوة شهريار

تطارد كواعب الكلام

وأنا

أزيد اليابسة جزراً مسحورات

السمك فيها يعشّش في قمر تشظّى بالأغصان

الطير لبست فيها (مايّوهاً) من قطعتين

تزدرد الرمل

وفي حوصلتها

ذهب خالص

يفتح على أصداف

فيها أحرف من لؤلؤ خرّد

فأنسلّ من شعري

وأصنع عقوداً، عقوداً

بأجل مشروط وغير مشروط

فيما بحارتي

يتعرّشون نساء يمشين على أيديهنّ

وأرجلهنّ تلعب بها الريح

نغادر

وبطن السفينة

كبيت مال الخليفة

تركنا نساء منتفخات بالحلم

وأولاداً بجلد جديد

نحتنا على جبهة صخرة

تظلّل الخليج

هذا ملك أيمان

والليل في منتصفه

مسرور

يشحذ سيفه بفخذ جارية

يصب ماءه

زخة زخة

تزرعه هروباً وبيتاً خلف الحدود المكهربة

من أنا، فحمة في مجمرة سيدي

من أين لها خضرة الشجر

تهمس بأذنه:

استمع للحكاية

)))))))

وإذ تقصّ شهرزاد

أَصِلُ سرّة الأرض

حبلَ غسيل ممدوداً للسماء

أقطعه بصوانه

أعقده بشعر الغاوين

وأُلبس بحارتي

سندساً وإستبرقاً وحريراً

والحرف يخاصر الحرف

والبحر تاريخ

شلال يصعد السماء

تمشي على اندفاعاته الشمس

والليل فغر فمه

كطفل وليد انزلقنا بين شدقيه

هناك أو هنا استوى الأمران

سمعنا صوتاً

هل ينفع الغفران

بعد ذهاب الزمان

يتردّدُ كأنّه النجوم

فأخرجت أل التعريف

فأضاءت نكرة المكان

كنّا في نون

وعليه السلام يقول:

ن

ه

و

ي

في الظلمة

ولا عيون

فسجد بحارتي

بادرته بسلام النار

فابتدرنا نون

وتجشّأ

فخرجنا إلى الملح

قال: إنّي ذاهب ليقطينة

أرويها قبل أن تيبس.

***

وضع مسرورٌ سيفه

وفي غبش الأفق

قيل لا يجتمع طيفان

لكن هذا ما كان

(((((((

وإذ

تقصّ شهرزاد

المرفأ قرطاس

الطريق مداد

والديكة تنقر حبّ الفجر

من خلف أحجبة الحروف

تجلى الفعل

سيف مسرور

مخضّب بالدم

أمنتْ العذارى على فروجهن

وآب السندباد

فيما مضى

يقال عنها الليلة الثانية بعد الألف

***

تهمس بأذنه

استمع للحكاية......

 

 

للكاتب:

تشكيل أوّل ـــ شعر ــ دمشق

تماماً قبلة ــ قصص ـــ دار كيوان ـــ دمشق

 

Bassem-sso@windowslive.com