يسعى كتاب الباحث عماد عبداللطيف الوصول إلى فهم عميق وشامل للعوامل اللغوية والاتصالية والبلاغية التي تؤثر في التواصل بين الثقافتين العربية والغربية. ويقوم في سبيل تحقيق ذلك بتتبع الخصائص اللغوية والبلاغية والاتصالية للثقافتين العربية والغربية، ويقارن بينها، ويستكشف الآثار الإيجابية أو السلبية التي قد يُحدثها اختلاف هذه الخصائص في التواصل الحالي أو المستقبلي بين العرب والغرب.
ينقسم الكتاب إلى مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة. تتناول المقدمة أهداف الكتاب ومنهجه وتقسيمه وتتضمن عرضًا نقديًا للدراسات العربية المنجزة حول موضوعه. أما المبحث الأول فيدرس السياق التاريخي والسياسي الذي نشأت فيه فكرة التواصل العربي-الغربي، كما يتعرض بإيجاز لغايات هذا التواصل وكيفياته وأنواعه وطبيعة المشاركين فيه. في حين يناقش المبحث الثاني بالتفصيل دور اللغة بشكل عام في التواصل مع الغرب؛ من حيث هي أداة للحوار من ناحية، وأداة لتشكيل الثقافات المتحاورة من ناحية أخرى. وسوف تُعالَج في هذا المبحث بعض جوانب العلاقة بين اللغة والفكر والمجتمع التي تخص الحوار العربي- الغربي.
الاتصال بين الأفراد أو الثقافات قد يكون بواسطة الكتابة أو المشافهة، والاتصال الشفاهي قد يكون بواسطة اللغة أو العلامات غير اللفظية non-verbal signs مثل الإشارة والإيماءة وحركة الجسد والرموز والصور. ونظرا للتمايز الكبير بين كلا الشكلين من الاتصال فقد انفرد كل منهما بمبحث خاص؛ استنادا إلى خصوصية الحقل المعرفي الذي يدرسه، والمناهج التي يستخدمها. فالمبحث الثالث يتناول التواصل مع الغرب من منظور بلاغي؛ ويعالج تأثير اختلاف الأنماط البلاغية للثقافتين العربية والغربية على الاتصال الكتابي بينهما. ويتم فيه اقتراح بعض الإجراءات التي قد تؤدي إلى تحييد الأثر السلبي لهذا الاختلاف أو تقليله من ناحية، وتدعيم الأثر الإيجابي من ناحية أخرى. ويستند هذا المبحث إلى زخم من الكتابات الأكاديمية التي أُنتجت على مدار العقود الأربعة الأخيرة في إطار البلاغة التقابلية contrastive rhetoric، وتطويراتها فيما يُعرف بالبلاغة بين الثقافي intercultural rhetoric. وهي حقل معرفي معني بالمقارنة بين أساليب ونظم اللغة المكتوبة في لغات وثقافات مختلفة.
أما المبحث الرابع فيتناول خطوات الاتصال الشفاهي بين العرب والغرب. كما يدرس تأثير اختلاف الثقافتين العربية والغربية على دلالة العناصر غير اللغوية مثل الإشارات والأصوت والحركات..إلخ، وعلى طرق استخدامها، وأثر ذلك على التواصل بينهما سلبًا أو إيجابًا. وفي سياق ذلك سوف تُقدَّم اقتراحات وتوصيات لتقليل الأثر السلبي الذي قد تمارسه هذه الاختلافات الثقافية على التواصل القائم أو المتوقع بين العرب والغرب، وتعزيز الأثر الإيجابي لهذه الاختلافات. ويفيد هذا المبحث من بعض المنجزات الأكاديمية الهامة في حقل دراسات الاتصال communication studies بوجه عام، وحقل دراسات الاتصال بين الثقافات cross-cultural communication studies بوجه خاص.
وأخيرا تأتي الخاتمة لتتضمن النتائج العامة للبحث ولائحةً ببعض التوصيات الموجهة للأفراد أو المؤسسات العربية المشاركة في التواصل العربي-الغربي، وقائمةً تتضمن الموضوعات التي أقترح أن تدرس بشكل أكاديمي لسد بعض الفجوات الموجودة في المعارف العربية الضرورية لإنجاح عمليتي فهم الغرب والتواصل معه.